ما عدد أيام الاجازة اللازم حتى تحافظ على صحتك النفسية؟ وكيف تخطط لها جيداً؟

أيام الإجازة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أصبح روتين العمل اليومي للكثير من الموظفين مرهقاً للغاية؛ حيث تؤدي ساعات العمل الطويلة وضرورة الالتزام بمواعيد تسليم المشاريع وسباق المهام اللانهائي إلى الإصابة بالإجهاد والقلق والاكتئاب، لذلك من المهم الحصول على إجازة من العمل بهدف تحسين صحتنا النفسية والجسدية، وسنتعرف معاً من خلال هذا المقال إلى كيفية التخطيط لإجازة تنعش صحتنا النفسية وما هي عدد أيام الإجازة المناسب.

مكتب تتراص عليه الكثير من ملفات العمل المتراكمة، وحاسوب يعج عن آخره بإيميلات العمل الرسمية التي تنتظر الرد عليها؛ تبدأ في الشعور بالتوتر والقلق فتغلق حاسوبك وتسند رأسك على المكتب لتفكر في الإجازة التي ستأخذها بعد يومين، فتنحّي كل أعمالك جانباً مؤقتاً وتخطط لإجازتك القريبة، كيف ستقضي أيامها؟ وماذا ستفعل حتى تشعر بالراحة والاسترخاء وتعود من بعدها منتعش الذهن؟ إذا كنت لا تعرف الإجابة يمكنك قراءة هذا المقال من أجل الحصول على إجازة مثالية تنعش صحتك النفسية.

ما الضرر الذي ستلحقه بصحتك النفسية عندما تقرر عدم أخذ اجازاتك؟

هل كنت دائماً ذلك الموظف الذي يغادر المكتب في وقت متأخر كل يوم من أجل إنهاء المشاريع العاجلة ودعم الفريق؟ هل قادك التفاني في العمل إلى تراكم إجازاتك غير المستخدمة؟ الحقيقة أنه بجوار تلك الكومة من أوقات الإجازة غير المستخدمة، توجد قائمة لتأثيرات نفسية وجسدية ستصيبك بسبب عدم أخذ إجازاتك وتتخلص تلك التأثيرات في:

  1. الشعور الدائم بالإرهاق: يؤكد أستاذ علم النفس آدم بورلاند (Adam Borland) إن العمل بشكل مفرط يشبه محاولة قيادة سيارة بسرعة كبرى بكمية محدودة من البنزين، ويضيف بورلاند إن العمل المتواصل يؤدي إلى الكثير من المشكلات الصحية مثل ارتفاع مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر الأساسي)، والشعور الدائم بالإرهاق الذي يحدث عندما لا يكون لديك الوقت الكافي للراحة والتعافي من فترات العمل الطويلة.
  2. الإصابة بمشكلات صحية كبرى: وفقاً لما ذكرته منظمة الصحة العالمية فإن العمل لساعات طويلة يمكن أن يؤثر سلباً في صحتك؛ حيث يعرضك لخطر الإصابة بمرض الشريان التاجي والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم.
  3. الاعتماد بشكل كبير على الكافيين: عندما يكون لدينا الكثير من العمل الذي يجب إنهاؤه في وقت محدود نبحث بشدة عن دفقة إضافية من الطاقة ولهذا نتناول الكثير من الكافيين، ولكن إذا وجدت نفسك تعتمد بشكل كبير على الكافيين فقد آن أوان التوقف والتفكير في أخذ إجازة، وذلك لأن تناول الكثير من أكواب القهوة يعرض صحة قلبك للخطر ويجعل من الصعب على جسمك الحصول على قسط من النوم المريح الذي يحتاجه، وعندما ينخفض معدل نومك تصبح قدرتك على أداء المهام البسيطة أكثر صعوبة.
  4. اختلال التوازن بين العمل والحياة الخاصة: نحتاج جميعاً إلى وقت للاعتناء بأنفسنا وممارسة الهوايات والالتقاء بالأصدقاء والعائلة، لكن ليس من السهل القيام بذلك عندما تعمل باستمرار ولا تتاح لك فرصة أخذ أي إجازة، لهذا إذا كانت تعاني من صعوبة في المحافظة على علاقاتك خارج العمل فقد حان الوقت للتفكير في أخذ إجازة، وفي هذا السياق تعتقد مستشارة علم النفس التنظيمي هاجر القايدي إن العمل لأوقات طويلة من دون إجازة يؤدي إلى الاحتراق الوظيفي ويرفع نسبة الإصابة بأمراض القلب.
  5. صعوبة التركيز: عندما تشعر بالتعب نفسياً وجسدياً يكون من الصعب التركيز على المهمة التي تؤديها، حيث يكون عقلك في حالة شرود باستمرار وتبدأ في الشعور بالعصبية والقلق جراء الضغط الزائد، وبناء عليه إذا كنت تواجه صعوبات في التركيز وتشعر بأن المهام البسيطة تبدو شديدة التعقيد فقد حان وقت الإجازة.

