الخوف لا يستثني أحداً: القادة أيضاً قد يهابون الفشل!

10 دقائق
الخوف من الفشل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

في تلك اللحظة التي تصل فيها إلى مكتبك الجديد ذي النافذة الزجاجية الكبرى المطلة على براح المدينة، وحين ترى لقبك الرسمي محفوراً على الباب الخشبي الفاخر للشركة، سوف يداهمك الكثير من المشاعر المختلطة، سوف تحس بالسعادة والفخر، ولكن ثمة إحساس آخر سوف يظهر جلياً مع مرور الأيام وهو الخوف من الفشل؛ والحقيقة أن خوف المرء من الفشل هو أمر طبيعي، وعلى الرغم من أن الأشخاص جميعهم وخاصة العاملين في المناصب العليا يتمنون النجاح في حياتهم المهنية، فإن الأخطاء والنكسات والعقبات واقع من وقائع الحياة، وفرصة جيدة للنمو، فكيف يمكنك التعامل مع خوفك من الفشل؟ الإجابة عبر هذا المقال.

10 علامات تخبرك أنك تخاف من الفشل

يؤثر الخوف من الفشل في الأشخاص بطرق مختلفة، وعادة ما يتجسد ويظهر في عدد من العلامات، ومن أهمها:

  1. الاعتقاد بأنك لا تمتلك المهارات أو المعرفة اللازمة لتحقيق شيء ما.
  2. التسويف لدرجة تؤثر في أدائك أو قدرتك على إنهاء العمل المطلوب في الوقت المحدد.
  3. التخريب الذاتي وذلك عبر إعاقة نموك المهني والمكوث في منطقة الراحة وتجنب المخاطرة.
  4. الانخراط في الحديث السلبي مع النفس.
  5. تجنب الأشخاص والمشاريع وبيئات العمل غير المألوفة.
  6. تجنب النقاشات حول الفشل والأخطاء.
  7. الشعور بالضيق الجسدي من احتمالية حدوث نتيجة سلبية.
  8. تشتيت الانتباه بمهام ثانوية عوضاً عن تكريس الوقت للمهام ذات الأولوية.
  9. ظهور الأعراض الجسدية في أوقات العمل المهمة والاجتماعات المفصلية وذلك مثل التعرق وآلام المعدة.
  10. عدم تخصيص الوقت لوضع استراتيجيات جديدة تخص مستقبل الشركة.

لماذا يخشى الأشخاص في المناصب العليا الفشل؟

يطارد الخوف من الفشل معظم الأشخاص منذ الصغر، ولكن هذا الخوف قد يتفاقم في حالة الأشخاص الذي يعملون بالمناصب العليا؛ ففي عالم الأعمال، هناك احتمالية لحدوث إخفاقات كبيرة، مثل الخسائر المالية، وتضرر السمعة، وحتى فقدان الأمان الوظيفي، وإلى جانب ذلك، ثمة أسباب أخرى تؤدي إلى الخوف من الفشل، منها:

1. الرغبة في الكمال 

نعيش في ظل مجتمع يمجد تحقيق النجاح والإنجازات، ولا يحب الفشل مطلقاً، وهذا الأمر قد يخلق ضغوطاً نفسية كبيرة من أجل تحقيق نتائج مثالية، ما قد يمنعك من محاولة إنجاز مهام لا تثق في قدرتك على فعلها، وعلى الجانب الآخر هناك صورة غير واقعية في خيالك عن هيئة مدير الفريق، أو حول الأشخاص في المناصب العليا، حيث تظن أنهم نماذج نجاح متحركة، أشخاص خاضوا الكثير من التحديات، واجتازوا كل العقبات.

وهذه الصورة المشوهة تضع عليك عبئاً هائلاً من أجل تحقيق نجاح لا تشوبه شائبة، ولهذا أنت تخاف من ارتكاب الأخطاء أو الفشل، ومع مرور الوقت يصبح هذا الخوف عائقاً مفروضاً عليك، يمنعك من المخاطرة، واستكشاف أفكار جديدة.

