ملخص: هل تملك في حياتك هذا الشخص الذي كلما تحدثتَ إليه موضحاً أفكارك وأهدافك ومشاعرك يقلل من قيمتها أو ينتقدها، أو يخبرك بأنك ستفشل في تحقيقها، أو يتجاهلك عمداً بكل لامبالاة؟ ألا يجعلك هذا الشخص تشعر بأنك أقل شأناً أو بالإحباط؟ ماذا تفعل معه؟ كيف يمكنك التصرف بفاعلية مع الأشخاص الذين يقللون من قيمتك؟
محتويات المقال
هل فكرت يوماً بأن تقطع علاقتك مع أي شخص يقلل من قيمتك ويجعلك تشعر بهذا الشعور السيئ؟ لكن ماذا لو كان هذا الشخص مقرباً منك كشريك الحياة أو أحد أفراد العائلة الذين لن تستطيع أن تقطع علاقتك به بكل هذه البساطة؟ فما التصرف الصحيح إذاً؟ إليك الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتصبح أكثر فاعلية وحزماً في الرد على هذا النوع من النقد، وكيفية التعامل مع الأشخاص الذين يقللون من قيمتك.
كيف تتعامل مع الأشخاص الذين يقللون من قيمتك؟
تكلم بحزم
الحزم هو أسلوب فعال ودبلوماسي من مهارات التواصل، ومن شأنه أن يساعدك على التعبير عن نفسك بوضوح والدفاع عن وجهة نظرك وتعزيز احترامك لذاتك، مع احترام حقوق الآخرين ومعتقداتهم في الوقت نفسه. تذكّر أن التواصل بشكل مباشر ومحترم هو أفضل فرصة لتوصيل رسالتك بنجاح، لأن التواصل بطريقة سلبية أو عدائية سيفشل في توضيح وجهة نظرك، لأن الأشخاص سوف يتفاعلون مع طريقتك في الكلام وليس مع كلامك. على كل الأحوال، إليك بعض النصائح التي تساعدك على أن تكون أكثر حزماً:
- قيّم أسلوبك في التواصل وافهم أخطاءك سواء كانت سرعة الانفعال أو إلقاء اللوم على الآخرين أو الخوف من المواجهة وذلك قبل البدء في إجراء التغييرات اللازمة.
- استخدم عبارات تتضمن كلمة "أنا"، فهي عبارات تساعدك على التعبير عن مشاعرك دون إلقاء اللوم والاتهامات على أي شخص آخر. على سبيل المثال، قل: "أعتقد أنني قادر على التعامل مع هذه المسؤوليات" بدلاً من أن تقول "أنت مخطئ بشأني".
- تعلم أن تقول لا. إذا كنت تواجه صعوبة في رفض ما يُطلب منك، فحاول أن تقول "لا يمكنني فعل ذلك"، وتذكر أنك لست بحاجة إلى شرح سبب رفضك، وإذا كان الإيضاح ضرورياً، فاجعله مختصراً.
- استخدم لغة الجسد؛ لأن التواصل لا يقتصر على الكلمات فقط، بل ينبغي التصرف بثقة حتى لو لم تكن تشعر بذلك. لذلك، حافظ على استقامة وضعية جسمك مع الانحناء قليلاً إلى الأمام، واحرص أن تتواصل بصرياً مع الشخص المقابل، وأن تكون تعبيرات وجهك محايدة أو إيجابية، ولا تعقد ذراعيك ولا تضع أحد ساقيك فوق الأخرى. تدرب على هذه التعبيرات أمام المرآة.
- سيطر على مشاعرك، فقد تشعر بالغضب أو الإحباط او الرغبة في البكاء، ورغم أن هذه المشاعر طبيعية فقد تحول دون حل المشكلة. لذلك، إذا كنت تشعر برغبة شديدة في خوض موقف ما، فانتظر قليلاً إن أمكن، ثم حاول أن تبقى هادئاً وتنفس ببطء، واجعل صوتك هادئاً وحازماً.
- تدرب على مهاراتك الجديدة وعلى ما تريد قوله مسبقاً وبصوت عال، سواء مع نفسك أو مع شخص تثق به قبل التعامل مع الشخص الذي يقلل من قيمتك.
اقرأ أيضاً: من التسويف إلى قضم الأظافر: كيف تتخلص من العادات السيئة
تعلم من الانتقادات وراجع نفسك
غالباً ما نردّ على الانتقادات التي تُوجَّه إلينا عبر اتخاذ موقف دفاعي للغاية بغية الحفاظ على احترامنا لذواتنا، لكن ليست كل الانتقادات جارحة ومؤذية بل قد يكون بعضها صحيحاً وفعلاً في مكانه. لذلك، حاول ألا تسمح للنقد بأن يمسّ احترامك لذاتك، بل تعلم منه واجعله حافزاً لك لتحسين نفسك، خصوصاً النقد الذي يأتي من أشخاص يقللون من قيمتك ولكنهم ليسوا لئيمين أو يقصدون أذيتك.
