ما هي أفضل طرق التنفيس عن الغضب؟

إدارة الغضب
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تتواجد مسبِّبات الغضب في كل مكان؛ مضايقات من زملاء العمل، والانتظار في طوابير طويلة، والقيادة في شوارع مزدحمة، وغيرها. كما يمكن أن يكون سبب الغضب داخلياً ناتجاً عن مشكلات شخصية وذكريات أحداث صادمة.
في كلتا الحالتين؛ يمكن أن تصبح تلك العوامل مصادر لشحن غضبك وتغذية توتُّرك؛ ما قد يجعلك تشعر وكأنك تحت رحمة عاطفة قوية لا يمكن التنبؤ بنتائجها. وحينها يكون أمامك خياران؛ إما كبت ذلك الغضب بداخلك أو البحث عن طرق للتنفيس عنه واستعادة الهدوء والسلام الداخلي.

ما هو الغضب؟

وفقاً لموقع الجمعية الأميركية للصحة النفسية، فالغضب هو حالة عاطفية تختلف في شدتها من تهيُّج خفيف إلى انفعال شديد، وهو مثل المشاعر الأخر؛  يترافق مع تغيرات فيزيولوجية ونفسية. عندما تغضب، يرتفع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وكذلك مستوى هرمون الأدرينالين الذي يحفِّز الجسم في حالات الاستجابة للخطر.

الغضب أيضاً هو رد فعل تكيُّفي طبيعي للتهديدات، تنتج عنه مشاعر وسلوكيات قوية، وغالباً ما تكون عدوانية؛ ما يسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا عندما نتعرض للهجوم. لذلك، فإن قدراً معيناً منه ضروري لبقائنا.

لماذا يغضب بعض الناس أكثر من غيرهم؟

وفقاً لجيري ديفنباكر؛ دكتور في علم النفس ومتخصص في إدارة الغضب، فإن بعض الناس “متهورون” أكثر من غيرهم، لذلك فهم يغضبون بسهولة أكثر مما يغضب الآخرون.

هناك أيضاً من لا يُظهرون غضبهم بطرق واضحة ولا يعبِّرون عنه بصوت عالٍ؛ ولكنهم يكونون منفعلين وغاضبين بدرجة كبيرة.

كذلك، فالأشخاص الذين يغضبون بسهولة يكون لديهم تسامح منخفض مع الإحباط؛ ما يعني أنهم يشعرون أنه لا ينبغي عليهم التعرض له نهائياً. ولا يمكنهم أيضاً أخذ الأمور ببساطة، ويغضبون جداً إذا بدا موقف ما غير عادل على الرغم من إمكانية معالجته بسهولة.

وهناك عدد من الأشياء التي قد تجعلهم كذلك؛ قد تكون الأسباب وراثيةً أو فيزيولوجية، فالأشخاص الذين يغضبون بسهولة غالباً ما تكون نشأتهم في عائلات فوضوية وغير ماهرة في التواصل العاطفي.

قد تكون أيضاً تلك الأسباب اجتماعيةً وثقافيةً، فغالباً ما يُنظر إلى الغضب على أنه أمر سلبي لا يمكن التعبير عنه كالقلق أو أي مشاعر أخرى. نتيجة لذلك؛ لا نتعلم كيفية التعامل معه أو توجيهه بشكل بنَّاء.

طرق التعبير عن الغضب

يستخدم الناس مجموعة متنوعة من العمليات الواعية واللاواعية للتعامل مع الغضب، وهناك ثلاثة أساليب رئيسية: التعبير والقمع والتهدئة، ويُعتَبَر التعبير عن المشاعر الغاضبة بطريقة حازمة، وليست عدوانية، هو الأفضل.

يستلزم ذلك التعبير عن المشاعر تعلُّم كيفية توضيح الاحتياجات وطرق تلبيتها دون إيذاء الآخرين في الوقت ذاته.

كذلك، فيمكن قمع الغضب ثم تحويله إلى سلوك بنّاء أكثر أو إعادة توجيهه. يحدث ذلك عندما تسيطر على غضبك وتتوقف عن التفكير فيه وتركز على شيء إيجابي. يكمن الخطر في هذا النوع من الردود في أنه إذا لم يُسمح بالتعبير الخارجي، فقد يتحول غضبك إلى داخلك- أي يؤثر على نفسك؛ ما قد يسبب ارتفاع ضغط الدم أو الاكتئاب.

بالإضافة إلى ذلك، فالغضب غير المعلَن يمكن أن يخلق مشاكل أخرى؛ مثل التحوُّل للسلوك العدواني – السلبي (الرد على الناس بشكل غير مباشر بدلاً عن مواجهتهم وجهاً لوجه)، أو التحوُّل لشخصية ساخرة وعدائية على الدوام. فالأشخاص الذين ينتقدون كل شيء ويدلون بتعليقات ساخرة لم يتعلموا كيف يعبرون بشكل إيجابي عن غضبهم.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن التحكم في الغضب بشكل أفضل؟

كيف يمكن السيطرة على الغضب؟

إن الهدف من إدارة الغضب هو تقليل حدة المشاعر والإثارة الفيزيولوجية التي يسببها الغضب، ففي حين لا يمكنك التخلص من الأشياء أو الأشخاص الذين يغضبونك، كما لا يمكنك تغييرهم؛ يمكنك تعلُّم التحكم في ردود أفعالك كالآتي وفقاً لموقع هيلث لاين:

1. خذ نفساً عميقاً

إن التنفس السطحي الذي تمارسه عندما تكون غاضباً يبقيك متحفّزاً في وضع الكر والفر. للتغلّب على ذلك؛ حاول أن تأخذ أنفاساً بطيئة وعميقة تستنشقها من بطنك بدلاً عن صدرك. يسمح ذلك لجسمك بتهدئة نفسه على الفور.