ما هو عدد أيام الإجازة اللازم لتحافظ على صحتك النفسية؟

تعتقد أستاذة الصحة العامة بريس هروسكا (Bryce Hruska) إن الإجازة تكون أكثر فائدة لصحتنا حين تتحول إلى عادة مدمجة في حياتنا ويضرب هروسكا مثال بعادة غسل الأسنان فأنت إذا نظفت أسنانك كل يوم لمدة دقيقتين، فإن فرص حدوث تسوس الأسنان تكون أقل بكثير مما لو كنت تنظف أسنانك بالفرشاة مرة واحدة فقط كل عام لمدة طويلة، لذا ينصح هروسكا كافة الموظفين باستخدام إجازاتهم المدفوعة بانتظام على مدار العام.

وفي سياق متصل أجرت المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة (International Journal of Environmental Research and Public Health) دراسة علمية حول تأثير الإجازات القصيرة على الرفاهية، وتوصلت إلى نتيجة مفادها ضرورة الحصول على إجازة لمدة 7 أيام متواصلة من أجل مواجهة ضغط العمل الزائد، وقد أكدت الدراسة على ضرورة تبني فكرة الإجازة القصيرة التي تتخلل أيام العمل بدلاً من الإجازة السنوية الطويلة.

اقرأ أيضاً: العلاج بالسفر: كيف تؤثر الإجازات السياحية في صحتنا النفسية؟

هل يمكن أن يسبب التخطيط الزائد للإجازة الاكتئاب؟

بالنسبة لمعظم الأشخاص تُعد الإجازة وقتاً نتطلع إليه ونخطط له بدقة من أجل الاستمتاع والاسترخاء، لكن وجدت دراسة استقصائية أجرتها جمعية علم النفس الأميركية (the American Psychological Association) أن 38% من الأفراد شعروا بالتوتر والقلق والاكتئاب في أثناء الإجازة فلماذا يحدث هذا؟

  1. التوقعات المرتفعة: حين نحصل أخيراً على إجازة من العمل ونخطط لها مسبقاً بعناية فإننا نتوقع أن نشعر بالسعادة طول الإجازة من دون أن تمر علينا دقيقة واحدة من الملل أو التعب أو الإرهاق، وبسبب تلك التوقعات غير الواقعية قد يداهمنا الشعور بالإحباط والاكتئاب، وأحياناً نشعر بنوع من الاكتئاب لأننا نضغط على أنفسنا بشدة حتى نشعر بالسعادة.
  2. الضغط المالي: يمكن أن يؤدي الإفراط في التخطيط للجوانب المالية الخاصة بالإجازة إلى الشعور بالاكتئاب، فقد نشعر أن قدراتنا المادية لا تكفي من أجل الاستمتاع بإجازتنا كما نتخيلها.
  3. ضغوط السفر: تشمل هذه الضغوط المطارات المزدحمة والاختناقات المرورية والإجراءات الروتينية والطوابير الممتدة، بالإضافة إلى الآثار الصحية لاضطراب الرحلات الجوية الطويلة. كل ما سبق يؤدي إلى الشعور بالقلق والاكتئاب؛ وذلك لأننا نتوقع أن الرحلة ستكون خالية من المتاعب وسنشعر بالمتعة فقط في أثناء الإجازة.

