ما هي العلاقة بين حالتك النفسية وآلام أسنانك؟ وماذا تفعل لتخفيفها؟

4 دقيقة
آلام الأسنان والصحة النفسية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ماذا لو علمت أن آلام الأسنان قد تؤذي صحتك النفسية، أو أن الضغوط النفسية المتزايدة قد تتسبب في إحداث مشكلات كبيرة في أسنانك ولثتك؟ في الواقع، إن الارتباط بين صحة الأسنان والصحة النفسية أكثر قوة مما تظن. سنخصص هذا المقال لتوضيح كيف يؤثّر كل منهما في الآخر، بالإضافة إلى بعض النصائح الفعالة التي ستساعدك على قطع هذه السلسلة قبل أن تتفاقم الأمور.

اقرأ أيضاً: ما الأسباب النفسية لفرط التعرق؟ وكيف تحد منها؟

كيف تؤثّر آلام الأسنان في الصحة النفسية؟

لصحة الأسنان تأثير واضح في الحالة النفسية؛ إذ أظهرت دراسة منشورة في المجلة الطبية البريطانية (British Medical Journal)، أن الناس الذين امتلكوا تاريخاً طويلاً من أمراض اللثة كانوا أكثر عرضة إلى الإصابة بأمراض الصحة النفسية بنسبة 37%. فكيف يمكن تفسير هذا التأثير؟ 

في الواقع، لا يمكن القول إن كلاً من آلام الأسنان وتدهور صحة الفم يؤدي مباشرةً إلى الإصابة بمرض نفسي؛ وإنما قد يسهم كل منهما عموماً في تطور القلق الاجتماعي وتدني احترام الذات وتفاقم حالات الصحة النفسية الموجودة سابقاً؛ إذ قد يتجنب الأشخاص الذين يشعرون بالحرج من حالة أسنانهم أو صحة أفواههم التفاعلات الاجتماعية وينسحبون منها؛ ما ينعكس سلباً على حالاتهم النفسية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للألم المستمر الناجم عن وجع الأسنان أن يزيد مستويات التوتر والقلق؛ ما يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية على نحو أكبر. 

اقرأ أيضاً: ما هي الأسباب النفسية للإصابة بآلام الظهر؟ وماذا تفعل للحد منها؟

ما هو تأثير الصحة النفسية في صحة الأسنان؟

يمكن لحالة الأسنان واللثة أن تنبِّه أطباء الأسنان إلى مشكلات صحية أخرى؛ منها ما قد يكون عضوياً ومنها ما يكون نفسياً؛ إذ تعطي فكرة عن مستويات التوتر والقلق والحالة المزاجية. لنرَ كيفية تأثير بعض أهم الحالات النفسية في صحة الأسنان والفم:

الاكتئاب

أشارت دراسة منشورة في دورية بي إم سي لصحة الفم (BMC Oral Health) في مايو/أيار 2024، إلى وجود ارتباط كبير بين الاكتئاب المتوسط والشديد وتسوس جذور الأسنان غير المعالَج؛ حيث وُجد أن  خطر الإصابة بتسوس جذور الأسنان يزداد عند الشباب البالغين (20-44 عاماً) ممن يعانون الاكتئاب المتوسط ​​إلى الشديد بنسبة  87% مقارنة بغير المكتئبين؛ في حين تنخفض هذه النسبة إلى 46% عند النساء المصابات بالاكتئاب المتوسط ​​إلى الشديد.

إن التفسير الأدق لهذا الارتباط يأتي من التأثيرات السلوكية للاكتئاب؛ حيث يؤثّر الاكتئاب في شعور الأشخاص وطرائق تفكيرهم وتصرفاتهم، وغالباً ما يتبعون نظاماً غذائياً سيئاً عالي المحتوى بالسكريات، وقد يهملون صحة أفواههم وروتين العناية بالأسنان وتنظيفها أو يعجزون عن أداء هذه المهمة، علاوة على أنهم قد ينخرطون في سلوكيات غير صحية مثل التدخين وشرب الكحول؛ وهو ما يؤذي الأسنان ويسبب تسوسها في المحصلة.

