ملخص: "أين كان عقلي عندما أخذت هذا القرار السيئ؟"، سؤال استنكاري يردد البعض عندما يرى الأضرار التي نتجت عن قرارات لم يكن من الصواب أخذها، ونظراً إلى أن حياتك إلى حد كبير هي حصيلة قراراتك؛ فمن المهم الوعي بالأسباب التي قد تدفعك إلى أخذ قرارات خاطئة، والحالات النفسية التي عليك خلالها تجنب أخذ القرارات، وأيضاً كيفية تحسين عملية أخذ القرار.
محتويات المقال
أطبق منذ سنوات طويلة مبدأ ألا أقدم على قرار في حال لم أكن قد أخذت ما يكفيني من النوم، فعندي يقين أن عقلي لن يعمل جيداً في هذه الحالة؛ لذا أنتظر حتى أحظى بليلة نوم هانئة، وفي صباح اليوم التالي أتخذ قراراي.
كنت أظن أنه لا يوجد سبب علمي لذلك، والأمر لا يتجاوز كونه ارتياحاً تجاه سلوك ما؛ لكن عندما تعمقت في البحث وجدت أن خبراء علم النفس يوصون بذلك أيضاً، بالإضافة إلى أن هناك بعض الحالات النفسية الأخرى التي علينا خلالها تجنب الإقدام على أي قرار حتى لا نضطر لاحقاً إلى التراجع عنه أو إصلاح ما أحدثه من ضرر، وسنتعرف في هذا المقال إلى تلك الحالات وبعض الإرشادات التي نقلل باتباعها نسبة قراراتنا الخاطئة.
ما الأسباب المؤدية إلى اتخاذك قرارات سيئة؟
ربما قد جلست مع نفسك من قبل بعدما اتخذت قراراً سيئاً في حياتك وتساءلت عن السبب وراء ذلك، والحقيقة أن الأسباب عديدة؛ وأهمها:
- عدم أخذ مهلة للتفكير: قد نندفع أحياناً ونتجاوز عقولنا في بعض القرارات ونقدم عليها دون أي حسابات منطقية عقلانية، ظناً منا أن الأمر واضح بما يكفي لعدم التفكير؛ لكن نكتشف لاحقاً أننا لو جلسنا وتفكرنا قليلاً في أبعاد القرار كنا توصلنا إلى نتيجة أفضل.
- 2. الوقوع في فخ التحيزات المعرفية: يوجد العديد من أخطاء التفكير التي لو لم ننتبه إليها فمن السهل أن نقع في فخها؛ مثل الانسياق وراء المعلومات التي تؤكد معتقداتنا وتجاهل ما يتعارض معها.
- التأثر بتجارب الماضي: يتفاعل الأشخاص مع واقعهم بسلوكيات مرتبطة بالماضي إلى حد ما، وفيما يتعلق بالإقدام على القرارات، فقد يستسهل البعض تفضيل الاختيار الذي نجح في الماضي نفسه دون مراعاة اختلاف معايير الواقع الحالي.
- معاناة إرهاق القرار (Decision Fatigue): يعني ذلك استنزاف ذهن الفرد نتيجة كثرة القرارات التي ينبغي له اتخاذها يومياً؛ ومن ثم يقدم على أخذ قرارات عشوائية سيئة، أو يسمح للآخرين أن يحسموا قراراته بدلاً منه.
اقرأ أيضاً: 7 علامات تدل على أنك تعاني إرهاق القرارات، فكيف تتغلب عليه؟
هذه الحالات النفسية هي الأسوأ لاتخاذ القرارات
حسناً، بعدما عرفت الأسباب التي قد تجعلك تأخذ قرارات سيئة، وحتى تكتمل الفائدة، سنتعرف معاً إلى الحالات النفسية التي عليك تجنب أخذ قراراتك خلالها، والأسباب وراء ذلك؛ وهي:
1. وأنت غاضب
"اعذرني عما فعلته تجاهك، لقد كنت غاضباً"، تعد الجملة السابقة من الجمل الشائعة للاعتذار، وتعكس الضريبة التي قد تدفعها نتيجة إقدامك على قرارات خاطئة في أثناء غضبك؛ إذ يؤثر الغضب في كيفية رؤيتك للأشخاص وسير الأمور من حولك، وخلاله، لا يمكن أن تكون قراراتك مستندة إلى حقائق واضحة؛ إنما غالباً ما تحركها العواطف المتغيرة. لذا في المرة القادمة عندما تغضب، تذكر أن قراراتك ستكون سيئة، فتمهل حتى تمر عاصفة انفعالك واجلس مع نفسك بهدوء لتقرر ما ستفعله.
