نهضتُ من مكتبي قبل قليل، مشيتُ حتى غرفة المعيشة، ووقفتُ هناك، لم أستطع على الإطلاق التفكير فيما كنت أنوي فعله، بعدها ذهبت إلى المطبخ، فتحت الثلاجة ولكني نسيت ما كنت سآخذه من هناك، كان الأمر برمته مربكاً للغاية، كما لو أني لا أستطيع التواصل مع جزء من عقلي، وهذا يعني أن إنجاز المهام اليومية سوف يستغرق وقتاً أطول، مقارنةً بالطريقة التي كنت أنجزها بها سابقاً، هل مررت من قبل بهذه الحالة؟ وكيف تتصرف حتى تصل إلى حالة الصفاء الذهني على الرغم من ضغوط الحياة اليومية؟ الإجابة عبر هذا المقال.
محتويات المقال
ما المقصود بالصفاء الذهني (Mental Clarity)؟
يشير الصفاء الذهني إلى حالة امتلاك عقل هادئ وواضح ومنظم، وحين يكون ذهنك صافياً فهذا يعني حالة مرتفعة من الوعي والقدرة على التركيز؛ فعندما تتمتع بالصفاء الذهني، تتدفق أفكارك بسلاسة، ويصبح اتخاذ القرارات والتركيز أسهل، وتميل المشتتات إلى التلاشي في الخلفية بسرعة، إليك بعض أهم علامات الصفاء الذهني:
- تفكير واضح؛ حيث تبدو القرارات واعية ومباشرة بدلاً من أن تكون عملية صعبة.
- زيادة اليقظة والطاقة؛ إذ يشعر عقلك بالانتعاش والاستعداد للانخراط في المهام اليومية.
- ذاكرة وتذكر أفضل؛ على سبيل المثال، يسهل عليك تذكر المعلومات واسترجاعها فوراً.
- تعزيز التفكير الإبداعي؛ وذلك بسبب تدفق الأفكار والإلهام بصورة طبيعية.
اقرأ أيضاً: رياضة الدماغ: كيف يمكنك تعزيز كفاءة قدراتك الذهنية؟
كيف تعرف أنك تعاني نقصاً في الوضوح والصفاء الذهني؟
يمر كل شخص بتقلبات في حياته، ما يؤدي إلى اختلاف مستويات الأداء الإدراكي، ويمكن القول إن الصفاء الذهني ليس بالضرورة هو الحالة الطبيعية، وإليك أهم العلامات الشائعة التي تخبرك أنك تعاني نقص الصفاء الذهني:
- عدم القدرة على التركيز.
- الشعور بالإرهاق والخمول حتى بعد أداء أبسط المهام اليومية.
- فقدان الدافع، والإحساس بعدم الرغبة في أداء مهام العمل.
- عدم القدرة على استرجاع المعلومات بسهولة، ومواجهة صعوبة في التذكر.
- تراجع الأداء في العمل.
لماذا يعد صفاؤك الذهني مهماً في أوقات الضغط؟
يعد الصفاء الذهني ركيزة مهمة للغاية من أجل الانخراط في أداء المهام اليومية، سواء متطلبات العمل أم المهام والمسؤوليات العائلية والاجتماعية، وعادة ما يؤدي صفاؤك الذهني إلى:
1. زيادة الإنتاجية
عندما يكون عقلك صافياً وقادراً على التركيز، سوف تؤدي عملك بكفاءة، وتنجز مهامك بسهولة أكبر، علاوة على ذلك، فإن الصفاء الذهني يساعدك على تحديد أولوياتك والحفاظ على تنظيمك ما يمكّنك من إنهاء عملك في الوقت المناسب، وتحقيق مستويات إنتاجية أعلى.
2. تحسين عملية اتخاذ القرارات
يُساعد الصفاء الذهني على تحليل المواقف بموضوعية، والنظر في وجهات نظر مختلفة، واتخاذ قرارات مدروسة، وعندما يكون تفكيرك مشوشاً أو مشتتاً، يصعب عليك تقييم الخيارات، واختيار أفضل مسار للعمل، ومن خلال تنمية الصفاء الذهني، سوف تتخذ القرارات بوضوح وثقة.
3. تطوير مهارات حل المشكلات
يُعزز التفكير الواضح قدرتك على حل المشكلات، كما يُمكّنك من مواجهة التحديات بعقلية هادئة وعقلانية، ما يُسهّل إيجاد حلول إبداعية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الصفاء الذهني يطور التفكير النقدي، ويساعدك على تحديد الأنماط، وإقامة الروابط التي قد لا تكون واضحة عندما يكون عقلك مشوشاً.
4. تقليل حدة التوتر والقلق
يؤدي الصفاء الذهني دوراً محورياً في تخفيف مستويات التوتر والقلق، فحين يكون لديك عقل صافٍ، سوف تتمكن من التعامل مع مسببات التوتر بالهدوء والمرونة، ما يعزز صحتك النفسية.
