6 كتب ستغير رؤيتك تماماً لمفهوم السعادة

6 دقيقة
تعريف السعادة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

ما هو تعريف السعادة بالنسبة لك؟ وكيف يمكن تحقيقها؟ هل السر يمكن في المال؟ أم المكانة الاجتماعية؟ أم العلاقات الشخصية؟ الحقيقة أن معنى السعادة يختلف من شخص إلى آخر، فالبعض يجدها في الرضا والسلام الداخلي، والبعض الآخر يراها فرحاً ونشاطاً غامراً، ومهما كان معناها بالنسبة إليك فأنت تتمنى الحصول على المزيد منها في حياتك، ولكن كيف يمكنك الوصول إلى أسرار الحياة السعيدة؟ دعني أخبرك أن هذا السؤال شغل بال الكثير من الفلاسفة وعلماء النفس، ولهذا فإنهم حاولوا الإجابة عنه ووضعوا إجاباتهم داخل مجموعة من الكتب، ومن خلال هذا المقال، سوف نسلط الضوء على بعض الكتب التي تخبرك بأسرار الحياة السعيدة، حاول الاسترخاء حتى تنطلق معنا في هذه الرحلة الممتعة، ولكن تأكد من أننا لن نقدم إجابات جاهزة، بل أدوات واستراتيجيات تساعدك من أجل خوض رحلتك الخاصة نحو سعادتك.

1. القبول الجذري 

يرتكز جوهر كتاب "القبول الجذري" للمؤلفة والمختصة النفسية تارا براش على فكرة أساسية مفادها ضرورة تقبل الذات، وخاصة أن الكثير من الأشخاص قد يظلون سنوات عالقين مع شعورهم بعدم الكفاءة أو الاستحقاق، وتوضح براش أن فكرة القبول الجذري تعتمد على مبدأين رئيسيين هما:

  • الرؤية الواضحة للواقع عبر ممارسة اليقظة الذهنية، والتركيز من كثب، دون إصدار أحكام على تجربتك الحالية، وأفكارك، ومشاعرك، وأحاسيسك الجسدية.
  • التعاطف مع النفس والتعامل معها بلطف وقبول، كما تفعل مع صديق مقرب.

وتؤكد براش أن القبول الجذري ليس استسلاماً سلبياً أو موافقة على المواقف المؤذية. بل هو خيار شجاع وفعال للاعتراف بالواقع كما هو، دون مقاومته، وبذلك، تحرر نفسك من الطاقة العاطفية المبذولة في المقاومة، ما يسمح لك بإيجاد السلام النفسي وتعزيز الشعور بالرضا، ومن ثم تحقيق السعادة، وتقدم براش من خلال كتابها، خطوات عملية من أجل ممارسة القبول الجذري، والتي تتمثل فيما يلي:

  • اعترف بالأفكار أو المشاعر أو الأحاسيس الجسدية التي تمر بها، على سبيل المثال أخبر نفسك قائلاً "أشعر بالقلق"، أو "تراودني أفكار بعدم الاستحقاق".
  • امنح نفسك الإذن الواعي لوجود الشعور أو الفكرة دون محاولة تغييرها أو دفعها بعيداً أو الاشتباك معها، وهذا يعني التخلي عن المقاومة.
  • استكشف مشاعرك وأفكارك بلطف وفضول، واسأل نفسك: كيف يبدو الشعور في جسدك؟ أين تحس به؟ ما هي القصص أو الأحكام المرتبطة به؟ هذه الخطوة تتعلق بالبحث الرحيم، وليس بالتحليل.
  • تعاطف مع نفسك، قدم لها الراحة واللطف. على سبيل المثال، ضع يدك على قلبك، أو ربت على كتفك أو قل عبارة لطيفة لنفسك مثل: "لا بأس أن أشعر بهذه الطريقة".

اقرأ أيضاً: كيف نصل إلى السعادة؟

2. العادات الذرية 

على الرغم من أن كتاب "العادات الذرية" للمؤلف الأميركي جيمس كلير ليس كتاباً عن "السعادة" بالمعنى التقليدي، فإنه يقدم أحد أكثر الأطر العملية لتحقيق حياة مليئة بالسعادة من خلال تغيير السلوك، ويوضح كلير كيف تتراكم العادات الصغيرة والمتسقة مع مرور الوقت، حتى تشكل الهوية والرفاهية. ويدور الكتاب حول فكرة أساسية هي تغيير الأنظمة وليس الأهداف، ما يعني التركيز على العملية وليس الكمال، ويشرح الكتاب كيف يمكن لروتينك اليومي الذي يتوافق مع قيمك أن يجلب لك الشعور بالسعادة والرضا والإنجاز، ويحدد كلير إطاراً عملياً لبناء العادات الجديدة، وهذا الإطار يشمل ما يلي:

