“ما حك جلدك مثل ظفرك”: كيف تدعم نفسك وتشجعها؟

5 دقيقة
تحفيز الذات
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ربما سمعت عدداً لا يُحصى من جمل الطمأنة من الآخرين؛ مثل: "نحن معك"، و"نحن ندعمك"، و"نحن نشجعك". ومع ذلك، في تلك اللحظات الحاسمة، حينما تلقي الحياة بأصعب تحدياتها في طريقك، ستجد غالباً أن الاعتماد على الآخرين للحصول على الدعم النفسي لا يكفي، فالجميع منغمسون في حيواتهم الخاصة، تاركين لك مهمة تحفيز الذات والتعامل مع صراعاتك بمفردك.

ستدرك في هذه الأوقات أنه وعلى الرغم من أن دعم الآخرين قيّم ومفيد، فإن المهمة الأساسية في دعم ذاتك وتحفيزها تقع على عاتقك في الأوقات معظمها؛ لكن كيف؟ ما السبيل إلى بناء القوة اللازمة لدعم النفس دون الاعتماد على الآخرين ودون التركيز أيضاً على العبارات الجوفاء الشائعة الخاصة بتنمية الذات؟ دعنا نستكشف الاستراتيجيات الصحيحة لفعل ذلك.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تثق بنفسك؟ وكيف تتجاوز عقبة الشك الذاتي؟

5 نصائح تساعدك على دعم نفسك وتشجيعها

في البداية، عليك أن تعلم أن الخطوات ليست سهلة، فـ 5 دقائق أمام المرآة تكرِّر فيها أنك قوي وجميل لن تكفي في الأحوال معظمها. عليك أن تتقبل أنه ما من شيء في هذه الحياة يُنال بالهيّن؛ لكنك تستطيع، وإليك ما يلزم فعله.

1. طوِّر وعيك بذاتك

كيف ستدعم نفسك إن كنت لا تعلم حقيقة ذاتك؟ في الواقع، يعد تطوير الوعي الذاتي خطوة بالغة الأهمية في رحلة دعم النفس وتشجيعها؛ وإليك السبب: يتيح لك الوعي الذاتي التعرف إلى مشاعرك وأفكارك وسلوكياتك؛ ما يمكّنك من فهم ردود أفعالك والمحفزات واتخاذ قرارات أكثر مسؤولية، فضلاً عن أنه يساعدك على فهم قيمك ودوافعك ورغباتك؛ ما يسمح لك باتخاذ خيارات تتماشى مع ذاتك الحقيقية بدلاً من الامتثال إلى الضغوط الخارجية.

وأيضاً، يمكنك عندما تستبطن في نفسك أن تقيّم نقاط قوتك وضعفك بدقة؛ وهي معرفة ضرورية لوضع أهداف واقعية والتركيز على معالجة نقاط الضعف؛ ما يساعدك على اتخاذ خطوات استباقية لدعم صحتك النفسية والعاطفية والجسدية. فقط كن صادقاً وموضوعياً في تقييمك، فتجنب التقليل من نقاط القوة أو المبالغة في نقاط الضعف.

وبالطبع، ثمة العديد من الخطوات التي قد تساعدك على زيادة الوعي بالذات؛ مثل التأمل والتركيز على اللحظة الحالية ومراقبة أفكارك ومشاعرك دون إصدار أحكام، والتأمل في التجارب السابقة وردود فعلك لفهم حالتك الداخلية على نحو أفضل، بالإضافة إلى تدوين اليوميات، وطلب آراء الأصدقاء الموثوق بهم أو العائلة أو الزملاء للحصول على وجهات نظر خارجية حول كيفية إدراك الآخرين لك.

اقرأ أيضاً: 9 مهارات عليك إتقانها لتصبح من الأذكياء عاطفياً

2. زِد مرونتك النفسية وطوّر عقلية النمو

ألا تعرف مقولة: "لا تكن صلباً فتُكسَر، ولا ليّناً، فتُعصر"؟ ربما يمكنك إذاً أن تدعم نفسك بأن تكون مرناً؛ إذ تمنحك المرونة النفسية القدرة على تغيير أهدافك وسلوكياتك وأولوياتك استجابةً للمواقف المتغيرة أو التحديات الجديدة دون فقدان الإحساس بالذات أو الرفاهية؛ ما يساعد في المحصلة على التعامل مع التوتر والتعافي من النكسات دون انتقاد قاسٍ للذات.

