8 طرق للحفاظ على التوازن النفسي لفريقك عند العمل عن بعد

10 دقائق
العمل عن بعد
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

أصبح العمل عن بعد واقعاً جديداً في عالم الأعمال خلال السنوات القليلة الماضية، إذ لم يعد الموظفون يعملون من مكاتب ثابتة، ولم تعد الشركات في حاجة إلى وجود فريق عملها بالمقر من أجل تحقيق النجاح والتميز، وعلى الرغم من أن النمط الحالي وفر للموظفين الكثير من الحرية والمرونة، فإنه جاء مع تحديات جديدة، أهمها الحفاظ على إنتاجية الفريق، وضمان التواصل الفعال، وبناء ثقافة عمل قوية على الرغم من البعد الجغرافي. ويمكن القول إن إدارة الفريق عن بعد لا تعني فقط مجرد نقل الاجتماعات من قاعة المكتب إلى الشاشات، بل تحتاج إلى استراتيجيات مختلفة، وأدوات إبداعية وذكية، فكيف يمكنك إدارة فريقك العربي عن بعد مع الحفاظ على الصحة النفسية والفعالية؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هي أهم التحديات التي تواجه الموظفين في أثناء العمل عن بعد؟

على الرغم من أن العمل عن بعد يوفر الكثير من المزايا للموظفين وأصحاب الشركات، فإنه يأتي مع بعض التحديات، خاصة تلك التي تخص الحفاظ على الصحة النفسية والفعالية، ومن أهم هذه التحديات:

1. الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية

يمكن أن تساعد روح الزمالة التي تنشأ من خلال التفاعل والتواصل الاجتماعي اليومي في مكتب الشركة على تخفيف التوتر وتوفير الحافز اللازم لبقية يوم العمل، أما في حالة العمل عن بعد، فإن محدودية التفاعل الشخصي وغياب ثقافة الشركة قد يجعلان الموظفين يشعرون بالعزلة والقلق، ما يؤثر في حالتهم النفسية والمعنوية؛ حيث يؤكد الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، أن العزلة الاجتماعية الطويلة تؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، ما قد يسهم في ارتفاع معدل الإصابة بالاكتئاب، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج الدوبامين الذي يسبب الشعور بالخمول في العمل.

2. ضعف التوازن بين العمل والحياة الشخصية

يعاني بعض الموظفين الذين يعملون من المنزل بدوام كامل الإرهاق النفسي بسبب ضعف التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وذلك نتيجة العمل في مكان معيشتهم؛ إذ يصعب وضع خط فاصل بين أداء مهام العمل، والتفاعلات اليومية مع باقي أفراد الأسرة، ويؤدي هذا الأمر إلى الإفراط في العمل ومن ثم الإصابة بالإرهاق الشديد والاحتراق النفسي.

اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على راحتك النفسية عندما تعمل من المنزل؟

3. وجود الكثير من المشتتات

بصفتي موظفة تعمل من منزلها، فأنا أعاني بشدة وجود الكثير من المشتتات، مثل مقاطعات الأطفال، وضرورة إنجاز بعض المهام المنزلية العاجلة، وهذا الأمر يؤثر تأثيراً شديداً في التركيز والإنتاجية، لأنه يعوق عملية تدفق الأفكار التي تتطلب الهدوء.

4. صعوبات التواصل

حين تعمل من مقر الشركة وترغب في التحدث إلى مديرك مباشرة سوف تتفاهم معه من خلال الكلام ولغة الجسد، أما في حالة التواصل عن بعد فيصعب فهم إشارات لغة الجسد ونبرة الصوت، وهنا قد تحس بالإرهاق الشديد في أثناء توصيل أفكارك وتلقي أفكار الآخرين، ومع مرور الوقت يمكن أن يداهمك الشعور بعدم الثقة ونقص الدعم، فيزيد إحساسك بالعزلة ما يرفع خطر إصابتك بالقلق أو الاكتئاب.

