ملخص: في محاولة للفت انتباه الرجل إلى الاحتياجات العاطفية للمرأة، يتعمّق هذا المقال في التفسيرات النفسية والعاطفية لسبب اختيار المرأة مشاركة اهتماماتها أو همومها مع الرجل، ويكشف عن أكثر احتياجات المرأة من الرجل في العلاقة العاطفية والزواج.
محتويات المقال
من الواضح أن الرجال والنساء يختلفون في طريقة معالجة المشاعر والتعبير عنها. فمن الشائع أن المرأة منفتحة أكثر من الرجل على مشاركة عواطفها وهمومها مع الآخرين؛ حيث تُعد تجربة الإفصاح عن الذات بالنسبة إليها جزءاً جوهرياً في العلاقات المقرّبة؛ بل وتسهم في تعزيز طابع الحميمية ومن ثَمّ تطوير العلاقة. ونظراً إلى هذه المعايير؛ فإن القدرة على الإفصاح عن الذات على نحو مجزٍ وآمن قد تُظهر كيف تنظر المرأة إلى الثقة في العلاقات مقارنة بالرجال.
ولأن الرجل قد يحتار في تحديد ردّ الفعل المناسب عندما تُقدِم المرأة على مشاركة مكنوناتها؛ يقدّم هذا المقال نظرة معمّقة إلى الاحتياجات العاطفية للمرأة وأكثر السمات التي تبحث عنها في علاقتها مع الرجل، والتفسيرات المحتملة لسلوكيات مشاركة العواطف أو المعلومات الشخصية معه.
ما هي أكثر الاحتياجات العاطفية للمرأة من الرجل؟ وما الذي قد يدفعها إلى الانفصال عنه؟
يوضّح استشاري العلاج النفسي، أحمد هارون، إن ثمّة فكرة غير صحيحة حول اندفاعية المرأة وتسرّعها في أخذ القرار؛ لكن حقيقة الأمر أن اندفاعها متمثّلٌ بدرجة كبيرة في طلب الاهتمام من الشريك، وقد يظهر ذلك في محاولاتها العديدة والمستميتة لخلق الحميمية والقرب والتوازن في العلاقة قبل أن تقرّر إنهاءَها.
وقد تحدّث أحمد هارون عن 4 أسباب رئيسة قد تدفع المرأة إلى الانفصال عن شريكها في السنة الأولى من الزواج، انطلاقاً من بحثٍ قام به في جامعة عين شمس المصرية؛ ونسردها بالترتيب حسب أهميتها: التحلّي بالأخلاق، والاتزان النفسي، ومستوى الثقافة والوعي بغض النظر عن مستوى التعليم الأكاديمي، وآخرها؛ الوضع الاقتصادي والاجتماعي. وبناءً على نتائج بحثه؛ يؤكد هارون إن أكثر الاحتياجات العاطفية للمرأة من الرجل هي:
- إظهار التقدير والاهتمام عندما تحتاج إلى الإفصاح والتحدّث مهما بدا كلامها عديم النفع أو القيمة.
- الاستماع الجيّد والفعّال بالجوارح ولغة الجسد قبل التعبير اللغوي.
- القدرة على الاستماع والإنصات إليها أكثر من مرّة خلال اليوم دون الحاجة إلى تصحيح تفكير معيّن أو اقتراح حلول.
وتشير المختصة النفسية نانسي صميدة إلى خطورة عدم تلبية الاحتياجات العاطفية للمرأة من طرف شريكها، مؤكدة إن ذلك قد يخلق حالة من الجوع العاطفي الشديد التي تترتّب عنها مع مرور الوقت عواقب شديدة الخطورة قد تصل إلى الخيانة الزوجية.
وتشمل الأمثلة لسلوكيات الرجل التي تُفاقم الاحتياجات العاطفية للمرأة ما يلي: التقليل من قيمة المرأة وبخس جهودها، وعدم الاكتراث أو إظهار التقدير لكينونتها الأنثوية، والخيانة المتكرّرة من الشريك، أو الانفصال العاطفي عنها لفترات طويلة.
