دليلك الكامل للحفاظ على صحتك النفسية في العمل

الصحة النفسية في بيئة العمل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تُعد الصحة النفسية جانباً مهماً من جوانب الصحة العامة للأفراد، ويمكن لبيئة العمل أن تؤثّر في تشكيل الحالة النفسية للموظفين. سيتطرّق هذا المقال إلى مختلَف القضايا المتعلقة بالصحة النفسية في بيئة العمل، ويقدم نصائح لحمايتها وتعزيزها.

يمكن أن يكون لمشكلات الصحة النفسية في بيئة العمل تأثير كبير في الإنتاجية والصحة العامة للأفراد؛ حيث يُفقد ما يقدَّر بـ 12 مليار يوم عمل سنوياً بسبب الاكتئاب والقلق بتكلفة إنتاجية قدرها 1 تريليون دولار أميركي، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO).

إن ثقافة العمل السامة، والإجهاد المفرط، ونقص الدعم، وجداول العمل غير المرنة، ليسوا سوى بعض المظاهر التي يمكن أن تسهم بها بيئة العمل في تدهور الصحة النفسية.

وتوضّح مستشارة علم النفس التنظيمي، هاجر القايدي إنّ المؤشّر الحقيقي لمشكلة نفسية في مكان العمل مثل الاحتراق الوظيفي عند الموظف، هي كثرة الغيابات والاستئذانات وتجنّب الاجتماعات، وقد تعيق مسافة السلطة العالية بين الموظّف والإدارة معالجة مشكلات الصحة النفسية بوضوح وصدق.

ما العلاقة بين بيئة العمل والصحة النفسية؟

تؤكّد منظمة الصحة العالمية العلاقة الوثيقة بين الصحة النفسية وبيئة العمل؛ حيث يمكن أن يكون لبيئة العمل تأثير كبير في الصحة النفسية للفرد، ويمكن أن تؤثّر الصحة النفسية السيئة سلباً في أداء الموظفين وإنتاجيتهم الإجمالية، فأعباء العمل الزائدة، والمواعيد النهائية الضيّقة، وساعات العمل الطويلة، كلها تؤدّي إلى الإجهاد والإرهاق.

كما يمكن لثقافة العمل السامة ونقص الدعم من الزملاء والمدراء أن يعزّزا الشعور بالعزلة وتدنّي الروح المعنوية. لذلك؛ تؤكّد منظمة الصحة العالمية أهمية خلق بيئة عمل داعمة تعطي الأولوية للصحة العقلية والعافية النفسية من خلال اتباع نهج استباقي في مكان العمل؛ حيث يمكن لأصحاب العمل والشركات المساعدة على منع الأثر السلبي للمشكلات النفسية لموظفيه، أو تخفيفه على الأقل، وتوفير الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، وتعزيز التوازن بين العمل والحياة، ومعالجة السلوكات السامة في مكان العمل.

اقرأ أيضاً: 5 أسباب للضحك في مكان العمل

علامات تنذر بوجود مشكلات الصحة النفسية في بيئة العمل

تتّسم بيئة العمل غير الصحية بعدم تقدير العاملين واحترامهم، والجحود والعزوف عن تقديم الشكر لأي جهد مبذول من قبلهم، والجمود وعدم تحقيق التطوّر أو أي تقدّم؛ وكلّها أسباب تقف وراء عدم الرضا الوظيفي والتعاسة في العمل.

وثمة بعض العلامات التي تؤكّد وجود مشكلات الصحة النفسية في بيئة العمل مثل التوتّر والاكتئاب؛ وفيما يلي أبرز 10 علامات تعكس وجود مشكلات الصحة النفسية في العمل:

  1. التصرفات غير المألوفة: حيث يلاحظ زملاء العمل أو المدير اختلاف سلوكات زميلهم؛ كأن يلتزم الصمت لفترات طويلة أو يتأخّر عن العمل دائماً أو يتعامل بعدوانية.
  2. تراجع المشاركة الاجتماعية: حيث ينخفض مستوى التعاون والمشاركة، ويقلّ التفاعل والاندماج مع أعضاء فريق العمل نتيجة انعدام الدافع والحافز.
  3. نقص الإنتاجية: فالأشخاص الذين يعانون من المشكلات النفسية في بيئة العمل يميلون إلى الإهمال والتقاعس، فلا يمنحون اهتماماً كبيراً للعمل؛ بل ينفّذون المهام الوظيفية المطلوبة فقط.
  4. اختلاف في سلوكات الأكل أو النوم: يمكن أن يكون الأرق وصعوبة النوم من المؤشرات المحتملة لمشكلة نفسية مرتبطة ببيئة العمل، بالإضافة إلى الموظفين الذين يبدؤون تفويت وجبة الغداء بانتظام أو يرفضون تناول الطعام مع زملاء العمل.
  5. تجاهل الأنشطة المفضلة التي كان يمارسها الموظف في السابق: إلى جانب إهمال بعض المهام الوظيفية المطلوبة؛ وكلها مؤشرات إلى الحالة المزاجية المنخفضة للموظفين.
  6. ارتفاع نسبة الغياب: الغياب المنتظم القصير الأمد والإجازات المتكرّرة للموظف، من علامات معاناته مشكلةً نفسية مرتبطة ببيئة العمل.
  7. التغييرات في أنماط العمل: حين تظهر سلوكات غير معتادة على الموظف؛ كالحضور متأخراً بعد الوقت المحدّد للوصول، وترك العمل قبل موعد الانصراف على غير المعهود عنه؛ ما يؤكّد وجود مشكلة صحة نفسية في العمل.
  8. المخاوف غير العقلانية أو جنون الارتياب أو القلق: المخاوف والقلق غير المنطقي بشأن الأمان الوظيفي على سبيل المثال، سمة لبعض الاضطرابات النفسية كجنون الارتياب.
  9. الانسحاب من الاجتماعات: رفض أي تفاعل اجتماعي في المواقف المختلفة؛ إذ يميل الموظف إلى الانطواء والعزلة.
  10. استخدام أو إساءة استخدام المواد المخدرة: حيث يلجأ بعض الموظفين الذين يعانون من مشكلة نفسية في بيئة العمل إلى التداوي الذاتي (Self-Medicate)؛ كتعاطي الكحول أو المخدرات أو غيرها من أنواع الإدمان للتكيّف مع مشكلة متعلّقة بالعمل، وتُعدّ هذه علامة واضحة على أن الموظف بحاجة إلى المساعدة العاجلة.