لزيادة المرونة النفسية، عليك أن تتقبل المشاعر الصعبة وأن تعترف بها بدلاً من تجنبها؛ إذ يقول استشاري طب الأسرة والعلاج النفسي، خالد بن حمد الجابر، إن بعض الأشخاص يحلّون مشكلاتهم بالهروب أو تحاشي الألم والمشاعر السلبية، وهذا الهروب أو عدم تقبل المشاعر والتعامل معها يجعلهم على المدى البعيد أشخاصاً هشّين نفسياً قليلي التحمل؛ ما يجعلهم أكثر عرضة إلى الإصابة بالعديد من الحالات النفسية.

بالاضافة إلى التقبُّل، عليك ممارسة اليقظة الذهنية للبقاء حاضراً واستكشاف أفكارك وعواطفك بانفتاح وفضول دون انتقاد، وتحديد قيمك الأساسية والالتزام بها، وتطوير عقلية النمو عن طريق الإيمان بالقدرة الشخصية على التعلم من التجارب، وعَدّ التحديات فرصاً للنمو وليست تهديدات.

اقرأ أيضاً: دليلك لتعزيز مرونتك النفسية ضد الصدمات

3. تَعاطَف مع نفسك

عامِل نفسك بلطف وتفهُّم وصبر مثلما تعامل المقربين منك، مع الاعتراف بأن الجميع يرتكبون الأخطاء وأنك تستحق التعاطف. تذكّر أن الناس جميعهم يشعرون بعدم الكفاءة بين حين وآخر، وأن الشكوك الذاتية هي جزء من الطبيعة الإنسانية.

بالإضافة إلى ذلك، مارس الامتنان الذاتي من خلال الاعتراف بما تقدّره في نفسك وحياتك؛ الأمر الذي سيساعدك على التحول من عقلية الندرة إلى عقلية الوفرة. على سبيل المثال؛ اشكر نفسك على تناول الوجبات الصحية والاعتناء بصحتك، أو على الجهد والشغف اللذَين تعمل بهما، أو اللطف والرعاية التي تبديها تجاه الآخرين.

ثمة الكثير من الصفات الجيدة في أنفسنا التي ينبغي أن نشعر بالامتنان لها. لذلك؛ حاول أن تقضي بعض الوقت كل يوم في ملاحظة ذلك من خلال التأمل أو تدوين ما تشعر أنه إيجابي فيك وقدِّره. تعمل هذه الممارسات على تعزيز النظرة الإيجابية إلى الذات، وتقليل النقد السلبي لها، وتعزيز المرونة العاطفية؛ ما يتيح لك في المحصلة أن تدعم نفسك وتشجعها على نحو فعال، خصوصاً عند المرور بالمصاعب.

اقرأ أيضاً: هل يمكن اكتساب مهارة التعاطف أم إنها فطرية؟ العلم يجيب

4. عزِّز استقلاليتك

لا يعني تعزيز الاستقلال رفض دعم الآخرين أو الاستغناء عنهم؛ فنحن كائنات اجتماعية يحتاج بعضنا إلى بعض للحصول على الدعم والتعاطف والراحة؛ لكن ينبغي ألا يصل هذا الدعم إلى نقطة الاعتماد الكلي على الآخرين من أجل تلبية احتياجاتنا جميعها؛ إذ إن ذلك سيؤثر سلباً في الرفاهية النفسية والعلاقات العاطفية والاجتماعية أيضاً.

فالاستقلال يعني التمتع بالحرية والقدرة على اتخاذ القرارات بنفسك بناء على قيمك الشخصية، بالإضافة إلى تحمل المسؤولية عن أفعالك؛ لكن إن أردت أن تدعم نفسك فعلاً، فعليك أن تكون مستقلاً عاطفياً ومالياً أيضاً.