وعندما تتعرض لهذه الانتقادات، خُذ نفساً عميقاً طويلاً، وابذل قصارى جهدك لئلا تتخذ موقفاً دفاعياً، واستمع إلى هذه الانتقادات وفكر بها على محمل الجد، واسأل نفسك بقدر ما تستطيع من الموضوعية إن كان ثمة حقيقة فيها. استخدم النقد لصالحك لتكون أفضل في كل ما تقوله وتفعله.
تدرّب على التنفس العميق
يُعرف التنفس العميق بأسماء أخرى مثل التنفس البطني، وهو يساعد على التخلص من الأفكار والأحاسيس المشتتة، ويعد أحد أساليب الاسترخاء للتخلص من التوتر. يمكنك القيام به بأن تأخذ نفساً عميقاً بواسطة الأنف، واسمح لصدرك وأسفل بطنك بالارتفاع بينما تمتلئ رئتيك بالهواء، احبس أنفاسك لثانية أو ثانيتين، ثم ازفر الهواء ببطء من فمك (أو من أنفك). إن التنفس العميق طريقة سريعة وسهلة لتهدئة نفسك، يمكن تنفيذه قبل الردّ على الأشخاص الذين يقللون من قيمتك، حتى تستطيع التعامل مع انتقاداتهم بتوتر أقل وثقة أكبر.
اقرأ أيضاً: ما هو الاستقرار العاطفي؟ وكيف تصل إليه؟
تجاهل الانتقادات اللاذعة
في بعض الأحيان، قد يكون من الأفضل أن تتجنب الردّ على الشخص الذي يوجه لك الانتقادات بطريقة قاسية رغبة منه بالاستهانة بك، كأن يقول بأنك لن تحقق أي شيء ولن تصل أبداً إلى المستوى المطلوب. تجاهل هذا التعليقات وابتعد، لأنك لن تكسب شيئاً من التعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين ينتقدون بهذه الطريقة.
وفي حال كانت هذه الانتقادات تأتي من أحد أفراد العائلة، فقد يكون من المفيد مع تنفيذ النصائح السابقة واللاحقة أن توضح وجهة نظرك، حتى لو احتاج الأمر عشرات المحادثات المنفصلة. وتذكّر أن الأشخاص يخطئون حتى ولو كانوا آباءً، وحقيقة أنهم مخطئون لا ينبغي أن تدفعك للشعور بالغضب أو الإحباط، ولا ينبغي أن تضيع جهودك في إثبات خطئهم. وبما أنك لا تستطيع التحكم بما يفكر فيه الآخرون ولا يمكنك إرضاء الجميع، فينبغي التركيز على معاييرك بدلاً من التركيز على معايير الآخرين.
ركّز على أهدافك
أثبِت خطأ من يقلل من شأنك وينتقدك بأن تركِّز على ما تريد تحقيقه بدلاً من التفكير والهوس بما يقوله هؤلاء، واستخدِم شعورك بالغضب أو الحزن كدافع وحافز للعمل بجد أكبر في متابعة اهتماماتك ومسؤولياتك. تجنَّب أخذ الأمر على محمل شخصي لدرجة أن يؤثر سلباً في أدائك، ولا تركّز فقط على نقاط ضعفك، بل ركِّز أيضاً على آمالك وأحلامك، فقد يساعدك توجيه انتباهك نحو الأهداف والطموحات الإيجابية على أن تكون أكثر إبداعاً وانفتاحاً على الأفكار الجديدة، ما سيساعدك على إثبات خطأ اي شخص يقلل من شأنك.
اقرأ أيضاً: ما سبب قلة صبر البعض على تحقيق رغباته؟
ضع أهدافاً معقولة والتزم بتنفيذها
أثبِت خطأ الأشخاص الذين يقللون من قيمتك وقيمة أهدافك، بأن تضع أهدافاً معقولة وأن تلتزم بتنفيذها. في الواقع، قد يكون من أكبر التحديات في طريق النجاح أننا نضع أهدافاً غير قابلة للتحقيق، وأننا نتبنى عقلية كل شيء أو لا شيء. فالفشل في تحقيق الأهداف الكبيرة ذات المستوى العالي قد يسبب الشعور بالاحباط والاستسلام.
لذلك، ضع أهدافاً أصغر وأكثر واقعية. على سبيل المثال، بدل أن يكون هدفك هو عدم ارتكاب أي خطأ في العمل نهائياً، جرب أن يكون الهدف هو ارتكاب أقل من 3 أخطاء في العمل يومياً. لا تستسلم حتى ولو ارتكبت أخطاء أو فشلت في مهمة ما، فالأخطاء هي فرصة للتعلم، فقد إبقَ ملتزماً بالمهمة مع وضع الهدف النهائي في الاعتبار.
كافِئ نفسك أيضاً عندما تحقق هدفك، وهذا مهم خصوصاً بالنسبة للأهداف التي لا تنطوي على الشعور بالمكافأة الفورية ما يؤدي إلى عدم ربطها بالمشاعر الإيجابية التي تتلقاها لاحقاً. اختر طريقة المكافأة التي تحبها، سواءً كانت مشاهدة فيلم أو لقاء مع الأصدقاء أو حتى تناول قطعة من الشوكولا.