5. غياب أمن البيانات

حين تعمل عن بعد، وخاصة عند توزع أعضاء الفريق حول العالم، يصبح أمن البيانات مصدر قلق كبير نظراً لوصول الموظفين إلى موارد الشركة من مواقع وأجهزة مختلفة، ويزداد خطر اختراق البيانات أو الوصول غير المصرح به إذا كان الموظفون يستخدمون أجهزة شخصية أو شبكات غير آمنة.

6. مراقبة الأداء

التحدي الأخير في العمل عن بعد هو عدم وجود بنية. على سبيل المثال، عندما تعمل في المكتب، يكون لديك جدول زمني واضح، ومساحة عمل مخصصة، ومتطلبات عمل محددة، ولكن حين تعمل من المنزل تواجه صعوبة في الحفاظ على روتين ثابت، وعلى الجانب الآخر، يصعب على مديرك تتبع إنتاجية الموظفين وأدائهم، إذ يتطلب الأمر أدوات وأساليب موثوقة لضمان المساءلة.

8 استراتيجيات فعالة تساعدك على قيادة فريقك العربي عن بعد

تبدأ إدارة فريق العمل عن بعد من وضع سياسات وقواعد واضحة، إذ تساعد تلك القواعد على تنظيم بيئة العمل عن بعد، وترسيخ ثقافة الشركة وتعزيز الفعالية، مع ضرورة الحفاظ على الصحة النفسية للموظفين. وحتى ترسخ تلك القواعد، حاول اتباع الاستراتيجيات التالية:

1. حدد أهدافاً وتوقعات واضحة

يرتكز العمل الجيد من المنزل على تحديد أهداف وتوقعات واضحة، ويمكن القول إن شفافية الإدارة تعزز شعوراً عميقاً بالترابط في العمل، ويتمثل جزء كبير من الشفافية في وضع قواعد ولوائح واضحة لأعضاء فريقك، بما يشمل توضيح القيم والسلوكيات التي تشكل ثقافة الشركة، والتوقعات المتعلقة بعبء العمل، وطرائق التواصل، ويفضل عقد اجتماع تمهيدي لعرض القواعد والإجراءات جميعها، ثم مواصلة تعزيزها في اجتماعات أسبوعية وشهرية منتظمة.

2. ضع طرقاً محددة للتواصل

يعد التواصل مشكلة شائعة في مكان العمل، وغالباً ما تتفاقم في بيئة العمل عن بعد حيث تقل وتيرة التفاعلات المباشرة وجهاً لوجه، لذلك من المهم أن تضع طرقاً محددة للتواصل مع فريقك، لأن التواصل يساعد على ضمان تركيز الجميع على المسؤوليات والمهام والأهداف المناسبة. على سبيل المثال، وفر معلومات حول طرق التواصل المختلفة وحدد متى يكون إجراء مكالمة فيديو جماعية هو الأفضل، مقارنة بالبريد الإلكتروني.

كما يمكنك في بعض الأحيان تنظيم اجتماعات فردية مع أعضاء فريقك، حيث توفر لك تلك الاجتماعات فرصة الاطمئنان على كل موظف، والاطلاع على أدائه، وتقديم الدعم إذا لاحظت علامات قد تشير إلى معاناته، مثل تغيير في سلوكه أو قلة تفاعله مع عمله. على سبيل المثال، إذا كان أحد موظفيك يعاني صعوبات في العمل، ضع معه خطة إيجابية تشمل تقسيم المشاريع الكبرى إلى مهام أصغر، وحاول قدر الإمكان تتبع تقدمه وإنجازه من أجل الحفاظ على تحفيزه.

3. عزز الفصل بين العمل والحياة الشخصية

يطمس العمل عن بعد الحدود الفاصلة بين الحياة الشخصية والمهنية، ما يصعب على الموظفين الانفصال عن العمل، واستعادة نشاطهم؛ ولذلك بصفتك مديراً، حاول تعزيز توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية. على سبيل المثال، شجعهم على أخذ فترات راحة منتظمة، واستخدام إجازاتهم السنوية، وإعطاء الأولوية لأنشطة الرعاية الذاتية.

