كيف حالك؟ إن الإجابة عن هذا السؤال الذي لا مفر منه عند الطبيب النفسي لا تكشف دائماً عن حقيقة الحالة النفسية للمريض. بل يجب على الطبيب أن ينتبه لحركاته ولغة جسده التي تكشف عما بداخله، كي يتمكن من تفسير المشاعر المكتومة والأفكار الخفية.
عندما يؤكد شخص ما أنه بخير، نميل إلى تصديق كلامه دون أدنى شك. لكن عبارة "أنا بخير" الروتينية والشائعة تخفي أحياناً بعض الرسائل المكتومة. هذا ما خلُصت إليه المعالجة النفسية الأميركية، ومؤلفة كتاب "ضع حدودك وعش بسلام" (Set Boundaries, Find Peace)، ندرا غلوفر تواب (Nedra Glover Tawwab).
عادة ما نسقط في فخ الرقابة الذاتية وكبت الرغبات والمشاعر بسبب التربية أو التأدب أو غياب الثقة بالنفس، مع ما يعنيه ذلك من عواقب تضر بالصحة النفسية. في هذا السياق حدّدت تواب 9 تفسيرات محتملة لكلام الشخص الذي يؤكد أنه بخير.
ما الذي تخفيه عبارة "أنا بخير"؟
تقول المعالجة: "قد تتحول عبارة أنا بخير إلى إجابة نمطية تقولها حتى إذا لم تكن بخير فعلاً، عندما تستخدم هذه العبارة يجب عليك في الواقع أن تحدد حقيقة مشاعرك وتجد الشخص الموثوق به لتشاركه أحاسيسك وحالتك النفسية". وفي هذا السياق تذكّر بأهمية استخدام العبارة المعاكسة "أنا لست بخير" في التواصل مع أصدقائك وأقاربك. إليك إذاً 9 عبارات تدل على الرسائل المحتملة التي تنطوي عليها عبارة "أنا بخير":
- "لا أعرف كيف أعبّر عن عواطفي".
- "أشك في قدرتك على التعامل مع مشاعري".
- "لا أريد إزعاجك".
- "لستُ مستعداً الآن للحديث عن الموضوع".
- "أحاول التظاهر بأنني قوي".
- "أحاول الابتعاد عن عواطفي".
- "أخشى أن أنهار إذا أخبرتك بمشاعري".
- "لقد تعلّمت التظاهر بأنني بخير، حتى في أثناء المعاناة".
- "لا أريد إظهار ضعفي".
كيف تعبر لغة الجسد عن الحالة النفسية للشخص؟
قد يخبرنا الجسد أحياناً بما لا يجرؤ عليه اللسان. لهذا من الضروري أن ننتبه جيداً لبعض الحركات التي تكشف حقيقة ما يفكر فيه الآخر. فلغة الجسد التي يستخدمها المخاطَب تبعث إشارات مهمة حول صحته النفسية. لفهم ما تكشفه لغة أجسادنا عن شخصياتنا وأحوالنا، نستعين بتحليل المختص النفسي ومؤلف كتاب "الإيماءات التي تكشف ما بداخلك" (Ces gestes qui vous trahissent)، جوزيف ميسينجر (Joseph Messinger).
يقول ميسينجر: "على سبيل المثال، تمثّل وضعية جلوس الفرد سمة مميزة لشخصيته، لكنها تدل أيضاً على حالته النفسية، إذا جلس ووضع يديه على فخذيه طواعية، فهو في وضعية خضوع، وإذا استند إلى حافة الأريكة، فهذا دليل على شعوره بالإحباط، وإذا جلس مائلاً، فإنه يعبّر عن الحاجة إلى حماية نفسه لأنه يشعر بهيمنة الآخر عليه".
تمثّل هذه الحركات بحسب المختص النفسي مجالاً زاخراً بالملاحظات والظواهر. وهذا هو الدليل الذي يعتمد عليه الباحثون للتأكيد بأن 60% من عمليات التواصل اليومية التي نجريها هي عمليات غير لفظية.