اقرأ أيضاً: لماذا عليك ألا تفوت إجازتك من العمل؟

كيف تخطط لإجازة تنعشك نفسياً؟

يمكن أن تساعدك الإجازة على التخلص من الإجهاد وتقليل التوتر والقلق، كما تحسن حالتك المزاجية وترفع من روحك المعنوية، وهذه أهم طرائق التخطيط لإجازة ناجحة تنعشك نفسياً:

  1. حدد الهدف الرئيس من الإجازة: أفضل الإجازات لصحتك النفسية هي تلك التي تلبي احتياجاتك الخاصة لهذا فكر جيداً في هدفك من الإجازة؛ هل ترغب في الحصول على الاسترخاء أم تود قضاء الكثير من الوقت مع العائلة أم تحلم باستكشاف مناطق جديدة وخوض غمار تجارب شائقة وممتعة؟
  2. استعد نفسياً للإجازة: يمكن أن تؤثر التفاصيل الصغيرة إيجابياً في مدى استمتاعك بالإجازة، ولهذا يمكنك أن تقوم بعمل عد تنازلي يشبه ذلك الذي كنا نفعله حينما كنا صغاراً مع عيد الميلاد، كنا نتخيل الحفل الجميل الذي سنقيمه والهدايا التي سنحصل عليها، وبالمثل فإن التخطيط غير الزائد للإجازة يجعلنا نتخيل الأشياء التي سنفعلها والأماكن التي سنذهب إليها، ولهذا لا تتخطى التفاصيل الصغيرة الممتعة واسمح لخيالك باستكشاف كل احتمالات المتعة.
  3. اختر تاريخ الإجازة بحكمة: يقرر معظم الناس موعد الإجازة بناء على العطلات الصيفية، ولكن قد لا تكون هذه هي الفكرة الأفضل، إذا كان لديك خيار؛ من الأفضل دائماً اختيار تاريخ يتجنب موسم الذروة والظروف الجوية القاسية والعطلات والإجازات المدرسية في البلد الذي تزوره.
  4. ضع ميزانية تناسب إمكانياتك المالية: قد يؤدي الحجز في رحلة دون البحث عن التكاليف المرتبطة بقضاء الإجازة هناك إلى الانهيار المالي، لهذا تعرف جيداً إلى أسعار الفنادق وتكلفة الطعام ومقدار تكاليف النقل قبل حجز رحلات الطيران، وتذكر دائماً أن تكون صادقًا وواضحاً مع نفسك عندما يتعلق الأمر بميزانيتك.
  5. لا تضع خطة إجازة صارمة: تجنب المبالغة في جدولة كل دقيقة من وقتك في أثناء الإجازة، واترك الأمر عفوياً، فأفضل طريقة للحصول على رحلة ممتعة هي الانسياب مع التيار وتذكير نفسك بأن أكثر اللحظات التي لا تُنسى في حياتنا تحدث عندما لا نتوقعها.
  6. ضع أهدافاً واقعية: يسير تحديد الأهداف جنباً إلى جنب مع التخطيط لمسار رحلتك لهذا يجب ألا تكون أيام إجازتك مليئة بالأنشطة، فإذا لم تترك ثغرات في وقت الفراغ من أجل الاسترخاء، ستجد نفسك مرتبكاً وستشعر بالقلق والتوتر ما سيؤثر سلباً في رحلتك، كما ستشعر أيضاً أن الأنشطة الترفيهية تلاحقك مثلما تلاحقك مواعيد العمل المتأخرة.

أخيراً، تذكر أن الأمر الرئيس الذي يجب تذكره حول التخطيط لقضاء إجازة هو أن الأمر سيستغرق بعض الوقت ومن الأفضل عدم تركه حتى اللحظة الأخيرة، ولا تنس أيضاً أنها أيام معدودة ولذلك احرص على الاستمتاع بها واستغل وقتك جيداً ولا تفكر في مهام العمل التي تنتظرك عند العودة.