أكثر من صديقين وأقل من شريكَيّ حياة: كيف تتجنب فخ العلاقات الرمادية؟

5 دقائق
علاقة رمادية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: الحب والصداقة علاقتان مختلفتان؛ ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن تتداخل الحدود بينهما فيجد الفرد نفسه يعيش علاقة رمادية، فما علاماتها؟ وكيف يخرج منها؟ تعرف إلى الإجابة في هذا المقال.

ما زلتما صديقين منذ مدة طويلة؛ لكن بعضاً من المشاعر الغريبة مثل الشعور بالشوق والغيرة باتت تنتابك مؤخراً، فتتساءلين في نفسك عما إذا كان الطرف الآخر يشعر بما تشعرين به أو يراك مجرد صديقة. ربما تفكرين بخطو خطوة نحوه والاعتراف بمشاعرك؛ إلا أن التردد يمنعك، خصوصاً أنه نفسه ليس واضحاً تماماً فيما يلمّح لك به، فتارة يقضي الكثير من الوقت إلى جانبك وتارة يختفي. وبينما يعبر عن ضرورة وجودك في حياته، فلا يعطي مكانتك فيها مسمىً واضحاً!

بصريح العبارة: أنت في علاقة رمادية. هذه الحالة التي تتشابك فيها المشاعر وتتداخل على نحو معقد، فالحب والصداقة علاقتان مختلفتان؛ لكن يمكن أن تتداخل الحدود بينهما أحياناً، ويقع أحدكما ضحية لعلاقة مبهمة. إذاً كيف تعرف إن كنت حبيباً أم مجرد صديق؟ وكيف تتعامل مع العلاقة الرمادية؟

ما العلاقة الرمادية؟ 

أشار التقرير الصادر عن منصة تيندر (Tinder) الخاصة بالتعارف لعام 2022  (Tinder's 2022 Year in Swipe report)، إلى أن هناك نوعاً جديداً من العلاقات بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً، وهي العلاقات غير المُلزمة أو العلاقات الرمادية (Situationship).

يشير المصطلح إلى علاقة تحمل في ظاهرها متطلبات العلاقة العاطفية كلها؛ لكنها تفتقر إلى الالتزام، أو المسمى الواضح. بينما تصفها المختصة النفسية لميس شعبان بالحب الضائع؛ أي عندما لا تتمكن من تحديد مشاعرك، إن كانت حباً أو صداقة، أو لا تستطيع أن توضح مكانتك بالنسبة إلى الآخر.

يمكن أن يدخل الأشخاص في علاقة رمادية عن طريق الاختيار، باعتبارها طريقة لاستكشاف مشاعرهم تجاه شخص ما من دون ضغوط العلاقة الملتزمة، أو يجدون أنفسهم فيها إذا لم يجروا مناقشات بناء على ما يبحث عنه الشركاء أو يريدونه من العلاقة؛ بحيث تكون  طريقة للاستمتاع بفوائد العلاقة الرومانسية دون المسؤولية والالتزام اللذين يأتيان معها.

في كلتا الحالتين، قد يؤثر الغموض في طبيعة العلاقة في الصحة النفسية. تقول الطبيبة النفسية سوزان ألبرز (Susanne Albers): "تحب أدمغتنا الوضوح، فهي تنجذب إلى اللونين الأسود والأبيض. لذا؛ قد يكون من الصعب جداً معالجة المنطقة الرمادية من العلاقة ما قد يسبب القلق".

اقرأ أيضاً: الحب والصداقة: عندما تختلط المشاعر.

