ملخص: وجدت الأبحاث علاقة بين تنظيف المنزل والصحة النفسية؛ إذ يمكن لتنظيف المنزل تعزيز الشعور بالهدوء وتحسين الحالة المزاجية والتركيز، وثمة العديد من الخطوات التي يمكنك تنفيذها لدمج التنظيف في روتينك اليومي.
محتويات المقال
لا بد أن منظر البيت المرتب والنظيف يبعث على الشعور بالسكينة والهدوء والراحة، في حين قد تسبب الفوضى أو البيت المتسخ شعوراً بالضيق أو الانزعاج أو التشتت. في الواقع، قد يسارع البعض عند الشعور بالإرهاق أو التوتر إلى مسح الغبار أو ترتيب خزانة الثياب أو غسيل الأطباق لتحسين حالته المزاجية. فهل لتنظيف المنزل فعلاً تأثير في الصحة النفسية؟ وفي حال كان كذلك، فكيف يمكن دمج التنظيف في روتين الحياة اليومية، خصوصاً عند وجود الكثير من المهام والمسؤوليات، أو عند الشعور بأن التنظيف بحد ذاته مهمة شاقة صعبة التنفيذ؟
اقرأ أيضاً: لمَ يؤمن البعض بالخرافات؟ مختصون نفسيون يجيبون
الآثار السلبية للفوضى والأوساخ في الصحة النفسية
تُظهر الأبحاث أنه قد يكون للفوضى وعدم نظافة المنزل أو مكان العمل تأثير مباشر في الصحة النفسية كما يلي:
- زيادة نسبة الإصابة بالاكتئاب: أشارت دراسة منشورة في "مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي" (Personality and Social Psychology Bulletin) إلى أن الزوجات اللواتي وصفن بيوتهن بأنها مليئة بالفوضى أو بمشاريع الترميم غير المكتملة كنّ أكثر عرضة للشعور بالإرهاق والاكتئاب، ولديهن مستويات أعلى من هرمون الكورتيزول مقارنة بالزوجات اللواتي وصفن بيوتهن بأنها مريحة ومرممة على أكمل وجه.
- الشعور بالارتباك والتوتر وصعوبة التركيز: توصل باحثون من جامعة برينستون في دراسة منشورة في "دورية علم الأعصاب" (Journal of Neuroscience) إلى أن الفوضى قد تصعّب عملية التركيز على أداء مهمة معينة، وذلك لأنه من الممكن للأجسام المبعثرة بفوضوية والتي لا تتعلق بأداء المهمة المطلوبة أن تستحوذ على القشرة البصرية للشخص؛ ما يصعّب التركيز وإكمال المشاريع بكفاءة.
من ناحية أخرى، يرتبط كلٌ من الفوضى والأوساخ بالمشاعر السلبية مثل الارتباك والإجهاد الذهني والانفعال وحِدّة المزاج. وبالنسبة إلى الدماغ؛ تمثل الفوضى عملاً غير مكتمل، وقد يكون هذا النقص مرهقاً جداً للبعض، وخصوصاً بالنسبة إلى مَن يمتلك مخاوف كبيرة تؤثر في حياته.
وبالإضافة إلى ذلك، وجدت إحدى الدراسات أن الفوضى التي تعم المكان، خصوصاً عندما تكون الأمور خارجة عن السيطرة، تدفع الأشخاص إلى الانخراط في سلوكات أكل غير صحية.
- التسويف: تُظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين لديهم منازل فوضوية وغير منظفة يميلون إلى التسويف في إنجاز المهام. على سبيل المثال؛ قد يؤجل الأشخاص مهمة غسيل الثياب عند وجود أكوام من الملابس المتسخة.
- انخفاض جودة الحياة: قد تسبب الفوضى الشعور الدائم بالإحباط، خصوصاً عند الشعور بأنك تكافح لإكمال المهام اليومية، فقد يكون الوقت الذي تقضيه في البحث عن الأغراض أو محاولة ترتيب هذه الأغراض هو وقت العائلة، أو الوقت اللازم للرعاية الذاتية أو مجرد الاسترخاء.
ووفقاً لإحدى الدراسات، فإن الفوضى في المنزل تقلل الرضا العام عن الحياة، وبخاصة بين كبار السن. بالإضافة إلى ذلك، ليس من الغريب أن يتجادل الأزواج إذا كانت الفوضى تعم المكان، وغالباً ما يسود التوتر الأجواء عندما تكون الفوضى مصدر إزعاج للشريك.
اقرأ أيضاً: لمَ يكره البعض حضور حفلات الزفاف؟
الآثار الإيجابية للنظافة في الصحة النفسية
يمكن للمنزل المتسخ أو الفوضوي أن يسبب الشعور بالتوتر والقلق، في حين أنه يمكن للأشخاص من خلال التنظيف والترتيب أن يتحكموا في بيئاتهم على نحو يساعدهم في التركيز على أداء المهام الأكثر إلحاحاً، بالإضافة إلى العديد من الفوائد للصحة النفسية؛ مثل:
- تحسين المزاج: بصرف النظر عن فوائد الحصول على منزل أنظف، فإن العلاقة بين المنزل النظيف والصحة النفسية يمكن أن تساعد على تقليل شعور القلق؛ إذ وجدت إحدى الدراسات أن تجربة غسيل الأطباق قد تسهم في خفض التوتر بنسبة 27% عند أخذ الوقت الكافي لشم رائحة الصابون والاستمتاع بالتجربة؛ كما أن وجود ملاءات نظيفة وترتيب السرير يرتبطان براحة أكبر ليلاً.