من ناحية أخرى، قد تؤدي مضادات الاكتئاب إلى جفاف الفم عن طريق تقليل إنتاج اللعاب؛ وهو ما يزيد احتمالية الإصابة بتسوس الأسنان؛ لأن اللعاب يساعد على حماية الأسنان. فضلاً عن أن الاكتئاب قد يضعِف جهاز المناعة؛ ما يسهِّل على البكتيريا المضرة النمو في الفم والتسبب في تسوس الأسنان.

اقرأ أيضاً: ما أسباب السعال النفسي؟ وكيف يمكن علاجه؟

القلق 

يمكن أن يسهم القلق في نشوء آلام الأسنان على نحو غير مباشر، وذلك من خلال ما يلي:

  • صرير الأسنان: يُسمى أيضاً "صَريف الأسنان"؛ وهو إطباق الأسنان بعضها على بعض بشدة على نحو يصدر صوتاً عالياً. ويقول الطبيب النفسي، محمود الوصيفي، إن هذه الحالة قد تبدو ظاهرياً مشكلة بسيطة؛ لكنها قد تصل في بعض الأحيان إلى حدّ تكسُّر الأسنان وظهور آلام مبرحة في الفك، بالإضافة إلى النوم غير المستقر والصداع. تنشأ هذه المشكلة في بعض الأحيان عن القلق أو وجود فوبيا معينة أو الحرج الاجتماعي، وقد تستلزم تناول الأدوية للعلاج أو ممارسة تدريبات سلوكية معرفية للتغلب على القلق المسبب للحالة، بالإضافة إلى الاستعانة ببعض الأدوات التي قد يستخدمها أطباء الأسنان.
  • التغييرات اللعابية: يمكن للقلق أن يقلل إنتاج اللعاب؛ ما يزيد حموضته. وقد وُجد أن اللعاب الحمضي المرتبط بالقلق يؤدي إلى تآكل مينا الأسنان ويفاقم تسوسها وحساسيتها.
  • زيادة الحساسية تجاه الألم: قد يزيد القلق الإحساس بالألم؛ ما يجعل مشكلات الأسنان الموجودة مثل التسوس أو أمراض اللثة تبدو أكثر حدة، وقد تصعِّب الحساسية للألم المتزايدة إدارة مشكلات الأسنان وعلاجها على نحو فعال.
  • تفاقم أمراض اللثة: من الممكن أن يؤدي القلق إلى إضعاف وظيفة الجهاز المناعي؛ ما يؤدي إلى زيادة الالتهابات وتقليل قدرة الجسم على التئام الجروح ومن ثَمّ التهاب اللثة وتفاقم مشكلاتها.
  • الشد العضلي: قد تعاني عضلات الرأس والرقبة الشدّ والتصلب إزاء معاناة القلق؛ وهذا ما ينطبق على عضلات الفك أيضاً. يمكن أن يتطور هذا التصلب إلى تشنج العضلات الهيكلية وظهور ما يُسمى بـ "نقاط الزناد الليفي العضلي" التي تُسمى أيضاً بـ "نقاط الزناد" أو "العقد العضلية"؛ والتي قد تسبب الألم في مناطق غير ذات صلة بما في ذلك الأسنان.

اقرأ أيضاً: المعدة النفسية: أسبابها وأعراضها وعلاجها المحتمَل

التوتر 

مثلما هي الحال مع القلق؛ فإن التوتر المزمن يؤثّر أيضاً في صحة الفم، وغالباً ما يتجلى ذلك بآلام الأسنان ومشكلاتها الأخرى، فقد يميل الناس تحت وطأة التوتر المستمر إلى شد أفكاكهم أو صرّ أسنانهم دون وعي بذلك؛ ما يسبب الشعور بالألم وعدم الراحة وتأذّي الأسنان مثلما ذُكر سابقاً.

