يتميز بعض الأشخاص بسلوكهم المتحفظ، وسواء كان ذلك تعبيراً عن خجل فطري لديهم، أو يمثل سلوكاً مكتسباً، فمن الجيد أن يتعلم الشخص كيفية اكتساب الحضور القوي والمؤثر في الآخرين، لذا نعرض فيما يلي 10 مفاتيح ستساعدكم على التمتع بالحضور القوي.
حاول معرفة الأسباب وراء تحفظك الزائد
الهدف: تحديد المواقف السابقة التي جعلتنا نتصرف بتحفظ زائد.
تؤدي أساليب معينة من التعليم الذي يتلقاه المرء، إلى الخلط بين سلوكيات التهذيب، والاهتمام بالآخرين، ومحو الذات. وتغذي أساليب تربوية كهذه فكرة أن تباهي الشخص بصفاته أو رغبته في جذب انتباه الآخرين، هو نوع من الابتذال والأنانية. كما يمكن لمشاعر الخزي والصدمات النفسية التي تنتقل عبر الأجيال العائلية أن تطوّر سلوك التحفظ المفرط لدى الفرد، إضافةً إلى تأثير العوامل المادية، والثقافية، والاجتماعية. على أي حال، فإن تحديد المسببات الأصلية لهذا السلوك، سيكون خطوتك الأولى نحو التمتع بحضور قوي عند التواجد مع الآخرين. لأنه إذا كان التحفظ صفةً جيدةً، فإن من الضروري عدم إساءة استخدامها، وبدلاً عن أن تكون شخصاً إمّعة، أو شخصاً معزولاً يتجاهله الآخرون، اتخذ قرارك بأن تصبح ذلك الشخص الذي يسمعه ويراه الجميع، ولا يمكن لأحد أن يحلّ مكانه وكن من الأشخاص الذين يتمتعون بالحضور القوي.
كن حاضراً بذهنك وجسدك!
يشمل الحضور القوي والمثير لانتباه الآخرين، حضور المرء بجسده وحواسه وكلماته، إذ لا يمكنك جذب انتباه من حولك إذا كنتَ حاضراً معهم بجسدك، بينما تشعر بالتشتت، وشرود الذهن. يساعدنا إدراك أفعال الآخرين ومشاعرهم والبيئة المحيطة بنا على ترسيخ أنفسنا في اللحظة الحالية، وإرسال رسالة لمن حولنا مفادها أننا موجودون بالفعل. ويمكن أن يكون أسلوب التنفس العميق الهادئ حلاً فعالاً في مثل هذه المواقف، للتخلص من تشتت الذهن، والتوتر.
انظر في عيني محدثك واستمع إليه باهتمام
إن إحدى أهم سلوكيات "القائد" الكاريزمي هي النظر في عينيّ محدّثه، دون أن يحرف نظراته عنه أو يرمش، خلال الاستماع إليه. ويشعر جميع من يتحدثون إلى من يمنح كلامهم الاهتمام، بأنه يتم الاستماع إليهم وفهمهم كما لم يحدث من قبل، ما يولد لديهم انطباعاً بأنهم أهم أشخاص في العالم. وخلافاً للاعتقاد الشائع، لا يعني الحضور القوي أن تلفت انتباه الآخرين إلى نفسك بالضرورة، إذ إن منح انتباهك للشخص الذي تتحاور معه، يعد إحدى ركائز هذا الحضور، فلا يمكن لأحد أن ينسى المستمع اليقظ والمتعاطف.
تكلّم باعتدال
من المهم أن تتكلم باعتدال دون إكثار أو إقلال من الكلام، ولا مبالغة في الإسراع أو الإبطاء من وتيرة الحديث. قد تبدو هذه النصائح واضحةً، لكن هل تتذكر اجتماع العمل الأخير لقياس التقدم المُحرز؟، نعم نحن نتحدث عن أولئك الذين يطيلون الكلام، بين تفاهات وتفسيرات لا صلة لها بالموضوع، بينما يمكن اختصارها بـ قول "نعم" أو "لا"، أو "يمكننا دراسة الأمر"، بدلاً عن الجمل الممتدة إلى ما لا نهاية. إن سر الأشخاص الذين يجذب حديثهم استماع الآخرين واهتمامهم، هو سر بسيط جداً، فهم يتحدثون دون إطالة، ويستخدمون الاستعارات ذات الصلة، ولا يحتكرون الحديث، وقبل كل شيء، يتحدثون فقط عندما يكون لديهم ما يقولونه، للإشارة إلى فكرة، أو معارضتها، أو النهوض بالنقاش. كما يتسم حديثهم بتدفق هادئ، ولهجة محددة، مع تعبير لطيف يرتسم على وجوههم. يمكنك أن تتدرب على التكلّم باعتدال باستخدام المرآة، أو طلب المساعدة من صديق ودود وصريح.
