ما الفوائد النفسية والجسدية للعلاج بالرقص؟

العلاج بالرقص
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لا يتمحور العلاج بالرقص حول أداء حركات أو خطوات محددة أو إتقان أسلوب بعينه، فجوهر هذه الممارسة هو أن تعبر عن عواطفك ونفسك بأريحية وتجدد حيويتك وتوقظ أحاسيسك. تقول مختصة العلاج بالرقص فرانس شوت-بيمان: “يسمح العلاج بالرقص للمرء بتطوير فكرة جديدة عن الرقص، فهو لا يسعى إلى إتقان أسلوب محدد بل إلى التعبير عن نفسه وعواطفه، ولذلك ليست ثمة قواعد عليه أن يتعلمها”.
لا يتمحور العلاج بالرقص حول أداء حركات أو خطوات محددة أو إتقان أسلوب بعينه، فجوهر هذه الممارسة هو أن تعبر عن عواطفك ونفسك بأريحية وتجدد حيويتك وتوقظ أحاسيسك. ولنتعرف إلى تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع؛ أجرينا المقابلة التالية مع مختصة العلاج بالرقص فرانس شوت-بيمان (France Schott-Billmann).

فرانس شوت-بيمان: مختصة التحليل النفسي وأستاذة العلاج بالفن في جامعة باريس الخامسة بفرنسا، وهي تدرس ظاهرة النشوة (التغير في الوعي) في المجتمعات البدائية، ومؤلفة كتاب “الحاجة إلى الرقص” (Besoin de danser).

ما الفرق بين الرقص والعلاج بالرقص؟

ليس الرقص تسلية فقط، فهو يتيح للمرء إدراك معنى البهجة على نحو مختلف وإنشاء علاقة جديدة مع النفس والجسد والآخرين. لكن في حين أن أداء رقصات مثل التانغو أو السالسا يتطلب من الثنائي الالتزام بحركات معينة، فإن العلاج بالرقص يسمح للمرء بتطوير فكرة جديدة عن الرقص، فهو لا يسعى إلى إتقان أسلوب محدد بل إلى التعبير عن نفسه وعواطفه، ولذلك ليست ثمة قواعد عليه أن يتعلمها.

هل يمكن استبدال العلاج بالرقص بالعلاج النفسي؟

كان الرقص الشعبي يمثل في يوم من الأيام شكلاً من أشكال العلاج الاجتماعي وقد ذهب إلى ما هو أبعد من مجرد الشكل البسيط من الرقص؛ إذ كان طريقة ساعدت الناس على الشعور بالانتماء إلى المجتمع. وبسبب قوة تأثيره؛ يُعد العلاج بالرقص شبيهاً بالعلاج النفسي، فالراقص يحدث الآخرين عن نفسه من خلال جسده. في جلسة التحليل النفسي يغوص المرء في اللاوعي، أما في العلاج بالرقص فيمكننا القول إنه يكتشف الجزء “الراقص” من نفسه الذي يسعى إلى تذوق متعة العيش مجدداً. ويمكن تشبيه المجموعة المحيطة بالراقص بالأم التي تحتضن طفلها، فهي تلتف حوله وتشجعه ما يُشعره بالاطمئنان ويدفعه إلى إبراز تفرده من خلال الرقص.

هل العلاج بالرقص مفيد للجسد كما للعقل؟

العلاج بالرقص هو نشاط يتحد فيه الجسد مع العقل؛ إذ يسمح للمرء بالوصول إلى ذاكرة الجسد ويعزز معرفته بذاته  ويعني ذلك أن الراقص يحشد مشاعره أولاً ثم يوجهها مستعيناً بأنماط الشخصيات الغابرة، فرقصة المحارب مثلاً توقظ عدائيته، وهي طاقة كبتها مؤذٍ أما التعبير عنها بالحركات فيحرره جسدياً ونفسياً.

من يلائم العلاج بالرقص؟

إنه ملائم للجميع، سواء كنا نتحدث عن أولئك الذين يرغبون في تعزيز طاقتهم أو اكتشاف متعة الرقص والمرح من جديد. يشعر معظم الراقصين في العلاج بالرقص بالبهجة وبالحيوية والخفة الجسدية، ويجد كل منهم في هذه الممارسة ما يفتقر إليه؛ كالنشاط والمرح بالنسبة إلى البعض أو تعزيز الثقة بالنفس وروح الإبداع بالنسبة إلى آخرين. ونظراً لأن العلاج بالرقص لا يعتمد على الأداء فإن لا أحد يفشل فيه ويحصل كل راقص على منافع فريدة منه، وجدير بالذكر أن العلاج بالرقص يُستخدم لمساعدة الأطفال الذين يعانون الكبت النفسي على وجه الخصوص؛ كما ثبتت فعاليته في المستشفيات إذ ساعد المرضى على استعادة تقدير الذات.

