كيف يمكن أن يعزز سفرك بمفردك صحتك النفسية؟

3 دقيقة
السفر بمفردك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لوحدك على طريق طويلة، لا تعرف أحداً ولا أحد يعرفك، إنها متعة السفر بمفردك؛ لكن هل تعلم أنك إذا أحسنت استخدام وقتك بحكمة في أثناء السفر بمفردك، قد تتمكن من تطوير الأدوات العاطفية والنفسية اللازمة للتغلب على بعض المشكلات النفسية التي تعانيها؟ إليك كيفية الوصول إلى ذلك في هذا المقال.

عندما أخبرت أصدقائي إني أريد السفر بمفردي إلى بلد أجنبي لأسبوعين، أصابتهم الحيرة والدهشة. فأين المتعة في السفر وحيداً؟ نعم، أدرك أن بعض الناس يستغرب فكرة أن يجلس الإنسان مع نفسه في البيت وقتاً قصيراً، فما بالك إن سافر لبلد غريب من دون رفقة؟ في الواقع، ثمة متعة وفائدة كبيرة في هذه الخطوة، وإن لم يكن وفقاً لرأيي الشخصي وتجربتي، فلخبراء علم النفس آراء في ذلك، تعرف إليها في هذا المقال.

ما الدوافع النفسية للسفر بمفردك؟

طرحت الطبيبة النفسية، جينا كيرتلي (Jenna Kirtley)، السؤال التالي على إحدى المجموعات المعنية بالسفر المنفرد على إحدى منصات التواصل الاجتماعي: ما الذي يحفزك على السفر بمفردك؟ فتنوعت الإجابات ما بين الشعور بالتحرر والسلام الداخلي والسيطرة والهروب والتأمل الذاتي، وكذلك الاستمتاع بالعزلة.

وتوصل الباحثون في دراسة نُشرت عام 2021 في دورية (Current Issues in Tourism)، إلى أن أهم دوافع السفر المنفرد:

  • الرغبة في التغيير: أي التجارب التي تسبب تغيراً جذرياً في منظور الشخص أو فهمه أو نظرته إلى الحياة. غالباً ما يبحث المسافرون المنفردون عن مثل هذه التجارب.
  • الحرية: يمنح السفر المنفرد حرية اتخاذ القرارات الخاصة دون الحاجة إلى مراعاة تفضيلات الآخرين أو احتياجاتهم.
  • المرونة: يتيح السفر المنفرد تغيير الخطط بما يتلاءم مع احتياجات المسافر.
  • الاكتشاف الذاتي: يرغب البعض بالسفر وحيداً مدفوعاً بالرغبة في اكتشاف الذات.

اقرأ أيضاً: العلاج بالسفر: كيف تؤثر الإجازات السياحية في صحتنا النفسية؟

كيف يعزز السفر المنفرد الصحة النفسية؟

يمكن للسفر المنفرد أن يعزز الصحة النفسية بعدة طرائق؛ مثل:

  • النمو الشخصي والثقة في النفس: يوفّر السفر وحيداً فرصة للنمو الذاتي؛ فهو يسمح لك بالخروج من منطقة الراحة الخاصة بك ومواجهة تحديات جديدة ومعرفة المزيد عن نفسك. بكلمات أخرى: في السفر المنفرد، ستكون مرشداً لنفسك؛ ما يدفعك إلى التواصل مع بوصلتك الداخلية والتعرّف إلى قوتك وقدراتك الكامنة؛ مثل تحمّل الشدائد ومواجهة التحديات؛ هو بدوره ما قد ينعكس إيجاباً على حياتك اليومية؛ إذ يعزز الثقة بالنفس وتقدير الذات. ويؤكد ذلك الطبيب النفسي، محمد اليوسف؛ إذ وضّح إن السفر وحيداً أحياناً، يعدّ من الوسائل العملية لرفع الثقة في النفس.
  • التغلّب على المخاوف: السفر ليس ساحراً وممتعاً في الأوقات جميعها؛ بل أحياناً قد يكون مصحوباً ببعض المتاعب التي قد تزيد عند سفرك بمفردك؛ إذ ربما تضطر إلى سؤال المارة عن الاتجاهات عندما تتوه، أو تضطر إلى ركوب قطار غير مكيّف بنوافذ مكسورة لا تجد فيه من يتحدث لغتك، وتلسعك مختلف أنواع الحشرات قبل أن تتعايش معها وتتبدد حساسيتك تجاهها، وما سبق مخاوف يسهم التعامل معها في كسر حاجز الخوف.
  • تطوير مهارات التواصل: على الرغم من أن السفر المنفرد لا يتضمن شركاء سفر، فإنك في مرحلة ما ستضطر إلى التواصل مع الآخرين؛ مثل الحديث مع بائع متجول أو سائق التاكسي أو أفراد قابلتهم على الطريق. ومع تكرار التجارب، ستطور مهاراتك في التواصل وتصبح أكثر قدرة على بناء علاقات جديدة.
  • الشعور بالسعادة: قد يكون التخطيط للسفر والتطلّع إليه كافياً ليبث فيك شعوراً بالسعادة. علاوة على ذلك، يمكن للأحاديث الصغيرة والدردشات العابرة، أن تحفّز نظام المكافأة لديك؛ ما يؤدي إلى إطلاق هرمونات السعادة في دماغك.
  • الإلهاء عن الإفراط في التفكير: ليس بالضرورة أن يتعلق السفر المنفرد بالتأمل الذاتي المستمر، وبدلاً من ذلك، قد يكون فرصة لتحويل دماغك عن الإفراط في التفكير، وذلك من خلال الانخراط في سلسلة من المهام اليومية التي تتطلب اهتمامك وتبقيك منشغلاً. بكلمات أخرى: يمكن أن يكون للسفر بمفردك تأثير علاجي؛ لأنه يحوّل تركيزك إلى اللحظة الآنية؛ مثل أن تخطط لمسارك من مكان إلى آخر أو تبحث عن أشهى المأكولات المحلية.

اقرأ أيضاً: لم يتهرب البعض من قضاء إجازات سياحية مع الشِلة؟

ما الذي عليك مراعاته عند السفر بمفردك؟

قد ينظر البعض إلى السفر المنفرد على أنه مصدر للخوف والخجل والإرهاق؛ لكنه على الجانب الآخر له فوائد نفسية يمكن تحقيقها باتباع بعض النصائح مثل:

  • ابدأ بخطوات بسيطة: إذا كانت مخاوفك كبيرة بعض الشيء، يمكنك البدء بخطوات صغيرة؛ مثل أن تخرج للعشاء أو التنزه بمفردك.
  • انضم إلى مجموعة سياحية: بالنسبة إلى أولئك الذين يرغبون في الاستمتاع بالسفر المنفرد، ومع ذلك يخشون الوحدة، يمكنهم الانضمام إلى إحدى المجموعات السياحية.
  • حضّر لرحلتك: كن مستعداً للرحلة بتحضير قوائم للمهام التي يجب إنجازها قبل رحلتك؛ مثل:
    •  إبلاغ البنك الذي تتعامل معه بسفرك.
    • تخطيط جدول الرحلة بالتفصيل.
    • شحن أجهزتك جميعها بالطاقة.
  • دوّن يومياتك: خصص بضع دقائق يومياً لسرد الأفكار التي راودتك خلال اليوم؛ وهو ما يعد أحد صور اليقظة الذهنية؛ إذ تساعد هذه الطريقة على توضيح أي أفكار سلبية، وإفساح المجال لذهنك للتركيز على الجوانب الإيجابية.
  • كن اجتماعياً: اخرج من منطقة راحتك، وحاول التعرّف إلى أفراد جدد والتفاعل معهم، مع الحفاظ على حدود التعامل اللبق والآمن. على سبيل المثال؛ يمكنك الاشتراك في جولات سياحية جماعية في المنطقة.
  • كن منفتحاً على التجربة: للحصول على الفوائد الحقيقية للسفر المنفرد، لا بد أن تكون متقبلاً لكل ما هو جديد. على سبيل المثال؛ قد لا يحتوي المطعم المحلي أياً من أنواع الطعام التي تفضلها أو تعرفها؛ لذا حاول تجربة طبق محلي جديد، فربما يعزز ذلك رغبتك في الاكتشاف مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: لماذا عليك ألا تفوت إجازتك من العمل؟