أتقرأ هذا المقال أم لا؟ إليك كيف تتغلب على التردد في اتخاذ القرارات

التردد المزمن
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قد ينتج التردد في اتخاذ القرارات عن الخوف من الفشل أو نقص المعلومات أو قلة الثقة بالنفس. ومع ذلك، ثمة عدة نصائح يمكن اتباعها للتغلب على التردد المزمن في اتخاذ القرارات.

التردد المزمن هو عادة تجنُّب اتخاذ القرارات، وغالباً ما تحدث بانتظام سواء مع قرارات كبيرة كشراء منزل أو قبول وظيفة جديدة، أو مع قرارات صغيرة لا معنى لها كأي فيلم تشاهد أو أي لون من القبعة تشتري. وعلى الرغم أن معظم الناس قد يتجنب اتخاذ القرارات الكبيرة أو الصغيرة في أوقات مختلفة؛ لكن البعض يكون متردداً على نحوٍ مزمن، ليصبح التردد مشكلة سلوكية أكثر من مجرد سمة شخصية.

ويقول عالم النفس والفيلسوف ويليام جيمس إنه: “ما من إنسان أكثر بؤساً من إنسان لا يألف سوى التردد”. ودعونا نتفق على أن كفاح المتردد عند اتخاذ قرار ما يشبه شعور الشلل، فمثله مثل العالق في بركة من الرمال المتحركة.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن اتخاذ القرارات قد يكون صعباً ومربكاً؛ لكنه ومثل أي مهارة أخرى قابلٌ للتحسين بالممارسة. فما أسباب التردد المزمن؟ وما النصائح التي يمكنك اتباعها للتغلب على هذه المشكلة أو التخفيف منها؟

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شخص يقلل من قيمتك؟

ما أسباب التردد المزمن؟

قد يكون بعض الأشخاص الذين يعانون من التردد المزمن غير قادرٍ على اتخاذ القرارات في مجالات الحياة جميعها، في حين قد يواجه البعض الآخر صعوبة في بعض جوانب الحياة كالعمل مثلاً، أو صعوبة كبيرة جداً إلى حد الشلل ربما في مجال آخر من الحياة مثل الحياة الشخصية. وبشكل عام، ثمة العديد من المواقف والأسباب التي قد تسبب التردد المزمن؛ ومنها:

الخوف من الفشل وقلة الثقة بالنفس

على الرغم من أن بعض الناس قد يكون بطبيعته أكثر تردداً من البعض الآخر، فقد يكون التردد في بعض الأحيان سلوكاً مكتسَباً، فالشخص الذين نشأ في بيئة تعتبر أن اتخاذ القرارات فرصةٌ للتعلم واكتساب المعرفة، يميل إلى الشعور براحة وثقة أكبر عند اتخاذ القرار.

أما وفي حال أصبح اتخاذ القرار موسوماً بارتكاب الأخطاء أو خاضعاً للتقييم دائماً على أنه إما قرار جيد أو سيئ، فسيصبح اتخاذ القرار حينها مرتبطاً بالشعور بالخوف أو الندم الشديد من أن يكون خاطئاً، أو الخوف من الوقوع في وضع لا يمكن تحمُّله ولا مفر منه.

على سبيل المثال؛ إذا انتقد الوالدان الطفل لاتخاذه قراراً سيئاً، فسوف يتجنب الطفل اتخاذ القرارات لاحقاً خوفاً من أن يُقيَّم بأنه فاشل، وقد تنتقل هذه المخاوف إلى مرحلة البلوغ وتؤدي إلى استخدام التردد كاستراتيجية تكيّف غير واعية.

بالإضافة إلى ذلك، قد ينشأ التردد المزمن كمحاولة لتجنُّب المخاطر المحتملة، ويرتبط ذلك بالقلق الاستباقي. ومن الأمثلة على ذلك عدم القدرة على الالتزام بموعد الطبيب، أو تأجيل تنفيذ مشروع أو عمل تطوعي، وغالباً ما تكون لدى هذا الشخص خطة للهروب من أي التزام؛ كما يستخدم ما يشبه هذه العبارات: “أعلمني قبل الموعد بوقت كافٍ وسأرى إن كنت مستعداً لذلك” أو “سأرى كيف أشعر حينها”.

اقرأ أيضاً: ما سبب قلة صبر البعض على تحقيق رغباته؟

صرامة الوالدين

إن الطفل الذي لم يُعطَ فرصة لاتخاذ القرارات وتجربة الفشل أو النجاح بمفرده، نتيجة عدم سماح والديه له باتخاذ القرارات بشكل مستقل عند الصغر، قد يكبر باحثاً عن أي شخص آخر لاتخاذ القرارات نيابة عنه.