وبالإضافة إلى آلام الفك وإضعاف جهاز المناعة وتقليل إنتاج اللعاب،  فإن التوتر المزمن قد يسهم في ظهور تقرحات الفم المؤلمة ومتلازمة حرقة الفم (Burning Mouth Syndrome)؛ وهي حالة تتميز بإحساس مؤلم وحارق سواء على الشفاه أو اللسان أو اللثة دون سبب واضح.

اقرأ أيضاً: ما هي أعراض القلق النفسوجسدية؟

7 نصائح تساعدك على تقليل الآثار النفسية المرتبطة بآلام الأسنان

نظراً إلى أن الصحة النفسية وصحة الأسنان حالتان مترابطتان، فإن الخطوات التي تتبعها لصون إحداهما ستفيد الأخرى أيضاً. ولحسن الحظ، ثمة العديد من النصائح الفعالة التي يمكنها أن تحسّن الحالتين معاً؛ مثل:

  1. حافظ على نظافة أسنانك: عن طريق تنظيف الأسنان بالفرشاة بانتظام واستخدام خيط تنظيف الأسنان وغسول الفم بالفلورايد.
  2. افحص أسنانك دورياً: تساعد زيارة طبيب الأسنان مرتين سنوياً في الحفاظ على صحة الفم، وتُمكنها أيضاً الإشارة إلى مشكلات الصحة النفسية الكامنة؛ إذ يمكن لأطباء الأسنان تحديد علامات التوتر والقلق واضطرابات الأكل من خلال حالة أسنانك ولثتك.
  3. اتبع نظاماً غذائياً صحياً: يدعم النظام الغذائي المتوازن الصحة العامة ويحسن المزاج ويقي من مشكلات الأسنان واللثة.
  4.  اتبع استراتيجيات إدارة التوتر: مثل تمارين التنفس العميق، أو التأمل، أو اليقظة الذهنية؛ حيث يمكن أن تساعد هذه الممارسات على تقليل العادات المضرة بصحة الأسنان؛ مثل صرير الأسنان وغيرها.
  5. لا تهمل الأعراض: انتبه إلى العلامات التي تدل على تردي صحة الأسنان أو على سوء الصحة النفسية؛ مثل نزيف اللثة، أو ألم الفك، أو القروح مجهولة السبب، أو صرير الأسنان وغيرها. ويمكن أن يؤدي جفاف الفم؛ الذي غالباً ما يكون أحد الآثار الجانبية للأدوية، إلى مشكلات الأسنان؛ لذا استشر طبيب الأسنان والمختص النفسي إذا واجهت هذا.
  6. عالِج القلق المتعلق بزيارة طبيب الأسنان: إذا كان الخوف أو القلق بشأن زيارة طبيب الأسنان يمثّل مشكلة لك، فجهِّز بعض الأسئلة والمخاوف مسبقاً لمناقشتها مع طبيب الأسنان؛ وهو ما قد يخفِّف القلق ويضمن الرعاية الشاملة. أما في حال كان الخوف من طبيب الأسنان قد وصل حد الرُهاب، فمن الأفضل أن تستشير مختصاً في الصحة النفسية؛ إذ سيساعدك على إدارة مخاوفك حتى تتمكن من الاعتناء بصحتك النفسية وصحة أسنانك.
  7. لا تتردد في طلب المساعدة : إذا كان إهمال نظافة الفم ناتجاً عن مشكلات في الصحة النفسية، فمن المهم الاعتراف بذلك وطلب المساعدة من المتخصصين في طب الأسنان والصحة النفسية.

اقرأ أيضاً: هل تخاف من زيارة طبيب الأسنان؟ ربما تكون مصاباً بالدنتوفوبيا

المحتوى محمي