  • اجعل العادة واضحة واربطها مع بعض الإشارات حتى تترسخ في روتين يومك. على سبيل المثال، ضع كتاباً بجانب سريرك لتذكيرك بالقراءة قبل النوم.
  • اجعلها جذابة واستخدم أسلوب الربط المغري. على سبيل المثال، استمع إلى البودكاست المفضل لديك في أثناء غسل الأطباق أو المشي الصباحي في الهواء الطلق.
  • اجعلها سهلة وقلل التعقيدات المرتبطة بالعادة. على سبيل المثال، في أثناء ترسيخ عادة القراءة، ابدأ بصفحات قليلة، وليس بفصل كامل.
  • اجعلها مرضية لأن العادات التي تشعرك بالسعادة أكثر عرضة للتكرار، وكافئ نفسك فوراً بعد إكمال عادة جديدة لأن ذلك سوف يمنحك شعوراً بالإنجاز والفخر.

3. %10 أكثر سعادة

هذا الكتاب عبارة عن مذكرات شخصية توثق رحلة تحول المؤلف من صحفي ومذيع أخبار أصيب بنوبة هلع على الهواء مباشرة، إلى شخص يبحث عن السعادة والتأمل، وما يميز هذا الكتاب هو روح الدعابة التي يجسدها المؤلف دان هاريس الذي يؤكد للقراء أن السعادة لن تتحقق بين عشية وضحاها، لكنها تحتاج إلى بعض المهارات والأدوات مثل التأمل والتركيز على اللحظة الحاضرة، وتنظيم المشاعر، وتعزيز المرونة. ومن أجل الوصول إلى أسرار الحياة السعيدة ينصح هاريس القراء بالتالي:

  • مارس التأمل مدة دقيقتين يومياً، لكن مفتاح النجاح يكمن في الاستمرارية، لهذا ابدأ التأمل مدة قصيرة وداوم على الأمر، لأن الهدف هو بناء العادة، وليس أن تصبح متأملاً مثالياً.
  • ركز على تنفسك، وقبل أن تفعل ذلك، اجلس في مكان مريح ولاحظ ارتفاع بطنك وانخفاضه أو اشعر بدخول الهواء وخروجه من أنفك.
  • تقبل شرودك دون إصدار أحكام، لأن عقلك سوف يشرد ويفكر في المهام التي تنتظرك أو وجبة الغذاء التالية، تأكد من أن هذا ليس فشلاً، لأن التمرين لا يقتصر على إيقاف أفكارك، بل على ملاحظة شرود ذهنك، ثم توجيه انتباهك بلطف نحو تنفسك.
  • ادمج اليقظة الذهنية في روتين يومك، وهذا يعني التركيز بوعي على مهمة واحدة في كل مرة، بدلاً من تعدد المهام. على سبيل المثال، عندما تمشي امش فقط، وعندما تأكل كل فقط. هذا يساعد على تدريب عقلك على التركيز في اللحظة الحالية.

4. كيف تكون سعيداً

يعد كتاب "كيف تكون سعيداً" من تأليف أستاذة علم النفس في جامعة كاليفورنيا، سونيا ليوبوميرسكي، دليلاً مبسطاً يشرح كيفية الوصول إلى السعادة من خلال استراتيجيات عملية، وتحدد الكاتبة 12 نشاطاً مدعماً بالأدلة لزيادة السعادة، بما في ذلك الامتنان، والتفاؤل، وأعمال اللطف، وتقوية العلاقات. ويقدم كل فصل تمارين عملية وأدوات للتقييم الذاتي، ما يتيح للقراء تصميم استراتيجيات تناسب ظروفهم الشخصية، وتبين ليوبوميرسكي أن العادات اليومية البسيطة والمستمرة لها آثار تراكمية عميقة على السعادة، ومن أهم الأنشطة التي ذكرتها المؤلفة في الكتاب:

  • مارس الامتنان بانتظام لأن ذلك يعزز سعادتك بصورة كبرى، يمكنك على سبيل المثال، الاحتفاظ بمذكرات امتنان، أو كتابة رسائل شكر، أو ببساطة تخصيص لحظة كل يوم لتقدير الأشياء الجيدة في حياتك.
  • تجنب الإفراط في التفكير، ولا تقارن نفسك بالآخرين، وأعد صياغة أفكارك السلبية واستبدل بها أخرى إيجابية.
  • انتبه بفاعلية للتجارب الإيجابية وقدرها، يمكن أن يكون هذا بسيطاً مثل الاستمتاع بوجبة لذيذة، أو قضاء لحظة للاستمتاع بغروب الشمس الجميل.
  • اعتن بجسمك واحرص على ممارسة الرياضة، والحصول على قسط كاف من النوم.

