كيف تتعامل مع الإهانة؟ 5 نصائح تساعدك

التعامل مع الإهانة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لا بد أن الإهانة قد تثير فينا شعوراً بالغضب أو الانزعاج أو الضيق، وقد تؤثر في ثقتنا بأنفسنا واحترامنا لذواتنا. وعلى الرغم من أن التجاهل قد يكون حلاً للتعامل مع الشخص الذي يهيننا في بعض الأحيان؛ لكننا قد نحتاج إلى طرائق أخرى للتعامل مع الإهانة في أحيان أخرى، فما هي؟

يُحكى إنه وبينما كان رجل الدولة والفيلسوف الرواقي الروماني، كاتو الأصغر (Cato the younger) يترافع في قضية ما، بصق خصمه لينتولوس (Lentulus) في وجهه، فما كان من كاتو بعد أن مسح البصاق إلا أن علّق مازحاً: “سأقسم للجميع يا لينتولوس إنهم مخطئون في قولهم إنك لا تستطيع استخدام فمك”! كان ضبط النفس واستخدام الدعابة بدلاً من الغضب رداً ذكياً من كاتو على الإهانة التي وُجهت إليه. ومع ذلك، لا يمكننا أن ننكر أن بعض الإهانات مستفز جداً، وقد يجعلنا نشعر بالغضب أو يضر بسعادتنا، وقد يقوّض ثقتنا بأنفسنا واحترامها لذواتنا، فكيف يمكننا إذاً أن نتعامل مع الشخص الذي يهيننا؟

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع شخص يقلل من قيمتك؟

ما هي الإهانة بالتحديد؟

قد تكون الإهانات جسدية أحياناً؛ مثل اللكم أو الصفع أو البصق؛ لكنها غالباً ما تكون لفظية، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. وبالطبع، سوف نفترض أنك تعلم ما هي الإهانة اللفظية المباشرة من شتائم وكلمات بذيئة، فما هي الإهانة غير المباشرة؟ هي النكات، والتعليقات الساخرة، والشتائم المبطنة، وتقليد الحركات والإيماءات، والانبهار الكاذب.

بالإضافة إلى ذلك، قد يوجه أحدهم إهانة اليك باستخدام تعابير وجهه دون أن ينطق كلمة واحدة؛ مثل التحديق البارد أو المستمر، أو الابتسامة الزائفة أو الساخرة أو المبالغ فيها، أو رفع الحاجب. كما أن الإهمال والتجاهل قصداً قد يكونان إهانة؛ مثل إغفال دعوة شخص ما، أو عدم احترام السن أو المكانة، أو عدم الاستجابة للحديث الودي الذي تبادر فيه.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع سلوكيات عدم الاحترام؟

كيف تتعامل مع الشخص الذي يهينك؟

هل تتجاهل الإهانة أم تدافع عن نفسك أم ترد بإهانة؟ إليك كيفية التعامل مع الشخص الذي يهينك:

1. التجاهل

تختلف طريقة التعامل مع الإهانة باختلاف الشخص الذي بدرت منه. يقول الإعلامي الكويتي الرائد في المجال التربوي الأسري والحائز على درجة الدكتوراة في منهج التربية القيادية للطفل، الدكتور جاسم المطوع في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر إنه: “لو كانت الإهانة من سفيه أو أحمق، فالصواب هو عدم الرد عليه، لأنه سيزيد في إهانتنا وربما يصل رده حد الاعتداء علينا”.

فإذا كنت تعتقد أن الشخص الذي أهانك لا يستحق الاعتبار، فليس لديك سبب لتوجيه الإهانة إليه؛ تماماً مثلما لا يوجد سبب وجيه يستدعي توجيه الإهانة لطفل شقي مزعج. تذكّر أنه وعندما تقرر أن تتجاهل، فعليك مثلما يقول د. المطوع: “أن تكون واثقاَ من نفسك حتى لا يشعر الشخص الذي يهينك أنك تخاف مواجهته”.

