“أكره نفسي”: حلول عملية للتغلب على هذا الشعور المزعج

6 دقيقة
تكره نفسك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: هل سبق وخطرت ببالك فكرة أنك تكره نفسك؟ الحقيقة إن هناك الكثير من العلامات التي يمكن أن تخبرك بأنك تكره نفسك مثل التركيز على الأمور السلبية فقط، والتفكير بطريقة "كل شيء أو لا شيء"، وانخفاض احترام الذات، والتعامل مع مشاعرك على أنها حقائق، فإذا كنت تشعر أنك فاشل، يصير لديك يقين أنك بالفعل فاشل. علاوة على ذلك، هناك البحث الدائم عن موافقة الآخرين والشفقة على الذات. ومن أهم أسباب كراهية النفس التعرض إلى الإساءة في الطفولة والمرور بأحداث الحياة المؤلمة، والناقد السلبي الداخلي الذي قد يخبرك بأنك لن تنجح أبداً مهما حاولت جاهداً، وهناك أيضاً التوقعات غير الواقعية والخوف من الرفض والإصابة بأحد الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب. وحتى تتوقف عن كراهية نفسك، عليك التحدث إلى ناقدك السلبي الداخلي، وممارسة الحديث الإيجابي مع النفس، وتحديد أهداف واقعية والاحتفال بالإنجازات الصغيرة. علاوة على ذلك، عليك استشارة الطبيب النفسي عند الحاجة.

إنه صباح يوم الأحد، يرن المنبه؛ لكنك لا تسمعه، ثم تستيقظ من نومك وأنت تؤنب نفسك للغاية لأنك لم تسمع المنبه من المرة الأولى، تستعد حتى تذهب إلى العمل، وفي أثناء تناول الفطور، تنسكب قهوتك، لتتردد في خلفية ذهنك تلك الأسطوانة المشروخة والمعروفة التي تعيد تشغيل أخطائك مع كل تصرف غير مقصود أو قرار خاطئ، تطاردك في كل مكان وزمان، ويُثقل صدرك الشعور بكراهية نفسك. تفكر في الأهداف التي لم تحققها، والمشروعات المؤجلة التي لم تنجزها؛ ولكن لماذا يسيطر عليك هذا الشعور؟ وكيف تتعامل معه؟ الإجابة من خلال المقال.

10 علامات تخبرك بأنك تكره نفسك 

كراهية النفس تجعلك تشعر أنك محاصر في حلقة من المشاعر السلبية؛ حيث تلوم نفسك باستمرار على ارتكاب الأخطاء. وحتى تتخلص من تلك الكراهية عليك أن تتعرف إلى أهم علاماتها التي تتجسد في:

1. التفكير بطريقة "كل شيء أو لا شيء": ما يعني أنك ترى نفسك على نحو جيد أو سيئ، دون أي منطقة وسط بينهما، وإذا ارتكبت خطأ تشعر وكأنك دمرت حياتك بالكامل، أو أنك فاشل.

2. التركيز على الأمور السلبية فقط: حتى لو كان يومك جيداً، فإنك تميل إلى التركيز على الأمور السيئة التي حدثت أو الأخطاء التي ارتكبتها.

3. التعامل مع مشاعرك على أنها حقائق: وهو ما يعني أنك إذا شعرت بالسوء أو الفشل، فإنك تفترض أن مشاعرك تعكس حقيقة الموقف، وأنك في الواقع شخص سيئ أو فاشل.

4. انخفاض احترام الذات: أنت دوماً لا تشعر أنك على قدر المسؤولية. علاوة على ذلك، تقارن نفسك دوماً بالآخرين في الحياة اليومية.

5. البحث عن موافقة الآخرين: أنت تبحث بحثاً حثيثاً عن موافقة خارجية من الآخرين لإثبات قيمتك الذاتية، وعادة ما يتغير رأيك في نفسك اعتماداً على كيفية تقييم الآخرين لك.

6. عدم القدرة على قبول المجاملات: إذا تحدث عنك شخص جيداً، فإنك تقلل من أهمية ما قاله أو تعتقد أنه شخص لطيف فقط؛ حيث تواجه صعوبة في قبول المجاملات وتميل إلى تجاهلها.

7. الشعور بالغيرة: في بعض الأوقات، قد تجد نفسك تغار من الآخرين وتقلل من شأنهم حتى تشعر بتحسن فيما يخص وضعك بالحياة.

8. الشفقة على الذات: أنت تشعر بالشفقة على نفسك في كثير من الأوقات؛ إذ ينتابك شعور قوي أن حظك سيئ أو أن كل شيء في الحياة ضدك عموماً.

