كيف تتعامل مع شخص دائم الاعتراض على كل شيء؟

6 دقيقة
الشخصيات المعارضة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يقول المختص الاجتماعي، شجاع القحطاني، إن الشخصية المعارضة هي من أصعب الشخصيات التي قد تواجهها في الحياة! فهي تعشق الجدال والنقاشات الطويلة؛ إذ تجد في ذلك سعادتها وإثباتها لذاتها. إذاً ليس مستغرَباً أن يكون التعامل مع الشخصيات المعارضة صعباً جداً؛ لكنه ومع ذلك ليس مستحيلاً، وإليك النصائح التي يمكن استخدامها عند الحوار معها.

نعرف معظمنا شخصاً أو عدة أشخاص لا يفوّتون حديثاً دون الاعتراض عليه، فهُم على أهبة الاستعداد دائماً للاختلاف معنا في أي نقاش نخوضه، وتراهم يصححون ما نقوله أو يتجادلون معه بأسلوب ودي أو عدواني. وبالطبع، النقاش مع شخص يعارض باستمرار كل ما تقوله نقاش مرهق ومستنزف، وقد يجعلك تشعر بالتوتر أو الغضب أو الإحباط، فما السبيل إلى التعامل مع هذه الشخصية؟

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الأشخاص الكثيري الشكوى؟

ما الأسباب التي قد تدفع الشخص إلى معارضة الجميع؟

يُدعى هذا الأسلوب في النقاش “أسلوب الحوار المعارض” (Oppositional conversation style)، وهو ليس اضطراباً نفسياً قابلاً للتشخيص؛ وإنما مصطلح يُطلَق على هذا النمط من النقاش الذي يسعى فيه الشخص إلى الاعتراض على كل ما يقوله الآخرون مهما كان قولاً بسيطاً وغير ذي قيمة. وقد يعزى هذا الأسلوب إلى العديد من الأسباب؛ مثل:

  • سمات الشخصية: قد يتبنى الأفراد الذين يمتلكون مستويات عالية من النرجسية هذا الأسلوب في النقاش؛ إذ يمكن أن تقودهم حاجتهم إلى المصادقة على الذات والتفوق إلى تحدي وجهات نظر الآخرين باستمرار، وتأكيد وجهات نظرهم بصفتها الوحيدة الصحيحة!
  • أنماط التعلق: قد يواجه الأشخاص الذين يمتلكون أنماط تعلق غير آمنة؛ مثل التعلق المتجنب أو القلِق، صعوبة في التواصل الفعال؛ ما يجعلهم يتبنون هذا الأسلوب للتعبير عن احتياجاتهم وعواطفهم على نحو مباشر.
  • حالات الصحة النفسية: قد يسهم بعض اضطرابات الصحة النفسية؛ مثل الاكتئاب، واضطرابات القلق، واضطرابات الشخصية، واضطراب المُعارِض المتحدّي، والاضطراب الانفجاري المتقطع، في أنماط التواصل الجدلية والعصبية.
  • عوامل التنشئة: يمكن أن يُكتسب هذا الأسلوب نتيجة عوامل التربية والبيئة؛ مثل ديناميكيات الأسرة في النقاش، والتأثيرات الثقافية، والتفاعلات الاجتماعية.
  • الرغبة في السيطرة أو الهيمنة: ربما يكون إصرار الشخص على معارضة آراء الآخرين وسيلة من أجل الشعور بالهيمنة والسيطرة في المحادثات، وقد يعمل كآلية دفاعية لحماية الشخص من التهديدات المتصورة حيال احترامه لذاته أو هويته.
  • الافتقار إلى مهارات التواصل: قد يفتقر الشخص المعارض إلى المعرفة والثبات الفكري للمشاركة في نقاش فعال ومثمر.
  • الاستمتاع بالمناقشة: يستمتع بعض الأشخاص ببساطة بالنقاش على هذا النحو، وقد لا ينوون أن يكونوا معارضين؛ بل قد يرونه وسيلة جاذبة لاستكشاف الأفكار.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شخص يقلل من قيمتك؟

12 نصيحة للتعامل مع الشخصيات المعارضة في حياتك

يقول المختص الاجتماعي، شجاع القحطاني، إن الشخصية المعارضة تجد لذتها في الجدال والنقاش، وهي مستعدة لأن تحاور ساعات طويلة من أجل إقناعك بأمر ما؛ لذلك فإن أفضل طريقة للتعامل مع هذه الشخصيات هي تجاهل النقاش معها كلما كان ذلك ممكناً، أو أن تؤيد ما تقوله تماماً.