اقرأ أيضاً: لماذا نخاف من الفشل؟

2. الخوف من عدم اليقين 

يفضل البشر بطبيعتهم الاستقرار والقدرة على التنبؤ، وقد تكون المغامرة في مجالات مجهولة أو مشاريع جديدة أمراً مخيفاً خاصة إذا كانت نتيجة أي إجراء غير مؤكدة، فهناك احتمال أن يؤدي ذلك إلى الفشل، ما قد يثنيك عن المخاطرة، لذلك، ومن أجل تجنب إزعاج عدم اليقين والفشل المحتمل، غالباً ما تختار البقاء ضمن منطقة راحتك.

3. التجارب السلبية السابقة 

يمكن لتجربة سلبية في الماضي، مثل رفض فكرة مشروع، أن تترك أثراً في عقلك الباطن، ومن ثم، تثير هذه الذكرى بداخلك شعوراً بالخوف كلما واجهت موقفاً مشابهاً في المستقبل، ما قد يفاقم خوفك من الفشل.

4. تدني احترام الذات وفقدان الثقة بالنفس 

يمكن أن يسهم تدني احترام الذات وفقدان الثقة بالنفس في تفاقم الخوف من الفشل؛ فإذا كنت تفتقر إلى الثقة بقدراتك، وتشك في قدرتك على تحقيق النجاح، سيؤدي ذلك إلى خوفك من محاولة إنجاز أي مشاريع جديدة.

5. الانشغال الزائد بآراء الآخرين

قد يكون شعورك بالخوف من الفشل قوياً إذا كانت قيمتك الذاتية مرتبطة بإنجازاتك، ففي هذه الحالة سوف يؤدي الفشل إلى رفض الآخرين لك، ما يعد تجربة مؤلمة. وفي هذا السياق يوضح استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، أن الانشغال بصورتك عند الآخرين يقلل إنجازاتك، وذلك لأن الإنجاز الحقيقي يحتاج لشجاعة المواجهة، وتخطي الخوف من الفشل، ومن الوقوع في الخطأ، ومن النقد.

6. العوامل النفسية 

تلعب عوامل الصحة النفسية دوراً محورياً في كيفية تعاملك مع الفشل؛ على سبيل المثال يمكن أن يفاقم القلق والاكتئاب خوفك من الفشل، علاوة على ذلك فإن بعض اضطرابات الصحة النفسية قد تصعب عليك مواجهة الفشل بإيجابية، وعوضاً عن ذلك تجعلك تنظر إلى الفشل بصفته حدثاً كارثياً.

كيف تتعامل مع الخوف من الفشل عندما تكون في موقع القيادة؟

احتاج الإنسان إلى الخوف على مر التاريخ، فهو الذي يبقينا على قيد الحياة، ويحمينا من الخطر، ولكن الخوف حين يكون غير عقلاني يسبب الضرر، ويعرقل عملية النمو، تماماً مثلما يحدث مع خوفك من الفشل، وحتى تتجاوزه وتتغلب عليه، جرب النصائح التالية:

1. أعد تعريف مفهوم الفشل 

غالباً ما ينبع النفور من فكرة الفشل لأنك تنظر إليه طوال الوقت على أنه تجربة سلبية قد تسبب لك الأذى لأنها ترسخ في نفسك الشعور بالهزيمة، والحقيقة أنه حتى أنجح الناس مروا بالفشل، وهو أمر طبيعي ومهم من أجل تطورك ونموك، حيث يقوي الفشل قدرتك على تجاوز العقبات والتحديات، لذلك تقبل وجود الأخطاء بصفتها جزءاً أساسياً من تحقيق النجاح.

وفي أثناء إعادة تعريفك لمفهوم الفشل، فرق جيداً بينه وبين مفهوم المخاطرة؛ فالخوف من الفشل هو توقع غير قابل للقياس، وغالباً ما يكون غير منطقي، ويصاحبه قلق شديد من حدوث أمر سيئ، وعادة ما يبدو مختلفاً تماماً لدى الأشخاص، أما المخاطرة فهي احتمالية وقوع أمر سيئ، ولكن يمكن للقادة إعداد جدول بيانات لقياسها وتحليلها، والتخفيف من حدتها.

