ملخص: يشكّل ضعف البصر تحدياً كبيراً في الحياة اليومية للأفراد المصابين به. ولا يؤثر في قدراتهم البدنية فحسب؛ بل يطال صحتهم النفسية ورفاهيتهم بصفة عامة. فمع وجود ما يقدّر بـ 2.2 مليار شخص في أنحاء العالم جميعها يعيشون مع إحدى صور ضعف البصر، فإن فهم التأثير النفسي لهذه الحالة أمر بالغ الأهمية.
محتويات المقال
يعاني ما يقرب من 2.2 مليار شخص في أنحاء العالم جميعها ضعفَ البصر؛ ما يتسبّب في إعاقات كبيرة وعبء اقتصادي؛ حيث يعد فقدان البصر المرتبط بالعمر العامل الرئيس؛ إذ من المتوقع أن المشكلات المرتبطة بالرؤية تزداد مع تقدم الأشخاص في العمر.
وعلى الرغم من انتشار ضعف البصر، ما تزال الأبحاث المتعلقة بجوانبه النفسية محدودة، ولا سيّما في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسّطته. يتعمّق هذا المقال في التداخلات غير المعروفة لضعف البصر والصحة النفسية؛ حيث نقدّم آخر مستجدات الأبحاث العلمية حول التحديات النفسية التي يعانيها ضعاف البصر مثل الاكتئاب والقلق.
ما المشكلات النفسية المحتملة لدى ضعاف البصر؟
أظهرت مراجعة بحثية نُشرت نتائجها في عام 2020 أن الأشخاص الذين يعانون إعاقات بصرية هم أكثر عرضة إلى الإصابة بمشكلات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق، وبخاصة في الفئات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا؛ إذ يمكن أن تتراوح معدلات الاكتئاب من 10.7% إلى 45.2% لدى الأشخاص الذين يعانون مستويات مختلفة من ضعف البصر. وينتشر القلق أيضاً أكثر من الاكتئاب، ولا سيّما بين كبار السن الذين يعانون فقدان البصر؛ حيث تتسبب المشاعر السلبية المرتبطة بفقدان البصر، والإعاقات الوظيفية المترتبة عنه في القلق، بالإضافة إلى المخاوف التي تنشأ بخصوص العلاجات المرتبطة مثل الحقن في العين.
إن العلاقة بين الصحة النفسية وضعف البصر قد تكون معقّدةً وثنائية الاتجاه. ففي حين أن تدهور الصحة النفسية يمكن أن يسهم في مشكلات الرؤية، فإن فقدان البصر أو ضعفه يمكن أن يؤدي كذلك إلى الاضطراب العاطفي. لذا؛ يدعو الباحثون القائمون على هذه المراجعة البحثية إلى إجراء مزيدٍ من الأبحاث لفهم كيفية تفاعل هذه العوامل مع بعضها مع مرور الوقت.
اقرأ أيضاً: إزالة تحسس العين: تقنية فريدة تساعدك على تجاوز الصدمات النفسية
دراسة ترجّح زيادة احتمالية إصابة ضعاف البصر باضطرابات نفسية
وفقاً لدراسة حديثة أشرف عليها باحثون من مركز نور لأبحاث علم الوبائيات في العيون (Noor Research Center for Ophthalmic Epidemiology) في إيران؛ يعد ضعف البصر حالة شائعة تمكن الوقاية منها؛ لكن نسبتها ترتفع بسبب تغيرات نمط الحياة وشيخوخة السكان، ولا سيّما في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسّطته. وكما أسلفت المراجعة البحثية المذكورة سابقاً؛ يؤكد الباحثون في هذه الدراسة إن هذا التزايد لا يجلب أعباءً اقتصادية فحسب؛ بل يؤثّر في الحياة اليومية لضعاف البصر، وبخاصة لكبار السن.
ولقد وجدت الدراسة التي شملت 32 ألف مشاركٍ من كبار السن من ضعاف البصر، ارتباطاً كبيراً بالاكتئاب والقلق؛ حيث يعاني ما يقرب من ثلث المشاركين كلتا الحالتين. وظلّ هذا الرابط قائماً حتى بعد التحقّق في عوامل أخرى مثل العمر والدخل. وتشير الدراسة إلى أن مستويات القلق تميل إلى أن تكون أقلّ لدى الأفراد المكفوفين مقارنة بأولئك الذين يعانون ضعف البصر؛ ربما بسبب الاختلافات في الأنشطة الاجتماعية والعمر.
ما أعراض الإصابة بالاكتئاب والقلق؟
يوضح المختص النفسي، محمود بحيص، إن الوظائف الجسدية قد تتأثّر عند الإصابة بالاكتئاب لأنها تكون انعكاساً لخللٍ في وظائف الدماغ؛ وتترتب عن ذلك أعراض شائعة مثل الحالة العاطفية الحزينة والمتشائمة، والشعور بالعجز، وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة، ونوبات الانهيار في الصباح المبكّر، وفقدان الحافز والقدرة على التركيز.
أما بالنسبة إلى أعراض القلق الشائعة، فتكون غالباً كالتالي:
- صعوبة السيطرة على مشاعر القلق.
- صعوبة التركيز.
- مشكلات النوم.
- الشعور بالقلق أو الانزعاج أو العصبية أو التوتر الحاد.
- سرعة الانفعالات.
كيف يمكن لضعيف البصر التكيّف دون أن يتأثّر نفسياً؟
قد يكون التكيف مع الإعاقة البصرية أمراً صعباً؛ ولكن ثمة استراتيجيات ينصح بها الخبراء يمكن أن تساعد ضعاف البصر على التأقلم مع حالتهم على نحوٍ جيّد، والحفاظ على صحتهم النفسية متوازنة؛ ونلخّصها كالآتي:
- ممارسة النشاط البدني تقي من خطر الإصابة بالمشكلات الصحية، وتحسن حالتك المزاجية، وتخفّض التوتر.
- تناول الطعام الصحي والمغذي يحسن الحالة المزاجية، ويساعد على تقليل خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني واعتلال الشبكية السكري؛ وهو أحد الأسباب الرئيسة لفقدان البصر.
- الامتناع عن التدخين لأنه يزيد خطر الإصابة بأمراض العيون التي يمكن أن تسبب فقدان البصر.
- إدارة الحالات الصحية المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والسكري يقلل احتمالات الإصابة بمشكلة تتعلق بالصحة النفسية.
اقرأ أيضاً: هذا ما يفعله القلق والتوتر بصحة عينيك
وختاماً، يعد فهم العلاقة بين ضعف البصر وقضايا الصحة النفسية أمراً بالغ الأهمية؛ لأن ثمة حاجة كبيرة إلى تدخلات علاجية أفضل، وزيادة فرص الوصول إلى خدمات الصحة النفسية لدى ضعاف البصر.