فراق زملاء العمل موجع أحياناً، فكيف تتعامل مع أثره النفسي؟

1 دقيقة
فراق زملاء العمل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

قد يشعرك رحيل أحد الزملاء بالحزن أو الفراغ العاطفي، خاصة إذا كانت بينكما علاقة طيبة أو تعاون يومي وثيق؛ فمن الطبيعي أن تتأثر، لكن الأهم هو أن تتعامل مع الموقف بوعي يساعدك على التكيف والمضي قدماً. إليك ما يمكنك فعله:

  • تقبل مشاعرك كما هي، واكتبها أو تحدث عنها لتفهمها وتفرغ…

تخيل معي هذا المشهد؛ تذهب إلى عملك كل يوم، تجد زميلك يجلس في المكتب المجاور لك، تتشاركان معاً خطط اليوم، والمشاريع المشتركة، تتذمران من مواعيد التسليم المرتقبة، ثم تذهبان معاً إلى اجتماع الفريق بعد أن تتناول بصحبته كوباً ساخناً من القهوة، بعد ذلك تأتي في أحد الأيام إلى العمل لتجد مقعد زميلك فارغاً لأنه غادر العمل، تجلس مع نفسك، وتتذكر أنك كنت تراه خمسة أيام في الأسبوع ساعات متواصلة، يوماً بعد يوم، أسبوعاً بعد أسبوع، شهراً بعد شهر، عاماًبعد عام، تفكر في أن زميلك كان يفهم جيداً ضغوطك اليومية، وغالباً ما يساعدك على التعامل مع شعورك بالإحباط والقلق من مهام العمل، في هذه الحالة، ربما تسأل نفسك؛ كيف تتعامل مع التأثيرات النفسية لمغادرة زميلك في العمل؟ والإجابة ستجدها في هذا المقال.

ما هي التأثيرات النفسية لمغادرة زملائك في العمل؟

نعيش حالياً في ظل ثقافة عمل سريعة التغير، وعلى الرغم من أننا نقضي وقتاً طويلاً كل يوم مع زملاء العمل، ومن ثم نبني مع هؤلاء الزملاء علاقة وطيدة تترسخ مع مرور الوقت، فإن هذه العلاقة معرضة للانتهاء في أي وقت، ما يجعل الموظفين يحسون بخليط من المشاعر المعقدة بين الحزن والترقب والأسى.

وتصف عالمة النفس، بولين بوس، هذه الظاهرة باسم "الفقدان الغامض"؛ وهو نوع من الحزن يحدث في مكان العمل بسبب مغادرة الزملاء، خاصة إذا كانت تلك المغادرات تتم وفق وتيرة متكررة، ففي هذه الحالة سوف يشعر الموظف بالإرهاق العاطفي؛ إذ سيكون عليه التعامل مع مشاعر الحزن والفقد، وفي الوقت نفسه عليه أن يتقبل طبيعة بيئة العمل غير المستقرة، ففي نهاية المطاف، تظل علاقات العمل مؤقتة بحكم طبيعتها، حتى إن كانت راسخة بحكم عدد الساعات التي تقضيها مع الزملاء.

وإلى جانب الشعور بالحزن والفقد، يسبب مغادرة زميل العمل انخفاض الروح المعنوية، خاصة لو كان الزميل الذي غادر مصدراً للرفقة والحماس والمرح، وعادة ما تنخفض الروح المعنوية لأنه ليس من السهل استبدال العلاقة التي بنيت على مدى شهور أو سنوات من التعاون، ويمكن القول إن انخفاض الروح المعنوية يمكن أن يؤدي إلى تدني الإنتاجية إذا ترك دون معالجة.

اقرأ أيضاً: زملاء العمل ليسوا عائلتك: 6 نصائح لبناء علاقات مهنية متوازنة

كيف تتعامل مع التأثيرات النفسية لمغادرة زملاء العمل؟

قد يكون انتقال زميلك في العمل إلى مكان آخر هو بمثابة فصل جديد في حياته، ولكن إذا كنت تواجه صعوبة في التعامل مع مغادرته، جرب اتباع النصائح التالية:

1. امنح نفسك وقتاً كافياً لتقبل مشاعرك

اعلم جيداً أن وتيرة العمل الحالية شديدة السرعة، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن تتعامل مع رحيل زميلك بالسرعة نفسها، ولهذا امنح نفسك وقتاً كافياً لتقبل مشاعرك وفهمها. على سبيل المثال، يمكنك تدوين الأفكار والمشاعر التي تراودك حين تفكر في مغادرة زميلك، وبعد أن تفرغ أفكارك ومشاعرك على الورق ستتمكن من التعامل معها بهدوء.

2. خذ استراحة واستجمع أفكارك

حين يخبرك زميلك بأنه سيغادر العمل وبمجرد أن تهدأ حالة الحماس والزخم العاطفي، اخرج لتناول قهوة سريعة أو للمشي في الهواء الطلق، حاول أن تفهم معنى هذا منطقياً وأخبر نفسك بأنها ليست نهاية العالم، بالطبع ستشعر بالحزن والفقد، لكن تأكد أن هذا الوضع لن يدوم طويلاً.

