7 نصائح لتمارس الاستماع الفعّال

5 دقائق
الاستماع الفعال

غالباً ما نسمع أن التواصل هو سر النجاح؛ لكن من المؤكد أن سر التواصل الناجح في المقام الأول، هو إتقان مهارة الاستماع الفعال. إليك 7 نصائح لتتمكن من تعلم هذه المهارة، حتى يفهمك الآخرون وتفهمهم بطريقة أفضل.

  • كن ذا عقل منفتح
  • ركز على كلام الآخر
  • استمع دون مقاطعة
  • تعرّف على المرشحات الإدراكية الخاصة بك
  • أعد صياغة الجمل الرئيسية للمحاور
  • اطرح الأسئلة المناسبة

تتخلل حواراتنا مع الآخرين، حالات متكررة من سوء الفهم تؤدي إلى إثارة الخلافات. قد يقول بعض الأشخاص أنه أُسيئ فهمهم، أو يعجز آخرون عن التعبير عن أنفسهم بما يضمن فهم الآخرين لهم؛ ما يثير عدوانيتهم وغضبهم.

وبين ما يقوله المرء فعلاً، وما يظن أنه قاله، وبين ما يسمعه الآخر وما يفهمه، قد تفقد الرسالة المراد إيصالها 80% من معناها الحقيقي؛ وهو ما يؤدي إلى حالات لا تنتهي من إساءة فهم كل منا للآخر.

فكم منا شعر بأنه أُسيئ فهمه، حينما بدا ما يقوله واضحاً تماماً بالنسبة له، بينما لم يكن كذلك بالنسبة للآخر؟

أو كم منا حضر اجتماع عمل دون أن يفهم ما فهمه زملاؤه الذين حضروا الاجتماع نفسه؟

ماذا عن رئيسك في العمل الذي يحاول تذكيرك بضرورة الانتهاء من ذاك الملف قبل حلول المساء، بينما يقاطع كلامه صوت في رأسك قائلاً: ليس لديك وقت لإنهائه، انظر إليه كم هو شخص مغرور!

إذاً متى ننصت لمحاورنا بالفعل؟ وهل نحن "على اتصال" معه خلال تحدثه؟ هل ينصب جلّ تركيزنا على (ما فعله أو لم يفعله) أم على ما يخبرنا به؟ ومتى ينصت بدوره لنا؟

يمكن أن يساعدنا الاستماع الفعال -جزئياً- على حل أسرار سوء الفهم هذا الذي يواجهنا يومياً.

الاستماع الفعال ببساطة هو التركيز على ما تستمع إليه؛ من أجل فهم ما يقال فهماً كاملاً. ويمكن القول عن الاستماع بأنه فعال، عندما يشارك الشخص الذي يمارسه مشاركةً فعالةً في فهم الرسالة التي يريد الآخر إيصالها.

فيما يلي سبعة أمثلة حول ممارسة الاستماع الفعال ليفهمك الآخرون وتفهمهم بطريقة أفضل.

كن ذا عقل منفتح

تمر المعلومات المتضمنة في الحوار عبر الكلمات، والإيماءات، والتأثيرات والصمت الذي يتخلله؛ إذ تعبر الكلمات عن ظاهرها، بينما يتخفى جوهرها في الصمت والإيماءات.

على سبيل المثال؛ لاحظت أن أحد موظفيك يخالف تعليماتك، على الرغم من أنك أوضحت له العمل المطلوب منه، وأبدى فهمه له؛ لكنه لم ينفذ في الواقع ما طلبته منه، وعندما تسأله عن الأمر يلتزم الصمت، ثم يقول إنه ليست هناك مشكلة. يمثل ذلك علامةً على عدم الاتساق، يجب أن تتنبه لها، وقد يكون أحد الحلول هو معرفة الصورة التي تقدمها للآخر من خلال مراقبة الطريقة التي تخاطُبه بها.

