يُبلغ أكثر من 2.5 مليون بالغ في فرنسا عن إصابتهم بالإكزيما، و6% من هؤلاء المرضى البالغين يعانون من أكثر أشكال الإكزيما خطورة. على الرغم من أن الإكزيما غير ضارة نسبياً في معظم الحالات؛ فإنه يمكن أن يكون لها تأثير قوي في احترام الذات وتزعزع الاستقرار النفسي؛ حيث يفيد 69% من المرضى الذين يعانون من الإكزيما المعتدلة عن معاناتهم من تأثير سلبي للمرض في معنوياتهم. تقدم الطبيبة المتخصصة بالأمراض الجلدية، سيلفي كونسولي بعض النصائح في هذا الصدد.
ثلاثة أنواع من الإكزيما والأسباب متعددة
يشير مصطلح الإكزيما عموماً إلى الإكزيما التأتبية أو التهاب الجلد التأتبي، وهو أكثر أنواع الإكزيما شيوعاً (يعاني منها 34% من الفرنسيين) بعد حب الشباب (59%) والالتهابات الفطرية (43%). يتطور هذا المرض الجلدي، والذي غالباً ما يكون مزمناً، في نوبات مع فترات من السكون، ويمكن أن يؤثر في أي جزء من الجسم بما في ذلك الوجه والأعضاء التناسلية. يمكن التعرف إلى الإكزيما بسهولة من خلال البقع الحمراء والجافة التي تظهر على الجلد، والتي عادة ما تكون غير ضارة على الرغم من أنها تسبب حكة شديدة مزعجة.
هناك نوعان آخران أكثر تحديداً من الإكزيما. النوع لأول هو إكزيما اليد المزمنة التي غالباً ما تصيب البالغين (خصوصاً النساء) وتتفاقم بسبب استخدام المنظفات المتكرر. تمكن ملاحظة إكزيما اليد بسهولة لأنها تصيب جزءاً مكشوفاً من الجسم يتمتع برمزية اجتماعية قوية، لذلك غالباً ما يُنظر إليها على أنها الأكثر تأثيراً في حياتنا المهنية وعلاقاتنا مع الآخرين. والنوع الآخر من الإكزيما هو التهاب الجلد التماسي التحسسي، والذي يتطور نتيجة تفاعل الجلد مع المواد المثيرة للحساسية الموجودة في المنتجات اليومية مثل مستحضرات التجميل والتنظيف والمعادن والملابس وما إلى ذلك.
للإكزيما عوامل متعددة مثل القابلية الوراثية والعوامل البيئية والمناعية، لذلك من غير المجدي البحث عن دواء معجزة لعلاج الإكزيما كما توضح طبيبة الأمراض الجلدية سيلفي كونسولي، وتضيف: "الأكزيما مرض جلدي شائع جداً. لكل فرد رأيه الخاص حول الإكزيما؛ ما قد يعقّد الأمور بالنسبة للمريض. ستقول جدتك إنها مشكلة تصيب جميع أفراد العائلة، بينما تقول لك العمة أن سببها هو ضغوط الحياة البسيطة، وينصحك صديقك بالتحقق من جميع مسببات الحساسية التي يُحتمل أن تكون وراءها. في حين أن هذه الآراء لا تنطوي على الحقيقة المطلقة وراء الإكزيما؛ إلا أنها تشير إلى الأسباب المختلفة المحتملة لها.
اقرأ أيضا: كيف تساهم العواطف في نشوء القلق والاكتئاب؟
التأثير النفسي الكبير للإكزيما
إذا فكرنا في التأثير الجمالي للإكزيما، فإننا نميل إلى التقليل من تأثيرها النفسي. تقول الباحثة سيلفي كونسولي إن المثير للدهشة بالفعل هو أن المرض ذو الشدة نفسها يسبب لبعض المرضى التوتر والقلق بشكل خاص، بينما لا يؤثر مطلقاً في مرضى آخرين. قد يعتمد ذلك على المنطقة المصابة؛ إذ من الصعب للغاية تقبُّل ظهور الإكزيما على الوجه مقارنةً بظهورها على الركبة، كما تؤثر الإصابة بهذا المرض في نظرتنا لذاتنا. يعتبر البعض الإكزيما مخجلة جداً أو تثير القلق لدرجة أنها تدفعهم للانطواء على أنفسهم والحد من اختلاطهم بالمجتمع، وقد يصل الأمر إلى تجنب الذهاب لإجراء مقابلات العمل وتجنب إنشاء علاقات مع الآخرين.
