ملخص: معرفة أننا لسنا وحدنا في معاناتنا قد تريحنا؛ في هذا المقال نتعرف إلى أسباب ذلك، وفوائد تشارك المعاناة مع الآخرين، ولماذا يفضل البعض عدم مشاركة ما يعانيه مع غيره، ونصائح لجعل هذه المشاركة مثمرة.
محتويات المقال
يواجه الإنسان في حياته العديد من التحديات والشدائد التي يمكن أن تسبب له المعاناة، وقد يشعر أحياناً بالعزلة والوحدة في مواجهة هذه المشاعر السلبية؛ لكن معرفة أن أشخاصاً آخرين يعانون مثله قد تُشعره بالراحة والدعم. لماذا؟
ما فوائد تشارك معاناتنا مع الآخرين؟
يمكن لمعرفتك أن الآخرين يعانون مثلك أن تُشعرك بالراحة لعدة أسباب:
1. تقليل شعور العزلة: يمكن أن تُشعرك معاناتك بالانعزال؛ لكن معرفة أن آخرين يمرون بتجارب مماثلة تشعرنا أننا لسنا وحيدين في هذا العالم. فمعاناتنا مشتركة، وهذا يُشعرك بالارتباط والتعاطف والانتماء إلى مجموعة ويخفف عزلتك.
يقول الطبيب النفسي محمد اليوسف إنه أحياناً يكون كل ما يحتاجه المرء هو الجلوس مع مختص يستمع إليه دون حكم أو انتقاد ويضمن له الخصوصية والسرية، ويخبره أن مشاعره طبيعية ومشروعة، وأنه ليس وحده في معاناته.
2. تأكيد مشاعرك وفهمها: رؤية أن أشخاصاً آخرين يعانون مثلك تساعدك على تصديق مشاعرك وتقبّلها، علاوة على أن مشاركة التجارب معهم تشعرك بالقبول وقد تساعدك على فهم مشاعرك وأسبابها على نحو أفضل وتُسهل عليك طلب المساعدة.
3. تقليل شعور الذنب واللوم: من الممكن في بعض الأحيان أن تلوم نفسك على معاناتك؛ لكن حين ترى أن الآخرين يعانون مثلك وليسوا مسؤولين عن معاناتهم ستدرك أن معاناتك ناتجة عن عوامل خارجية لا عن عيوب شخصية؛ فيقل شعورك بالذنب وتتوقف عن لوم نفسك.
4. الأمل وتحسين صورة الذات: رؤية أشخاص آخرين يتصدون للمعاناة ويُحرزون تقدماً تُخفّف حدة شعورك باليأس وتعطيك الأمل في تحسين حالتك وتحفّزك على تجاوز صعوباتك والمضي قدماً، وتُعزز احترامك لذاتك وتقوي ثقتك بنفسك.
5. الشعور بالأمان وتعزيز الامتنان: معرفة أن أشخاصاً آخرين يعانون مثلك تُشعرك بالأمان وتقلّل شعورك بالخوف والقلق، علاوة على أن مقارنة معاناتك بمعاناة الآخرين قد تُشعرك بالامتنان لما لديك وتُزيد تقديرك للحياة.
6. تعلم مهارات تكيف جديدة: مشاركة التجارب مع أشخاص يعانون مثلك تتيح لك فرصة تعلم مهارات جديدة للتكيف مع المواقف الصعبة، وتعلّم استراتيجيات فعالة للمواجهة.
7. تعزيز العلاقات الاجتماعية: مشاركة التجارب مع أشخاص يعانون مثلك تساعدك على بناء علاقات اجتماعية قوية وداعمة، وترسخ لديك أسس التواصل البشري الناجح. علاوة على أن التعرّف إلى تجارب الآخرين يُثري أفكارك ويوسّع مداركك ويُقدم لك وجهات نظر جديدة.
8. الشعور بالمسؤولية الاجتماعية: معرفة أن هناك أشخاصاً آخرين يعانون تحفّزك على المساهمة في مساعدتهم ودعمهم وتساعد على نشر الوعي بالقضايا الاجتماعية المهمة والمطالبة بالتغيير.