ركز على كلام الآخر

يعد التركيز على كلام محدّثك بصورة تامة، دون أن تفعل شيئاً آخر أو تفكر بموضوع آخر، أفضل طريقة لممارسة الاستماع الفعال.

على سبيل المثال؛ أنت طبيب وتجد أن مريضك لا يتبع العلاج الذي وصفته له، وإذا جاز التعبير، فهو يفعل ما يشاء. ومع ذلك، فقد فاتك أنه بينما كان مريضك يسرد الأعراض التي يعاني منها، كانت عيناك مثبتتين على شاشتك؛ وهو موقف قد يفسره المريض بعدم الاهتمام والفضول حول ما يقوله، لذا فإن محاولة استعادة الثقة في العلاقة هي إحدى الحلول المقترحة هنا.

استمع دون مقاطعة

يعد تعلّم التزام الصمت أحد أساسيات سلوك الاستماع الفعال؛ وهو يعني أن تركز كل انتباهك على ما يتحدث عنه الآخر، وأن تحرص على عدم تقديم المشورة أو الحلول له في أثناء ذلك.

على سبيل المثال؛ المدرس الذي يحاول إعادة تحفيز طالبه الذي ترك دروسه: يجتمع مجلس الفصل ويحاول التلميذ المعني أن يشرح (بصعوبة) ما يمر به؛ لكن المدرسين قاطعوه في أثناء كلامه، وتناوبوا على إعطائه نصائح حول ما يجب عليه القيام به. قد يرغب الطالب ببساطة في أن يفهم الحاضرون ما يحاول قوله فقط، وهو ما سيمنحه الاطمئنان، حتى أن بإمكانه أن يجد الحل لمشكلته بنفسه!

تعرّف على المرشحات الإدراكية الخاصة بك

تؤدي مرشحات الإدراك الخاصة بنا دوراً هاماً خلال الحوار مع الآخرين؛ إذ تمر من خلالها المعلومات الهامة التي نحصل عليها عبر قنواتنا الحسية (السمعية والبصرية)، لذا فإن معرفة هذه المرشحات يحد من أخطاء الإدراك المحتملة لدينا.

كمثال على ذلك؛ مسؤول التوظيف الذي يرى في عدم نظر المُرشَّح في عينيه مباشرةً دلالةً على أنه شخص غير صريح، فهل هو إدراك صحيح للموقف؟ ببساطة؛ من الممكن أن يكون النظر في العينين مباشرةً، دلالةً على عدم احترام الآخر في ثقافة ذاك الشخص (المُرشًّح).

أعد صياغة الجمل الرئيسية للمحاور

للتحقق من صحة فهم كلام الآخر، وبصفتي مستمعاً؛ يجب أن أكون قادراً على تكرار ما قيل بأسلوبي الخاص، وبطريقة مُرضية للشخص الذي أحاوره. ولا يعني ذلك أنني أتفق مع ما يقال؛ إنما يعني أنني أستوعبه، وهو فارق جوهري هنا.

على سبيل المثال؛ أنت في مقابلة وجهاً لوجه مع أحد موظفيك، لتفهم منه سبب تأخره المتكرر، فيعلل سلوكه هذا بصعوبة الاستيقاظ صباحاً بسبب تناوله الحبوب المنومة. إذا قلت له، "أنا لا أتفق مع هذا العذر"، فأنت تغلق الحوار. من ناحية أخرى؛ إذا أعدت صياغة ملاحظاته من خلال طلب توضيحات منه بشأن حالته الصحية (وعدم إطلاق أحكام، أو اتباع تفسيرات مسبقة)، فأنت في طريقك إلى الحل.

