كيف تحافظ على هدوئك وراحتك النفسية في بيئة العمل التنافسية؟

6 دقائق
التنافس في العمل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

يبدو للمتأمل في مجتمعاتنا العربية أن الكثير من أفرادها يعيشون تحت ضغط المنافسة المستمرة، فمن المدرسة إلى الجامعة ثم الوظيفة وغيرها من مسارات الحياة يلاحق الشخص شبح عدم التحقق أو أن يكون في يوم من الأيام أقل من المحيطين به.

ويشير استشاري الطب النفسي محمد اليوسف إلى أنه، من واقع دراسته وعيشه في دول كثيرة، وجد أن المنافسة في منطقتنا العربية حادة، ويرجع ذلك من وجهة نظره إلى التربية القائمة على المقارنات في أغلب الأحيان، وهذا ما يجعل البعض لا يفرحون إلا باستفزازهم لغيرهم، ولا يستطيعون العمل إلا تحت ضغط، ولا يتحمسون إلا بالتحدي.

وقد تنتقل تلك المنافسة الساخنة أحياناً إلى بيئات العمل، فتجد أن المطلوب منك باستمرار أن تتميز وتتفوق على زملائك، وتنجح في التقدم عليهم في ترقي السلم الوظيفي، ما قد يصيبك بالقلق والتوتر والإرهاق، فكيف يمكنك المحافظة على سلامك النفسي دون أن يتراجع أداؤك المهني في بيئة العمل التنافسية؟ هذا ما سنتعرف إليه في مقالنا.

7 إرشادات عملية لتحافظ على هدوئك وراحتك النفسية في بيئة العمل التنافسية

بشكل أو بآخر، غالباً سيكون هناك نوع من المنافسة في بيئة العمل، لكن المهم أن تكون ضمن الحدود الصحية، وعلى الرغم من ذلك فقد تشعر أحياناً أنك تعاني ضغطاً نفسياً جراء تلك المنافسة؛ لذا إليك مجموعة من الإرشادات العملية التي ستساعدك على العيش بهدوء على الرغم من عملك في بيئة تنافسية:

  1. اصنع علاقات قائمة على التقدير والاحترام المتبادل مع زملائك وحافظ على إبقاء قنوات التواصل بينكم مفتوحة، وأكد لهم أنكم تعملون بصفتكم فريقاً واحداً يتقاسم الأعباء والدعم والانتصارات، وبذلك ستكون قد تجاوزت احتمالية نشوء الأحقاد أو الخلافات الناتجة عن التنافس الضار.
  2. احذر الانسياق وراء التوقعات المفتوحة الخارجة عن حدود المنطق نتيجة شيوع التنافس في محيط عملك، وضع لنفسك توقعات قابلة للتحقيق، وبالتوازي مع ذلك ركز على الاحتفال بتقدمك وإنجازاتك مهما كانت صغيرة.
  3. تذكر أن المنافسة في بيئة العمل تشمل جانباً واحداً من جوانب الحياة المتعددة، لذا لا تدعها تستنزف طاقتك أو تدمر نظرتك لذاتك، وحاول الموازنة بين رغبتك في المنافسة المهنية والاعتناء ببقية مجالات حياتك.
  4. الجأ إلى ممارسة تمارين اليقظة الذهنية باستمرار، وذلك بتركيز انتباهك على اللحظة الحالية وتقبل أفكارك ومشاعرك دون إصدار أحكام، وتجنب الانسياق وراء التفكير في الماضي أو توقع المستقبل.
  5. اجعل حديثك مع نفسك إيجابياً حتى تعزز ثقتك بنفسك وتكون في مأمن من التعرض للإرهاق، وفي هذا الجانب ينصحك المعالج النفسي أسامة الجامع بأن تفكر في نفسك وتركز على ما يمكن أن يميزك، وكيف تصبح نسخة أفضل من نسختك السابقة.
  6. خصص وقتاً لممارسة الرياضة حتى تتمكن من العمل بهدوء في ظل المنافسة المحمومة التي تدور حولك، فالرياضة تعمل على إفراز هرمون الإندروفين الذي يخفف توترك ويحسن مزاجك، ما يجعلك قادراً على مواجهة التحديات بشخصية متزنة وواثقة.
  7. قدم لنفسك العناية التي تستحقها؛ وذلك يعني الحفاظ على نظام غذائي متزن، والحصول على ما يكفيك من ساعات النوم، إلى جانب ممارسة الهوايات والأنشطة المحببة لك، حتى تكون مستعداً لمواجهة تحديات بيئة العمل التنافسية.

اقرأ أيضاً: عقدة قابيل: لماذا قد يتقاتل الإخوة؟ وكيف يمكن التقريب بينهم؟

كيف تؤثر المنافسة الشديدة في صحتك النفسية؟

مبدئياً، ينبغي توضيح أن المنافسة أحياناً قد تكون نعمة، لكنها في أحيان أخرى تتحول إلى نقمة؛ فإذا كان التنافس يدفع الشخص إلى التحسين من مهاراته وتحقيق أهدافه الشخصية ضمن حدود المعقول، فهو في هذه الحالة تنافس صحي يساعده على النمو الشخصي ويزيد دافعيته ويجعله يشعر بالإنجاز ويكسبه المرونة في مواجهة التحديات.

لكن على الناحية الأخرى، إذا زاد التنافس عن حده وأصبح رغبة شديدة في التفوق على الآخرين بأي ثمن مصحوباً بسلوكيات غير أخلاقية مثل التحايل أو التخريب، فهو في هذه الحالة يسبب القلق والتوتر ويفسد العلاقات، وأحياناً تكون هذه المنافسة الضارة ناتجة عن انعدام الأمان أو الخوف من الفشل.

وفي الحياة المهنية قد نجد أنفسنا ننساق وراء المنافسة الشديدة رغبة منا بأن نصبح الأفضل، وتلك المنافسة إيجابية إن لم تدفعنا إلى تجاوز حدودنا مع زملائنا أو نمو الكراهية بيننا وبينهم، لكن في حال جعلتنا نرتكب أفعالاً تهدف إلى منع الآخرين من التقدم فتكون بذلك قد تحولت إلى سلوك سام يزرع العداوة في مكان العمل، ويجعل التواصل بين الزملاء غير مريح.

وذلك النوع من التنافس السام قد يجعلنا، بلا وعي، نبذل جهدنا لتحقيق أهداف ليست ذات صلة بشخصياتنا، إنما هي أهداف موضوعة لمجرد إثبات التفوق على من حولنا، بالإضافة إلى معاناتنا الشعور بالقلق والتوتر والغيرة، ما قد يصل بمرور الوقت إلى معاناة الاكتئاب نتيجة الإرهاق المستمر والشعور بالنقص وعدم الرضا عن النفس.

اقرأ أيضاً: كيف يستخدم النجوم مثل محمد صلاح وميسي علم النفس لتحسين أدائهم؟

المحتوى محمي