السعي نحو الكمال

إذا كان الشخص يصنف خياراته دائماً على أنها إما صحيحة وإما خاطئة، ولا بد له من اختيار الخيار الصحيح دائماً، فسيجد نفسه مشلولاً عند التفكير بخطر اختيار القرار الخطأ، وسيجد نفسه يكافح لمعرفة الخيار الصحيح ويماطل في اتخاذ القرار.

وجدير بالذكر إن السعي نحو الكمال لا ينطوي فقط على التردد؛ بل قد يؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية الأخرى مثل القلق والاكتئاب وغيرها.

بالإضافة إلى ذلك، وبالنسبة إلى الشخص الذي يقلق باستمرار بشأن ما يعتقده الآخرون أو يرغبون به، فغالباً ما يجد نفسه يكافح عند الاختيار بين خيار يريده هو وخيار يريده الآخرون.

اقرأ أيضاً: ما هو الإستقرار العاطفي؟ وكيف تصل إليه؟

المعاناة من بعض الاضطرابات النفسية

قد ينتج التردد المزمن جرّاء معاناة الشخص من بعض الاضطرابات النفسية مثل اضطراب فقْد الإرادة (Aboulomania) أو التردد المرضي، وهو اضطراب نفسي قابل للتشخيص. أو قد يكون التردد أحد الأعراض السائدة لبعض الحالات النفسية الأخرى مثل اضطراب الاكتئاب الشديد، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو اضطرابات القلق، أو صدمات الطفولة، أو آلزهايمر، وغيرها.

الخوف من فوات شيء ما أو ما يُعرف بالفومو

قد ينشأ التردد المزمن نتيجة محاولة الشخص إبقاء الخيارات جميعها متاحة وخوفه من فقدان الفرص، لذلك يماطل ويتجنب اتخاذ القرار نتيجة الإحساس العميق بأن اتخاذ قرار واحد سوف يستبعد الخيارات البديلة. على سبيل المثال؛ قد يؤدي اختيار مسار مهني محدد إلى استبعاد المسارات المهنية الأخرى الجذابة بالقدر نفسه.

عدم الإلمام بالموضوع على نحوٍ كافٍ

قد يتمتع الشخص بالثقة والمهارات اللازمة لاتخاذ القرارات الصائبة على وجه السرعة دون مماطلة أو تردد؛ لكن قد تكمن المشكلة في عدم وجود المعلومات الكافية حول الموضوع الذي يحتاج إلى اتخاذ قرار بشأنه، وغالباً ما ترتبط هذه المشكلة بالتردد العادي الذي يواجهه الناس بمعظمهم.

اقرأ أيضاً: من التسويف إلى قضم الأظافر: كيف تتخلص من العادات السيئة؟

9 نصائح تساعد في التغلب على التردد المزمن عند اتخاذ القرارات

1. حدِّد مخاوفك

اكتشف ما هو الشيء الذي تخاف منه والذي يمنعك من اتخاذ القرار واكتبه، ثم اسأل نفسك عما ستفعله إذا تلاشى هذا الخوف، وكيف ستتعامل مع ذلك. على سبيل المثال؛ إذا فكرت في تغيير عملك لكنك تخشى المخاطر المالية، ضع في اعتبارك كيف سيؤثر الدخل المنخفض في حياتك، وكيف يمكنك التعامل مع هذه المشكلة، ثم ضع خوفك جانباً واتخذ القرار الذي يبدو أفضل بالنسبة إليك.

2. حدِّد الإيجابيات والسلبيات

يميل الكثيرون ممَّن يجدون صعوبة في اتخاذ القرارات إلى المبالغة في التفكير وتحليل الخيارات المتاحة، ثم وبغض النظر عن مقدار المعلومات التي لديهم أو مقدار المنطق الذي فكروا فيه، يكتشفون أن اتخاذ القرار لا يكون أسهل. لذلك؛ حدد مدة زمنية لإجراء الأبحاث وإعداد القوائم والتفكير، ثم اكتب قائمة تحتوي على إيجابيات كل خيار من الخيارات التي تتردد بشأنها وسلبياته.

من المهم أن تكتب هذه القائمة كتابة، لأن الموازنة الذهنية للإيجابيات والسلبيات ستزيد التردد، وحاول أن تتبع نهجاً علمياً في تضييق نطاق اختياراتك؛ كأن تختصرها إلى 3 خيارات أو اثنين، واسأل نفسك: “أي الخيارات أكثرها فائدة لي؛ الخيار الأول أم الثاني”؟ ثم قيّم كل خيار وأعطِه رقماً على مقياس من 1 إلى 10، ثق بحدسك واختر الخيار ذا الرقم الأعلى.

3. تدرَّب على اتخاذ القرارات الصغيرة

إن اتخاذ القرارات مهارة تتحسن بالممارسة، لذلك تدرب على اتخاذ قرارات صغيرة كل يوم. قرر ماذا ستتناول على الغداء، والطريق التي ستسلكها إلى العمل، والساعة التي ستذهب بها إلى النادي الرياضي، والمتجر المفضل الذي ستشتري منه، ثم تدرب على اتخاذ قرارات أسرع في كل مرة خلال مدة زمنية تحددها مسبقاً.