ما خصائص العلاقة الرمادية؟

يمكن الاستدلال على العلاقة غير المُلزمة من الخصائص التالية:

  1. لا تسمية: أي لم يتطرق أي منكما لتحديد مسمىً واضح للعلاقة وطبيعتها.
  2. لا حدود واضحة: لا يمكن بناء توقعات حيال العلاقة، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة. على سبيل المثال؛ هل تتقاسمان فاتورة المطعم؟ أو هل يمكنكما تمضية الوقت مع أصدقاء آخرين؟
  3. تواصل سطحي وغير منتظم: فقد تتواصلان مرة كل أسبوعين، أو يومياً لأسبوع كامل يليه انقطاع لأسبوعين. بصفة عامة، يميل التواصل في العلاقات الرمادية إلى أن يكون متقطعاً وسطحياً.
  4. العلاقة غير حصرية: لا تجريان حديثاً عن حصرية كل منكما للآخر، فقد يرى أحدكما أو كلاكما أشخاصاً آخرين في سياق التواصل العاطفي.
  5. العلاقة لا تنمو، أو تنتهي ببساطة: لا تتضمن العلاقة غير المُلزمة حديثاً عن مستقبل مشترك، أو ما يرغب فيه كل منكما على المدى الطويل.
  6. لا جهد في العلاقة: تقوم العلاقة الرمادية على راحة كلا الطرفين، فلا تعطيان الأولوية لبعضكما بعضاً، ولا تبذلان أي جهد لرؤية بعضكما؛ وإنما هو تخطيط وليد اللحظة وبناءً على الوقت الذي تكونان فيه متاحين.
  7. لا يوجد تناسق: يُعدّ عدم الاتساق سمة رئيسة للعلاقة الرمادية، فلا موعد محدد للقائكما المقبل؛ قد تلتقيان عدة مرات في أسبوع واحد، يليها غياب لبضعة أسابيع.

اقرأ أيضاً: 5 إشارات تدلك إلى الحب الحقيقي

5 علامات تدل على أنك تعيش علاقة رمادية

هل أنت في علاقة رمادية ولا يمكنك تحديد ما إن كنت صديقاً أم حبيباً؟ حسناً، ابحث عن العلامات التالية لتحدد حقيقة العلاقة التي تجمعكما:

  1. العلاقة من جانب واحد: عندما تتباين توقعاتكما من العلاقة، أو يوجد تفاوت في ديناميكية القوة. على سبيل المثال؛ إذا انتهت علاقتكما الآن، هل سيشعر الآخر بشعورك ذاته؟
  2. الشعور بتدني القيمة: عندما تكون وسيلة للاستمتاع بفوائد العلاقة فقط، وتشعر بقلة الاهتمام، فأنت تتعرض إلى سوء معاملة. هذا ما قد تلحظه عندما لا يتصل بك الآخر إلا عندما تفشل مخططاته الأخرى، أو عندما لا يراعي اهتماماتك وتفضيلاتك الشخصية.
  3. خيانة الأمانة: يظهر ذلك في كونك سراً يخفيه عن الآخرين، أو يشعر بالانزعاج عند مشاركة صور لكما على صفحات التواصل الاجتماعي وإشارتك إليه بها.
  4. الخوف من التواصل: تقول الطبيبة النفسية سوزان ألبرز: "إذا ظلت محادثاتك على المستوى السطحي لأنك تشعر بالخوف أو التردد في إخباره بما تريده حقاً، فهذه علامة حمراء على العلاقة الرمادية".
  5. اللعب أو الاختبار أو السلوك السلبي العدواني: أي عندما يلجأ الطرف الآخر إلى سلوك "فتات الخبز" لربطك به والحفاظ على اهتمامك؛ مثل إرساله رسالة نصية رومانسية ثم عدم الرد على اتصالاتك لشهر!

اقرأ أيضاً: كيف تفرق بين الحب الحقيقي والحب العابر؟

ما أسباب العلاقات الرمادية؟

العنوان الرئيس للعلاقة الرمادية هو عدم الالتزام بقيود الارتباط، وقد يُعزى ذلك إلى عدة أسباب ذكرَتها دراسة علمية منشورة في مجلة بلوس ون (PLoS One):

  1. الخوف من الالتزام وما يحمله من تحمل ضغوط العلاقة المُلزمة أو مسؤولياتها.
  2. التجارب السابقة مثل الحب من طرف واحد أو الخيانة أو فشل العلاقة، يمكن أن تجعل الأفراد مترددين بشأن الالتزام الكامل.
  3. الخوف من الرفض.
  4. الالتزامات والمتطلبات المهنية، وجداول العمل المزدحمة؛ بحيث تكون الأولوية للحياة المهنية على العلاقات العاطفية.
  5. تأثير الأقران حول تفضيلات العلاقة وشكلها؛ حيث تُعد العلاقات الرمادية اليوم أكثر عصرية وقبولاً.