اقرأ أيضاً: كيف تدير طاقتك وتتجنب الاحتراق النفسي؟
7 إرشادات تساعدك على زيادة الصفاء الذهني وتقوية وضوحك تحت الضغط
على الرغم من تحديات ضعف الصفاء الذهني جميعها، هناك العديد من الطرق لتقوية وضوحك في أوقات الضغط، منها على سبيل المثال:
1. تخلص من الفوضى
فوضى المكان تُسبب الفوضى في عقلك، ما يؤثر في قدرتك على التركيز، إضافة إلى أنها تُحدّ من قدرة عقلك على معالجة المعلومات. علاوة على ذلك، فإن الفوضى أحد أشكال التشتيت البصري، ما يزيد الحمل المعرفي الزائد ويُضعف الذاكرة العاملة، وعلى الجانب الآخر، فإن مساحة العمل المُرتبة تُؤدي إلى عقل مُرتب، لذلك نظّف محيطك المادي للحد من المشتتات.
2. قلل تعدد المهام
على عكس الاعتقاد الشائع، يُمكن أن يُقلل تعدد المهام الإنتاجية ويُطيل أمد إنجاز الأعمال، ووفقاً للجمعية الأميركية لعلم النفس (the American Psychological Association) فإن تعدد المهام يستهلك في النهاية وقتاً أطول ويؤدي إلى زيادة الأخطاء، وحتى الانقطاعات الذهنية القصيرة الناتجة عن التنقل بين المهام يُمكن أن تُكلفك الكثير من وقتك الإنتاجي، لذلك حاول اتباع هذه الإجراءات حتى تقلل تعدد المهام:
- أوقف إشعارات البريد الإلكتروني.
- رتب مهامك حسب الحالة.
- لا تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار
- خصص وقتاً للاستراحة.
- أخبر الآخرين أنك تحتاج إلى بعض الهدوء من أجل التركيز.
3. خطط مُسبقاً
تقتضي طبيعة عملي من المنزل وضرورة رعاية أطفالي الصغار أداء العديد من المهام يومياً، لهذا أحاول قدر الإمكان التخطيط مسبقاً من أجل إدارة اليوم. ومن خلال التخطيط المُسبق لأيامك أو أسابيعك، يُمكنك التحكم في وقتك بصورة أفضل، وتجنب الشعور بالإرهاق؛ ما يعزز صحتك النفسية.
اقرأ أيضاً: ما هي فترات الراحة العاطفية؟ وكيف تدمجها في يومك؟
4. مارس الرقص
هل تعلم أن الجلوس فترات طويلة قد يؤدي إلى تصلب الجسم، وعدم الراحة، وانخفاض تدفق الدم، ما يؤثر سلباً في وظائفك الإدراكية، وقدرتك على التركيز؟ لهذا خذ فترات راحة قصيرة، ومارس الحركة خلال يومك من أجل تحسين دورتك الدموية، وتمديد عضلاتك، وزيادة تدفق الأوكسجين إلى دماغك، ما رأيك لو جربت الرقص خلال يومك؟ حيث إن تعلُّم حركات رقص جديدة يمكن أن يزيد سرعة معالجة الدماغ وذاكرته. بمعنى آخر، انطلق بالرقص وسيشكرك عقلك.
5. حلّ الألغاز وألعاب الذكاء
يُعدّ حل الألغاز وألعاب الذكاء بمثابة تمرين للدماغ، حيث يُحفّز الوظائف الإدراكية ويُحسّن الذاكرة، ما رأيك لو جربت الكلمات المتقاطعة والسودوكو، ومن واقع خبرتي فأنا حين أشعر بالضغط النفسي ألعب الشطرنج بصحبة أطفالي، وأحس وقتها أن عقلي في حالة من الهدوء والسكون. إذا لم تكن تحب هذه الألعاب، جرب بازل الصور المكون من 1000 قطعة، يمكنك شراء ذلك الشكل الذي يجسد مدينتك المفضلة أو لوحتك التي تحب النظر إليها.
6. جرّب الرفض والتفويض
عندما تفوّض مهام غير أساسية أو لا تتوافق مع أولوياتك، فإنك تُوفر وقتك وطاقتك للتركيز على ما هو مهم حقاً، وتُقلل عوامل التشتيت والأولويات المتضاربة، ما يساعدك على تقليل مشاعر التوتر والإرهاق والإحباط، ويعزز شعورك العام بالسيطرة على زمام حياتك، بالإضافة إلى ذلك عليك أن تقول "لا" بفاعلية وتعبر عنها بحزم واحترام، وتحاول تقديم حلول بديلة قدر الإمكان.
7. الشعور الواعي باللحظة الحالية
يشرح الطبيب النفسي، بندر آل جلالة، أن إيجاد أوقات من أجل الهدوء والصفاء النفسي يعد ركيزة أساسية من أجل بناء المرونة النفسية، ويضيف آل جلالة، بأن كثرة الضغوط اليومية قد تُفقدك بريقك، لذلك خصص أوقاتاً محددة في يومك من أجل قضاء وقتك الخاص، وإذا لم تتمكن من ذلك، مارس المشي ببطء وتأمل ما حولك، حاول إسكات الأفكار التي تتصارع داخل رأسك وجرب الشعور الواعي باللحظة الحالية.