غالباً ما يشيد المجتمع بالكمال بوصفه دليلاً على التفاني والطموح؛ لكن السعي الدؤوب إلى تحقيق الكمال يمكن أن يصبح عبئاً ثقيلاً على الصحة النفسية. وفقاً لمقال المختصة النفسية كارا غاردنسوارتز (Cara Gardenswartz) المنشور في دورية سايكولوجي توداي (Psychology Today)؛ فإن هذا الضغط المستمر يمكن أن يؤدي إلى مشكلات خطِرة في الصحة النفسية.
محتويات المقال
يضع الشخص الساعي إلى الكمال معايير عالية جداً لنفسه وغير واقعية أغلب الأحيان، ويقيس قيمته تبعاً إلى قدرته على تحقيق هذه الأهداف؛ الأمر الذي يمكن أن يُدخله في حلقة مفرغة من نقد الذات والحط من شأنها، ويمكن أن يؤدي هذا الضغط المستمر من أجل الارتقاء لمستوى التوقعات، إلى تقويض الثقة بالنفس وتقدير الذات. فيما يلي نتعرف إلى الآثار الضارة للسعي نحو الكمال لنفهم كيف يؤثر في الصحة النفسية والعاطفية.
اقرأ أيضاً: حارب الكمالية بالرضا وتحرر من شقاء المُثل العليا
حالة من القلق الدائم
يؤدي السعي نحو الكمال إلى قلق مزمن؛ إذ يعيش المرء خوفاً مستمراً من الفشل ولذلك فإنه يتجنب المواقف التي قد لا يتمكن من التميز فيها.
يتجلى هذا القلق في مظاهر مختلفة؛ مثل التعب والأرق وصعوبة التركيز، ويصبح الخوف من عدم الارتقاء إلى المستوى المطلوب مصدراً للضغط الدائم الذي يؤثر في جودة الحياة والعلاقات الشخصية.
الاكتئاب والشعور بالفشل
وفقاً للمختصة النفسية كارا غاردنسوارتز؛ فإن السعي إلى الكمال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاكتئاب، فالساعي نحو الكمال لا يرى سوى النجاح أو الفشل، ويرى كل خطأ فشلاً ذريعاً، ويمكن أن تؤدي طريقة التفكير الصارمة هذه إلى الشعور باليأس وتدني تقدير الذات.
تشير الدراسات إلى أن الساعين نحو الكمال هم أكثر عرضة إلى الإصابة بالاكتئاب لأنهم يستصعبون قبول عيوبهم ولا يرون إنجازاتهم.
المماطلة في إنجاز العمل
خلافاً لما هو شائع، لا يرتبط السعي نحو الكمال دائماً بالإنتاجية العالية؛ بل قد يؤدي إلى المماطلة والتسويف، فبسبب الخوف من عدم إنجاز المهمة على النحو الأمثل؛ يؤجل الشخص الساعي إلى الكمال المواعيد النهائية باستمرار.
وتصيبه هذه المماطلة بمزيد من التوتر والإحباط؛ إذ تقلل ثقته بنفسه وتزيد قلقه وخوفه من ألا يتمتع بالكفاءة اللازمة.
الإرهاق والاحتراق الوظيفي
يؤدي السعي نحو الكمال إلى الإصابة بالإرهاق أيضاً، فالشخص الساعي نحو الكمال يعجز غالباً عن تفويض المهام ويصر على تحمل أعباء العمل المفرطة.
يؤدي عبء العمل الزائد هذا إلى إصابته بالإرهاق الجسدي والعاطفي، فيما يُسمَّى بـ "الاحتراق الوظيفي" الذي يتجلى في التعب الشديد وتراجع الكفاءة.
من الضروري أن تفهم الآثار السلبية للسعي نحو الكمال في صحتك النفسية حتى تتبنى استراتيجيات تكيف صحية أكثر وتحافظ على رفاهتك. يجب أن تعي أن الكمال وهم وأن تتقبل عيوبك لتعيش حياة متوازنة ومُرضية.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى إيجابيات وسلبيات السعي نحو الكمال