ملخص: لماذا تعجز عن مفارقة هاتفك الذكي على الرغم من حاجتك إلى النوم؟ وكيف تتغلب على عادة تسويف النوم؟
محتويات المقال
تقول لنفسك: "اليوم سأذهب مبكراً إلى الفراش بالتأكيد" ثم تنسى قرارك بحلول المساء مرة أخرى. لهذه الحلقة المفرغة من تسويف النوم مصطلح يصفها وهو "مماطلة وقت النوم للانتقام" أو "السهر الانتقامي لوقت متأخر" (Revenge Bedtime Procrastination). لكن انتقاماً من ماذا؟ وكيف يمكنك التغلب على هذه العادة؟
المماطلة وقت النوم للانتقام: ما يجعلك تلتصق بهاتفك الذكي قبل النوم
ظهر مصطلح "تأجيل النوم" لأول مرة عام 2014، في بحث نُشر في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology)، لدراسة تأثير تسويف النوم في صحة النوم.
أما مصطلح "الانتقام" فقد أضافته لاحقاً الصحفية الصينية دافني لي (Daphne K Lee) في تغريدة لها على تويتر عام 2020، لوصف تأجيل موعد النوم من أجل أشياء لم تستطع تحقيقها خلال اليوم بسبب ضيق الجدول الزمني.
وفقاً للطبيب الأردني المختص بالطب الباطني، آدم بطاينة (Adam Bataineh)؛ يُطلق مصطلح "السهر الانتقامي" أو "المماطلة الانتقامية في النوم" (Revenge bedtime procrastination) على ظاهرة التأخير المتعمّد للنوم في نهاية يوم مزحم بالضغوط انشغلنا فيه عن القيام بالأشياء التي نحبها، ويقول: "نقوم به مثل نوع من الانتقام من أنفسنا لشعورنا بفقدان السيطرة على حياتنا، فنسترجعها عن طريق السهر حتى لو على حساب الراحة".
يعكس السهر الانتقامي لوقت متأخر، الإحباط المرتبط بساعات العمل الطويلة والمرهقة التي لم تترك سوى القليل من الوقت للتمتع الشخصي؛ أي يعبر الانتقام عن استعادة بعض السيطرة على الوقت بالنسبة إلى أولئك الذين يعملون نحو 12 ساعة.
من يُصاب بالمماطلة وقت النوم للانتقام؟
يشيع انتشار هذه الظاهرة لدى الآباء، وعمال الورديات، ومن لديهم وظائف عالية الضغط، وقد يكون البالغون الذين يعانون اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD أو ADD) أكثر عرضة للإصابة به. كما وجدت الدراسة التي نُشرت في مجلة علم الأعصاب (The Journal of Neuroscience)، أن النساء والطلاب كانوا أكثر عرضة للانخراط في تسويف وقت النوم.
وبصفة عامة، إن هذه الظاهرة ليست بجديدة؛ إلا أننا خلال فترة الوباء التي تسببت بقضاء وقت طويل في المنزل، أصبحنا أكثر وعياً بأنماط نومنا؛ بما فيها سرقة بعض الوقت للترفيه الشخصي من حساب النوم.
اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن دَين النوم وكيفية سداده
الأسباب النفسية لتسويف النوم للانتقام
إن السبب الرئيس لتسويف النوم الانتقامي هو ضغوط العمل؛ إلا أن له أسباباً نفسية هي:
1. فشل التنظيم الذاتي
على الرغم من السعادة المؤقتة التي ينالها من يؤجل نومه على حساب الترفيه، فهو يرغب أيضاً بنيل قسط كاف من النوم لكنه يفشل في ذلك؛ ما يخلق فجوة بين النية والسلوك.
ومن أسباب هذه الفجوة عدم القدرة على التنظيم الذاتي أو ضبط النفس؛ إذ غالباً ما تكون في أدنى مستوياتها ليلاً بسبب متطلبات العمل أو الدراسة التي تقلل احتياطي ضبط النفس بمرور الوقت. هذا ما يدفعك إلى التهاون في بعض قراراتك الصارمة التي اتخذتها صباحاً ومن ثم المماطلة في النوم.
