لماذا نفضّل الأغاني المبهجة في الصيف والهادئة في الشتاء؟

2 دقيقة
الأغاني المبهجة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

هل لاحظتَ كيف تتغير قائمة الأغاني التي تستمع إليها مع تغيُّر أحوال الطقس؟ فقد يدفعك الصباح الدافئ والمشرق لتشغيل موسيقا مبهجة تُناسب تلك الطاقة، بينما قد تسحبك السحب الرمادية نحو ألحان هادئة وعاطفية! فهل الأمر محض صدفة؟ أم إن للطقس تأثير فعلاً في ذوقك الموسيقي؟ لنرَ الأمر من وجهة نظر نفسية.

هل يؤثّر الطقس في قائمة أغانيك؟

في الواقع، وجدت دراسة منشورة في مجلة الجمعية الملكية المفتوحة للعلوم (Royal Society Open Science) عام 2023 أن الطقس يؤثّر في تفضيلات الناس من الأغاني. فقد حلّل الباحثون أكثر من 23,000 أغنية تصدّرت قوائم الأغاني البريطانية على مدار 67 عاماً (بين عامي 1953 و2019).

ووجدوا أن الألحان التي تتميز بالحيوية والتفاؤل والإيجابية كانت أكثر رواجاً خلال الأيام المشمسة والدافئة، في حين لم تكن رائجة خلال الأيام الباردة والماطرة. لكن مع ذلك، لم تُظهر الأغاني الكئيبة أو الحزينة أيّ صلة واضحة بأنماط الطقس.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: سماع الأغاني الحزينة ربما يشعرك بالسعادة! 

لماذا نفضّل الأغاني المبهجة في الصيف والألحان الهادئة في الشتاء؟ 

ذكر الباحثون أن حالة الطقس تؤثّر في المزاج والسلوك؛ فالطقس الدافئ والمشمش يحفّز مشاعر إيجابية لدى الناس معظمهم، ما يدفعهم إلى اختيار الموسيقا المفعمة بالحيوية والإيجابية التي تناسب مزاجهم الحالي. في المقابل، يتغير المزاج عند بعض الناس في أثناء الطقس الممطر أو السيئ، فتميل الألحان لأن تكون هادئة أو تأملية.

من جهة أُخرى، ربما يستمع الناس إلى الألحان المختلفة في الفصول المختلفة نتيجة ارتباطها بذكرياتهم أيضاً. فالموسيقا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالذاكرة والعاطفة، وذلك لأنها تُنشّط الجهاز الحوفي، وخاصةً اللوزة الدماغية والحُصين، وهما منطقتان دماغيتان رئيسيتان تُشاركان في معالجة العواطف وتكوين الذاكرة.

فالموسيقا تعمل مثل إشارات عاطفية تستطيع استحضار ذكريات سابقة، خاصةً عندما تكون هذه الذكريات مرتبطة بأحداث أو فصول أو أشخاص محددين. تُدعى هذه الظاهرة بـ "الذكريات الذاتية التي تستحضرها الموسيقا" (Music-evoked autobiographical memories). وهو ما قد يفسّر قدرة أغنية استمعت إليها في رحلة صيفية عائلية على نقل ذهنك إلى تلك اللحظة، والشعور بما كنت تشعر به في تلك الرحلة.

إذاً، وبما أن كثيراً من الناس يفضّلون الألحان المبهجة في الصيف، والموسيقا الهادئة في الخريف أو الشتاء، فمن المحتمل أن تعزّز هذه التفضيلات نفسها بمرور الوقت؛ أي إن سماع هذه الألحان مرة أخرى في الفصل نفسه يعيد تنشيط الذكريات الماضية والحالات العاطفية المرتبطة بها، ما قد يؤدي إلى أنماط موسمية متكررة في الاختيار الموسيقي.

عموماً، لا يمكن القول إن الطقس هو العامل الوحيد المؤثّر في ذوقك الموسيقي، فالثقافة والعادات والتاريخ الشخصي، وحتى ما هو رائج على الإنترنت، كلها عوامل تؤدي دوراً في ذلك.

اقرأ أيضاً: دودة الأذن: لماذا تعلق إحدى الأغنيات في دماغك؟ وكيف تخرجها؟

4 نصائح عملية تساعدك على استخدام الموسيقا في تحسين المزاج

تقول عالمة النفس والمختصة في العلاج بالموسيقا، لينا رياشي، إن الموسيقا ليست مجرد أدارة للترفيه فقط؛ بل هي أداة فعّالة لتحسين المزاج والصحة النفسية، ويمكن استخدامها بمثابة علاج مكمّل بالتزامن مع العلاج النفسي لتحسين بعض الحالات النفسية والعصبية. عموماً، إليك كيف يمكن استخدام الموسيقا لتحسين المزاج:

  1. استخدم "مبدأ الإيقاع" (Iso principal): ابدأ باختيار موسيقا تُناسب حالتك المزاجية الحالية (مثلاً، أغاني هادئة أو حزينة إذا كنت تشعر بالإحباط)، ثم غيِّر الإيقاع تدريجياً إلى موسيقا تعكس الحالة المزاجية المرغوبة. يساعد هذا التغيير في الإيقاع على تنظيم المشاعر وتحسين المزاج تدريجياً مع مرور الوقت.
  2. أنشِئ قوائم تشغيل مختلفة تناسب احتياجاتك العاطفية: على سبيل المثال، استمع إلى الأغاني الهادئة قبل النوم، وشغّل الأغاني السريعة أو المبهجة للتحفيز على ممارسة التمارين الرياضية أو أداء المهام المؤجلة.
  3. تعلم العزف على آلة موسيقية أو اعزف بانتظام إذا كنت تجيده: فالعزف على آلة موسيقية ينشّط الدماغ بأكمله، ما يتيح قدراً كبيراً من تشتيت الانتباه عن الألم والأفكار المزعجة، كما ينمّي الإدراك ويعزز التنسيق الحركي ويزيد القدرة على التعبير عن الذات والتعلم.
  4. استمع إلى الموسيقا بوعي وتركيز: وهذا يعني الحفاظ على حالة من اليقظة الذهنية في أثناء الاستماع إلى الموسيقا، من خلال التركيز على الأصوات والإيقاع والأحاسيس الجسدية، الأمر الذي يُعزّز الوعي الجسدي والاسترخاء.

المحتوى محمي