يُعاني 20 إلى 30% من مرضى التبول اللاإرادي من اضطراب واحد على الأقل إما نفسي أو سلوكي أو عقلي؛ بحيث يُعتبر هذا المعدل ضعف المعدل الموجود بين عامة الناس.
ويُعد عدم التحكم الكامل بالمثانة (Urinary Incontinence) طبيعياً بين الأطفال بعمر 3 أعوام، بينما يشكل مشكلة حقيقية عندما يتخطى الطفل أعوامه الثلاث، تُسمى التبول اللاإرادي (Enuresis).
هل تعتبر حالة التبول اللاإرادي لدى طفلي نادرة؟
يحدث التبول اللاإرادي لدى الأطفال بشكل متكرر في النهار والليل على حد سواء، ويُعتبر هذا المرض شائعاً. وبحسب العديد من الدراسات التي تناولت مشكلة التبول اللاإرادي لدى الأطفال؛ لاحظ العلماء انخفاضاً تدريجياً في حالات ظهور مشكلة التبول اللاإرادي عند التقدم في العمر - بمعنى أن هناك علاقة عكسية بين حالات التبول اللاإرادي والعمر؛ بحيث تنخفض بشكل ملحوظ كلما كَبُر الطفل. ويعاني العديد من الأطفال من التبول اللاإرادي من وقت لآخر خلال فترة طفولتهم. في الحقيقة؛ قد يستغرق بعض الأطفال وقتاً أطول من غيرهم لتعلم التحكّم في عملية التبول، وفي غالب الأحيان تتعلم الفتيات ذلك قبل الأولاد. ونتيجةً ذلك، فعادةً يتم تشخيص التبول اللاإرادي عند الإناث في وقت أبكر منه عند الذكور، فيتم تشخيص الفتيات في سن 5 سنوات، ولا يتم تشخيص الذكور حتى سن 6 سنوات على الأقل.
وجدت دراسة أميركية نُشرت في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول من العام 2021 أن انتشار التبول اللاإرادي متشابه في مختلف الثقافات. وكما ذكرنا؛ وجد العلماء أيضاً أن انتشار حالات التبول اللاإرادي تتناقص مع تقدم العمر. فعلى سبيل المثال؛ يتأثر 15% من الأطفال في سن 7 سنوات، و10% من الأطفال في سن 10 سنوات، و2% من المراهقين، و0.5% إلى 1% من البالغين. ويجدر بالذكر أن التبول اللاإرادي يبدو أكثر شيوعاً لدى الذكور عند مقارنتهم مع الإناث بنسبة تبلغ 3 إلى 1؛ لكن هذا الاختلاف يميل إلى الانخفاض بعد سن العاشرة. وكمثال من الدول العربية؛ في دراسة نشرها باحثون من مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، وجدوا أن حالات التبول اللاإرادي (الليلي) بين الأطفال بعمر 5 سنوات وأكثر بلغت نحو 18.5%.
كيف يحدث التبول اللاإرادي لدى طفلي ولماذا؟
يقسّم الأطباء التبول اللاإرادي إلى 4 أنواع، وقد يعاني طفلك من نوع واحد أو أكثر من هذه الأنواع؛ وهي: التبول اللاإرادي خلال النهار، والتبول اللاإرادي خلال الليل والذي يعتبر الأكثر انتشاراً بين الأطفال، والتبول اللاإرادي الرئيسي الذي يحدث عندما لا يكون طفلك قد أتقن التدريب على استخدام المرحاض، والتبول اللاإرادي الثانوي الذي يحدث عندما يمر طفلك بفترة تعافٍ لكنه يعود بعد ذلك إلى فترات من التبول اللاإرادي.
للتبول اللاإرادي العديد من الأسباب المحتملة، وقد تتضمن حالة طفلك سبباً واحداً أو أكثر من هذه الأسباب. فعلى سبيل المثال؛ تضم أسباب التبول اللاإرادي الليلي: القلق بحيث تُعتبر الأحداث المقلقة ذات الأصل النفسي والاجتماعي إحدى عوامل الخطر في أطفال المدارس. ومن الأسباب المحتملة أيضاً اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) الذي يُعتبر مثالاً عن الاضطرابات النفسية التي يجب التنبّه لها، والإمساك الذي يضع ضغطاً مفرطاً على المثانة، ومرض السكري، وخلل في إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول (Antidiuretic Hormone) في الجسم في أثناء النوم، وانقطاع النفس الانسدادي النومي (Obstructive Sleep Apnea)، وفرط نشاط المثانة، والنمو الجسدي البطيء، والمثانة الصغيرة، والمشاكل الهيكلية في المسالك البولية، ومشاكل الشعور الكاذب بأن المثانة ممتلئة أثناء النوم، وعدوى المسالك البولية (Urinary Tract Infection)، والنوم العميق للغاية.
