هل يتزوج مريض التوحد؟ ليس هناك أفضل من معرفة الجواب واستكشاف الحقائق من واحد من المعنيين بالأمر؛ أي المصابين بالتوحد. إذ يعتقد جيمس وارد سنكلير (James Ward-Sinclair) مؤسس مدونة عن التوعية حول التوحد، أن السبب وراء الاعتقاد الشائع لدى عامة الناس بأن المصابين بالتوحد غير قادرين على الشعور بالحب أو أي عاطفة أخرى هو تقرير نُشر سنة 1995.
هذا التقرير هو من إعداد خبير التوحد سيمون بارون كوهين (Simon Baron Cohen) حول نظرية (Mindblindness)، إشارةً إلى شكلٍ من أشكال العمى العقلي الذي يمنع مريض التوحد من التعاطف مع الآخرين، وهي نظرية حظيت باهتمام كبير لمدة طويلة.
هذه النظرية لا تنطبق على جيمس الذي أكد أنه لا يشعر بالتعاطف فقط بل بالتعاطف المفرط أحياناً، فأي عدم قدرة على الشعور بالتعاطف أو أي مشاعر أخرى قد لا يكون نتيجة مباشرة للإصابة بالتوحد، إضافة إلى وجود عاملٍ آخر مهم "على حدّ قوله" هو ما يسمى بألكسيثيميا (Alexithymia)، وهي حالة تتميز بعدم القدرة على تحديد ووصف المشاعر التي يشعر بها الشخص، غير أنها لا تنحصر فقط في فئة المصابين بالتوحد.
إذاً هل يتزوج مريض التوحد؟ تؤكد المحللة والمعالجة النفسية دوري باربانيل (Dorrie Barbanel) أنه لا يوجد أي عائق لدى المصاب بالتوحد يمنعه من الزواج كأي شخص تماماً، وكما يحتاج جميع الناس إلى شركاء حياة يتفهمون ويحترمون احتياجاتهم؛ يحتاج المصابون بالتوحد إلى هذه النوعية من العلاقات. وقد يحتاج المصاب بالتوحد إلى شريك يستخدم أسلوب اتصال مباشر أكثر لتوضيح ما يريده ويحتاجه من الشريك المصاب بالتوحد.
اقرأ أيضا: كيف تصمد علاقة الشريكَين في وجه الأيام؟
ما هو التوحد؟ وما هي أبرز علاماته؟
تُعرّف منظمة الصحة العالمية (World Health Organization) التوحد كالتالي: "اضطرابات طيف التوحد هي مجموعة من الاعتلالات المتنوعة التي تتصف ببعض الصعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل. ولهذه الاعتلالات سمات أخرى تتمثل في أنماط لا نموذجية من الأنشطة والسلوكيات مثل صعوبة الانتقال من نشاط إلى آخر والاستغراق في التفاصيل وردود الفعل غير الاعتيادية على الأحاسيس".
يعتقد العلماء أن هناك أسباباً متعددة لاضطراب طيف التوحد تتفاعل مع بعضها فتغيّر مسار النمو والتطّور عند الأشخاص المصابين بالتوحد الذين قد تظهر عليهم أعراض متعارضة، فهناك من ينزعجون إذا لم تُحترم بعض المسافة معهم، فلا يرغبون في المصافحة مثلاً، وآخرون يحبّون التواصل الجسدي القريب مع الآخرين.
تظهر علامات التوحد عند الكبار من خلال مشاكل في التفاعل الاجتماعي ومهارات التواصل بنوعيه اللفظي وغير اللفظي، إضافة إلى الأنماط السلوكية المتكررة. قد تزداد حدّة النوبات الانفعالية والمشاكل السلوكية في فترة المراهقة؛ ولكن المهارات الاجتماعية تتحسّن لدى أغلب المصابين بالتوحد مع تقدم العمر، فيميلون إلى عيش حياة أقرب إلى الطبيعية.
العقبات الاجتماعية والنفسية التي يواجهها مريض التوحد
لا يختلف المصابون بالتوحد عن باقي فئات المجتمع فيما يخص الصحة النفسية، فقد يتمتعون بها بشكل جيد إلى حد ما. ولكن هذا لا يعني أنهم لا يتعرضون للإصابة بالاضطرابات النفسية؛ حيث يعاني سبعة من كل عشرة أشخاص مصابين بالتوحد من اضطرابات صحية ونفسية مثل القلق والاكتئاب واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) أو اضطراب الوسواس القهري (OCD)، وفقاً للجمعية الخيرية لأبحاث التوحد (Autistica).
تتوفّر إلى حدود الساعة أبحاث قليلة عن الأسباب التي تكمن وراء هذه الحالات النفسية لدى مُصابي التوحد؛ كما يشير إلى ذلك خبراء من مؤسسة الصحة النفسية (Mental Health Foundation) في المملكة المتحدة حيث يعتقدون أنه ربما تكمن الأسباب فيما يلي:
- المصابون بالتوحد يكافحون لفهم العالم الخارجي والتأقلم معه؛ ما قد يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب والقلق.
- يواجهون تأخيراً في تشخيص مشاكل صحتهم النفسية.
- هم أكثر عرضة للتمييز ووصمة العار.
- احتمالات حصولهم على الدعم المناسب قليلة، أو قد لا يعرف المعالجون كيفية تكييف نهجهم العلاجي لمساعدة الشخص المصاب بالتوحد.
اقرأ أيضا: لماذا أصبح العلاج الزوجي ضرورة؟