هل أنت شخص يتطلع إلى الكمال في كل ما تفعل؟ احذر من الأضرار النفسية

2 دقيقة
تحقيق الكمال
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: غالباً ما يشيد المجتمع بالأشخاص الذين يتطلعون دوماً إلى الكمال بوصفهم نماذجَ متميزة للتفاني والطموح؛ لكن هذه السمة الشخصية قد تتحول إلى عبء يهدد صحتهم النفسية؛ إذ يضع الشخص الساعي إلى الكمال لنفسه معاييرَ غير واقعية ويقيس قيمته الذاتية استناداً إلى قدرته على تحقيق أهدافه؛ ما يُدخله في حلقة مفرغة من نقد الذات وتقليل شأنها؛ وهذا قد يجعله يعاني القلق المزمن من جرّاء خوفه المستمر من الفشل، ويظهر قلقه في أعراض واضحة أهمها التعب والأرق وصعوبة التركيز، بالإضافة إلى ارتفاع احتمالية إصابته بالاكتئاب لأنه يرى كل خطأ فشلاً ذريعاً ولا يستطيع تقبل عيوبه أو إخفقاته. علاوة على ذلك، يؤدي السعي إلى الكمال في العمل إلى المماطلة والتسويف في إنجاز المهم؛ وهو ما قد يسبب الإصابة بالإرهاق الجسدي والنفسي الذي يتطور أحياناً إلى الدخول في حالة من الاحتراق الوظيفي؛ لذلك من الضروري فهم الآثار النفسية السلبية للسعي نحو الكمال، والحرص على تقبل العيوب لعيش حياة متوازنة ومرضية.

غالباً ما يشيد المجتمع بالكمال بوصفه دليلاً على التفاني والطموح؛ لكن السعي الدؤوب إلى تحقيق الكمال يمكن أن يصبح عبئاً ثقيلاً على الصحة النفسية. وفقاً لمقال المختصة النفسية كارا غاردنسوارتز (Cara Gardenswartz) المنشور في دورية سايكولوجي توداي (Psychology Today)؛ فإن هذا الضغط المستمر يمكن أن يؤدي إلى مشكلات خطِرة في الصحة النفسية.

يضع الشخص الساعي إلى الكمال معايير عالية جداً لنفسه وغير واقعية أغلب الأحيان، ويقيس قيمته تبعاً إلى قدرته على تحقيق هذه الأهداف؛ الأمر الذي يمكن أن يُدخله في حلقة مفرغة من نقد الذات والحط من شأنها، ويمكن أن يؤدي هذا الضغط المستمر من أجل الارتقاء لمستوى التوقعات، إلى تقويض الثقة بالنفس وتقدير الذات. فيما يلي نتعرف إلى الآثار الضارة للسعي نحو الكمال لنفهم كيف يؤثر في الصحة النفسية والعاطفية.

اقرأ أيضاً: حارب الكمالية بالرضا وتحرر من شقاء المُثل العليا

حالة من القلق الدائم

يؤدي السعي نحو الكمال إلى قلق مزمن؛ إذ يعيش المرء خوفاً مستمراً من الفشل ولذلك فإنه يتجنب المواقف التي قد لا يتمكن من التميز فيها.

يتجلى هذا القلق في مظاهر مختلفة؛ مثل التعب والأرق وصعوبة التركيز، ويصبح الخوف من عدم الارتقاء إلى المستوى المطلوب مصدراً للضغط الدائم الذي يؤثر في جودة الحياة والعلاقات الشخصية.

الاكتئاب والشعور بالفشل

وفقاً للمختصة النفسية كارا غاردنسوارتز؛ فإن السعي إلى الكمال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاكتئاب، فالساعي نحو الكمال لا يرى سوى النجاح أو الفشل، ويرى كل خطأ فشلاً ذريعاً، ويمكن أن تؤدي طريقة التفكير الصارمة هذه إلى الشعور باليأس وتدني تقدير الذات.

تشير الدراسات إلى أن الساعين نحو الكمال هم أكثر عرضة إلى الإصابة بالاكتئاب لأنهم يستصعبون قبول عيوبهم ولا يرون إنجازاتهم.

المماطلة في إنجاز العمل

خلافاً لما هو شائع، لا يرتبط السعي نحو الكمال دائماً بالإنتاجية العالية؛ بل قد يؤدي إلى المماطلة والتسويف، فبسبب الخوف من عدم إنجاز المهمة على النحو الأمثل؛ يؤجل الشخص الساعي إلى الكمال المواعيد النهائية باستمرار.

وتصيبه هذه المماطلة بمزيد من التوتر والإحباط؛ إذ تقلل ثقته بنفسه وتزيد قلقه وخوفه من ألا يتمتع بالكفاءة اللازمة.

الإرهاق والاحتراق الوظيفي

يؤدي السعي نحو الكمال إلى الإصابة بالإرهاق أيضاً، فالشخص الساعي نحو الكمال يعجز غالباً عن تفويض المهام ويصر على تحمل أعباء العمل المفرطة.

يؤدي عبء العمل الزائد هذا إلى إصابته بالإرهاق الجسدي والعاطفي، فيما يُسمَّى بـ "الاحتراق الوظيفي" الذي يتجلى في التعب الشديد وتراجع الكفاءة.

من الضروري أن تفهم الآثار السلبية للسعي نحو الكمال في صحتك النفسية حتى تتبنى استراتيجيات تكيف صحية أكثر وتحافظ على رفاهتك. يجب أن تعي أن الكمال وهم وأن تتقبل عيوبك لتعيش حياة متوازنة ومُرضية.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى إيجابيات وسلبيات السعي نحو الكمال