اقرأ ايضاً: ما الذي يدفعنا إلى الهروب من الحب؟

كيف تؤثر العلاقة الرمادية في الصحة النفسية؟

عندما تجد نفسك طرفاً في علاقة رمادية على نحو لا إرادي، ودون رغبة منك في ذلك، فقد تعاني آثاراً سلبية في الصحة النفسية تشمل:

  1. القلق المستمر نتيجة عدم اليقين المحيط بوضع العلاقة ومستقبلها.
  2. الشعور بالوحدة والعزلة نتيجة وجود شريك واضح، سواء أكان صديقاً أم حبيباً، قادر على تقديم الدعم العاطفي.
  3. مشكلات احترام الذات، وتدني القيمة الذاتية أو عدم تقديرها، فقد تعتقد أنك لست جديراً بنيل حبه الكامل.
  4. صعوبة الثقة بالآخرين، أو الدخول في علاقات وارتباطات عاطفية طبيعية وآمنة.

اقرأ أيضاً: هل يدفعنا ألم الانفصال إلى تجنّب الوقوع في الحب؟

5 إرشادات لمواجهة العلاقة الرمادية

إذا كنت الطرف الذي يجد العلاقات الرمادية غير كافية أو مؤذية، فحينها يمكنك اتباع نصائح المختصة النفسية سابرينا رومانوف (Sabrina Romanoff):

  1. بدايةً، كن صادقاً مع نفسك بشأن مشاعرك ونواياك من العلاقة.
  2. عبّر عن رغباتك ومشاعرك للطرف الآخر، فإما أن يرغب في الشيء ذاته وتواصل علاقتك معه بمسمى علاقة حب واضحة الملامح، وإما ألا يمتلك المشاعر ذاتها، ولا يلتزم في علاقة معك، وحينها عليك المضي قدماً والبحث عن شخص يقدّر مشاعرك ويمكنه الالتزام في علاقة معك.
  3. تجنَّب النهج السلبي؛ أي عندما لا يمكنك الاكتفاء بنوعية العلاقة، وتشعر بالرغبة في قضاء المزيد من الوقت معه، فقد تلجأ إلى الاستمرار بالعلاقة الرمادية دون الإعلان عن نواياك أو احتياجاتك اعتقاداً منك بأنه ما تزال ثمة فرصة لنجاح العلاقة؛ إلا أن هذا النهج السلبي لن يغير وضع العلاقة كما أن التمسك بموقف لم يعد يخدمك يمكن أن يمنعك من العثور على قصة حب ستفعل ذلك، علاوة على ما قد تُلحقه بذاتك من أضرار نفسية.
  4. لا تتردد في قطع العلاقة وتجنب رسائله ومكالماته الهاتفية في وقت متأخر من الليل، فقد تمنعك من المضي قدماً.
  5. فكّر في إيجابيات إيقاف العلاقة الرمادية وسلبيات الاستمرار بها، أو ربما تُمكنك كتابة يومياتك.

اقرأ أيضاً: مكملات "هرمون الحب" لا تُصلح العلاقات المحطمة؛ لكن هذه الخطوات تفعل!

أخيراً، لا تنسَ أن العلاقات العاطفية قد تكون معقدة ومحيرة في بعض الأحيان؛ لكن من خلال التواصل المفتوح والصريح مع ذاتك قبل الآخر، يمكنك أن تجد الإجابات التي تبحث عنها وتحسم الأمور على نحو يجعلك سعيداً ومرتاحاً.

المحتوى محمي