وبالطبع، عندما تحصل على المزيد من الراحة، فإنك ستحصل على المزيد من الفوائد النفسية؛ بما في ذلك تحسين الحالة المزاجية. بالإضافة إلى ذلك، فإن النشاط البدني للتنظيف يساعد على تقليل التوتر ومشاعر القلق وأعراض الاكتئاب، ويقلل التعب ويحسن التركيز.
- تحسين التركيز: يمكن للمنزل الفوضوي أو المتسخ بشكل كبير أن يؤثر في قدرة الشخص على التركيز لأنه يحد من قدرة الدماغ على معالجة المعلومات. في الواقع، اكتشف الباحثون أن الناس يكونون أقل انفعالاً وأقل تشتتاً وأكثر إنتاجية وأكثر قدرة على معالجة المعلومات في منطقة عمل نظيفة ومرتبة. لذلك؛ إذا كنت تواجه مشكلة في التركيز على مشروع ما، حاول أن ترتب مساحة العمل الخاصة بك سواء كنت تعمل في المكتب أو من المنزل.
اقرأ أيضاً: ما الفوائد النفسية والجسدية للعلاج بالرقص؟
- زيادة التحكم في البيئة المحيطة: عندما يشعر الأشخاص أن حياتهم خارجة عن السيطرة أو أنهم يعانون من بعض الضغوط أو التوتر، فقد يكون التنظيف وسيلة لتعزيز الشعور بالسيطرة على حياتهم، لأنه يعطي شعوراً بالإتقان والتحكم.
- تحسين الصحة الجسدية: يؤثر المنزل النظيف في الصحة الجسدية أيضاً، فوفقاً لإحدى الدراسات؛ يميل الأشخاص الذين يعيشون في منازل نظيفة ومرتبة إلى أن يكونوا أكثر صحة من أولئك الذين يعيشون في منازل فوضوية أو متسخة؛ بل وكانت النظافة مؤشراً إلى صحة جسدية أفضل مقارنة بإمكانية ممارسة رياضة المشي.
اقرأ أيضاً: لمَ يكره البعض تلقي الهدايا؟
كيف تدمج التنظيف في حياتك؟
في بعض الحالات، قد تشعر فعلاً أنك تحتاج إلى تنظيف المنزل وأن التنظيف من شأنه أن يحسن حالتك المزاجية ويعزز شعورك بالسلام؛ لكنك ومع ذلك تواجه صعوبة في القيام به، سواء لعدم وجود الوقت الكافي، أو نتيجة المعاناة من بعض الحالات النفسية كالاكتئاب، أو عدم الرغبة في ذلك بأبسط الحالات. لذلك؛ فيما يلي بعض الخطوات التي من شأنها أن تساعدك على دمج التنظيف في روتينك اليومي:
- حدد مهاماً صغيرة ونفّذها: يؤجل معظم الناس عمليات تنظيف المنزل لأن المهمة تبدو أكبر بكثير من أن تُنفَّذ. لذلك؛ وبدلاً من أن تتوقع ترتيب المنزل كاملاً في يوم واحد أو في عطلة نهاية أسبوع واحدة، ابدأ بتنظيف قسم صغير وافعل القليل كل يوم.
بكلماتٍ أخرى، قسِّم مهام التنظيف إلى مهام صغيرة، ثم التزم بعمل شيء واحد في المنزل أو حوله يومياً. على سبيل المثال؛ خصص أحد الأيام لترتيب الخزانة وطيّ الملابس، ثم نظِّف المرحاض والمغاسل في اليوم التالي، ونظّف جزءاً من المطبخ في اليوم الذي يليه، وهكذا دواليك، وسوف تدرك سريعاً أن المنزل أصبح أكثر نظافة وأقل إرهاقاً في وقت قصير.
الفكرة هي ألا تجعل قائمة المهام أكبر بكثير مما يمكنك التعامل معه ذهنياً، وإلا فسوف تزيد شعورك بالإجهاد والتوتر بدلاً من تقليله.
- خصص وقتاً محدداً للتنظيف كل يوم: هناك خيار آخر لبدء روتين التنظيف وهو أن تخصص وقتاً محدداً للتنظيف كل يوم. على سبيل المثال؛ حدد 15 أو 20 أو 30 دقيقة للتنظيف واضبط منبهاً زمنياً وابدأ التنظيف، وعندما يرن المنبه، تكون قد انتهيت من التنظيف لهذا اليوم. على الرغم من أن بضع دقائق قد لا تبدو وقتاً طويلاً؛ لكن يمكنك إنجاز أكثر مما تتخيل خلالها؛ مثل التقاط الأغراض المبعثرة أو ترتيب طاولة المطبخ أو مسح الغبار. في الواقع، ليس من الضروري أن ترهق نفسك بفكرة تخصيص 3 ساعات من يوم العطلة للتنظيف.
- اطلب المساعدة: قد يكون من الصعب في بعض الأحيان التعامل مع التنظيف والترتيب بنفسك؛ مثل الحالات التي يكون فيها عملك عن بعد، أو إذا كان لديك طفل حديث الولادة، أو كنت تتعافى من عملية جراحية أو ما إلى ذلك. وفي هذه الحالات، فكِّر في طلب بعض المساعدة في التنظيف والترتيب؛ كأن تطلب المساعدة من شريك الحياة أو من أحد أفراد العائلة أو من أحد الأصدقاء.
وفي حال كانت ميزانيتك تسمح لك، فيمكنك أن توظّف شخصاً لتنظيف المنزل مرة أو مرتين في الشهر. ولتقليل التكاليف؛ يمكنك أن تطلب من هذا الشخص أن يقوم بتنظيف المهام الصعبة التي تحتاج جهداً ووقتاً، وتترك المهام البسيطة الأخرى من المنزل لتنجزها بنفسك.