4. فكّر في أهمية هذا القرار بعد 10 سنوات من الآن

لا تولِ الأمور أهمية أكبر بكثير مما تستحق، فالقرارات قد تبدو أحياناً أكبر بكثير مما هي عليه في الواقع، لذلك إذا كنت تكافح مثلاً من أجل تحديد نوع السيارة التي تريد شراءها، فهل يهم حقاً بعد 10 سنوات من الآن أي سيارة تشتري اليوم؟ إذا كان الجواب لا، فهل يستحق الأمر هذا التفكير والتعقيد كله؟

وإذا كان الجواب نعم، فعليك أن تعلم أن العديد من القرارات يمكن التراجع عنه؛ يمكنك بيع السيارة إذا لم تكن جيدة، ويمكنك تغيير المدينة التي سافرت إليها إن لم تعجبك، ويمكنك ترك وظيفتك الجديدة إذا لم تكن مناسبة، لذلك حاول ألا تأخذ موضوع اتخاذ القرار بجدية أكبر بكثير مما تحتاج إليه، وكن واقعياً بشأن المخاطر التي تنطوي عليها قراراتك.

اقرأ أيضاً: هل يجب أن تسامح من آذاك؟

5. زِد ثقتك بنفسك

اكتب قائمة بنقاط قوتك، فهل أنت ذكي أم مبدع أم مجتهد أم غير ذلك؟ واسأل نفسك إن كان بإمكانك دمج نقاط قوتك في عملية اتخاذ القرار، واقبل أيضاً بما هو “جيد بما فيه الكفاية”، وبخاصة إذا كنت تميل إلى الكمال، لأن لا أحد يستطيع تحقيق الكمال طوال الوقت.

وعندما تتخذ قراراً، ثق بحدسك بأنه القرار الصحيح لك ولا تشكك بصحته على الدوام، وتجنَّب التفكير بالاحتمالات الأخرى. تذكر أنه وفي حال كنت واثقاً بأنك قادر على الاعتماد على نفسك، فسوف تجد أن اتخاذ القرارات والالتزام بها أسهل بكثير.

6. اتّخِذ قراراتك بنفسك

إن استشارة عشرات الأشخاص الآخرين حول موضوع واحد لاتخاذ قرار حاسم بشأنه لن يؤدي سوى إلى إرباكك في النهاية، فلا أحد يستطيع أن يقدم لك الإجابات الصحيحة حول ما هو أفضل لك سوى أنت. لذلك؛ ثق بحدسك وحاول ألا تسمح للآخرين أن يكونوا أصحاب القرار بينك وبين أهدافك.

لكن وفي بعض الحالات التي تشعر فيها بالحيرة فعلاً وبأنك عاجز عن اتخاذ قرار والالتزام به، وكان لديك صديق أو شريك داعم تثق به وبآرائه، فاطلب مساعدته.

7. تقبَّل الأخطاء

قد يسبب الخوف والقلق المتعلقان باتخاذ القرارات الخاطئة الشعور بالعجز والشلل، لذلك حاول ألا تقلق بشأن الأخطاء، فارتكاب الأخطاء جزء من الحياة. تقبَّل فكرة أن الظروف لن تكون دائماً تحت سيطرتك، وبذلك سيبدو اتخاذ القرارات أقل تهديداً بكثير وتخف وطأته.

اقرأ أيضاً: تعلّم فن النظر إلى الأشياء في 5 خطوات

8. تحدَّث عن خياراتك بصوت عالٍ

سوف يساعدك التحدث بصوت عالٍ عن الأفكار والمخاوف والخيارات التي تمتلكها، على التخفيف من التردد والصراع الداخلي، سواء كنت تتحدث إلى نفسك أو إلى صديق أو أحد المقربين منك.

9. كافِئ نفسك على قراراتك

كافئ نفسك على كل قرار تتخذه، وقل لنفسك كلاماً إيجابياً مثل: “قراري كان جيداً”، أو “أنا أتحسن في اتخاذ القرارات” أو “أنا أتحمل نتائج قراراتي”. تذكّر أن الحديث الإيجابي عن الذات يحسن الحالة المزاجية ويعزز الإنتاجية ويزيد احترام الذات، في حين أن الحديث السلبي عن الذات يقلل الثقة بالنفس ويزيد لومها.

ختاماً، إذا شعرت أنك لا تستطيع التغلب على التردد المزمن على الرغم من النصائح آنفة الذكر كلّها، ففكر في التحدث إلى طبيب أو اختصاصي في الصحة النفسية للحصول على المساعدة المناسبة.

المحتوى محمي !!