هل تشعر بأن الجميع يسبقونك في مسيرتهم المهنية؟ اكتشف السبب والحل

3 دقيقة
تشوه الصورة المهنية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

تصادفني بين الحين والآخر منشورات على منصات التواصل الاجتماعي تشير إلى مضمون واحد يوضحه أصحابها؛ وهو أنهم عندما يتجولون على منصة لينكد إن يشعرون بأنهم لا يعملون، وموقعهم في الحياة المهنية بعيد للغاية عن المستوى المطلوب.

وعلى الرغم من اللهجة الساخرة لتلك المنشورات فهي تشير إلى مشكلة خفية؛ وهي أن البعض على الرغم من بذلهم ما بوسعهم واجتهادهم فإنهم غير راضين إطلاقاً عن ذواتهم، ومع ازدياد هذه الظاهرة وضع المختصون لها اسماً مؤخراً وهو تشوه الصورة المهنية، فما الذي يعينه؟ وكيف يمكن التعامل معه؟ هذا ما سنتعرف إليه في مقالنا.

ما هو تشوه الصورة المهنية؟

توضح أستاذة الطب النفسي بجامعة هارفارد، أشويني نادكارني، أن تشوه الصورة المهنية ينشأ نتيجة تشوهات معرفية متعلقة بالقيمة الذاتية في مكان العمل، وهذا يعني أن الشخص يتبنى أسلوب تفكير غير عقلاني لا يتصل بالواقع تجاه إنجازاته أو مهاراته، ويترافق مع الأسلوب السابق ممارسات أخرى مثل الميل إلى الكمالية، وذلك بوضع توقعات يصعب الوصول لها، أو الخوف من الفشل، وكذلك إنكار الشخص لكفاءته.

ما الذي قد يجعلك تشعر بأنك متأخر في حياتك المهنية؟

ثمة ممارسات شائعة عديدة تغذي تشوه الصورة المهنية؛ في مقدمتها الوقوع في فخ المقارنات المستمرة فيما يتعلق بالنجاحات والترقيات، ما يعزز الشعور بالنقص وانخفاض تقدير الذات، ويتوازى مع ذلك أن تصبح توقعات الشخص غير واقعية فيلزم نفسه بمعايير يصعب تحقيقها، وعندما يفشل يجد نفسه وجهاً لوجه مع الشعور بالإحباط والشك في قدراته.

ليس ذلك فحسب، فهناك سبب آخر مهم هو أن الكثيرين أصبحوا يسعون اليوم إلى تقدير الآخرين لما يقومون به بدلاً من البحث عما يؤمنون فعلاً بأهميته وجدواه، أي إنهم ببساطة يعيشون لتحقيق أهداف ليست خاصة بهم!

ومن أهم الملامح المعاصرة المرتبطة بتشوه الصورة المهنية انعدام التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، فعندما يفسح الفرد لعمله مساحة أكبر من اللازم فإنه يقلص على الناحية الأخرى تنوع مجالات حياته، ما يصيبه بالإرهاق والاستنزاف والشعور بعدم الرضا عن نفسه، ويترافق ذلك غالباً مع ضياع الحدود الواضحة فيجد نفسه لا يستطيع أن يقول "لا" للأمور التي لا تتناسب معه وذلك يؤدي إلى انخفاض تقديره لذاته واهتزاز ثقته بنفسه.

اقرأ أيضاً: حتى في أسوأ أيامك: 5 خطوات تستعيد بها اتزانك النفسي

8 علامات تؤكد إصابتك بتشوه الصورة المهنية

ربما تجد نفسك متحيراً حول إذا كان ما تعيشه مجرد طموح ورغبة في تحقيق المزيد من النجاحات أم هو تشوه للصورة المهنية، لذا حتى تقطع الشك باليقين إليك أهم العلامات المميزة لهذا التشوه:

  1. انخراطك في المقارنات باستمرار بين ما أنجزته في مسيرتك المهنية وما وصل إليه الآخرون.
  2. شعورك بأنك لن تصل إلى مستوى النجاحات التي تراها من حولك مهما فعلت.
  3. تقليل قيمة نجاحاتك أو اعتبارها ليست أكثر من حظ.
  4. انتقاد نفسك بقسوة واعتقاد أن الفشل حليفك على طول الخط، ما يصيبك بالتردد في اتخاذ القرارات أو إعادة إنجاز المهام بهدف زيادة إتقانها.
  5. الميل إلى التفسيرات السلبية، فمثلاً إذا لم يرد مديرك على رسالتك بسرعة تفسر ذلك على أنه نتيجة سوء أدائك.
  6. تراجع ثقتك بنفسك إلى حد أنك تخشى مشاركة أفكارك مع فريقك وعرض آرائك في الاجتماعات.
  7. مواجهة صعوبة في تقبل الإطراءات نتيجة ظنك أنك لا تستحقها.
  8. الإفراط في العمل من أجل إثبات كفاءتك للآخرين.

اقرأ أيضاً: لماذا يكره البعض نجاح الآخرين؟ وكيف تتخلص من هذا الشعور؟

كيف تعالج تشوه الصورة المهنية وتتصالح مع ذاتك؟

استعرضنا في السطور السابقة أبعاد المشكلة بدقة، والآن حان وقت طرح الحلول الممكنة لعلاجها، وأهمها:

  1. حدد معنى النجاح بالنسبة لك ولا تشغل ذهنك بمعناه بالنسبة للآخرين، لأنه ببساطة لا يناسب الجميع أن يكونوا رؤساء تنفيذين أو رواد أعمال أو أصحاب شركات، لذا ضع معاييرك الشخصية جداً ولا تلتفت إلى آراء الآخرين فيما يتعلق بهذه النقطة تحديداً.
  2. توخ الحذر عند استخدام منصات التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، صباح اليوم وجدت نفسي أشاهد مقطع فيديو يشجع على المقارنة وكان رد فعلي أن أوقفته فوراً، وأنت كذلك عندما تجد نفسك تنساق وراء المقارنة تراجع بحزم حتى لا تصاب بالإحباط، وسيساعدك على ذلك إلغاء متابعة الحسابات التي تشعرك بأن حياتك متواضعة.
  3. احتفل بإنجازاتك سواء كانت صغيرة أم كبيرة وقدرها كما ينبغي، حتى تنمي تقديرك لذاتك وتعزز ثقتك بنفسك.
  4. اعمل دائماً على الموازنة بين حياتك المهنية والشخصية، فهناك مقولة أقدرها هي: "أنت لست وظيفتك" لذا ابحث عن الأبعاد المختلفة لك واستمتع بتطويرها.
  5. تقبل أن لكل منا خريطة زمنية مختلفة عن الآخر، وهذا معناه ببساطة أنك لست في سباق مع أحد، وهو ما يؤكده الطبيب النفسي عاصم العقيل في تغريدة جميلة يقول فيها: "أنت في سباق مع نفسك بأن تعثر على شغفك، ماذا يجذبك ويشد انتباهك أنت؟ ما هي القيم التي تريد أن تعيش من أجلها؟ ماذا تعشق أن تكون؟ ولماذا؟ ما هو سر سعادتك؟ دع العالم الخارجي وركز ألف مرة على عالمك الداخلي، أبحر ولا تتوقف".

اقرأ أيضاً: "أنت لست وظيفتك": كيف تستوعب الأبعاد المختلفة لذاتك؟

المحتوى محمي