ملخص: السلام الداخلي غاية يصعب إدراكها، لكن الأصعب هو الحفاظ عليها. تعرّف خبيرة الرفاهية تشيكي ديفيس السلام الداخلي بأنه "حالة عاطفية إيجابية تتميز بمستوى ضعيف من الانفعال وتقترن بالتوازن والاستقرار النفسي". تشمل هذه الحالة الإيجابية مشاعر الهدوء والسكينة والطمأنينة والرضا بعيدا عن مشاعر الانفعال مثل الحماس والنشوة. وقد كشفت دراسة علمية مصادر السلام الداخلي التالية: العلاقات والثقة، والفضائل الشخصية والاجتماعية، والتقبل والجوانب الروحية والتأثير التنموي للمشكلات التي يمر بها الفرد، والتفاؤل والصحة العضوية والاستقرار المالي والنشاط البدني. بعد الوصول إلى حالة السلام الداخلي يتعين الحفاظ عليها من خلال ممارسات مثل التأمل واليوغا والبستنة وفقاً لديفيس. كما تقدم المختصة في علوم الأعصاب نوال مصطفى 14 نصيحة تساعد الفرد على حماية سلامه الداخلي مثل: تركيز الفرد على شؤونه الشخصية فقط وعدم تحمل أعباء أكبر من طاقته ورفض الأمور التي لا تتوافق مع قيمه، والوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه وعدم البحث عن أعذار للعادات غير الصحية، ومسامحة النفس وعدم المقارنة بالآخرين. هناك تقنيات وأساليب عديدة تساعدنا على تحقيق الرفاهية والسلام الداخلي، لكن من الصعب أحياناً أن نحافظ عليهما.
عادة ما نستحضر في إطار تطبيق أساليب النمو الشخصي الرغبة في الوصول إلى الرفاهية أو بلوغ السعادة. لكن إلى جانب هاتين الحالتين المبهجتين، هناك شعور آخر يمكن أن يمثل هدفاً في حد ذاته: إنه السلام الداخلي.
تعرّف خبيرة الرفاهية تشيكي ديفيس (Tchiki Davis) السلام الداخلي في مقال لها على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) بما يلي: "حالة عاطفية إيجابية تتميز بمستوى ضعيف من الانفعال وتقترن بالتوازن والاستقرار النفسي". تتجلى هذه الحالة الإيجابية التي تتميز بدرجة محدودة من الانفعال المحدود في الشعور بالسعادة والهدوء والاسترخاء دون إفراط أو إثارة.
تصف ديفيس ذلك قائلة: "تشمل هذه الحالة مشاعر الهدوء والسكينة والطمأنينة والرضا المضادة لمشاعر الحماس والانتشاء والنشوة". تنبع هذه المشاعر من أعماق النفس وتكون أكثر أصالة وثباتاً واستمرارية من المشاعر المرتبطة بحالة الانفعال المفرط. لكن الوصول إلى هذا السلام الداخلي وتطوير أساليب المحافظة عليه أمران يتطلبان بذل بعض الجهود.
ما هي مصادر السلام الداخلي؟
في سنة 2018 نشر الباحثان إبراهيم ديميرسي (İbrahim Demirci) وهليل إكسي (Halil Eksi) دراسة في مجلة العلوم التربوية: النظرية والتطبيق (Educational Sciences Theory & Practice). ركزت أبحاثهما على سمات السلام الداخلي والسعادة ومصادرهما. كما أجريا دراسة كمية شملت 900 مشارك تتراوح أعمارهم ما بين 18 و75 عاماً، ودراسة نوعية شارك من خلالها 26 شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين 21 و82 عاماً في مقابلات معمقة. وكشفت نتائج الدراسة مصادر السلام الداخلي والسعادة التي شملت: العلاقات والثقة، والفضائل الشخصية والاجتماعية، والتقبل والجوانب الروحية والتأثير التنموي للمشكلات التي يمر بها الفرد، والتفاؤل والصحة العضوية والاستقرار المالي والنشاط البدني.