9. جلد الذات: حين ترتكب خطأ تجد صعوبة بالغة في مسامحة نفسك، وقد تندم أيضاً على أخطاء الماضي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز أخطائك أو عدم التفكير فيها.

10. الخوف من النجاح: إذا كنت تكره نفسك بالفعل، فأنت تخاف فكرة التقدم والتحقق. أنت حتى تخاف الأحلام والطموحات الكبرى؛ إذ ترغب دوماً في عيش حياة محدودة لأنك تخشى الفشل وتخاف النجاح، علاوة على أنك تنظر إلى نفسك بازدراء بغض النظر عما حققته.

اقرأ أيضاً: كيف تفرق بين احترام الذات والثقة بالنفس؟

لماذا قد تكره نفسك؟

إذا بدت لك العلامات السابقة مألوفة، فربما تتساءل لماذا تكره نفسك. قد لا تعرف إجابة هذا السؤال على الفور؛ لذلك خذ بعض الوقت للتفكير، وفيما يلي بعض الأسباب المحتملة التي يمكنك التفكير فيها:

1. إساءات مرحلة الطفولة

قد يتطور لديك شعور بكراهية الذات إذا كنت عشت طفولتك في بيئة مسيئة، خاصة إذا كان أحد والديك ينتقدك بشدة. على سبيل المثال؛ إذا سبق وأخبرك والدك بأنه ما كان ليضربك لو لم تكن غبياً، فقد يتطور لديك شعور خفي وقوي أنك شخص غبي؛ ومن ثَمّ تبدأ في التحدث إلى ذاتك بالطريقة نفسها التي كان يتحدث بها والدك إليك.

2. الناقد السلبي الداخلي

قد يكون الناقد الداخلي هو السبب الجذري وراء تفكيرك المستمر في أنك تكره نفسك، وكلما استمعت إلى أفكاره السلبية أصبح أقوى، وهذه هي بعض الأمثلة لصوت الناقد السلبي بداخلك:

  • لن تنجح أبداً مهما حاولت جاهداً.
  • لا تثق في أي شخص لأنه سوف يخذلك في النهاية.
  • مَن تعتقد نفسك حتى تحقق النجاح!
  • أنت شخص لا قيمة لك ولن يحبك أحد.

3. أحداث الحياة المؤلمة

يمكن أن تؤدي أحداث الحياة المؤلمة؛ مثل التعرض إلى الإساءة اللفظية أو الجسدية أو الجنسية،  أو حادث سيارة خطِر، أو فقدان أحد الأشخاص المقربين، إلى شعور عميق بالذنب. بعد ذلك، تتغير هذه المشاعر إلى الندم أو المسؤولية أو الخجل مما حدث، ثم تأتي مشاعر كراهية الذات.

4. التوقعات غير الواقعية والمقارنات الاجتماعية

تؤدي محاولة تلبية المعايير المستحيلة ومقارنة نفسك بالآخرين في معظم الأوقات إلى الشعور بعدم الكفاءة وتدني احترام الذات وكراهية النفس، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك يعرض الناس أفضل لحظاتهم؛ ولذلك من السهل أن تشعر أنك لا ترقى إلى المستوى المطلوب؛ ما يؤدي إلى كراهية الذات.

5. الإصابة بأحد اضطرابات الصحة النفسية

يمكن أن تؤدي اضطرابات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل إلى تشويه تصور المرء لذاته على نحو كبير؛ حيث تؤدي تلك الاضطرابات إلى تضخيم الأفكار الانتقادية الذاتية وتدني احترام الذات؛ ما يعزز شعور كراهية النفس. وفي هذا السياق، يؤكد المعالج النفسي، أسامة الجامع، إن الاكتئاب يولد نظرة دونية إلى النفس وكل اضطراب نفسي طال أمده وأُهمل علاجه فإن مآله إلى الاكتئاب.

6. الافتقار إلى التعاطف مع النفس

يلعب الافتقار إلى التعاطف مع النفس دوراً محورياً في تغذية كراهية الذات، وإذا لم تتمكن من إظهار الفهم واللطف نفسيهما لنفسك كما تفعل مع الآخرين، فإن هذا يخلق حلقة مفرغة لا تنتهي أبداً من ارتكاب الأخطاء وكراهية النفس.

7. البحث المستمر عن الكمال

إذا كنت شخص مثالياً يبحث باستمرار عن الكمال ولا يود ارتكاب الأخطاء مطلقاً، فهذا يعني أنك تركز تركيزاً شديداً على عيوبك ونواقصك؛ ما سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى تدني احترامك لذاتك، ثم كراهية نفسك لأنك لا تحقق المستوى المطلوب والمعايير المستحيلة التي وضعتها مثل حجرة عثرة في طريقك.

