كيف تُعالج صدفية فروة الرأس الناتجة من التوتر والإجهاد النفسي؟

4 دقيقة
صدفية فروة الرأس
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: صدفية فروة الرأس هي أحد أمراض المناعة الذاتية التي تسبب ظهور لويحات ذات قشور فضية على فروة الرأس. إلى جانب الاستعداد الوراثي، يبين الخبراء أن لحالات الصحة النفسية دوراً مهماً في ظهور المرض أو تفاقم أعراضه. اطلع على تفاصيل أكثر في هذا المقال.

صدفية فروة الرأس هي حالة من أمراض المناعة الذاتية المزمنة تتميز بالانتشار السريع لخلايا الجلد؛ ما يؤدي إلى ظهور لويحات سميكة ومثيرة للحكة. وفي حين أن الاستعداد الوراثي يؤدي دوراً حاسماً في الإصابة بها، فإن التفاعل المعقد بين الصدفية بالرأس والإجهاد يظل مجالاً يحظى باهتمام وأهمية متزايدة لدى الباحثين والمتخصصين. يسلط هذا المقال الضوء على ذلك الرابط، ويستكشف كيف يمكن أن يؤدي التوتر والضغط النفسي إلى تفاقم الأعراض.

ما مرض صدفية فروة الرأس؟ وما أعراضه؟

صدفية فروة الرأس (Scalp Psoriasis)، هي حالة من أمراض المناعة الذاتية التي تتميز بالإنتاج المُتسارع لخلايا الجلد. يؤدي هذا النمو المفرط إلى تكوين بقع سميكة، يتغير لونها غالباً، ويُشار إليها باسم "اللويحات" (Plaques)؛ التي تؤثر بصفة أساسية في فروة الرأس والمناطق المجاورة. خارج فروة الرأس نفسها، تمتد هذه اللويحات عادةً إلى مناطق مثل خط الشعر والجبهة ومؤخرة العنق والجلد المحيط بالأذنين.

وينشأ هذا المرض المزمن من فرط نشاط الجهاز المناعي الذي يستهدف عن طريق الخطأ خلايا الجلد السليمة؛ ما يؤدي إلى التجدد السريع لأنسجة الجلد وظهور هذه اللويحات. وتظهر الصدفية في الرأس إذا كانت خفيفة على شكل قشورٍ صغيرة ورقيقة قد تشبه قشرة الشعر. بينما تشمل أعراض الصدفية المعتدلة أو الشديدة في فروة الرأس ما يلي:

  • ظهور لويحات سميكة، ومتغيرة اللون (حمراء أو بنية أو رمادية أو أرجوانية) ذات سطحٍ أبيض أو فضي اللون مكونة من خلايا الجلد الميتة.
  • ظهور لويحات على معظم فروة الرأس أو أكملها.
  • ظهور لويحات على طول خط الشعر أو الجبهة أو الجزء الخلفي من الرقبة أو على الجلد حولهما.
  • جفاف الجلد.
  • رقائق الجلد.
  • الحكة والتهيج أو الألم.
  • التشققات والنزيف.

اقرأ أيضاً: تخلَّص من الحساسية المفرطة في 3 خطوات 

كيف تتكون صدفية فروة الرأس؟ وما أبرز أسبابها؟

صدفية فروة الرأس هي حالة مرتبطة بصفة أساسية باضطراب الجهاز المناعي؛ حيث تستجيب دفاعات الجسم بردّ فعل مبالغ فيه؛ ما يؤدي إلى التهابٍ يُسرّع نمو خلايا الجلد الجديدة. في العادة، يجدد الجلد نفسه كل 28 إلى 30 يوماً؛ لكن الأشخاص الذين يعانون صدفية فروة الرأس يتعرضون إلى عملية نمو سريعة للغاية؛ حيث تظهر خلايا جديدة على سطح فروة الرأس في غضون 3 إلى 4 أيام فقط، ويؤدي هذا الدوران السريع إلى تراكم خلايا الجلد وتكوين لويحاتٍ سميكة.

وبينما يؤدي الاستعداد الوراثي دوراً حاسماً، فإن المحفزات الدقيقة لصدفية فروة الرأس متعددة الأوجه؛ حيث تؤثر العوامل المرتبطة بالبيئة المحيطة على نحو كبير. وتشمل تلك المحفزات إصابات الجلد، وحروق الشمس، وتناول أدوية معينة، والضغوط النفسية، والحالات الالتهابية، أو أمراض المناعة الذاتية المزمنة. ذلك يعني أن التفاعل بين القابلية الوراثية والتعرض إلى المحفزات البيئية هو العامل الرئيس في ظهور هذه الحالة.