ما أسباب مشكلات الصحة النفسية في بيئة العمل؟

ثمّة العديد من الأسباب المؤدّية إلى خلق المشكلات التي تتعلّق بالصحة النفسية في بيئة العمل؛ ما يترتّب عنه تدهور الحالة النفسية وتفاقم أعراض مشكلاتها. وتتمثّل أهم تلك الأسباب في تراكم الضغوط والإحباط المفرط، بسبب العلاقات المهنية السامة، والقيادة عديمة الخبرة، والتواصل غير الواضح بمرور الوقت.

كما يمكن أن يسهم عدم الوضوح في الأدوار والتوقعّات، وجداول العمل الطويلة أو غير المرنة، ومقتضيات العمل غير الواقعية، ونقص الدعم للموظفين، في زيادة عدم الرضا لديهم والاكتئاب والإرهاق.

إن الحفاظ على بيئة عمل جيّدة قائمة على الاهتمام بصحة الموظفين النفسية يضمن استمرارية العمل، لأن المشاعر الإيجابية تمنحهم المرونة والقدرة على مواجهة الصعوبات والتحديّات؛ ما يؤدي إلى النشاط والحركة وزيادة الإنتاجية، وذلك لن يتوفّر في حال كان الموظفون يعانون من كثرة المهام المحبطة أو المتكرّرة، أو يتعرّضون للتمييز أو المضايقات والتنمّر، أو إذا كانت بيئات عملهم تفتقر لمعاني العمل الجماعي.

5 نصائح مهمّة للحفاظ على صحتك النفسية في مكان العمل

على الرغم من أن العمل يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي والرضا عن النفس، فإن احتمالية التعرض للمشكلات النفسية بسبب بيئة عمل سيئة وارد جدّاً؛ لكن ثمّة مجموعة من الإرشادات التي يمكن اتباعها لضمان التمتّع بالسلامة والصحة النفسية المتوازنة في العمل؛ ومن أهمّها نجد الآتي:

  1. ممارسة تمارين اليقظة: تخفف ممارسة اليوغا على سبيل المثال من الضغوط المتراكمة بسبب التوتر أو القلق، وحتى أعراض الاكتئاب.
  2. تناول وجبات صحيّة خفيفة: تعزّز التغذية المتوازنة الحالة المزاجية، وهذا يعني أنه يجب تجنّب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر، لأنها يمكن أن تسبّب النعاس في فترة ما بعد الظهر.
  3. ممارسة رياضة المشي: تخصيص بعض الوقت من فترة استراحة بعد الظهر للخروج لممارسة رياضة المشي الخفيف لمدة 15 دقيقة؛ إذ يساعد ذلك على تصفية الذهن.
  4. النوم لمدة 8 ساعات كاملة: تسهم قلة النوم في زيادة الإرهاق في العمل، ويمكن أن تؤثر في الإنتاجية سلباً، ناهيك بآثارها السلبية في الصحة الجسدية. للتأكد من أن الموظف يعمل بكامل طاقته؛ يجب أن يضع النوم الكافي من ضمن أولوياته.
  5. التركيز على تكوين علاقات صحيّة: تخصيص وقت لبناء علاقة إيجابية مع الزملاء والمشرف أو الرئيس المباشر؛ إذ تتيح العلاقات الصحية للموظف مشاركة أفكاره ومشاعره بسهولة أكبر مع من حوله.

اقرأ أيضاً: 4 نصائح لتنجح في الفصل بين حياتك العملية والشخصية 

أخيراً، إن تطوير السياسات التي تدعم الصحة النفسية في بيئة العمل من شأنه تحقيق السعادة والرضا الوظيفي، وحماية الموظفين من الإحباط والقلق. كما أن اهتمام العاملين بتوفير سبل السلامة النفسية لأنفسهم باتباع العادات الصحية وممارسة أنشطة الاسترخاء، يسهم في تحفيز الإبداع وزيادة الإنتاجية، ومن ثَمّ تحقيق التقدم والنماء المهني والشخصي.

المحتوى محمي !!