اقرأ أيضاً: ما أهمية الانفصال عن أعباء العمل خلال الإجازات؟

4. قدر النجاح والإنجازات

خصص وقتاً للاحتفال بنجاحات أفراد فريقك، واحرص على تقديم الثناء والشكر من أجل تحفيز فريقك خاصة في ظل غياب أنشطة بناء ثقافة العمل. على سبيل المثال، جرب البطاقات الإلكترونية أو رسائل البريد الإلكتروني البسيطة، فهناك العديد من الطرق لتقدير فريقك عن بعد.

ويجب ألا تقتصر الاحتفالات على الانتصارات الكبيرة؛ ففي كثير من الأحيان، يجد الموظفون أن أكثر أيام العمل تحفيزاً هي تلك التي يحققون فيها إنجازات صغيرة، حيث تولد هذه النجاحات اليومية شعوراً هائلاً بالإنجاز، وتشجع أعضاء الفريق على الشعور بالانتماء والالتزام.

5. كن قدوة

بصفتك مدير الفريق، فإن سلوكياتك وأفعالك تحدد مسار فريقك، لذلك كن قدوة يحتذى بها. على سبيل المثال، امنح صحتك النفسية الأولوية، واحرص على الاستفادة من إجازتك السنوية، وشارك موظفيك تحدياتك في العمل، واستراتيجيتك للتعامل مع تلك التحديات، أخبرهم أيضاً عن ممارساتك الخاصة في الرعاية الذاتية مثل ممارسة الرياضة أو تناول الطعام الصحي وشجعهم على فعل الشيء نفسه.

6. وفر فرصاً للتعلم والنمو

يرتبط النمو الشخصي والمهني ارتباطاً وثيقاً بتعزيز الصحة النفسية للموظفين، ولذلك احرص جيداً على تقديم فرص للتعلم، والنمو، وتطوير المهارات، والتقدم الوظيفي لفريقك الذي يعمل عن بعد. على سبيل المثال، استثمر في برامج التدريب، وورش العمل، والمؤتمرات عبر الإنترنت التي تتوافق مع اهتماماتهم وأهدافهم. شجع تبادل المعرفة والتعلم داخل فريقك، ووفر مساحة للنقاش حول اتجاهات العمل، وأفضل الممارسات، والأفكار المبتكرة. وعندما يشعر أعضاء فريقك بالدعم في نموهم وتطورهم، سوف يزداد شعورهم بالرضا الوظيفي.

7. ثق في أعضاء فريقك

يعد بناء الثقة في بيئة العمل الافتراضية أمراً مهماً للغاية؛ فعندما يثق أعضاء الفريق بعضهم ببعض، يزداد احتمال تعاونهم بانفتاح ودعم بعضهم بعضاً، حتى في الأوقات الصعبة. أما مشكلات الثقة فإنها تؤدي إلى التشكيك في القرارات والأهداف ما يضعف روح الفريق، ومع مرور الوقت، سوف تزداد الأمور سوءاً خاصة عندما لا يستطيعون الحضور شخصياً وتسوية تحديات العمل وجهاً لوجه. ومن أهم الطرق الفعالة لبناء الثقة بين أعضاء الفريق هي إبلاغ المدير بأي ظروف طارئة، مع التحدث بشأن باقي الموظفين حول أي تغييرات في جدول المواعيد النهائية بسبب ظروف طارئة مثل زيارة الطبيب أو ضرورة رعاية الأطفال.

اقرأ أيضاً: دليلك الكامل للحفاظ على صحتك النفسية في العمل

8. جهز فريقك للنجاح

قيادة فريق عن بعد ليست بالأمر السهل، لذلك يجب عليك تزويدهم بالأدوات والموارد اللازمة للنجاح، والتي تعد ضرورية لإدارة فريقك بفعالية، على سبيل المثال، خصص وقتاً لتدريب أعضاء فريقك بنشاط على كيفية العمل عن بعد بفعالية، وقدم لهم دورات عن مهارة إدارة الوقت، وذلك حتى تحافظ على اهتمام موظفيك وتحفيزهم.

المحتوى محمي