اقرأ أيضاً: هل ما أخبركِ به فيلم باربي عن نفسية الرجل صحيح؟
تعرَّف إلى أبرز الاختلافات في سلوكيات الإفصاح عن الذات بين الجنسين
حين تفضفض المرأة للرجل، فهي تمارس ما يُعرف في علم النفس الاجتماعي بـ "الإفصاح عن الذات" (Self-Disclosure)؛ وهو مصطلح تُقصد به مشاركة المعلومات الشخصية مع شخصٍ آخر بما قد يشمل المشاعر والأفكار والذكريات والتطلّعات.
ويُعد الإفصاح عن الذات عنصراً أساسياً في بناء العلاقات المقرّبة أو الحميمية وتعزيزها، ولا تقلّ أهميته في العلاقات الاجتماعية المختلفة مثل الصداقات، ويمكن أن يتميّز الأشخاص بمستوىً منخفض أو عالٍ من الإفصاح عن الذات.
وتخدم سلوكيات الإفصاح عن الذات بصفة عام عدّة وظائف في العلاقات؛ أهمّها هو تطوير العلاقة من خلال خلق الحميمية، أو تحقيق التأييد الاجتماعي، أو الاستفادة من التأثير العلاجي من خلال التنفيس العاطفي (Emotional Catharsis)، إضافة إلى التأثير الإيجابي في الحالة النفسية.
وتظهر الاختلافات بين الذكور والإناث في معايير الإفصاح عن الذات وسلوكياته بوضوح في مرحلة الطفولة المبكرة ومرحلة البلوغ؛ إذ تنخرط الفتيات في سلوكيات مشاركة المعلومات الشخصية، ويقدّرنها ويتوقّعنها في علاقاتهن الوثيقة أكثر من الذكور.
وتكون النساء عادة أكثر استعداداً للإفصاح من الرجال، ويستجِبن إلى إفصاح الآخرين عن أنفسهم بطريقة أكثر إيجابية، من خلال التعبير عن الاهتمام والقلق تجاه الطرف المُفصح. حيث تشجّع تلك النوعية من ردود الأفعال المزيد من سلوكيات الإفصاح؛ لأن المتلقي يشعر بأنه يمكنه الاعتماد على استجابة داعمة.
قد يكون سبب عدم الميل إلى مشاركة الأفكار والمشاعر الشخصية بين الذكور هو ارتباط ذلك بالضعف ومخاوف الكشف عن نقاط الضعف السائدة في ثقافات الأقران الذكورية. ونظراً إلى الاختلافات المحتملة بين الجنسين في الوضع الاجتماعي في مكان العمل والمجتمع ككلّ؛ فإن الرجال قد يتعرّضون إلى مخاطر الإفصاح عن الذات أكثر من النساء.
لِمَ ومتى تشارك المرأة همومها مع الرجل؟
بغض النظر عن نوع العلاقة، تؤكّد الاستشارية النفسية سوزان وايت (Suzanne White) إن المرأة تحتاج إلى اللطف والصبر والتفاهم والتعاطف والرحمة من الرجل. وتميل النساء إلى تقدير سمات النزاهة والحساسية العاطفية والحميمية في شركائهن؛ وهي سمات يحتجن إليها بشدّة.
وعلى الرغم من ميول المرأة عموماً إلى الإفصاح عن الذات أكثر من الرجل، فعندما تشاركه همومها ومكنوناتها، فذلك يحمل تفسيرات مختلفة بحسب طبيعة العلاقة التي تجمعهما. ويشاركنا الكاتب لاتشلان براون (Lachlan Brown) انطلاقاً من تجاربه الشخصية بعضاً منها كالتالي:
-
- تثق بك وتأتمنك على أسرارها.
- قد تعتبرك صديقاً مقرّباً إليها.
- ربما تعتبرك أكثر من صديق.
- تستمتع بمشاركة تفاصيل حياتها معك.
- ترى نفسها فيك.
- تُنفّس عن نفسها معك.
اقرأ أيضاً: متلازمة الرجل اللطيف؛ حين تصبح اللطافة الزائدة غير سليمة
وفي النهاية، تكشف سلوكيات الإفصاح عن الذات عند المرأة عما هو أكثر من مجرّد مشاركة التفاصيل الشخصية؛ إنه الأساس الذي تُبنى عليه العلاقات الإنسانية ذات الجودة. إن الرغبة في مشاركة الأفكار والعواطف تعزّز الثقة والتواصل والحميمية، سواء في الصداقات أو الروابط العائلية أو الشراكات العاطفية.