لكن إن قررت خوض النقاش مع الشخص المعارض، فإليك بعض النصائح التي قد تساعدك على التفاعل معه بفعالية؛ مثل:

1. استمع على نحو فعال

استمع بفعالية وانتباه إلى وجهة نظره دون مقاطعة، وركز على ما يقوله بدلاً من تجهيز حجة مضادة على الفور. وبالطبع، اسمح له بالتعبير عن نفسه على نحو كامل قبل تقديم أفكارك الخاصة، مع الحفاظ على تواصل بصري معه وتوجيه جسدك باتجاهه مع تجنب التململ؛ ما يعبِّر عن اهتمامك واحترامك له.

اقرأ أيضاً: من هو مدعي المعرفة؟ وكيف تتعامل معه؟

2. أظهِر التعاطف واعترف بحالته الوجدانية

تعرَّف إلى المشاعر الكامنة التي يمر بها الشخص المعارض وعبّر عنها لفظياً، فقد يلجأ الشخص إلى المعارضة وسيلة للتعبير عن شعوره بالإحباط أو الغضب أو الشعور بإساءة الناس لفهمه. ومن خلال تجاهل محتوى كلماته والتركيز على الاعتراف بمشاعره الأساسية وتسميتها، فإنك تصادق على حالته العاطفية.

على سبيل المثال؛ إذا لاحظت أنه يعارض حديثك بسبب شعوره الكامن بالاحباط، فقد ترد عليه بقول شيء مثل: “يبدو أنك تشعر بالإحباط الآن”. يوضح هذا للشخص أنك لا تسمع كلماته فحسب؛ بل تتفهم أيضاً المشاعر التي يمر بها وتتعاطف معها حتى لو كنت لا توافق على كلماته أو أفعاله؛ ما قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تقليل السلوك المعارض وخلق فرصة لتواصل أكثر إنتاجية.

3. حاوِل أن تفهم وجهة نظره

بدلاً من التركيز فقط على إقناع الشخص الآخر بتغيير رأيه، حاول فهم الأسباب الكامنة وراء معتقداته، فقد لا ينبع أسلوب الحوار المعارض من نية واعية دائماً؛ بل نتيجة أسباب مختلفة؛ مثل التجارب السابقة، أو أنماط التواصل التي تعلمها في مرحلة الطفولة، أو حتى السمات الشخصية.

لذلك؛ حاوِل أن تستوضح وجهة نظره، بأن تطرح أسئلة مفتوحة (لا تقتصر إجابتها على “نعم” أو “لا”) للحصول على فهم أعمق لمعتقداته وتجاربه، ثم كرِّر ما قاله باستخدام كلمات مختلفة قليلاً لإظهار أنك تستمع إليه.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع سلوكيات عدم الاحترام؟

4. لا تأخذ الأمر على محمل شخصي

قد تكون الخطوة الأولى في الاستجابة الأكثر فعالية في هذه المواقف هي تذكُّر أن الاشخاص الذين يعترضون ويحالون إثبات أنهم محقون دائماً قد طوروا هذا الأسلوب قبل وقت طويل من تفاعلهم معك، مثلما ذُكر سابقاً؛ ومن ثَمّ فإن اعتراضهم ليس هجوماً شخصياً عليك؛ بل يمكن عَدّه سلوكاً مكتسَباً إن صح التعبير. فعندما تذكِّر نفسك أن سلوكه لا علاقه له بك، قد تشعر ببعض الراحة والهدوء؛ ما يسمح لك بالمناقشة بسهولة أكبر.

5. ابحث عن قواسم مشتركة

على الرغم من وجود آراء متعارضة، فقد يكون من الممكن إيجاد نقاط مشتركة بين حجتيكما. لذلك؛ إذا سمعت الشخص الآخر يقول شيئاً ما تتفق معه حقاً، فسلِّط الضوء عليه؛ إذ قد يساعد ذلك على منع تصعيد الخلاف وتسهيل إجراء مناقشات أكثر إنتاجية.

6. حافِظ على الهدوء والصبر

من الطبيعي أن تشعر بالإحباط أو تتخذ موقفاً دفاعياً عند مواجهة آراء متعارضة؛ لكن الرد بعدائية لن يؤدي إلا إلى تصعيد التوتر. تذكّر أن الهدف من النقاش كله هو تبادل وجهات النظر وليس مجرد الفوز فيه. لذلك؛ حاوِل أن تضبط نفسك محتفظاً بمشاعرك الخاصة خارج المحادثة، وأن تحافظ على الموضوعية بشأن موضوع الخلاف. ومن أهم النصائح الفعالة في هذه المواقف هو التنفس بعمق، مع الحفاظ على رباطة جأشك وتعامل مع المحادثة بصبر وتفهم.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الإهانة؟ 5 نصائح تساعدك

7. أظهِر الاحترام

عدم اتفاق هذا الشخص معك لا يعني أنه أدنى منك أو أنه لا يستحق أن يُعامَل معاملة عادلة. أظهر الاحترام، وصغ ردودك بطريقة غير تصادمية، باستخدام عبارات تحوي ضمير المتكلم “أنا” للتعبير عن وجهة نظرك الخاصة دون فرضها على الآخرين. على سبيل المثال؛ قل: “أنا أفهم وجهة نظرك لكني أرى الأمر من ناحية مختلفة لأن” بدلاً من أن تقول “أنت مخطئ لأن”.

