كيف يمكن التحكم في الغضب بشكل أفضل؟

التحكم في الغضب
shutterstock.com/Sasin Paraksa
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سواء كانت فورة غضب في شكل بركان متفجر، أو نوبة يمكن احتواؤها، فإنها مضرة لأجسامنا. تسلط كاثرين بيلزونغ أخصائية البيولوجيا العصبية؛ الضوء على ما يمكن جنيه من فائدة من خلال تسوية خلافاتنا، دون أن يجرفنا الغضب إلى ما لا يُحمد عقباه. كما تشرح لنا الأخصائية، أفضل طريقة من أجل التحكم في الغضب لتجنب آثاره الضارة على صحتنا.

ما هي الدوائر العصبية للغضب؟

كاثرين بيلزونغ: يستخدم الإنسان في أثناء الغضب لوزة المخيخ؛ وهي بنية تتكوّن من نواتين على شكل لوزة، تقعان في الفص الصدغي من الدماغ. تتدخل لوزة المخيخ في مشاعرنا البدائية، وردود أفعالنا التي تضمن بقاءنا على قيد الحياة. عندما تُقيّم حالة ما، على أنها مجحفة أو محبِطة، فإن لوزة المخيخ تمنحها بعداً عاطفياً (الغضب)، فتنشط النواة الرمادية السِّنْجابِيَّةُ المُحِيْطَةُ بالمَسَال (التي تثير السلوك العدواني: الصراخ، والحركات) والوِطاء (المسؤول عن المظاهر الفيزيولوجية المرافقة: تدفق الدم، تسارع ضربات القلب، اتساع حدقة العين). يمكن أيضاً معالجة المعلومات بواسطة القشرة المخية الحديثة (مساحة مرتبطة بالتفكير الواعي)، قبل الوصول إلى لوزة المخيخ. هذا المسار (المسمى بطيئاً) يمنح الفرصة لتهدئة المشاعر قبل إثارة السلوك العدواني.

لماذا بعض الناس يفقدون أعصابهم بسهولة؟

كاثرين بيلزونغ: هناك حالات مزاجية أكثر أو أقل عرضةً للإصابة بنوبات الغضب، وأكثر أو أقل قدرةً على التحكم العاطفي. الأشخاص الذين يعانون من الحساسية المفرطة؛ والذين يتميزون بنشاط مبالغ فيه، يجدون صعوبةً في التحكم في عواطفهم. لدى هذا الصنف من الأشخاص، تنطلق وظيفة لوزة المخيخ بسرعة وسهولة أكبر، ربما بسبب إصابتها في وقت ما بتغيرات بفعل عواملَ وراثية أو بيئية أو أسرية. أظهرت بعض الدراسات- على سبيل المثال- أن إساءة معاملة الأطفال تُحدِث عطلاً في تنشيط لوزة المخيخ؛ لكن فقدان الهدوء أو الحفاظ عليه، هو أيضاً مسألة تتعلق بالتربية. نعرف على سبيل المثال أن الآسيويين نادراً ما يغضبون؛ وهو سلوك يعتبرونه غير لائق إلى حد كبير، وقد تربوا وفق هذه المنظومة القيمية.

هل يمكننا أن نخفف من فورة غضبنا؟

كاثرين بيلزونغ: هناك احتمالان من أجل التحكم في الغضب أولهما احتواء الغضب. في هذه الحالة يتم كبح رد الفعل ومراقبته؛ لكن العاطفة تظل قائمةً، ويستمر الجهاز العصبي الودي في التسارع (ضغط الدم، ارتفاع معدل ضربات القلب، توتر العضلات) بما يشبه مفعول قدر الضغط الذي يكون أكثر ضرراً بالنسبة للصحة. ثاني احتمال هو تعلم كيفية التعامل مع العاطفة بشكل مختلف، لتهدئتها بفضل ما يسمى بإعادة التقييم المعرفي. يتعلق الأمر هنا بالعودة إلى الواقع (الآخر أظهر تصرفاً شريراً؛ لكن ربما عن غير قصد أو دون أن يدرك بأنه أثار غضبنا) بحيث يبدو الغضب أقل تبريراً أو ضرورة.

هل هناك تقنيات يمكنها مساعدتنا على القيام بذلك؟

كاثرين بيلزونغ: أكثر تقينات التحكم في الغضب شهرة؛ التأمل بكامل اليقظة. هذه التقنية تطوّر قدرتنا الطبيعية على الحفاظ على الهدوء من خلال زيادة حجم المناطق الأمامية والقشرة المخية الحديثة؛ التي تشكل حجر الأساس لإعادة التقييم المعرفي. تتحكم قشرة الفص الجبهي للدماغ في لوزة المخيخ، وتكبحها من خلال الإسقاطات التي يمكنها أن تخفف بشكل كبير من الغضب عندما لا يكون له ما يبرره؛ وبالتالي نتجنب الآثار الضارة لفورة الغضب القابلة للاحتواء. تثبت لنا حالياً علوم الأعصاب، أنه في مجال الدماغ أيضاً، من الممكن دائماً تحسين الأوضاع.

المحتوى محمي !!