3. ادعم زميلك وكن بجانبه

قد تكون استقالة زميلك في العمل أمراً مؤلماً بالنسبة لك، لكن ماذا لو كان سيذهب إلى شركة أخرى بمرتب أعلى أو منصب أفضل، في هذه الحالة، عليك أن تدعم زميلك بطريقة إيجابية وتهنئه على نجاحه وعلى تطوره في مشواره المهني، لهذا حاول أن تكون سعيداً ومتحمساً من أجله، حتى لو شعرت أنه يرتكب خطأ فادحاً أو لا يسعك إلا القلق بشأن عواقب رحيله، فمن الضروري أن تحافظ على احترافيتك ولا تدع عواطفك تمنعك من تهنئته.

اقرأ أيضاً: الغناء في العمل: أداة غير متوقعة لتقوية الروابط بين الموظفين

4. فكر في إقامة حفل وداع

يساعد إقامة احتفال لزميل العمل المغادر في تعزيز الثقافة التنظيمية ورفع الروح المعنوية داخل الفريق، كما أنها طريقة فعالة لإظهار التقدير لإسهامات زميلك، ولهذا حاول تنظيم مناسبة أو حفلة وداع صغيرة تعتقد أن زميلك المغادر سيستمتع بها، يمكنك تخصيصها لتناسب اهتماماته أو سؤاله عبر البريد الإلكتروني عما قد يفضله، يمكن أن يكون الاحتفال تجمعاً صغيراً في غرفة الاستراحة مع كعكة ومرطبات، أو قد يتضمن رحلة إلى مطعم أو مكان آخر، وإذا كنت تعمل عن بعد يمكن أن تنسق اجتماعاً يتضمن حفلة وداع.

5. ابق على اتصال

بعد المغادرة، فكر في الحفاظ على التواصل مع زميلك؛ فإذا كنتما قريبين بصفتكما من أعضاء الفريق، فإن البقاء على اتصال بعد رحيله يمكن أن يظهر تقديرك للعلاقة ورغبتك في استمرارها، ويمكن القول إن التواصل المستمر مع زملائك المغادرين يساعدك على توسيع شبكة علاقاتك ويخفف شعورك بالوحدة في العمل.

6. وسع شبكة علاقاتك الداخلية

حاول ألا تغرق في الشفقة على الذات عند رحيل زميلك، وبدلاً من ذلك، تعرف إلى أشخاص جدد داخل شركتك، يمكنك الخروج معهم لتناول القهوة، أو حتى يمكن أن تذهب بصحبتهم من أجل تناول طعام الغداء في عطلة نهاية الأسبوع، وإذا كنت لا تزال تشعر بالوحدة الشديدة جراء مغادرة زميلك في العمل حاول التحدث إلى مديرك في الأمر أو يمكنك إجراء محادثة مع زميل آخر يتفهم موقفك.

اقرأ أيضاً: كيف يعزز القادة راحة الموظفين ورضاهم دون إنفاق مبالغ طائلة؟

7. تجنب النميمة

عندما يغادر أحد الزملاء مكان العمل، غالباً ما يشعر باقي الموظفين بالحاجة إلى التحدث عن الأمر، إذ يرغبون في معرفة سبب المغادرة، وأحياناً يبالغ الأشخاص في الحديث عن الاستقالة ويضفون عليها طابعاً درامياً بتكرار إشاعات غير مؤكدة أو التكهن بأسباب الرحيل، وفي بعض الأحيان يتطرق الموظفون إلى تاريخ ذلك الشخص، وتحليل عمله تحليلاً دقيقاً، في هذا الموقف لا تتدخل وحافظ على ولائك.

8. اطلب الدعم

ردود فعل الأشخاص تجاه المواقف ليست متشابهة، فقد يتجاوز أحد الأفراد مشكلة في وقت قصير بينما لا يتمكن الآخر من التجاوز، ولهذا إذا لم تتمكن من تجاوز فكرة مغادرة زميلك، واستمر شعورك بالحزن مدة طويلة، اطلب الدعم سواء من أصدقائك المقربين أم أحد أفراد عائلتك، وفي حال احتجت إلى مساعدة متخصصة اطلب الدعم من الطبيب النفسي.

ويؤكد الطبيب النفسي، إسماعيل علوش مدخلي، أنك يجب ألا تصل لمرحلة الانهيار النفسي حتى تطلب المساعدة المتخصصة، ويضيف مدخلي بعض العلامات التي تخبرك بضرورة طلب الدعم النفسي، منها طول مدة الحزن أو القلق أكثر من المعتاد، وأن تلاحظ أن وتيرة علاقاتك وعملك بدأت تتأخر سلباً، أو أن تدرك أن مشاعرك أصبحت أثقل من قدرتك على حملها، أو اضطرب تركيزك وأكلك ونومك فترة من الوقت.

المحتوى محمي