اقرأ أيضاً: كيف تنجو من دوامة المشاعر السلبية؟
تعرّف إلى الحديث السلبي عن الذات وادحضه
أثبِت خطأ الأشخاص الذين يقللون من قيمتك عن طريق إدراك الأفكار السلبية التي تمتلكها عن نفسك ومواجهتها. فمن الشائع أننا نستمر في تبني الآراء والأفكار السلبية التي تعلمناها عن أنفسنا عندما كنا صغاراً، سواءً من الآباء أو الأشقاء أو الأقران أو أي شخص آخر، وقد لا ندرك في بعض الأحيان أننا ما زلنا نحتفظ بهذه الآراء.
على سبيل المثال، إذا أخبرك شخص ما بأنك غير جيد في اللغة الإنجليزية أو غير قادر على الالتزام بالحمية الغذائية، فحاول البحث عن معلومات موضوعية قد تشير فيما إذا كان ذلك صحيحاً أم لا. فهل كنت سيئاً في اللغة الإنجليزية أو غير قادر على الالتزام بالحمية قبل أن يبدأ الناس إخبارك بما لا يمكنك فعله؟ هل تعتقد حقاً أنك غير قادر؟ أم أن هذا الاعتقاد يؤثر في طريقة تصرفك تجاه أهدافك؟ لا تسمح لمثل هذه الأنواع من الأفكار والرسائل التي تلقيتها في وقت سابق من الحياة أن تملي عليك طريقة حياتك وتفكيرك وتصرفاتك الآن.
تذكّر أن الحديث السلبي عن الذات يؤثر سلباً على الرفاهية العاطفية، ويقلل الثقة بالنفس ويزيد لومها، في حين أن الحديث الإيجابي عن الذات يمكن أن يُحسّن الحالة المزاجية ويعزز الإنتاجية ويزيد من احترام الذات. وعلى الرغم من أن الحديث السلبي عن الذات هو جزء طبيعي من التجربة الإنسانية، فثمة طرق عديدة لتعطيله؛ وأولها هو إدراك الأفكار السلبية التي تواجهها وتنمية الوعي الذاتي، ثم البحث عن أي دليل يدحض الأفكار السلبية التي تراودك، والتدريب على حب الذات والتعاطف مع النفس، وتدريب نفسك على الشعور بالامتنان لما أنت عليه وما صنعته لنفسك.
اقرأ أيضاً: كيف تسترجع ذكريات الطفولة الدفينة
حاول أن تفهم دافع الشخص الذي يقلل من قيمتك
اسأل نفسك لماذا يقلل شخص ما من قيمتك وحاول أن تفهم دوافعه، فقد ينتقدك بعض الناس نتيجة شعورهم هم بعدم الكفاءة أو قلة الثقة بالنفس. لذلك، تجنب أخذ الأمر على محمل شخصي عندما تصادف هؤلاء الناس، وتذكر أن تبقى رؤوفاً مع نفسك ولا تقسو عليها. وصحيح أن التجارب القديمة كوجود والد أو صديق ينتقدك ويخبرك بأنك لا تستطيع تحقيق أهدافك قد تكون تجارب مؤلمة يصعب التعافي منها، لكنك ومن خلال الاجتهاد والتفاني والتعاطف مع الذات يمكنك أن تؤمن بنفسك من جديد.
اقرأ أيضاً: هل يجب أن تسامح من آذاك؟
توقع عدم الكمال
صحيح أننا ذكرنا سابقاً بأن تنظر إلى انتقادات الناس كتحدٍ لك وأن تعمل على تحسين نفسك، لكن ضع في اعتبارك أنه لا يوجد إنسان مثالي. لا يعني هذا أنه عليك التوقف عن محاولة تحسين نفسك، وإنما أن تدرك أنه من المفيد في مرحلة ما أن تقبل المكان الذي أنت فيه بدلاً من السعي على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لإثبات نفسك.
حاول إيجاد توازن بين العمل على تحسين قدراتك وقبول نفسك كما أنت، فالسعي نحو الكمال يجعل الناس منغمسين في أنفسهم، وقد يؤدي ذلك إلى مشكلات عديدة كاضطرابات القلق أو الاكتئاب. لذلك فكِّر بشكل واقعي وإيجابي، وقل لنفسك عندما تتعرض للانتقادات بأن "لا أحد مثالي"، أو "لقد بذلت قصارى جهدي"، أو "لا بأس إن لم يحبني الجميع".
ختاماً، تذكر دائماً إذا لم تستطع تحقيق أي تقدم في التعامل مع الشخص الذي يقلل من قيمتك، أو أعاقتك مشكلات معينة كالغضب أو التوتر أو القلق أو الخوف على مواجهة هذا الشخص، فيمكنك طلب المساعدة من اختصاصي الصحة النفسية، لأن النتيجة المرجوة تستحق كل هذا العناء.