ملخص: تصدّر خلال الأيام القليلة الماضية هاشتاغ #شعور_السعاده_يكتمل_إذا، منصة التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقاً)؛ حيث تناول العديد من الأشخاص فكرة السعادة وشروط تحقيقها من وجهة نظرهم؛ لكن هل سنكون سعداء حقاً إذا ربطنا سعادتنا بتحقيق الأهداف والإنجازات؟ الإجابة في هذا المقال.
محتويات المقال
تصدّر هاشتاغ #شعور_السعاده_يكتمل_إذا منصة إكس/تويتر خلال الأيام القليلة الماضية؛ حيث عبّر الكثير من المشاركين من خلاله عن شروطهم الخاصة من أجل اكتمال إحساسهم بالسعادة. تُرى هل سبق لك أن وقعت في هذا الفخ؟ أمضيت وقتاً طويلاً في تكريس نفسك من أجل أحد الأهداف، ثم حققته أخيراً، شعرت بالسعادة وقتاً قصيراً ثم تلاشى هذا الشعور، ليظهر هدف جديدة ورغبة مختلفة. الحقيقة أن معظمنا قد مر بهذه التجربة؛ ولكن ثمة خطأ كبير في التفكير بهذه الطريقة، وإليكم من خلال هذا المقال كيف نتخلص من فكرة السعادة المشروطة.
السؤال الصعب: هل تحقيق أهدافك سيقودك حقاً إلى الشعور بالسعادة؟
هل النجاح يؤدي إلى الشعور بالسعادة؟ الحقيقة أن الإجابة عن هذا التساؤل ليست سهلة، ومع ذلك، دعونا نحاول. لقد تعلمنا منذ الصغر أن تحقيق الإنجازات سيجعلنا سعداء؛ ولهذا بذلنا جهودنا للحصول على أعلى الدرجات في الاختبارات الدراسية.
وحين كبرنا، حاولنا تحقيق المزيد من النجاح في مسيراتنا المهنية. وللحصول على دفقة مرتفعة من السعادة، عكفنا على تنفيذ الكثير من المهام والإنجازات؛ لكن مع مرور الوقت، تَبين أن العيش مع فكرة السعادة المشروطة بتحقيق أهداف محددة هي فخ يحبس الكثير من الناس في دائرة من السخط؛ لأنه يخلق عقلية تؤجل السعادة باستمرار وتجعلها بعيدة المنال.
والمشكلة في هذا النهج هي أنه حتى لو تحقق الهدف في نهاية المطاف، فإن السعادة الناتجة عنه تكون قصيرة الأجل، وسرعان ما تُستبدل بها أهداف أو توقعات جديدة؛ وهكذا تصبح السعادة وجهة مستقبلية لن نصل إليها أبداً. وفي هذا السياق، توضح المعالجة النفسية، أماندا ليفينسون (Amanda Levinson)، إن النجاح غالباً ما يرتبط بتحقيق أهداف الحياة والإنجازات؛ ولكنك في الغالب لا تحتاج إلى هذه الإنجازات لتكون سعيداً.
وتعتقد المختصة النفسية، بيكا سميث (Becca Smith)، إن السعي إلى تحقيق النجاح قد يؤدي إلى السعادة؛ ولكن يمكن أن يكون له تأثير سلبي في الصحة النفسية؛ وذلك لأن الضغط من أجل السعي المستمر نحو تحقيق المزيد من النجاح يؤدي إلى الإرهاق والتوتر والقلق. وعلى الرغم من أن المجتمع يميل إلى مساواة النجاح بالثروة والمكانة، فإن السعادة يمكن أن تتحقق من النمو الشخصي والعلاقات والرضا الداخلي.
اقرأ أيضاً: كيف تجد السعادة في يومك من خلال الاستمتاع بأبسط التفاصيل؟
ما الأسباب التي تجعلك تفتقد السعادة على الرغم من امتلاكك كل شيء؟
السعادة ليست حالة من النشوة المستمرة، ولا يوجد أحد يشعر بالسعادة طوال الوقت، فحتى الأشخاص السعداء يحسون بمجموعة كاملة من المشاعر الإنسانية مثل الغضب، والإحباط، والملل، والوحدة، وحتى الحزن من وقت إلى آخر. وعلى الرغم من ذلك، إذا كان لديك كل شيء؛ وظيفة جيدة، منزل آمن، أصدقاء داعمون، وعائلة تساندك. ومع ذلك، لستَ سعيداً، فهناك بعض الأسباب التي قد تجعلك كذلك؛ ومنها على سبيل المثال:
- فقدان المعنى: في أثناء سعيك الحثيث إلى تحقيق النجاح والبحث عن وهم اللحظة المثالية والإنجاز الكامل، قد ينتهي بك الأمر بافتقاد المعنى في حياتك اليومية؛ وذلك لأن امتلاك كل شيء ليس بالضرورة مُرضياً بالنسبة إليك بصفتك إنساناً، علاوة على أن النجاح لا يجيب عن السؤال الرئيس حول سبب تحقيقك تلك الإنجازات كلها من الأساس، فقد تظل غير سعيد على الرغم من تحقيق العديد من الأهداف لأنك لم تقف لتسأل نفسك إذا كنت تريد فعل ذلك حقاً أم لا.
- دورة الرغبة والإنجاز: قد تفقد قدرتك على الشعور بالسعادة لأنك عالق في دورة لا تنتهي من الرغبة والإنجاز؛ وهي دورة ذاتية الاستدامة، فمجرد أن تحقق أحد الإنجازات، تسأل نفسك: "ما التالي؟"؛ وهكذا تظل تبحث عن المزيد! إنها دورة لا تنتهي ولن تنتهي أبداً؛ وذلك لأنك سترغب دوماً في تحقيق المزيد.
