كيف تتجنب الإيجابية السامة وتحافظ على تفاؤل صحي؟

2 دقيقة
التفاؤل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يؤدي التفاؤل دوراً مؤثراً في تعزيز الرفاهة والصحة النفسية؛ حيث يرى المتفائلون الفرص في خضم الأزمات، والمنح في أشد المحن؛ ما يحسن إدارتهم لمشاعر القلق والتوتر في نفوسهم. وفي المقابل، تُعد الإيجابية السامة سلوكاً ضاراً يدفع صاحبه إلى تجاهل المشاعر السلبية وتبني سعادة زائفة، فهو سلوك يعوق تطوير الذكاء العاطفي الذي يعتمد على وعينا بمشاعرنا وقبولها والتعبير عنها؛ أي أن الإيجابية السامة تعد في جوهرها قمعاً للمشاعر. لذلك؛ من المهم أن تميز بين التفاؤل والإيجابية السامة؛ حيث يقودك التفاؤل إلى التحلي بالأمل والارتباط بالواقع مع تقبل المشاعر أياً كانت، ووضع آليات تأقلم صحية للتعامل معها. بينما تجعلك الإيجابية السامة تنكر الواقع وتكبت مشاعرك السلبية وتتجنبها وتركز على المشاعر الإيجابية منها فقط، مع ممارستك لآليات تأقلم غير صحية مثل تجنبك مواجهة الآخرين وإنكارك الحاجة إلى مساعدتهم.

عندما نحاول التفريق بين المتفائل والمتشائم، تستحضر مخيلتنا غالباً تلك الصورة المتداولة، إذ يرى المتفائل الكأس نصف ممتلئة، بينما يراها المتشائم نصف فارغة. يميل المتفائل إلى الإيمان بأن الغد سيكون أكثر إشراقاً. وحتى في أحلك الظروف، يرى المتفائل أن الأحداث والمواقف الصعبة ما هي إلا لحظات مؤقتة عابرة، ويعتبرها في الغالب فرصاً يجب استثمارها، وليست إخفاقات أو نهايات محتومة. ومع أن التفاؤل ينطوي على قدر من الإيجابية، فإنها تبقى تحت السيطرة، وإلا سيصبح هذا التفاؤل إيجابية سامة.

تعرّف المختصة النفسية، كندرا شيري (Kendra Cherry) بإيجاز هذا المفهوم في مقال لها على موقع فيري ويل مايند (Very Well Mind) قائلة: "الإيجابية السامة هي اعتقاد أن على الأشخاص تبني عقلية إيجابية، مهما بلغت صعوبة الموقف أو مدى تدهوره". فيُقصي الشخص الذي يتبنى الإيجابية السامة أي مشاعر سلبية ليبدو بمظهر مبتهج ومتفائل أمام الآخرين، مع أنه تفاؤل زائف في الغالب. ويؤدي هذا السلوك إلى عواقب غير محمودة.

اقرأ أيضاً: عادات يومية ستجعلك تنعم بالسلام الداخلي

ما هي منافع التفاؤل وأخطار الإيجابية السامة؟

لقد أظهرت دراسات أن للتفاؤل منافع حقيقية للصحة النفسية والجسدية على حد سواء. وفيما يتعلق ببيئة العمل، وجد المختص النفسي، مارتن سيليغمان (Martin Seligman) أن تفاؤل فريق العمل يولد تآزراً يؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل. أما على المستوى الشخصي، فتؤكد المعالجة النفسية، إليزابيث سكوت (Elizabeth Scott) لموقع فيري ويل مايند الإلكتروني أن التفاؤل يساعد في تقليل التوتر ويُمكّن الأفراد من تنظيم مشاعرهم بفعالية أكبر في أثناء التعامل مع المواقف الصعبة. وأشارت دراسات عديدة إلى أن المتفائلين أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين بنسبة 50%، ولديهم معدل بقاء على قيد الحياة أعلى في حالات العلاج من السرطان، ويعيشون في الغالب عمراً أطول مقارنة بغيرهم.

على النقيض من ذلك، تدفعنا الإيجابية السامة إلى تجاهل المشاعر السلبية، وتبني عقلية إيجابية. وبذلك، تعوق قدرتنا على تنمية الذكاء العاطفي، الذي يهدف إلى تعزيز وعينا بمشاعرنا وقبولها والتعبير عنها. وقد يقودنا كبت المشاعر إلى الشعور بالخجل منها، وإخفاء شخصياتنا الحقيقية، وعدم التحلي بالأصالة والانعزال عن الآخرين. كما أن الإيجابية السامة تخفي أحياناً وراءها مشكلات خطيرة يعانيها المرء، مثل التعرض لإساءة أو اضطراب نفسي.

اقرأ أيضاً: "سعادتك في ذاتك لا في ممتلكاتك": كيف تعيش هذه المقولة في حياتك اليومية؟

كيف تميز الخيط الرفيع بين التفاؤل والإيجابية السامة؟

يعد التحلي بالإيجابية في موقف محايد أو إيجابي سلوك طبيعي وأصيل تماماً، لكن المشكلة تظهر عندما نتبنى هذه الإيجابية في كل ظرف وموقف. كما أن الإيجابية السامة سلوك يمكن أن نطبقه على أنفسنا وأن نفرضه على الآخرين. ومن أوضح الأمثلة على ذلك عندما تحاول التخفيف عن شخص يمر بموقف صعب بدفعه دفعاً إلى رؤية الجانب الإيجابي فيه.

قدمت المختصة النفسية، سوزان وولف (Susanne Wolf) في منشور على حسابها في إنستغرام، قائمة من المعاني التي تساعد في التمييز بين التفاؤل والإيجابية السامة. وتقول إن ركائز التفاؤل هي:

  • الأمل.
  • الارتباط الشديد بالواقع.
  • تقبل المشاعر أياً كانت.
  • الاعتراف بالمشاعر الصعبة.
  • ممارسة آليات التأقلم الصحية.
  • بناء علاقات صادقة.
  • التطور الشخصي والشفاء.

على العكس من ذلك، فإن سمات الإيجابية السامة هي:

  • إنكار الواقع.
  • كبت المشاعر الصعبة واستبعادها.
  • التركيز على المشاعر السعيدة وحدها.
  • تطبيق آليات مواجهة وتأقلم غير صحية، مثل تجنب مواجهة الآخرين.
  • الشك في الذات، والشعور بالذنب والخجل.
  • إنكار الحاجة إلى المساعدة الخارجية.

المحتوى محمي