3 نصائح فعالة لتتوقف عن العيش في الماضي

3 دقيقة
التحرر من آلام الماضي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ليس من السهل أبداً أن نتخلص من وطأة الماضي وتأثيره السلبي في حياتنا الحاضرة. يميل بعض الأشخاص إلى استحضار ذكريات الماضي المؤلمة على نحو ينغص عليهم حياتهم ويمنعهم من الاستمتاع بأوقاتهم. إذا كنت أسير ماضيك الحزين، فإليك إذاً 3 نصائح عملية يقدمها خبراء نفسيون للتحرر من اجترار الذكريات المؤلمة: 1) تقبّلْ فضائل الماضي: لا تنطوي ذكريات الماضي على الألم والمعاناة فحسب، بل تمثل دروساً يجب أن تستفيد منها لتحسين واقعك والاستمتاع بحاضرك. 3) مارِس اليقظة الذهنية: الانغماس في اللحظة الحاضرة طريقة فعّالة للتحرر من اجترار الماضي والتركيز على الحاضر. 3) غيّر منظورك: توقف عن توقع السيناريوهات السلبية والكارثية للتخلص من شعورك الدائم بالقلق. لا يعني العمل بهذه النصائح نسيان الماضي أو محوه، بل المطلوب هو أن تفهمه وتستخلص منه العبر كي تتمكن في النهاية من التعايش معه.

تشكّل الذكريات شخصية الإنسان، إلى درجة أن الماضي يصبح ملاذه الوحيد عندما يكون حاضره محفوفاً بمشاعر عدم الأمان. لكن مشكلة اجترار الماضي تكمن في أنه يولّد لدينا في نهاية المطاف عجزاً عن الاستمتاع باللحظة الحاضرة.

وتمثل ذكرياتنا الشخصية أحداث حياتنا وتشكّل هوياتنا وعادة ما نكتبها بأنفسنا، لكنها تتحول في بعض الأحيان إلى جراح لا تندمل بسهولة لأننا نعيد اجترارها باستمرار. لذا، يمنعنا هذا التعلق بالماضي من تحقيق التقدم في الحياة بهدوء وطمأنينة. فكيف نتحرر إذاً من الماضي؟ إليك 3 نصائح فعالة.

تقبّلْ فضائل الماضي

للاستمتاع بالحاضر يجب أن نتحرر من التعلق بالماضي، من خلال تذكُّر اللحظات الجميلة أولاً، ولكن أيضاً من خلال تحرير أنفسنا من وطأة الذكريات التي تعوق تقدمنا. لكن الخطر يكمن في ميل الأشخاص الذين عاشوا ماضياً صعباً إلى دفن ذكرياتهم السيئة، وفي العيش مع ذاكرة زاخرة بالصدمات المؤلمة التي تعوق تطلعهم إلى مستقبل إيجابي.

ليس المطلوب أن ينسى الفرد ماضيه الشخصي، بل أن يتمكن من التعايش معه. والخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي تعلم كيفية التعامل مع الذكريات الإيجابية والسلبية، من خلال تفكيك العواطف السلبية المرتبطة بالذكريات السيئة، وفقاً لما ذكره الفيلسوف الفرنسي ومؤلف كتاب "العيش مع الماضي" (Vivre avec son passé) شارل بيبان (Charles Pépin) في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية (France Inter).

يوضح ذلك قائلاً: "إذا أردنا تحليل الماضي من منظور فلسفي علينا أن نتقبل فكرةً مفادها أن إخفاقاتنا قد تكون مفيدة لحاضرنا ومستقبلنا، يجب أن نقبل فضائل الماضي لتحسين حاضرنا، مع العمل على تغيير العواطف المرتبطة بالذكريات السيئة، إذا كنا نرغب أحياناً في تحرير أنفسنا من ذكرى مؤلمة من أجل الشعور ببعض الارتياح النفسي، فإننا نفعل ذلك بدافع اختيار الحلّ السهل، لأن هذا الاختيار ينطوي على نسيان التجارب الإيجابية التي تستحضرها هذه الذكرى وإنكارها لا شعورياً، في المقابل يجب أن نفهم أننا نستطيع تحقيق الكثير بفضل هذه الذكريات السيئة بشرط أن ندرك أننا لا نستطيع محوها، كما يمكننا تخفيف وطأتها دون كبتها أو محوها، بل يجب ألّا نعطيها قيمة كبيرة، وأن نحرص على تخزين تجارب سعيدة وجديدة في الذاكرة إلى جانب التجارب الأقلّ سعادة، فليس هناك أكثر فائدة من أن يتعلم المرء التعايش مع ماضيه الشخصي من خلال تحويل أسوأ ذكرياته إلى تجارب أجمل وأعمق".

مارِس اليقظة الذهنية

تعلُّم كيفية العيش في اللحظة الحاضرة يمكن أن يساعدك على التوقف عن اجترار الماضي. واليقظة الذهنية الكاملة من أكثر الطرق الفعّالة في تحقيق الانغماس في اللحظة الحاضرة.

يمكن لتمارين التأمل المستمدة من بعض الثقافات الآسيوية أن تدفع الممارسين إلى التركيز على المشاعر والعواطف والبيئة المحيطة بهم. والهدف من ذلك هو تحقيق الوعي الكامل بكل اللحظات وفتح العقول للتركيز على الأمور المهمة. يشيد الطبيب النفسي كريستوف أندريه (Christophe André) بمزايا هذه الممارسة قائلاً: "أنا محظوظ لأنني أحرص على ممارسة اليقظة الذهنية في حياتي المهنية والشخصية، أبدأ يومي بتمرين تتراوح مدته ما بين 10 دقائق و30 دقيقة، إمّا من خلال التأمل وإمّا عبر ممارسة بعض حركات التمدد بهدوء شديد، كما أمارس التأمل أيضاً بين أنشطتي اليومية المختلفة أو خلال التنقل أو بين جلسات العلاج التي أقدمها للمرضى حيث أحاول أن أبقى منغمساً في اللحظة الحاضرة، وأشارك أيضاً في جلسات التأمل الجماعية التي أشرف عليها إلى جانب المرضى، ثم أذهب مرة في السنة إلى مكان أختلي فيه بنفسي لممارسة التأمل".

غيّر منظورك

لتحرير نفسك من التعلق بالماضي يجب أن تتعلّم أيضاً كيف تتخلص من التوقعات المثيرة للقلق. تقول المعالجة النفسية بيرناديت بلان (Bernadette Blin): "توقُّع السيناريوهات السلبية يولّد شعوراً مدمراً بالقلق، في المقابل، فإن الانغماس الواعي في اللحظة الحاضرة يتيح لنا الاتصال بمواردنا الذاتية وقدراتنا الشخصية في الأوقات التي نواجه فيها تحديات صعبة".

يتطلب الأمر أيضاً إعادة تقييم الأحداث السلبية من منظور جديد، واستخلاص الدروس التي تساعدنا على تعزيز نمونا الشخصي. بعبارة أوضح يجب أن ننظر إلى الماضي باعتباره سلسلة من الدروس للمضي قُدماً. إضافة إلى أن المشاركة في مشاريع جديدة والعمل على أهداف قابلة للتحقيق يسمحان لنا بتغيير هذا المنظور.

إذا استمر تأثير الماضي في أفكارك فقد يكون من المفيد لك إعادة استثمار طاقتك في العثور على حلول ملموسة، من خلال استشارة المختصين وممارسة تقنيات إدارة العواطف مثل التأمل والكتابة، والعمل يومياً على استعادة السيطرة على حياتك.

المحتوى محمي