8. الخوف من الرفض

عادة ما يؤدي الخوف من الرفض إلى البحث المستمر عن التحقق من الآخرين، وحين لا تتلقى هذا التحقق والمدح، يتنامى بداخلك شعور عدم الكفاء، وهذه الحلقة المفرغة من البحث عن الموافقة الخارجية والخوف من الرفض تمنعك من إدراك قدراتك وتؤدي إلى كراهيتك لنفسك.

9. الشعور بالعجز

عندما ترى نفسك غير قادر على التحكم في ظروفك أو تحسين حياتك، فقد تغضب من نفسك بشدة وتوجه إليها اللوم وتجلد ذاتك؛ ما يؤدي إلى الشعور بالإحباط. بعد ذلك، يعزز هذا الإحباط الداخلي الاعتقاد أنك مُعاب ما يزيد كراهية الذات.

اقرأ أيضاً: 4 طرق لتجاوز تدني تقدير الذات الذي سببه الطفولة 

كيف تتوقف عن كراهية نفسك؟

إذا كنت تريد التغلب على كراهية الذات، فهناك عدد من النصائح التي يمكنك اتباعها من أجل اتخاذ بعض التغييرات الإيجابية؛ ومن أهم هذه النصائح:

1. تحدث إلى ناقدك السلبي الداخلي

حاول تحديد مصدر الأفكار السلبية التي يحملها ناقدك الداخلي، ثم اسأل نفسك: "هل هذه الأفكار واقعية أم مجرد تشوهات فكرية؟". بعد ذلك، تحدث إلى ناقدك السلبي الداخلي، واجه أفكاره السلبية بحجج عكسية، وإذا واجهت صعوبة في بناء صوت قوي يمكنه مجابهة ناقدك الداخلي، تخيل صوتاً أقوى تعرفه مثل صديقك المفضل أو شخصية شهيرة تعرفها.

2. حدد أهدافاً واقعية واحتفل بالإنجازات الصغيرة

حدد أهدافاً واقعية وصغيرة قابلة للتحقيق. على سبيل المثال؛ من الصعب جداً الانتقال من كراهية الذات إلى حب النفس؛ ولذلك ليس عليك في هذه المرحلة أنت تحب نفسك؛ ولكن أشجعك على الانخراط في تقبل الذات، واعترف لنفسك بالإنجازات كلها التي تحققها ويمكنك الاحتفال بها مهما بدت لك صغيرة.

3. أحط نفسك بالأشخاص الداعمين

إن وجود أشخاص يؤمنون بك ويقدّرون قيمتك يمكن أن يكون مطمئناً على نحو لا يصدق؛ إذ يؤدي تقديرهم الإيجابي لك إلى تخفيف كراهية الذات. علاوة على ذلك، فإن إحاطة نفسك بالأشخاص الإيجابيين والداعمين يمكن أن يلهمك حتى تكون أكثر لطفاً مع نفسك.

4. مارس الحديث الإيجابي مع نفسك

غيّر الطريقة التي تتحدث بها إلى نفسك، وقل أشياء إيجابية عن نفسك بصوت عالٍ، وإذا لم تتمكن من التفكير في أي شيء، ابدأ بخطوات صغيرة، فإذا كنت غير مستعد أن تقول لنفسك "أنا ناجح" أو "أنا شجاع وذكي" يمكنك أن تقول بصدق "أنا أحاول" أو "أن أعمل على نفسي" وتذكر أن الأمر لا يتعلق بمكانك الآن؛ بل بالاتجاه الذي تسير فيه.

5. قلّل توقعاتك

أحد الأسباب الرئيسة لكراهية الذات هو التوقعات والأهداف غير الواقعية التي يمكن أن تضعها بسبب المقارنات غير العادلة مع الآخرين؛ ولذلك عليك في هذه المرحلة تقبل أنك جيد بما فيه الكفاية وتحديد أهداف واقعية وقابلة للتحقيق بسهولة لأنها ستعزز احترامك لذاتك وتقلل الأفكار المتعلقة بالكراهية، وتذكر جيداً أن الكمال والمثالية وهم كبير لن تصل إليه مهما حاولت.

6. استشر المعالج النفسي عند الحاجة

إذا حاولت اتباع النصائح السابقة ولم تُجدِ نفعاً فقد تكون هناك مشكلة صحية تسهم في تفاقم أفكارك السلبية، وفي هذه الحالة عليك استشارة المعالج النفسي المتخصص.

المحتوى محمي