كيف تفرق بين الحب الحقيقي والحب العابر؟

تقدير الذات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أعتقد أنك تعلم بينك وبين نفسك أن الحب ليس بالمسألة البسيطة، فهو يمس أساس علاقتنا مع العالم حولنا وبأفضل سِمتين نتحلى بهما؛ وهما: تقدير الذات وحب الذات.

رأي “جاك سالوم”

1. لا وجود للحب الجارف

عندما تقول أنك “تخاف من الحب”، هل تتحدث عن حب الطرف الآخر لك أم حبك له؟ لأن الحب الجارف غير موجود؛ فما نسميه حباً هو التقاء محتمل لشعورين:

  • الشعور الذي أكنه لشخص ما.
  • الشعور الذي يكنه شخص ما اتجاهي.

لذا فإن هذا يفترض مسبقاً تضمن الحب لمبدأ التبادلية الذي لا يتحقق مباشرةً دائماً، ربما باستثناء ما يسمى “الحب من النظرة الأولى”.

2. المغالطات في الحب

يرتبط الكثير من الناس ببعضهم بناءً على بعض المغالطات التي سأوضحها فيما يلي، وفكر أي منها مررت به:

  • لا تخلط بين الحب والانجذاب أو الرغبة. عندما تصف تجربتك العاطفية السابقة لا أجد أنها مبنية على الحب؛ فقد استخلصت من وصفك أن “الطرف الآخر” كان يشعر بالانجذاب والرغبة اتجاهك والأهم من ذلك أنه لم يكن مستعداً للالتزام بعلاقة طويلة الأمد.
  • من لا يحب نفسه بالمعنى الحقيقي لحب النفس (حب الإحسان، تقدير الذات) سيجد صعوبةً في حب الآخر؛ وبالتالي سيكون بحاجة لأن يكون محبوباً ويطالب بذلك، وسيخاف أن يتخلى شريكه عنه، لكن التخلي هو النتيجة الحتمية لذلك؛ لأن ما يدفع الطرف الثاني إلى الفرار في معظم الأحيان (سواءً كان رجلاً “وهي الحالة الأكثر شيوعاً” أو امرأةً)، ليس الحب؛ وإنما الحاجة إلى الحب والمطالبة بإظهاره التي يفرضها الطرف الأول؛

يتجلى هذا الاحتياج والتطلب في من لا يحبون أنفسهم؛ والذين يكونون أسرى تطلعاتهم نتيجةً لذلك. الشخص الذي لا يحب نفسه سيعيد ويكرر قول “أنا أحبك، أنا أحبك” للآخر مراراً، وهذا يترجَم إلى “أحبني، أحبني”. من يدعي أنه يحب الآخر دون أن يحب نفسه لن يقدم شيئاً له إن لم يكن ينال ما يتوقعه لأنه دائماً بحالة طلب وتحقق واحتياج لوجود الآخر وتقديمه البراهين والدلائل على حبه له.

  • لا تخلط بين المشاعر بعد عدد من اللقاءات مع شخص شعر فيها المرء بالارتياح يسعى للتواجد بقربه فتتولد مشاعر لدى ذلك الشخص. إذاً فأحدهما يطلب الإحساس بهذه المشاعر والآخر يمنحه إياها. عموماً الثاني يكتفي بالسماح للأول أن يحبه.
  • اللقاء الذي سيكون في الواقع علاقةً مؤقتةً تكون تخطياً لعلاقتين فاشلتين. يبدو لي أنها ديناميكية علاقتك الحالية بسبب يلي: يبدو أنك تقدّر وجود هذا الصديق وطمأنته لك وسؤاله عليك لكنك تخشى إزعاجه لأنك تشعر بأنه لا يرحّب بك فعلاً، وتبقى منتظراً. ما الذي تنتظره؟ أن يعبر عن مشاعره ورغبته في تطوير علاقته معك؟ أم تنتظر أن تكون واثقاً أكثر من مشاعرك اتجاهه وتحقق رغبتك في تطوير علاقتكما في ظروف أفضل؟

تغمر بداية العلاقات أو الفترة التي تسبقها السعادة، ولا تتسلل مشاعر الحزن إليها إلا بعد مرور فترة طويلة، عندما تتلاشى مشاعر الآخر اتجاهك أو عندما تكون العلاقة محبطة جداً أو منفّرة أو عندما تشعر أنت بخيبة أمل منها.

أخيراً (وليس آخراً لأن هذا موضوع واسع) ربما يجب أن نفهم أن خوف المرء من الهجر يعني أنه عاجز على أن يُجرَّد نفسه تماماً أمام الآخر (أن يثق بالآخر وبنفسه)، وينعكس ذلك على العلاقة الزوجية؛ إذ يجد صعوبةً في الإحساس باللذة، فحتى يحس المرء باللذة يجب أن يكون قادراً على تجريد نفسه أمام الآخر.

مع أطيب تمنياتي لك بالتوفيق في رحلتك في هذه الحياة.

“جاك سالوم”

رسالة “كولين”

أكتب لك رسالتي آملةً أن تتضح لي الأمور أكثر. أبلغ من العمر 21 عاماً ومرتبطة برجل محب منذ عام تقريباً لكن تصرفاته معي خانقة، فقد بدأت مطالبه تتوالى تدريجياً؛ إذ يطالبني:

* بأن أشاركه ميوله وهواياته وذوقه.

* وأن أتخلى عن ميولي وهواياتي وذوقي.

* وأن أتخلى عن أصدقائي.

* وأن ألتقي به كلما أتيحت لي لحظة فراغ وإلا سيشعر بالرفض.