اقرأ أيضاً: 6 عادات متناهية الصغر تساعدك على الشعور بالسعادة يومياً

5. التعثر في السعادة 

لن يخبرك كتاب "التعثر في السعادة " للطبيب النفسي دانيال جيلبرت عن أسرار الحياة السعيدة، ولكنه عوضاً عن ذلك، سوف يكشف لك سبب عدم قدرتك على الشعور بالسعادة، وتتمحور الفكرة الرئيسية لهذا الكتاب حول تحيزاتك المعرفية التي تدفعك باستمرار إلى وضع تصورات خاطئة حول الواقع، ويؤكد جيلبرت أن دماغك يميل إلى ملء الفراغات حتى لو كانت غير دقيقة أو صحيحة، وهو الأمر الذي يجعلك غير راغب في تبني نهج الحياة السعيدة، وحتى تغير أنماط تفكيرك القديمة، اتبع النصائح التالية:

  • لا تثق في خيالك حين يرسم سيناريوهات عن المستقبل؛ وذلك لأنه يميل إلى التركيز على أهم التفاصيل، ما قد يدفعك إلى الاعتقاد بأن التجربة ستكون إما إيجابية جداً وإما سلبية للغاية، وفي كلتا الحالتين يمكن أن يكون الواقع مختلفاً عن رؤيتك الخيالية.
  • تقبل حالة عدم اليقين ولا تبالغ في التحليل أو التفكير، ثمة بعض الأمور التي ستظل خارجة عن نطاق سيطرتك.
  • لا تركز على نهاية التجربة، ولكن تعمق في الرحلة بأكملها، ولا تبالغ في تقدير الألم حتى لا تطيل أمد الأحداث السلبية التي تمر بها.

وفي سياق التعامل مع التجارب السلبية التي تمنعك من الشعور بالسعادة، يشرح استشاري الطب النفسي، فهد القحطاني، أن دماغك قد يكون مبرمجاً للنجاة وليس للسعادة، وفي هذه الحالة فإنه يسعى إلى إبقائك حياً فقط، لذلك يبالغ في رصد الخطر، ومن ثم تحس بالقلق والتوتر، وتبالغ في التفكير، وعلى الجانب الآخر، المعنى الذي يعيد التوازن إلى حياتك هو الذي يتجسد في الهوايات والعلاقات الآمنة والقيم التي تؤمن بها، ويضيف القحطاني أن السعادة ليست نقيض البقاء على قيد الحياة ولكنها ثمرة إعادة تدريب دماغك حين يرى الحياة بأكثر من عين الخوف.

6. الازدهار 

يوسع كتاب "الازدهار" لرائد علم النفس الإيجابي الشهير، مارتن سيلجمان، مفهوم السعادة ليضم الرفاهية الشاملة، مقدماً نموذجاً يرتكز على 5 أسس رئيسية هي:

  • المشاعر الإيجابية: وتشمل الفرح والرضا والحب، ويمكن تنمية تلك المشاعر من خلال بعض الأنشطة مثل الامتنان والتسامح والاستمتاع بالتجارب الإيجابية.
  • العلاقات الاجتماعية: يركز الكتاب على ضرورة الانتباه إلى جودة روابطك الاجتماعية وعلاقاتك مع الآخرين وعمقها، فالعلاقات القوية توفر الدعم والرفقة والشعور بالانتماء.
  • المعنى: ويشير إلى الشعور بالهدف في الحياة الذي ينبع من الإسهام في شيء أكبر من ذاتك، ويمكن أن ينبع الإحساس بالمعنى من التطوع أو العمل أو المساعي الشخصية التي تتوافق مع قيمك ومعتقداتك.
  • الإنجاز: ويعني الشعور بالتقدم والقدرة على تحقيق الأهداف، سواء كان ذلك في حياتك الشخصية أم المهنية، ويمكن تعزيز الإنجاز من خلال وضع الأهداف وتحقيقها، بالإضافة إلى تعلم مهارات جديدة واكتساب المعرفة.
  • التفاعل: ويشير وفقاً للكتاب إلى تجربة الانغماس الكامل والتركيز في نشاط ما، ويشار إليه أحياناً باسم "التدفق" ويمكن تعزيز هذه الحالة من خلال الانخراط في الأنشطة التي تتطلب مهارة، مثل الهوايات والرياضة والأنشطة الإبداعية كالرسم والكتابة والموسيقا.

اقرأ أيضاً: هل تفتقد السعادة؟ هذا النوع من الموسيقا يحسن مزاجك

في النهاية، يتبين من عرض الكتب السابقة، أن السعادة ليست رحلة واحدة تناسب الجميع، ولا توجد لها وصفة جاهزة، ولكن يتعين عليك بناؤها خطوة بخطوة، وعادة بعد عادة، ومعتقداً بعد معتقد. ومع مرور الوقت، سوف تعيش حياة أكثر إشباعاً حتى في خضم تحديات الحياة الحتمية.

المحتوى محمي