يمكنك أيضاً الجلوس على كرسي بحيث تكون رقبتك وكتفاك في وضع مريح، وتنفس بعمق من أنفك، وخرج الهواء من خلال فمك مع الانتباه لارتفاع بطنك. جرب ذلك 3 مرات يومياً لمدة 5 إلى 10 دقائق أو عند الحاجة.

2. ردد بعض العبارات المطمئِنة

يمكن أن يؤدي تكرار عبارة مهدئة إلى تسهيل التعبير عن المشاعر الصعبة؛ بما في ذلك الغضب. حاول أن تكرر ببطء، “خذ الأمور ببساطة” أو “كل شيء سيكون على ما يرام”، في المواقف التي تشعر فيها بالإرهاق أو الغضب.

3. جرِّب التخيل

حاول رسم صورة ذهنية لتهدئة جسدك وعقلك في المواقف المشحونة بالغضب. على سبيل المثال؛ فكِّر في مكان حقيقي أو وهمي يجعلك تشعر بالسعادة والسلام والأمان، يمكن أن يكون ذلك وقتاً ممتعاً قضيته على الشاطىء، أو مكاناً ترغب في زيارته يوماً ما.

ركز على التفاصيل الحسِّية من خلال تخيُّل نفسك هناك؛ مثل الروائح والمشاهد والأصوات، مع الحفاظ على تنفسك العميق حتى تشعر أن قلقك بدأ في التراجع.

4. غيّر وضعية جسمك

في بعض الأحيان؛ قد يجعلك الجلوس بلا حراك تشعر بمزيد من القلق. يمكن أن يؤدي تحريك جسمك بوعي باليوغا وغيرها من التمارين المهدئة إلى التخلُّص من التوتر في عضلاتك.

لذلك، ففي المرة القادمة التي تواجه فيها موقفاً عصيباً؛ حاول أن تغيّر من وضعية جسمك وتمارس بعض التمارين البسيطة لإبعاد عقلك عن التوتر.

5. تحقّق من منظورك للأشياء

يمكن للحظات التوتر الشديد أن تشوّه إدراكك للواقع، وتجعلك تشعر أن كل الأمور خارجة عن السيطرة. في المرة القادمة التي تشعر فيها بالغضب يتصاعد؛ حاول أن تتحقق من وجهة نظرك وما إذا كانت صحيحة أم لا.

6. عبّر عن إحباطك

يمكنك التنفيس عن إحباطك إلى صديق موثوق به أو أحد أفراد الأسرة، فالسماح لنفسك بمساحة للتعبير عن بعض من غضبك يمنعه من أن يظل مكبوتاً داخلك.

7. الدعابة

يمكن أن يساعدك العثور على الفكاهة في لحظة مشحونة بالغضب في الحفاظ على منظور متوازن. هذا لا يعني أنه يجب عليك ببساطة أن تضحك من مشاكلك أو تستخف بها؛ ولكن النظر إليها بطريقة مرحة يمكن أن يساعدك.

لذلك إذا شعرت بالغضب؛ حاول أن تتخيل كيف قد يبدو هذا السيناريو لشخص خارجي، وكيف يمكن أن يكون هذا مضحكاً له. حينها سيكون لديك المزيد من الفرص لمعرفة مدى عدم أهمية المضايقات البسيطة.

8. غيّر محيطك

امنح نفسك استراحة باقتطاع بعض الوقت الشخصي من محيطك المباشر. إذا كان منزلك مليئاً بالفوضى؛ خذ جولة بالسيارة أو تمشية طويلة. ستجد على الأرجح أنك أكثر استعداداً للتعامل مع الفوضى عند عودتك.

9. تعرَّف إلى محفزات غضبك وابحث عن البدائل

على سبيل المثال؛ إذا كانت تنقلاتك اليومية مصدراً قوياً لغضبك، فحاول إيجاد طريق بديل أو مغادرة العمل مبكراً. الفكرة هي تحديد وفهم الأشياء التي تثير غضبك؛ وبالتالي اتخاذ خطوات لتجنُّب الوقوع فريسة لها.

10. ركِّز على ما تستطيع تغييره

في حين أن التفكير في مشكلات يومك قد يبدو أمراً طبيعياً؛ إلا أنه لن يساعدك على المدى القصير أو الطويل. بدلاً عن ذلك؛ حاول إعادة التركيز على الأشياء التي سارت على ما يرام.

اقرأ أيضاً: 10 مفاتيح تساعدك على إيجاد التوازن العاطفي

إن الغضب هو عاطفة إنسانية طبيعية وصحية تماماً؛ ولكن عندما يخرج عن السيطرة، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في العمل، والعلاقات الشخصية، كما قد يؤدي إلى تدنّي جودة حياتك بشكل عام. لذلك؛ حاول أن تطبِّق أكثر الطرق فعالية معك للتنفيس عنه لتنعم بحياة أكثر هدوءاً.

error: المحتوى محمي !!