أظهر مشاعرك
إن قول ما تشعر به من دون إفراط، يُضفي طابعاَ إنسانياَ على العلاقات، يبقى عالقاً في ذاكرة محاورك وتجربته الشخصية، ويشجعه بدوره على مشاركة مشاعره، وهو ما يُنتج حواراً لطيفاً ودافئاً لكليكما. نحن نتذكر دائماً الأشخاص الذين تشاركنا معهم حديثاً شخصياً، بينما قد ننسى بسرعة أولئك الذين لم يتضمن حديثنا معهم سوى المعلومات الخام، أو الأرقام والبيانات الموضوعية.
الاستهزاء بالنفس دلالة على الحضور القوي
إن معرفة كيفية الابتسام والضحك على نفسك هو من دون أدنى شك أحد أهم عوامل اكتساب الحضور القوي، فهو "علاج" للجدية الزائدة، وتعبير عن الرضا عن النفس، كما أن كشف الشخص عن عيوبه يجعل سلوكه مع الآخرين أكثر إنسانية وتعاطفاً. لا يمكن لأحد تجاهل شخص يعرف كيف "يستهزئ بعيوبه"، وتجذب هذه المهارة الانتباه بطريقة تمنع الآخرين من توجيه السخرية الجارحة أو النقد السلبي لمن يتمتع بها، وهو ما يعرف بتأثير "سيرانو دي برجراك"، أو بمعنى آخر شكراً لك، يمكنني أن أخدم نفسي بنفسي!
اجعل حديثك ذا قيمة
من الضروري أن تتجنب خلال حديثك التطرق إلى العموميات، والتفاهات، والتفسيرات المعقدة، فهي كلها أساليب تؤثر سلباً في حضورك عندما تتواجد مع الآخرين. يؤدي الحديث غير الواضح إلى ملل المستمعين، ويضعنا في خانة أولئك الذين ليس لديهم ما يقولونه ولكنهم يصرون رغم ذلك على الكلام. إن تعبيرك عن معارضة فكرة ما، أو حتى إبداء رأي هامشي أو التزام الصمت، هي أمور أفضل من التحدث بطريقة غير واضحة. يتميز الحضور القوي بالمشاركة عبر خطاب مناسب للنقاش، دون تناول البديهيات، أو إعادة ترديد ما يتناقله الفكر السائد، وجعل الكلام صدىً له.
أبرز تفردك ولا تحاول إخفاءه
إن قبول سماتك الشخصية وعدم محاولة إخفائها باستمرار مع العمل على تطوير أسلوبك من أهم أسس الحضور القوي. كما أن تآلف الفرد مع صفاته الجسدية (ضخامة أو صغر الحجم، والأنف الكبير، واللسان المُشعر، أو اللهجة التي يتحدث بها)، يجعلها بمثابة علامات مميزة له، إضافةً إلى أن العيب الذي نقبله سيكون أقل وصماً من ذلك الذي نسعى إلى إخفاءه. وينطبق الأمر ذاته على مظهرنا الخارجي، فالملابس التي نختارها بناء على التفضيلات الشخصية، وبصرف النظر عن اتجاهات الأزياء والموضة، تمثل رسالةً إلى الآخرين نعبر بها عن قوتنا الداخلية.
الحضور القوي يعني أن تكون شغوفاً
ليس هناك ما يصيب الآخرين بالكآبة والملل، أكثر من شخص من دون حماس أو شغف. إن حالة الشغف والحماس "المعدية"، تحيط صاحبها بهالة تلقي بتأثيرها الدافئ والجذاب في جميع من حوله. من ممارسة نشاط مثير، إلى الالتزام بقضية ما، أو الشغف بأحد الفنون أو تنمية موهبة معينة أو العمل على مشروع ما، فإن هناك العديد من الفرص التي تنتظرنا لاكتشافها، وتتيح لنا مشاركة بهجة شغفنا بها مع الآخرين. وعندما تحدّث شخصاً ما عن شغفك، بأسلوب مفعم بالحيوية فإنه سيعبر بدوره عن شغفه أيضاً وستولد لديه رغبة للتعمق في الموضوع.
اعتنِ بوضعية جلوسك عندما تكون مع الآخرين
أخيراً حافظ على استقامة ظهرك وكتفيك، وارفع ذقنك قليلاً، وارسم ابتسامةً خفيفةً على وجهك، في أثناء جلوسك مع الآخرين. ومع ارتداء الملابس التي تعكس شخصيتك، وإظهار التعاطف مع الآخرين، وعدم الخوف من خلق انطباعات لديهم، سيؤهلك حضورك القوي، بسهولة، للتمتع بالكاريزما!