اقرأ أيضاً: تعاني من العزلة؟ إليك كيفية الخروج منها بمساعدة علم النفس الحيوي
لماذا لا يرتاح البعض لمشاركة معاناته؟
من الممكن ألا يوفر شعور المعاناة المشتركة الراحة التي نبحث عنها لعدة أسباب:
- مقارنة المعاناة: قد تؤدي معرفة أن الآخرين يعانون مثلنا إلى التقليل من شأن ألمنا الشخصي؛ فتعتقد أن الآخرين يُعانون أكثر منك، لذلك يجب ألا تشتكي وتمتنع عن طلب المساعدة أو الاعتراف بصراعاتك الشخصية.
- الاختلافات الثقافية: تؤثر المعايير الثقافية في كيفية تصورنا للمعاناة، إذ تشجع بعض الثقافات على التعبير عن الألم بحرية؛ بينما تعده ثقافات أخرى علامة ضعف.
- غياب التعاطف أو الارتباط: على الرغم من أن المعاناة المشتركة يمكن أن تنمّي التعاطف فهي لا تضمن دائماً تقوية الارتباط أو تخفيف شعور العزلة، وقد يعاني بعض الأشخاص العزلة حتى عند معرفتهم أن الآخرين يمرون بتجارب مشابهة.
- اختلاف ردود الفعل وآليات التكيف: على الرغم من أن المعاناة المشتركة يمكن أن تُوفر الراحة، تختلف ردود الفعل الفردية. فلكل شخص آليات تعامل وتأقلم مختلفة؛ قد يفضل البعض تشتيت انتباههم، بينما يرى آخرون أن اعترافهم بآلامهم الشخصية والتركيز على الحلول وطلب الدعم المناسب لاحتياجاتهم أكثر فعالية من الاعتماد فقط على التماس الراحة في المعاناة المشتركة.
كيف تجعل مشاركة معاناتك مع الآخرين مثمرة؟
قد تكون مشاركة المعاناة مع الآخرين تجربة مفيدة للغاية، إليك بعض النصائح لجعل هذه المشاركة مثمرة:
1. اختر الشخص المناسب: ويعني ذلك أن يكون شخصاً تثق به، وتشعر بالأمان معه عند مشاركة مشاعرك ويفهم أحاسيسك وموقفك حتى لو لم يمر بالتجربة ذاتها، ما يجعله قادراً على دعمك وتشجيعك للتغلب على مشاعرك.
2. حدد هدفك من المشاركة: قد يكون هدفك إخراج هذه المشاعر من صدرك والبحث عن شخص يسمعك دون الحكم عليك، وقد ترغب في سماع وجهة نظر جديدة أو الحصول على نصيحة من شخص ذي خبرة في موضوع معين، وربما يكون هدفك تقوية علاقتك بشخص محدد من خلال مشاركة ما تمر به.
3. تواصل بوضوح: تحدث بوضوح عن مشاعرك، واستخدم كلمات واضحة ودقيقة. حدد مشاعرك ووضح ما يسبب لك الألم واعترف بمشاعرك السلبية دون خجل، وأعطِ الشخص الآخر فرصة للتحدث واستمع إلى ما يقوله بعناية. ولا تركز على السلبيات فقط، بل حاول أن تشير إلى الجوانب الإيجابية في حياتك. ولا تلم الآخرين على مشاعرك وتحمل مسؤوليتها. وتذكر أن هناك جوانب أخرى في حياتك تستحق الاهتمام، ولا تدع معاناتك تحكم على حياتك بأكملها.
4. ركز على الحلول: اسأل الشخص الآخر عن رأيه في أسباب معاناتك وناقش معه الحلول المحتملة، ثم حدد خطوات يمكنك اتخاذها للتغلب على مشكلتك.
اقرأ أيضاً: دليلك لتعزيز مرونتك النفسية ضد الصدمات
في الختام، تذكر أن معرفتك بمعاناة أشخاص آخرين يعانون مثلك قد تُقدم لك الراحة والدعم؛ لكن من المهم ألا تقلل من شأن معاناتك الخاصة، وتذكر أن هذه المعرفة لا تُغني عن مساعدة نفسك وطلب الدعم المتخصص عند الحاجة.