اسأل محاورك عما فهمه من كلامك

تتيح هذه الخطوة التحقق من أن الطرفين يتحدثان عن الموضوع نفسه، وقد لا تكون هذه الطريقة مُرضية للآخر دائماً؛ إذ قد يعد ذلك بمثابة اختبارٍ لنباهته؛ إلا أن هذه الخطوة ضرورية لضمان عدم انحراف كلام طرفي الحوار باتجاهين متعاكسين.

لنفترض أنك أبلغت ابنك المراهق بألا يتأخر عن المنزل بعد منتصف الليل، وبما أنه سيكون منشغلاً في ترتيبات الأمسية التي سيقضيها في الخارج؛ مثل الرد على الرسائل النصية، ومعرفة كيفية الذهاب إلى هذه الأمسية، ومن سيحضر (وهو ما سيحدد اختياره)، وماذا سيرتدي، بالإضافة إلى أنه يرغب في إنهاء واجباته المدرسية، لذا سيقول لك: "نعم هذا مفهوم"؛ لكنها الثانية صباحاً الآن وهو لم يعد إلى المنزل بعد، لذا لتتأكد من أنه فهم ما قلته له؛ كان عليك أن تجعله يعيد صياغة تلك التعليمات بنفسه.

اطرح الأسئلة المناسبة

يؤدي طرح الأسئلة إلى انفتاح الآخر على الحوار من خلال تحفيز مشاعره، أو من خلال توضيح نقطة مهمة لتجنب أي شك، فالسؤال الذي يتم طرحه بطريقة صحيحة، يمنح الآخر حرية التعبير عن نفسه، وهو ما يشعره بأنك تستمع إليه استماعاً فعالاً.

افترض أنك قابلت زميلك في العمل في حفل ما وقال لك بوجه متورد وصوت مكسور: "لقد وجّه لي المدير تحذيراً بسبب تأخري المتكرر، لقد سئمت منه". فعندما تسأله: "ما هي طبيعة هذا السأم؟" فهذا مثال على سؤال مناسب. عند الاستماع بهذه الطريقة، يدرك الشخص أن هناك من يصغي إليه، ويهتم بخصوصيات قضيته دون محاولة الحكم عليه، فهناك طرف ثالث يحاول فهم معاناته؛ وهو ما يخلق مناخاً من الثقة والصفاء وهو أمر ضروري لكل من العيش والعمل المشترك.

يضمن الاستماع الفعال التفاهم المتبادل، ويطلعنا على تأثير طريقة وجودنا مع الآخرين، ويتيح لنا الانتقال من فهم حقيقتنا إلى فهم حقيقتهم.

تخيل حركة إضراب واسعة النطاق.. من ناحية؛ هناك المتظاهرون الذين يحاولون التعبير بكلماتهم عن معاناة صعبة، حياة يومية محبطة لا تنتهي أبداً. من ناحية أخرى، فإن معارضي هذا الحراك الذين -وبسبب مرشحاتهم الإدراكية- يعتقدون أن هؤلاء المتظاهرين هم مجرد أناسٍ كسالى وسكّيرين. أخيراً؛ تخيل عدم اتخاذ أعضاء الحكومة موقف الاستماع الفعال، فإن شعور المتظاهرين بعدم الاستماع إليهم ورفض الاعتراف بشرعيتهم، سيؤدي بالتأكيد إلى أعمال شغب.

ليس من السهل دمج تقنية الاستماع الفعال في سلوكنا، لأنها تتعارض مع عاداتنا اليومية والطريقة التي ننظر بها إلى الواقع ونفسره من خلالها. ومع ذلك، فإن الاستماع الفعال هو أحد أساليب -إن لم يكن الأسلوب الأساسي- الذكاء الجماعي والتنمية البنّاءة والتماسك بين المجموعات.

ملاحظة: قد لا يكون صم الآذان عن سماع الآخرين، أو عدم فهم سلوكهم، مجرد افتقار لمهارة الاستماع الفعال، فقد يكون للمحاور نية خفية لا يُفصح عنها؛ وهو موضوع آخر.

المحتوى محمي