- التركيز على إرضاء الآخرين: يقضي بعض الناس الكثير من الوقت في محاولة إقناع الآخرين بنجاحاتهم، فحتى لو كان لديك كل شيء، قد تسعى أحياناً إلى نيل إعجاب الآخرين؛ ولهذا تحاول شراء الملابس الفاخرة. والحقيقة أن هذا النوع من السعادة هش للغاية لأن التوق الشديد والتركيز على الآخرين سيجعلك غير قادر على رؤية ما تملكه.
- عدم الحصول على الراحة والاسترخاء: حتى لو كنت تتمتع بحياة جيدة، وتشعر بالرضا عن أهدافك وإنجازاتك، لا يمكنك الركض إلى ما لا نهاية من نشاط إلى آخر ومن مهمة عاجلة إلى أخرى مؤجلة، هذا بالإضافة إلى محاولة التوفيق بين العمل والواجبات المنزلية والوقت الذي تقضيه مع أطفالك وشريكك، ففي النهاية ستعاني الاحتراق النفسي والوظيفي.
- الإفراط في التفكير عوضاً عن محاولة العيش: ربما تملك كل شيء؛ ولهذا فأنت شديد الخوف من فقدانه، ومفرط التفكير في الخطوات التالية لنجاحاتك، وفي اللحظة المثالية التي ستشعر فيها بقمة السعادة؛ وهذا يجعلك تعيش داخل رأسك معظم الوقت ولا تعيش الحاضر، والحقيقة أن الإفراط في التفكير يمكن أن يُصيبك بالقلق والتوتر والاكتئاب.
- التوقعات المرتفعة: يؤكد أستاذ علم النفس بجامعة ييل (Yale University)، روب روتليدج (Robb Rutledge)، إن التوقعات المرتفعة تؤثر تأثيراً كبيراً في شعور كل منا بالسعادة وقدرته على الاستمتاع بالحياة اليومية، فإذا لم تتحقق التوقعات التي وضعها سوف يشعر بخيبة الأمل. وعلى الجانب الآخر، تضع تلك التوقعات على عاتق كل منا الكثير من الضغط النفسي والجسدي؛ وذلك لأننا نخاف التعرض إلى الإحباط الشديد إذا لم نحقق أهدافنا التي نصبو إليها.
اقرأ أيضاً: هل الأجدى انتظار مجيء السعادة مع تقدمنا في العمر؟
4 نصائح عملية لتجد السعادة في تفاصيلك اليومية
"سأخصص وقتاً للاسترخاء عندما تستقر الأمور في العمل"، "سأرتدي هذا الفستان عندما أفقد بعض الوزن"، "سأدعو أصدقائي عندما أشتري منزلاً أكبر"، "سأكون سعيداً عندما أقع في الحب، أو أحصل على وظيفة أحلامي". هل أصابتك متلازمة "سأكون سعيداً عندما" وربطت سعادتك بأهداف وإنجازات محددة؟ يرى مختص علم النفس الإكلينيكي، أسامة الجامع، إن ربط السعادة بتحقيق شيء في حياتك سيجعلك تعيساً. لا تشترط لتسعد؛ ولهذا عليك فك هذا الارتباط عبر اتباع هذه النصائح:
- أعد التفكير في تعريفك للسعادة: ما السعادة بالنسبة إليك؟ هل هي وجهة تسعى إليها، أم شعور ينبع من داخلك؟ هل هي مشروطة بتحقيق النجاح أم لا؟ الحقيقة أن كلاً من تحقيق النجاح والراحة المادية وزيادة الراتب وشراء سيارة جديدة سيُشعرك بالسعادة؛ ولكنها ستزول بعد قليل وتعود إلى مستواها الطبيعي، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن تكف عن تحقيق الأهداف. مسموح لك طوال الوقت أن تطمح إلى المزيد؛ ولكن من المهم ألا تتعثر في عقلية التفكير بأنك لست سعيداً حتى تصل إلى تلك الأهداف.
- ابدأ يومك بالامتنان: خذ بضع دقائق للتفكير في الأشياء التي تمتنّ لها في حياتك، مهما كانت صغيرة أو كبيرة. ستساعدك هذه الممارسة على تحويل تركيزك من الأفكار السلبية إلى الإيجابية، وستضفي السعادة على يومك العادي. وتذكَّر أن الأشياء الصغيرة هي التي تُحدث فرقاً كبياً؛ لذا خذ وقتاً لتقديرها.
- تعلَّم الانغماس في الملذات البسيطة: في أثناء أيامك العادية، تمهل وتذوق الملذات البسيطة وانغمس في تفاصيلها مثل فنجان قهوة دافئ في الصباح، أو محادثة حميمية مع أحد أصدقائك المقربين، أو نزهة في الطبيعة. تُمكنك أيضاً تجربة الاستمتاع بحمام دافئ وتناول الفاكهة أو مشروب الشوكولاتة والرقص على الموسيقا. تذكَّر أن هذه اللحظات البسيطة هي اللبنات الأساسية لحياة سعيدة.
- مارس اليقظة الذهنية: عندما تركز على تحقيق السعادة بناءً على الوصول إلى الهدف، فأنت تعيش في المستقبل بدلاً من الحاضر؛ ولهذا عليك ممارسة اليقظة الذهنية حتى تتعلم أن تكون حاضراً هنا والآن. وترتكز اليقظة الذهنية على الاستغراق الكلي في اللحظة الآنية؛ ما يقلل التوتر، ويجعلك تشعر بالهدوء والاسترخاء وتتوقف عن الركض قليلاً لتلتقط أنفاسك وتستعيد نشاطك.