2. وأنت حزين أو سعيد
عندما تغمرك العواطف، غالباً ما تكون أحكامك غير عقلانية إلى حد كبير، ولا تتمكن من أن تصبح موضوعياً في قراراتك، فإذا كنت سعيداً، ستميل إلى ترجيح كفة الجانب الإيجابي حتى لو كان هناك جانب سلبي يجب أخذه في الحسبان، ويحدث العكس إذا تملّك الحزن منك، فالحماس المسيطر عليك في الحالتين يقودك إلى أخذ قرارات غالباً ما تندم عليها لاحقاً، والحل هو اتخاذ القرار عندما تكون متزناً عاطفياً.
3. وأنت مرهق
عندما تعاني الإرهاق، فهذا يعني غالباً انخفاض قدرتك على التركيز وضعف وظائفك الإدراكية وميلك إلى الغضب والانفعال؛ لذا ستزيد احتمالية أخذك قرارات خاطئة. ومن واقع تجاربي الشخصية، فبعض المشكلات التي واجهتني وأنا مرهق كان حلها ببساطة الحصول على قسط وافٍ من النوم ثم الاستيقاظ والتفكير بهدوء واتزان.
4. وأنت جائع
هل تتذكر عندما كنت تعاني الجوع في أحد الأيام وذهبت إلى المطعم فطلبت مجموعة كبيرة من الأطباق الشهية التي لم تستطع إكمال نصفها؟ حسناً، معظمنا عاش هذه التجربة وهي تعكس تأثير الجوع في قدرتنا على تقييم الأمور.
هذا التأثير أكدته دراسة علمية أجرتها جامعة دندي الاسكتلندية (University of Dundee) وتوصلت إلى أن الجوع يمكنه التأثير في عملية صنع القرار لدى البشر، فهو يجعلهم غير صبورين وأكثر عرضة إلى الرضا بالقليل في أقرب وقت عوضاً عن الصبر ومضاعفة المكاسب.
اقرأ أيضاً: لماذا نخاف من اتخاذ القرارات؟
5 إرشادات فعالة لتتجنب اتخاذ قرارات خاطئة
"لا تقيم اختياراتك قبل 10 سنوات بوعيك الحالي؛ لأن في هذا ظلم وإجحاف بحق نفسك. الإنسان يكبر ويزداد وعياً ونضجاً، فخفف أحمالك".
يؤكد استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، في رأيه السابق على قاعدة من المهم الوعي بها، وهي أنه مهما بذل الإنسان من جهد لتجنب الوقوع في القرارات الخاطئة سيكون هناك هامش حتمي لها؛ لكن يمكن الحد منه باتباع الإرشادات التالية:
- اجعل قراراتك مبنية على العقل الحكيم: يوضح لنا المختص النفسي، محمد النملة، المقصود بالعقل الحكيم فيشير إلى أننا نستخدم العقل المنطقي للأمور المادية والعقل العاطفي للأمور الوجدانية، والقرارات الناجحة هي التي تجمع بين استخدام العقل المنطقي لإيجاد حقائق وحلول عملية، واستخدام العقل العاطفي للنظر فيما تمليه علينا مشاعرنا، ومن هنا يمكن الوصول إلى أفضل الحلول.
- ابحث في الاختيارات الممكنة جميعها: يحتاج منك ذلك إلى التأني حتى تستطلع الاختيارات المتاحة لك كلها ثم تختار أفضلها؛ ومن ثَمّ تقل احتمالية ندمك على قرارك.
- لا تتردد أن تحصل على قسط من الراحة: في حال شعرت بأن عقلك مستنزف وأنك غير واثق من قرارك، فأجّل حسمك للأمر واحصل على ما يكفيك من الراحة، وامنح نفسك بعض الوقت لتعود وتقيّم قرارك بوضوح.
- استشر من حولك: تتيح لنا استشارة الآخرين فرصة لرؤية الوضع بأعين أخرى؛ ما يجعلنا نرى جوانب قد تكون خفية بالنسبة إلينا، ويقودنا هذا في النهاية إلى اتخاذ قرارات متزنة وحكيمة.
- أعطِ كل قرار حجمه العادل: أحياناً يكون السبب وراء اتخاذنا قرارات خاطئة استنزافنا الكثير من الوقت والجهد في قرارات ليست ذات قيمة حقيقية في حيواتنا؛ لذا من الضروري أن نعطي كل قرار ما يستحقه من أولوية واهتمام بحسب تأثيره.
اقرأ أيضاً: أتقرأ هذا المقال أم لا؟ إليك كيف تتغلب على التردد في اتخاذ القرارات