8. ركِّز على موضوع النقاش

قد يلجأ الشخص المعارض إلى إثارة موضوعات غير ذات صلة أو مواقف ومظالم الماضي من أجل صرف الانتباه عن الخلاف الحالي؛ لذلك حاول أن تركز على الموضوع الحالي وإعادة الحوار إليه كلما انحرف في اتجاه آخر؛ ما يمنع خروج المحادثة عن مسارها ويساعد على التقدم نحو الحل. يمكنك أن تقول “ليس هذا ما نناقشه، فلنحافظ على تركيزنا” أو “لن أناقش أي موضوع آخر سوى موضوعنا هذا”.

9. ركِّز على الحقائق والأدلة

عند مناقشة موضوعات مثيرة للجدل، اعتمد على الحقائق والأدلة والتفكير المنطقي لدعم حججك، وتجنب اللجوء إلى الهجمات الشخصية أو المناشدات العاطفية؛ لأن ذلك قد يعرقل المحادثة ويضعف مصداقيتك. تذكر أن تقديم معلومات موثوقة يساعدك على إثبات وجهة نظرك وتعزيز تبادل الأفكار على نحو عقلاني وبناء.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع رسائل الأشخاص الذين لا يظهرون إلا عندما يحتاجون إلى المساعدة؟

10. تقبَّل الاختلاف وكُن منفتحاً على التعلم

مثلما ذُكر سابقاً؛ قد يمتلك الشخص المعارض آراء مختلفة لأنه مر بتجارب مختلفة في الحياة. لذلك؛ تجنب رفض وجهة نظر الشخص الآخر أو إبطالها، حتى لو كنت لا توافق عليها بشدة. بدلاً من ذلك، عبّر عن تقديرك لمشاركته أفكاره، وكن مستعداً للتفكير في وجهات نظر مختلفة، حتى لو كانت تتحدى معتقداتك الخاصة. انظر إلى الخلافات على أنها فرص للنمو والتعلم، وليست صراعات يجب الفوز بها أو خسارتها. كن فضولياً ومتقبلاً للأفكار الجديدة، وكن على استعداد لتعديل وجهات نظرك بناءً على المعلومات الجديدة.

11. آمِن بنفسك

على الرغم من ضرورة أن تتقبل الاختلاف وتكون منفتحاً على التعلم مثلما ذكر؛ لكن من المهم أيضاً أن تثق في نفسك وألا تتراجع عن رأيك لمجرد أن شخص آخر يعارضه. فحتى لو كان صعباً عليك في بعض الأحيان التحدث عما تؤمن به أو تفكر فيه، فلا تخف مشاركة حقيقتك؛ خُذ نفساً عميقاً، وكن شجاعاً، ولا تكتم مشاعرك من أجل المجاملة؛ إذ من الضروري أن تعبِّر عن عدم موافقتك من وقت لآخر وإلا فإن هذا الإحباط سوف ينفجر دفعة واحدة في أحد الأيام.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مشاعرك المزعجة بعد خسارة كل شيء؟

12. اعرف متى تنسحب

على الرغم من بذل قصارى جهدك، قد يكون الحوار مع شخص يصر على الاعتراض وإثبات أنه على صواب حواراً مستنزفاً ومرهقاً ويحتاج إلى كميات كبيرة من طاقتك الشخصية. لذلك؛ إذا كنت تشعر بالإحباط أو الإهانة او التقليل من شأنك أو الهجوم عليك بسبب أسلوبه المعارض في الحديث، فلا بأس أن تعتذر وتبتعد.

يمكنك أن تفعل ذلك بطريقة سلمية وغير تصادمية؛ مثل أن تقول: “يبدو أننا لن نتفق على هذا الأمر، أعتذر عن الاستمرار في هذا النقاش”. قد يتطلب الأمر توضيح هذه العبارة أكثر من مرة؛ لأن الأشخاص الذين يستمتعون بالمعارضة نادراً ما ينهون الصراع إلا حينما يريدون. أعطِ الأولوية لصحتك النفسية والعاطفية، وتذكّر أنه ليس من الضروري دائماً إقناع الآخرين أو حل الخلافات في كل تفاعل.

error: المحتوى محمي !!