في الواقع يمكن أن تكون للمظاهر الجسدية المزعجة المرتبطة بجفاف الجلد أو الآفات الالتهابية عواقب وخيمة؛ حيث يقول نحو ثلثيّ المصابين بالإكزيما (63%) بأن للمرض تأثيراً سلبياً في نوعية حياتهم. في هذا السياق يفيد 87% من المرضى الذين يُضطرون للحك أكثر من 11 مرة في اليوم بأن الإكزيما تؤثر سلباً في صحتهم الجسدية. وفي معظم الحالات تصبح الإكزيما مصدراً للتوتر أو القلق، فقد يتخيل الناس أن مقابلة العمل قد فاتتهم لأن نوبة الإكزيما كانت أكثر شدة في ذلك الوقت بالصدفة. إنه منطق ذاتي الاستمرارية؛ الإكزيما تجعلني أشك في نفسي؛ إنها تحبطني، لذلك أنا أكثر توتراً أو قلقاً، سأميل إلى الحك أكثر وأزيد من مرضي سوءاً.
اقرأ أيضا:
الاستبعاد الذاتي والإقصاء والتنمر
تؤثر الإكزيما في المرضى وتجعلهم أكثر هشاشة من الناحية النفسية ما يؤثر في حياتهم الاجتماعية إلى حد كبير؛ إذ يقول غالبية المرضى (52%) أنهم استبعدوا أنفسهم من نشاطٍ ترفيهي أو اجتماعي أو مهني مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
وعانى نحو نصف المصابين بالإكزيما (45%) من شكلٍ من أشكال الإقصاء أو الوصم من حولهم، وهذا الرفض يؤثر بشكل خاص في الشباب والطبقات العاملة. كانت أشيع أشكال الوصم التي شعر بها المرضى هي الطلب منهم التوقف عن الحك.
بالإضافة إلى ذلك؛ عانى 3 من بين 10 أشخاص ممن أصيبوا بالإكزيما من شكل واحد على الأقل من المضايقات اللفظية أو البصرية أو العدوانية (مثل السخرية المهينة والمضايقات الأخلاقية والتنمر وما إلى ذلك).
هل يمكن للعلاج النفسي الشفاء من الإكزيما؟
يعتبر العديد أن الإكزيما مرضٌ نفسي عضوي نظراً لأنها تتفاقم عندما يمر المرء بفترة من القلق أو الضغط النفسي. يمكن أن يؤدي التوتر والقلق إلى تفاقم الإكزيما طبعاً، ويمكن أن تزيد العوامل النفسية من انتشاره. ومع ذلك، فليس من الضروري أن يصاب كل من يعاني من التوتر أو القلق بالإكزيما. تقول سيلفي كونسولي: "من الخطأ تصور أن العوامل النفسية فقط وراء الإصابة بالإكزيما".
ومع ذلك، فوفقاً لكونسولي إذا كنت تعاني من مشكلات نفسية مثل القلق أو الإجهاد المتكرر، فإن معالجة هذه المشكلة من خلال العلاج النفسي يمكن أن تكون مفيدة فقط في عملية الشفاء من المرض. يمكن أن تساعد استشارة المعالج النفسي على كشف ما تعاني منه تماماً؛ ما الذي يسبب توتري أو اكتئابي؟ هل هي حقاً الإكزيما أم هناك سبب أعمق ربما كان موجوداً قبل الإصابة؟ تقول كونسولي: "يمكن أن يكون العلاج النفسي فعالاً للغاية في تحديد المواقف التي يميل فيها المريض إلى الحك- والذي غالباً ما يتفاقم بسبب الإجهاد- وفي إيجاد طريقة أخرى لتخفيف التوتر".
مع ذلك تحذر كونسولي من أن العلاج النفسي وحده لا يمكن أن يعالج الإكزيما؛ حيث تقول: "لم نعد في زمن فرويد حين كان بالإمكان علاج الإكزيما من خلال قراءة التحليل النفسي لقصة المريض. العلاج النفسي، وخاصة في مكونه النفسي الجسدي، مفيد للتكيف بشكلٍ أفضل مع المرض وتحسين الامتثال للعلاج؛ لكن من الضروري بكل الأحوال العناية بالجلد ومراجعة طبيب الجلدية".
هل تتسبب الحرارة أو البرودة أو التوتر بإثارة الحكة وتهيج الجلد وظهور بقع حمراء؟ هل تعتقد أن بشرتك جافة؟ ربما تعاني من التهاب الجلد التأتبي الذي يُصاب به طفل من بين كل 4 أطفال. ما أسباب هذا المرض وأعراضه وطرق علاجه؟ نقدم في هذا المقال شرحاً وافياً عن هذا المرض المزمن الذي يعيق حياتنا اليومية ونصائح لعلاجه والوقاية منه.
اقرأ أيضا: تعرف إلى تجارب أشخاص نجحوا في التعافي من الاكتئاب.