اقرأ أيضاً: رهاب النقص: عندما يعرقل الخوف من ارتكاب الأخطاء حياة الشخص

2. احرص على تبني عقلية النمو 

إذا تعاملت مع المشاريع والفرص الجديدة بعقلية ثابتة، فقد تستسلم بسرعة إذا واجهت عقبة، أما العقلية المرنة أو عقلية النمو فإنها تمنحك حرية أكبر في التفكير بخيارات أخرى أو طرق لتغيير مسارك بهدف تحقيق النتيجة المرجوة. على سبيل المثال، يمكنك طلب المساعدة عندما تشعر بالإرهاق، أو تمديد الموعد النهائي إذا لزم الأمر، وطالما أنك مستعد للتكيف، فلن تكون عالقاً في قرار أبداً.

3. ركز على التميز بدلاً من الكمال 

الكمال هدف بعيد المنال، وقد تكون له نتائج عكسية، إذ يسبب لك الضرر عن طريق وضعك معايير غير واقعية، ما يعرضك لخيبة الأمل والنقد الذاتي المستمر، فعندما تبحث فقط على الكمال سوف تتجاهل الفرص والقدرات والإمكانات التي تمتلكها وتختبرها في حياتك، أما حين تركز على التميز فسوف ينصب تركيزك على بذل قصارى جهدك وعلى التحسين المستمر، ومن خلال هذا المنظور الواقعي، ستكون أكثر إنتاجية وإبداعاً وكفاءة، بالإضافة إلى ذلك سترتفع ثقتك في نفسك، وتحس بالتقدير الذاتي.

4. قسم أهدافك الكبرى إلى خطوات صغيرة 

لتحقيق نجاح دائم، من الضروري وضع أهداف طموحة تلهمك وتحفزك، وإلى جانب ذلك، جرب تقسيم هذه الأهداف إلى خطوات أصغر وأسهل إدارة، حيث يسمح لك هذا النهج بالحفاظ على وتيرة مستدامة، ومنع الإرهاق وضمان تحقيق تقدم مستمر. وحين تنجح في اجتياز الخطوات الصغيرة خصص وقتاً للاحتفال بكل إنجاز، ستساعدك هذه العملية على تعزيز ثقتك بنفسك والاستمتاع برحلتك نحو أهدافك.

5. انظر إلى الصورة الأكبر 

يؤدي الخوف من الفشل إلى تضييق نطاق رؤيتك، ما يدفعك إلى التركيز على النتائج السلبية المحتملة؛ فعندما تشعر بالخوف، قد تفقد رؤية الصورة الأكبر، وبصفتك قائد فريق يعمل في أحد المناصب العليا، من المهم أن تنظر إلى الأهداف طويلة المدى، والرؤية الأوسع، ذكر نفسك بأهداف مؤسستك، والأحلام التي تحفزك، والتأثير الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه قيادتك، وتذكر أن التركيز على الهدف يساعدك على اكتساب منظور جديد، وإعادة التركيز، ووضع المخاوف في سياقها الصحيح.

6. ركز على الأمور التي تقع ضمن سيطرتك

أحد أسباب خوفك من الفشل هو أنك تبذل قصارى جهدك من أجل ضمان سير الأمور وفقاً للخطة التي وضعتها، وعلى الرغم من كل ذلك قد تفشل، ولهذا من أجل التغلب على الفشل عليك تقبل فكرة أن ثمة أموراً سوف تظل خارج نطاق سيطرتك، ومن ثم، ركز على ما هو تحت سيطرتك، مثل رؤيتك، وقيمك ورسالتك واستراتيجيتك وخططك، ركز أفكارك بوضوح على النجاح، لا على الفشل المحتمل. وهذا الوضوح في التفكير سيقودك إلى حيث تطمح.

اقرأ أيضاً: كيف نتقبل الفشل ونتغلب عليه؟

المحتوى محمي