هل يحصل الرجال والنساء على الفوائد ذاتها من العلاج بالرقص؟

نعم وذلك على الرغم من أن النساء عموماً يتناغمن أسرع مع الإيقاع مقارنةً بالرجال الذين يجدون صعوبة في إطلاق العنان لأنفسهم، ربما خوفاً من أن يكشف ذلك عن عيوبهم ومن ثم يمس رجولتهم. وعلى العكس من ذلك، فإن الراقصين الرجال الذين يتحركون بتلقائية وأريحية يبتهجون لأن نسيان النفس خلال الرقص والتواصل مع الآخرين يمنحك شعوراً بالمتعة والعافية النفسية.

ثلاثة علاجات بالرقص لتجربة التعبير البدائي وتجسيد الغرائز

تدير فرانس شوت بيمان ورشة رقص تجمع بين الرقصات الإفريقية لتعزيز الطاقة والرقصات الأوروبية التقليدية البسيطة ذات الإيقاع، ويرقص كل شخص وفق مشاعره ونمط الشخصية الغابرة التي يتخيل نفسه فيها كالأميرة أو الملك أو المحارب وغير ذلك، وتسمح لك رقصة المحارب مثلاً بإبراز غرائزك العدوانية بأمان تام.

الرقصة: على أصوات القرع، يطلق الراقصون العنان لطاقتهم دون قيود ثم تأتي الموسيقا الإفريقية التي تسمح لهم بحشد مشاعرهم والرقص معها بحركة بسيطة؛ رقصة الحداد أو الولادة أو الحب.

تساعد هذه الرقصة على إطلاق الطاقة والإبداع وتوجيه الدوافع والتحرر من القيود، أما من الناحية الجسدية فيشعر الراقص بأنه أكثر خفة ورشاقة.

رقصة التانترا لاستكشاف الجانب الآخر من النفس

يقترح الموسيقي والراقص ومصمم الرقصات باغفاتي غرانييه (Bhagvati Granier) تجربة الشعور بطاقة التانترا من خلال الرقص، والفكرة هي استعادة الشعور بالطاقة الحيوية المتمركزة في منطقة الحوض.

تتيح لك هذه الرقصة تجربة الطاقة الأنثوية والذكورية أي الين واليانغ (yin and yang)، ويمثل الرقص فرصة لتعرف إذا كنت تنساق مع حركة الآخر أو على العكس تفرض حركاتك عليه.

الرقصة: دون مقدمات، تبدأ بالتحرك بحرية مع الموسيقا وكل ما عليك فعله أن تحريك كتفيك وترقص بخفة، وتقفز وحدك ثم مع رفقة شخص ثانٍ وثالث، ثم تترك نفسك لتسقط مثل دمية، وترقص بعد ذلك معصوب العينين لتطلق العنان لنفسك أكثر وتسترشد بمشارك آخر وفق إيقاعات مختلفة.

أما الفائدة من الرقصة فهي تعزيز الحيوية وإيقاظ الأحاسيس الداخلية.

الرقص من خلال الحكايات لاستكشاف طبيعتك الجامحة

تقدم مختصة العلاج بالفن في المعهد الوطني للتعبير والإبداع والفن والتحول (National Institute of Expression, Creation, Art and Transformation) المخصص للعلاج بالفن، إيزابيل غودري (Isabelle Gueudré) طريقة رقص لاستكشاف الجوانب المختلفة لنفسية الأنثى، من خلال حكايات مؤلفة كتاب “النساء اللواتي يركضن مع الذئاب” (de Femmes qui courent avec les loups)، مختصة التحليل النفسي كلاريسا بينكولا إستي (Clarissa Pinkola Estés). من خلال الرمزية والإيقاع وحرية التعبير، تدعو هذه الرقصة إلى التفكير بالأنثوية وإعادة الاتصال بطبيعتنا الجامحة، وتمثل كل خطوة مواجهة مع إحدى مخاوفنا؛ مخافة الالتزام والسخرية والاختلاف، وتتيح لنا استخدام مواردنا الشخصية للتغلب عليها.

الرقصة: جلسنا وأغلقنا أعيننا وبدأنا الاستماع إلى إيزابيل وهي تروي قصة “امرأة الهيكل العظمي” (The Skeleton Woman) الأسطورية ثم رقصنا خلال مراحلها المختلفة، وفي نهاية الجلسة لعبنا لعبة “المس واهرب” على إيقاع الطبول لنكتشف حيويتنا مجدداً.

تساعدك هذه الرقصة على تطوير قدراتك القتالية واستعادة حيويتك وثقتك بنفسك.

المحتوى محمي !!