وتجنَّب أن ترد الإهانة بالإهانة؛ إذ ينبغي أن تعلم أنه ومهما كان الرد قوياً وذكياً، فإنه يساوي بينك وبين المهين، فيرفعه إلى مستواك أو ينزلك إلى مستواه، وهذا ما يعطيه ويعطي سلوكه وإهانته الكثير من الشرعية، بالإضافة إلى أن رد الإهانة قد يؤدي إلى إزعاجه وجرحه؛ ما قد يستدعي المزيد والمزيد من الهجمات. ذكّر نفسك بأن إهانة الشخص الآخر لا تفيدك أبداً، وأفضل طريقة لإزعاجه ليست في إهانته؛ بل بجعله يدرك أن كلماته لا تؤثر فيك.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع رهاب المسؤولية أو (الهايبوفوبيا)؟

2. الرد بثقة

يعمل تجاهل الإهانة على نحوٍ جيد مع الغرباء؛ ولكنه قد لا يكون استراتيجية معقولة أو قابلة للتطبيق عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين تربطنا بهم علاقة شخصية أو مهنية مستمرة. وفي هذه الحالات، عليك أن تكون واثقاً من نفسك وأن ترد وفق طريقة صحيحة. إليك بعض النصائح التي يمكنك استخدامها للتعامل مع الإهانة بثقة:

  • خصص لحظة لتهدئة نفسك: وذلك عبر التنفس بعمق وبطء وثبات، أو تكرار اقتباس إيجابي، وحاول أن تستجمع رباطة جأشك.
  • قيّم الإهانة التي واجهتها: توقف للحظة وفكّر تفكيراً نقدياً في ما قاله الشخص الآخر، فإن كان ثمة ما تجده صحيحاً فيه، فاعترف بأنه لا بأس من ألا تكون كاملاً وأن الناس كلهم لديهم عيوب ومن المقبول تقييمها والعمل عليها. أما إذا كانت الاهانة غير صحيحة، فذكّر نفسك بأن تلك الإهانة ليست واقعية ولا تعبر عنك ولا تستحق منك أي ردة فعل.
  • لا تغضب: تذكر أن الغضب هو رد فعل ضعيف على الإهانة لأنه يدل إلى أننا نأخذ الإهانة على محمل الجد؛ ما قد يوحي بأننا نوافق على وجود بعض الحقيقة فيها، وحينها سيدرك الشخص الآخر بأنه يزعجنا ويزعزع استقرارنا؛ ما قد يجعله يكيل المزيد من الإهانات.
  • حاول أن تستخدم بعض الردود التي من شأنها أن تهدئ الموقف بسرعة أو أن تغيّر الموضوع: وفي هذه الحالة يوصي د. المطوع بأن تقف وقفة الواثق وتنظر إلى الشخص نظرة رحمة، وأن تقول مثلاً: “لماذا تعتقد أنه من المقبول أن تقول لي ذلك؟” أو “هل يمكنك أن تشرح ما قلته أكثر؟ لست متأكداً مما تقصده”. قد تحفز هذه الردود الشخص على أن يعيد التفكير في أقواله أو تصرفاته، وقد تجعله يدرك أنه مخطئ، وحتى ولو لم يدرك بأنه مخطئ، فأنت قد كسبت الموقف وسيطرت عليه بالحوار البنّاء.
  • إذا كانت الإهانة تصدر عن شخص مقرب منك، فمن الأفضل أن تتكلم بحزم وهدوء في محاولة لإعادة توضيح حدودك: إذ من المهم وضع حدود جسدية ونفسية مع الأشخاص من حولنا حتى يعرفوا كيف يعاملوننا، ومن الضروري أن تكون واضحاً جداً حول هذه الحدود وتعيد تأكيدها في كل مرة يتجاوزونها فيها. وعلى الرغم من أن هذا قد يتطلب الكثير من الجهد والشجاعة؛ لكنه سيكون فعالاً وسريعاً جداً إذا ما وضحته منذ البداية.
  • اعمل على زيادة ثقتك بنفسك على المدى البعيد: لأن الثقة بالنفس تساعدك على التعامل مع الإهانة على نحو أفضل مستقبلاً. لذلك؛ خذ بعض الوقت للتفكير في نفسك وابحث عما تراه من نقاط ضعف في شخصيتك، وضع قائمة بالأهداف والإجراءات اللازمة لمساعدتك على معالجة نقاط الضعف هذه. وعندما يهينك شخصاً ما مستقبلاً، ذكِّر نفسك بأنك تتخذ الخطوات اللازمة لتحسين نفسك وأنه لا عيب في أن تكون قيد التحسين والتطوير.
  • أحط نفسك بأناس طيبين وتخلَّ عن العلاقات التي تراها مؤذية أو خففها.