وللمساعدة على الوصول إلى حالة السلام الداخلي حددت خبيرة الرفاهية تشيكي ديفيس مجموعة من الأنشطة التي أثبت العلم فعاليتها. من هذه الأنشطة التأمل الذي يمكن أن يكون فعالاً في تحقيق الشعور بالهدوء والاستقرار النفسي، وهما سمتان أساسيتان من سمات السلام الداخلي. ويمكن تحقيق السلام الداخلي أيضاً بالاعتماد على اليوغا أو تمرين التعبير عن الامتنان.
وأشارت ديفيس إلى نشاط آخر لا يرتبط بالعلاقات الاجتماعية أو الجوانب الروحية: إنه نشاط البستنة. فقد نشرت الباحثة جيني أغوستين بيريز (Jeannie Agustin Perez ) سنة 2021 دراسة حول ممارسة البستنة خلال فترة جائحة كوفيد-19 وفوائدها للسلام الداخلي. وأظهرت الدراسة أن هذه الممارسة تجمع فوائد النشاط البدني ومزايا الاحتكاك بالطبيعة.
تضيف تشيكي ديفيس: "البستنة نشاط هادئ وبطيء وغالباً ما يكون باعثاً على التأمل والسكينة والتبصّر، كما أنه يعلّمك الاسترخاء والتخلي عن رغبتك في السيطرة، فبعد زرع البذور يصبح الجانب الأكبر من نمو البستان خارج سيطرتك".
هذه العادات اليومية ستمدك بالسلام الداخلي
مع أن السلام الداخلي قد يمثل هدفاً أساسياً من أهداف الحياة، فقد نصل إليه دون أن نعرف كيفية الحفاظ عليه. تقول طالبة الدكتورة المختصة في علوم الأعصاب نوال مصطفى (Nawal Mustafa) في منشور لها على موقع إنستغرام: "حماية السلام الداخلي تعني الحفاظ على حالة نفسية متوازنة من خلال الإدارة الفعالة للموارد العاطفية والمعرفية الشخصية".
في هذا السياق قدمت الخبيرة في علوم الأعصاب عدة نصائح لتنظيم الاستجابة إلى التوتر والحفاظ على الطاقة الذهنية وتعزيز الشعور بالسيطرة على الذات، ومن ثمّ حماية السلام الداخلي على المدى الطويل. تؤكد مصطفى ذلك قائلة: "يمكنك من خلال تبني هذه الممارسات أن تقلل العبء المعرفي لدماغك على نحو ملحوظ، وهو الأمر الذي يحافظ على جهازك العصبي في حالة استرخاء، ويسمح لك بالتعامل مع الحياة بقدرة تحمّل وهدوء أكبر". لتحقيق ذلك عليك أن تحرص على الممارسات التالية في حياتك اليومية:
- لا تهتم إلا بشؤونك الخاصة.
- لا تتحمل عبئاً أكبر من طاقتك.
- ارفض الطلبات والأمور التي لا تتوافق مع قيمك الشخصية.
- ابذل قصارى الجهود للوفاء بالوعود التي تقطعها على نفسك.
- عبّر بوضوح عن احتياجاتك وتوقعاتك من الآخرين.
- لا تبحث عن أعذار للعادات غير الصحية.
- انتبه إلى طريقة مخاطبتك لنفسك.
- تَحدّ نفسك بتجربة أمور وأنشطة جديدة.
- سامح نفسك على أخطائها.
- توقف عن الرغبة في السيطرة على الأمور التي تقع خارج سيطرتك.
- تريث قبل التفاعل مع موقف صعب.
- جدد طاقتك قبل مساعدة الآخرين.
- لا تقارن مسار حياتك بمسار الآخرين.
- وفر لجسدك نوماً جيداً وأكلاً صحياً ونشاطاً بدنياً.