لتصبح أكثر استقلالاً عاطفياً، ابدأ بوضع حدود لتحديد مساحتك الشخصية وحمايتها، وحسِّن مهارات التواصل لتأكيد احتياجاتك بوضوح. وفي السياق نفسه، سيساعدك أن تشارك في الهوايات والأنشطة المفضلة لتعزيز الوعي الذاتي والاستمتاع. ومن المهم أيضاً أن تقضي بعض الوقت بمفردك لبناء الثقة والاعتماد على الذات.

لتحقيق الاستقلال المالي، حدد أهدافاً واضحة لأسلوب الحياة الذي تريده وأنشئ خطة مفصلة لتحقيق هذه الأهداف، والتزم بميزانية شهرية مع ادخار مبلغ ما شهرياً، وحاول تسديد ديون بطاقات الائتمان وتقليل الديون قدر الإمكان. عليك أن تبدأ في الاستثمار مبكراً، وأن تتعلَّم عن الشؤون المالية مع العيش وفقاً لإمكاناتك والاعتناء بصحتك وطلب المشورة المالية إذا لزم الأمر.

من المفيد في رحلة الاستقلالية أن تطور مهاراتك ومعرفتك على نحو مستمر، فلا تتوقف عن التعلم أبداً مهما حصّلت من علوم، فهذا من شأنه أن يعزز ثقتك بنفسك ويقلل الاعتماد على الآخرين.

اقرأ أيضاً: ما الاستقلال النفسي؟ وكيف تحققه لتنعم بالراحة النفسية

5. تعلّم كيف تحفِّز ذاتك 

حسناً، بعد أن وضحنا كيف تبني أساساً نفسياً قوياً لدعم نفسك وتشجيعها، فلنفرض الآن أنك تعمل على مهمة ما، سواء كانت تخص الحياة أو الدراسة أو العمل، فكيف تحفّز نفسك على أدائها؟ في الواقع، يتطلب تحفيز الذات في البداية فهم الدوافع الداخلية والخارجية والاستفادة منها؛ إذ يكون الدافع الداخلي مدفوعاً بالرضا الشخصي والمتعة؛ في حين يتأثر الدافع الخارجي بالمكافآت أو الضغوط الخارجية. لتعزيز الدافع الذاتي، اتبع الاستراتيجيات الرئيسة التالية:

  • غيّر منظورك: أعِد صياغة المهام غير المرغوبة من خلال ربطها بالقيم الشخصية أو الأهداف الطويلة المدى. على سبيل المثال؛ قد لا تكون مهمة ترتيب الغرفة محفزة في حد ذاتها؛ ولكن عندما تنظر إلى تنفيذ المهمة بعدّه جزء من شخصيتك الكفوءة والمنظمة، فقد يوفر لك هذا دافعاً داخلياً.
  • فكّر في السبب الذي يجعلك تؤدي عملك: فكر في تأثير العمل الذي تنجزه في حيوات الآخرين، فهل يسهم في تسهيل حياة الناس، أو في تشكيل عقول الشباب، أو يسهم في الحفاظ على البيئة أو غير ذلك؟ يمكنك من خلال التركيز على النتائج الإيجابية الأوسع العثور على معنىً أعمق للمهام اليومية؛ وهو ما سيحفزك ويشجعك على الالتزام بها.
  • حدد أهدافاً واضحة: حدد أهدافاً واقعية وواضحة وقابلة للتحقيق لما تريد تحقيقه في الحياة.
  • قسّم المهام: قسّم المهام الكبيرة إلى أجزاء تُمكن إدارتها لجعلها أقل صعوبة، فإكمال أقسام أصغر يمكن أن يبني الزخم ويعزز الثقة.
  • عزّز المساءلة: شارك أهدافك مع صديق أو زميل، فالمساءلة الخارجية توفِّر دفعة إضافية لإكمال المهام.
  • كافئ نفسك: نفِّذ نظام مكافآت عند إتمام المهام؛ بحيث تكون المكافآت الصغيرة للمهام البسيطة والمكافآت الأكبر للإنجازات الأهم.
  • فكّر على نحو موضوعي: استعض عن أفكارك السلبية بأفكار واقعية تميل نحو الإيجابية، وأحط نفسك بأشخاص داعمين، فقد تحتاج إلى بعض التشجيع الخارجي من حين إلى آخر، مهما كنت قوياً.