اقرأ أيضاً: لماذا يزداد ألم الرفض عند البعض؟ وكيف يمكنهم تجاوزه؟

3. القبول

قد يبدو من الضعف أن نتقبل إهانة ما، على الرغم من أنه قد يكون أقوى استجابة على الإطلاق. فعندما يهيننا شخص ما، علينا أن نفكر في 3 أمور؛ هل هذه الإهانة حقيقية؟ وممن صدرت؟ وما سببها؟ فإذا كانت الإهانة حقيقية أو صحيحة إلى حد كبير، وكان الشخص الذي صدرت منه إنساناً عاقلاً نحترمه، وكان ثمة دافع لها، فإن الإهانة ليست إهانة؛ وإنما هي بيان بالحقيقة ومن ثَمّ قد تكون مفيدة لنا.

لذلك؛ وبدلاً من أن تشعر بالغضب أو الانزعاج، فكِّر في الإهانة وتعلم منها قدر الإمكان، وتذكّر أننا لا ينبغي أن نسيئ إلى آبائنا أو مدرسينا أو أصدقائنا الذين يحاولون إخبارنا بالحقيقة بنيّة مساعدتنا وليس بنيّة إلحاق الأذى بنا.

اقرأ أيضاً: 5 نصائح من مختص لمواجهة الحساسية المفرطة

4. الفكاهة

في بعض الأحيان، قد ينجح بعض الردود الذكية التي تنطوي على الدعابة والفكاهة كاستجابة فعالة ضد الإهانة، خصوصاً بين الأصدقاء؛ لأنها قد تُضعف موقف المُهين، أو تقوّض الإهانة التي وجهها، أو قد تخفف توتر الموقف.

وثمة استراتيجية مشابهة تتمثل في المضي في الإهانة بل والإضافة عليها؛ مثلاً كأن تقول: “آه، لو كنت تعرفني على نحو أفضل، لكنت ستكتشف عيباً أكبر من هذا أيضاً”!

لكن عليك أن تعلم أن للفكاهة بعض الجوانب السلبية مثلما هي الحال مع رد الإهانة بالإهانة، بالإضافة إلى أن الرد يجب أن يكون مضحكاً وذا توقيت جيد وسليم.

5. طلب المساعدة

في حال تحولت الإهانات إلى تهديدات بالعدوان أو الاعتداء الجسدي، فاعلم أن طلب المساعدة ليس علامة على الضعف. لذلك؛ ضع في اعتبارك إبلاغ الجهات المختصة حتى تضمن سلامتك وعدم تمادي المعتدي.

ختاماً، تذكَّر أن أفضل الطرائق لبناء الثقة على المدى الطويل عندما تواجه الإهانات هي تذكير نفسك بأن الإهانة لا تكون فعالة إلا إذا تركتها تؤذيك. لذلك؛ حاول أن تتجاوز الإهانة بسرعة وأن تركز على تحسين الذات وعلى الجوانب الإيجابية بالفعل في شخصيتك، وعندها ستفقد الإهانة قوتها.

المحتوى محمي !!