اقرأ أيضاً: 10 دقائق بتأثير 6 ساعات: ماذا تعرف عن قيلولة الجنود؟
2. أنماط النوم
قد ترتبط المعاناة من مماطلة النوم الانتقامية بأنماط النوم، فالأفراد الليليون (البوم الليلي) تضطرهم ظروف عملهم للالتزام بالجدول الزمني المصمم لـ "الطيور الصباحية". لذا؛ غالباً ما يُنظر إلى تضحية هذه الفئة بوقت النوم لممارسة نشاط ترفيهي خاص، على أنها محاولة للتخلص من التوتر، وليست فشلاَ في ضبط النفس.
إذا قد يكون تسويف النوم الانتقامي نتيجة لتفاعل عدة أسباب؛ بما فيها:
- أنماط النوم (ليلي أو نهاري).
- ضغوط النهار.
- صعوبات التنظيم الذاتي.
اقرأ أيضاً: جودة نومك تتراجع؟ إليك الأسباب المحتملة والحلول الممكنة
عواقب مماطلة النوم
في حين أن مماطلة النوم للانتقام قد تكون مغرية في البداية؛ إلا أن السهر الذي يتبعه استيقاظ مبكر يؤدي إلى الحرمان الشديد من النوم. ويمكن أن تكون للحرمان من النوم آثار سلبية كبيرة مثل:
- النعاس في أثناء النهار؛ ما يؤثر في الإنتاجية أو التحصيل الدراسي.
- تعريض الحياة لخطر القيادة تحت تأثير النعاس والإرهاق.
- تراجع الأداء الإدراكي؛ بما فيه أداء الذاكرة والقدرة على حل المشكلات والإبداع والمعالجة العاطفية واتخاذ القرارات. وخلال النوم، تنشط مواد كيميائية مختلفة في الدماغ أو تثبَّط لتنسيق الراحة والتعافي، فإذا لم ينل الدماغ القسط الكافي من النوم لن يعمل على نحو صحيح؛ ومن ثم تصاب الخلايا العصبية بالإرهاق.
- الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق.
- تدهور الصحة البدنية؛ حيث يصبح الفرد أكثر عرضة للإصابة بـ:
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- اضطرابات التمثيل الغذائي مثل داء السكري.
- ضعف الجهاز المناعي.
- ضعف فعالية اللقاحات.
اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟
التغلب على مماطلة النوم للانتقام
لتستعيد وقتك وتتجنب تسويف النوم الانتقامي، يمكنك استخدام تقنيات مماثلة لتلك التي نستخدمها للتعامل مع التسويف العام؛ مثل:
- تحسين عادات النوم من خلال عدة ممارسات:
- إنهاء التزاماتك قبل موعد النوم؛ ما يمنحك وقتاً خاصاً بك.
- التأخير الزمني للمماطلة؛ فمثلاً يمكنك العد إلى 30 قبل أن تنغمس في أي تسويف.
- تعزيز ظروف النوم الصحي؛ وتتضمن:
- تقليل التعرض للضوء قبل النوم، وبخاصةٍ الضوء الأزرق للإلكترونيات.
- تجنُّب الأنشطة المحفزة.
- تجنُّب المنبهات مثل الكافيين والتبغ والكحول، والوجبات الثقيلة.
- تحسين بيئة النوم: تهيئة الظروف الملائمة للنوم باختيار سرير مريح، أو إزالة المشتتات والإغراءات مثل الأجهزة الرقمية.
- تغيير عادات النوم: تحديد جدول نوم يتجنب القيلولة النهارية، أو يقللها، مع الاستيقاظ مبكراً.
- اتباع الممارسات الصحية مثل الرياضة المنتظمة والأكل الصحي، وتقليل استخدام السرير وغرفة النوم لأغراض غير النوم.
- تعزيز الدوافع من خلال:
- تذكير نفسك بأسباب الذهاب إلى السرير وأهمية النوم.
- أن تأخذ بعين الاعتبار نتائج تسويف النوم.
- منح نفسك الإذن بارتكاب الأخطاء، وتنمية التعاطف مع الذات.
إذا وجدت أن مشكلات نومك مستمرة أو تسبب لك نعاساً كبيراً في أثناء النهار، فتحدَّث إلى الطبيب الذي سيراجع عادات نومك لتحديد ما إذا كنت تعاني اضطرابات في النوم، ثم وضع خطة لمساعدتك على التعافي على نحو أفضل.