وفي نفس السياق، فالتبول اللاإرادي في أثناء النهار قد يكون ناتجاً عن عدد من الأسباب المحتملة التي تتضمن: القلق، ونسبة الكافيين في الدم، والإمساك الذي يضع ضغطاً مفرطاً على المثانة، وعدم الذهاب بشكل كافٍ إلى دورة المياة، أو عدم التبول بشكل كافٍ عند الذهاب إلى دورة المياة، والمثانة الصغيرة، والمثانة النشيطة بشكل مفرط، والمشاكل الهيكلية في المسالك البولية، وعدوى المسالك البولية (Urinary Tract Infection).
كيف يتم الكشف على التبول اللاإرادي لدى طفلي؟
يجب عليك في البداية اصطحاب طفلك لزيارة طبيب الأسرة الخاص بعائلتكم؛ بحيث يتسنّى له أو لمقدم الرعاية الصحية لطفلك أياً كان، الكشف عليه صحياً والتعرّف أكثر إلى التاريخ الطبي لطفلك ولعائلتكم. والسبب وراء البدء بزيارة الطبيب لمراجعة التاريخ الطبي لطفلك ولعائلتكم، أن الباحثين وجدوا أن هناك فرصة بنسبة 44% للإصابة بالتبول اللاإرادي بين الأطفال في حال إصابة أحد الوالِدين سابقاً بالتبول اللاإرادي. وترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ بحيث تصل إلى 77% في حال إصابة كلا الوالِدين سابقاً بالتبول اللاإرادي. ولذا يجب التأكد أيضاً من إخبار الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية إذا ما كان أفراد الأسرة الآخرون يعانون من التبول اللاإرادي. ومن خطوات الكشف أيضاً ملاحظة كم مرة يتبول طفلك أثناء النهار، وكم لتراً من السوائل يشرب طفلك في المساء، وما إذا كان طفلك يعاني من أعراض مؤلمة كالألم الجسدي أو الحرقان عند التبول.
بالإضافة إلى ما سبق، فمن خطوات الكشف على التبول اللاإرادي لدى طفلك، النظر إلى لون البول ما إذا كان داكناً أو عَكِراً أو به دم، و ما إذا كان طفلك مصاباً بالإمساك. وفي بعض الحالات قد يحتاج طفلك أيضاً إلى إجراء تحليل مخبري للبول أو الدم؛ بحيث يتم التأكد من عدم وجود مشكلة مرضية كالعدوى أو داء السكري.
كيف يتم علاج التبول اللاإرادي لدى طفلي؟
في كثير من الحالات كما ذكرنا؛ يذهب التبول اللاإرادي بمرور الوقت ولا يحتاج إلى العلاج، أما إذا كانت هناك حاجة للعلاج، فيمكن أن يتم التعامل معها بشكل عاجل. وتشمل عملية العلاج عدداً من الخطوات يقترحها الأطباء كتغيير كمية السوائل التي يتناولها طفلك؛ بحيث قد يطلب منك الطبيب إعطاء طفلك سوائل أقل للشرب في أوقات معينة من اليوم أو في المساء، وإبعاد الكافيين عن نظام طفلك الغذائي؛ كالذي يكون موجوداً في العديد من المشروبات الغازية، والشاي الأسود، ومشروبات القهوة والشوكولاتة.
ومن الخطوات أيضاً الاستيقاظ ليلاً بناءً على جدول مُعدٍّ مسبقاً؛ ويعني ذلك إيقاظ طفلك في الليل للتبول. ويمكن أيضاً خلال عملية التعالج تدريب المثانة ومن ذلك التمرّن على التبول وفقاً لجدول زمني محدد، أو تناول الأدوية (التي يصفها الطبيب) التي تزيد من توازن مستويات إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول (Antidiuretic Hormone) أو تهدئة عضلات المثانة. وأخيراً؛ قد يتطلب علاج طفلك تلقي المشورة، فقد يساعد العمل مع مستشار نفسي طفلك في التعامل مع التغيرات الحياتية أو الضغوط الأخرى.
في النهاية، فعلى الرغم من تعدد الأسباب المحتملة لظهور التبول اللاإرادي لدى طفلك؛ ينبغي عليك الحرص على متابعة الحالة النفسية والعقلية له مع التأكد من مراجعة التاريخ المرضي لعائلتك. وأخيراً؛ التبول اللاإرادي زائل لا محالة -في معظم الحالات- بمرور العمر، ويمكن علاجه بشكل سريع من خلال العمل مع فريق طبي وصناعة تغييرات سلوكية مستدامة.