* وأن أوافقه الرأي دوماً.

* وأن أرتدي ملابسي وأصفف شعري حسب رغبته.

باختصار؛ يطالبني ألا أعارضه أبداً.

أشعر اليوم أنني أختنق وأن حياتي تتمحور حول الاهتمام به فقط. عندما أوحي له أنني ربما لا أكون الفتاة التي تناسبه عادةً يستشيط غضباً، وفي المرات التي يحافظ على هدوء أعصابه يقول إن اللوم يقع علي في حدوث أي مشكلة في علاقتنا. في الواقع يجب أن أنصاع لأي طلب له وإلا تسببت في كارثة، لدرجة أنه أحياناً يعنّفني جسدياً نوعاً ما للتعبير عن رأيي. يعاملني كثيراً كالطفلة مستغلاً حساسيتي المفرطة، ويهددني كثيراً بتهديدات شنيعة إذا أردت الانفصال عنه أو إذا فشلت علاقتنا؛ إذ أنها لو فشلت سيحملني المسؤولية: فتمردي سيكون سبباً في انفصاله عني.

أعي تماماً أن هذه العلاقة تضرني، خاصةً أن حاجتي لوجود أصدقائي إلى جانبي تزداد مع مرور الوقت، ومن البديهي أنني لا أستطيع أن أسِرّ بما أشعر به لأي صديق حتى لو كان يسرّ لي كل ما يدور في باله. هل تظنون أنني سأكون في مأمن إذا هجرته؟ كيف أتجرأ وأستجمع قوتي على اتخاذ هذه الخطوة؟ هل يجب أن أبدأ بالعلاج النفسي؟ حالياً وعلى الرغم من أن حبي لهذا الرجل شديد لكن مجرد فكرة قضاء عطلة نهاية الأسبوع معه توترني؛ أحتاج إلى المساعدة.

اقرأ أيضا:

رأي “جاك سالوم”

1. أهذا ما تسميه “حباً”؟

لا يبدو لي أننا يمكننا تسمية تبعية أحد الزوجين للآخر “حباً”، خاصةً إذا كانت على هيئة مطالب وإيعازات يهدف الشريك أن يستغلها لتخدم احتياجاته أو رغباته الشخصية أو مواضع الخلل لديه في مسألة الارتباط؛ لكن احتمال أن نوهم أنفسنا وندعو ما يندرج تحت “الغربة في العلاقة” بـ “الحب” وارد عندما تغير مشاعرنا ما يقع على عاتقنا في نظرنا لإنجاح العلاقة لدرجة مبالغ بها، هذا ما دفع جدتي إلى أن تقول أن اللوم يقع على المشاعر أحياناً.

وعلى نحو مماثل؛ ليس العلاج النفسي ما يعالج علل الشريك وإنما هو يخفف انزعاجك أو عجزك أو حيرتك باتباع منهج علاجي لتستعيدي طاقتك واحترامك لذاتك كي تتمكني من اتخاذ قرارات سليمة لصالحك.

2. لستِ بحاجة إلى تشجيعي

أنت تطرحين علي السؤال الخاطئ عندما تسألينني أيجب عليك إنهاء علاقتك أم لا؛ أعتقد أنك تعرفين بالضبط القرار الذي يجب أن تتخذيه بشأن هذه العلاقة. قرارك الذي سيحدث تغييراً لست أنا من أشجعك على اتخاذه (بل أنتِ من تشجعين نفسك) أو سيكون انعكاساً لما سمعتُه في وصفك للعلاقة التي لا تحظين فيها بالاحترام.

يبدو أن شريكك لم يتجاوز حدود التسامح لديك بعد؛ إذ يرجَّح أنك ستبقين معه وتتحملين وتستسلمين مرةً أخرى مثقلةً بهواجسك – وهذا مؤكد – وآملة بأن يتغير شريكك. لقد بليتِ نفسك بما أسميه القمع الوهمي من خلال تفكيرك في أن الحظ السيئ سيلازمك إذا أنهيتِ هذه العلاقة. ربما لا ينبغي لنا أن نخلط بين القول والفعل، أو بين النية والتصرف.

3. خذي نفسا عميقاً

أرى أنه من المهم، أولاً وقبل كل شيء، أن تمضي بعض الوقت في الإصغاء إلى نفسك وتسمحي لنسمات الهواء النقي بالتسلل، وتدركي الفرق بين توقعات الآخر منك وقدراتك التي يمكن أن تقدميها؛ إذ لا يمكن أن تنشأ علاقة كما وصفتِها دون مساهمة الطرفين فيها. من خلال تحديد توقعاتك من العلاقة وحدود تسامحك ومساهماتك فيها؛ ربما ستتمكنين من رسم بعض معالم العلاقة لتوضيح موقفك وشريكك من العلاقة أكثر.

أحياناً، أو في معظم الأحيان، نريد بناء علاقتنا ومواصلتها دون توضيح المواقف مع الآخر لأننا نشعر، بوعي منا أو دون وعي، أن شريكنا ليس ملتزماً حقاً في علاقته معنا، وأنه لا يكن لنا نفس المشاعر التي نكنها له، وأن هذا التوضيح سيكشف هذا الخلل؛ وهذا يخيفنا بشدة.

يبدو لي أنك على وشك أن تكتشفي أن المشاعر ليست كفيلةً وحدها بصون العلاقة؛ وإنما ما يديمها هو إثراؤها برسائل إيجابية ومجزية وإغناؤها بالتبادلية.

مع أطيب تمنياتي لك بالتوفيق في رحلتك في هذه الحياة.

“جاك سالوم”

اقرأ أيضا:

المحتوى محمي !!