وهذا ما يؤكده استشاري الأمراض الجلدية، هاني الناظر؛ إذ يوضح إن الأشخاص الذين يولدون باستعدادٍ للإصابة بالصدفية لديهم قابلية أكبر للتعرض إليها في أي مرحلة عمرية عندما يتعرضون إلى ظروف محفزة معينة مثل تناول الأدوية أو التوتر والقلق. ويضيف إنه لا يمكن عَد هذه المحفزات أسباباً مباشرة وإنما عوامل مهمة تسهم في ظهور المرض إلى جانب الاستعداد الوراثي.

ما العلاقة بين الإجهاد والتوتر والصدفية؟

يشير استشاري الطب النفسي والإدمان، علي علقم، إلى الدور المهم الذي تؤديه الحالات النفسية في ظهور الأعراض الجسدية أو تفاقمها، موضحاً إن العلاقة بين النفس والجسد مؤكَدة علمياً منذ آلاف السنين. وتدخل الأمراض الجلدية في فئة الحالات التي تتأثّر بالحالة النفسية مثل التوتر.

وفي مراجعة بحثية نشرت نتائجها في عام 2018، أجراها متخصصون فرنسيون في الأمراض الجلدية، في نحو %31 إلى 88% من الحالات، أبلغ المرضى عن التوتر بوصفها سبباً للإصابة بالصدفية؛ حيث كانت نسبة الأشخاص الذين أصيبوا بها بعد التعرّض إلى حدثٍ مُجهد في العام السابق، مرتفعة.

غير أن العلاقة بين التوتر والصدفية قد تكون معقدة، وتعمل في كلا الاتجاهين. إذ يعمل الإجهاد بوصفها محفّزاً معروفاً لنوبات الصدفية؛ ما يؤدي إلى تفاقم الحالة لدى الأفراد الذين يعانونها بالفعل. وفي حين أن التوتر وحده لا يؤدي مباشرةً إلى تطور الصدفية، فإنه يمكن أن يحرّض على انفجار أعراض المرض لدى أولئك الذين لديهم استعدادٌ وراثي لهذه الحالة. وتشير الدلائل العلمية إلى أن الأفراد المصابين بالصدفية يُظهرون خللاً في تنظيم محور الغدة النخامية والكظرية (Hypothalamic-pituitary-adrenal)؛ وهو نظام الاستجابة إلى الضغط في الجسم.

ويظهر هذا الخلل في التنظيم غالباً على هيئة انخفاضٍ في مستويات الكورتيزول؛ وهو الهرمون الضروري للسيطرة على الالتهاب؛ ومن ثَمّ فإن التوتر يؤدي إلى الالتهاب ما يزيد من تفاقم أعراض الصدفية. ذلك بالإضافة إلى عبء العيش مع الصدفية الذي يزيد حدّة هذا التفاعل، ويُفاقم الانزعاج والضيق النفسي وتدني القيمة الذاتية بسبب لويحات الصدفية الظاهرة.

صدفية فروة الرأس عند الأطفال

يمكن أن تختلف الصدفية عند الأطفال في شدتها، وتتراوح من أشكال خفيفة إلى معتدلة أو حتى شديدة. وللأسف، لا يوجد حالياً علاجٌ نهائي للصدفية؛ ما يجعلها رفيقاً مدى الحياة للكثيرين قد يظهر على فتراتٍ عندما تتكاثف العوامل المُسهمة في ذلك. لكن تُمكن إدارة الأعراض على نحوٍ فعال من خلال طرائق العلاج المختلفة؛ بما يشمل الأدوية المصممة لتلبية الاحتياجات المحددة للمرضى الأطفال. ومن حسن الحظ أن غالبية الحالات عند الأطفال تميل إلى أن تكون خفيفةً، وتُظهر تحسناً مع التدخلات العلاجية المناسبة.

تكون صدفية فروة الرأس أكثر شيوعاً عند الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي للحالة نفسها، أو الذين يعانون زيادةً في الوزن. ويمكن أن يؤدي تناول بعض المكونات الدوائية مثل الليثيوم (Lithium) أو حاصرات بيتا (Beta-blockers)، والالتهابات البكتيرية، والمستويات المرتفعة من التوتر إلى حدوث نوبات احتدامٍ (Flare-ups) للأعراض؛ أيّ عندما تظهر على نحوٍ فجائيٍ وحادٍ.

إن فهم عوامل الخطر هذه يمكّن الأبوين ومقدمي الرعاية الصحية من اعتماد تدابير استباقية للتخفيف من تأثير الصدفية في صحة الأطفال ورفاهيتهم النفسية.

ما العلاجات المتوفرة للتخلص من الصدفية بالرأس؟

بالنسبة إلى الحالات الخفيفة من الصدفية بالرأس، يوصى عادة بالأدوية الموضعية؛ في حين أن الحالات الأكثر خطورة قد تتطلب علاجات جهازية (Systemic Treatments) تستهدف الجسم بأكمله، والعلاج بالأشعة فوق البنفسجية (UV Light therapy). وفي حال عدم فعالية أحد الأدوية، قد يختار الطبيب تبديل العلاجات أو الجمع بينها لتعزيز الفعالية. وتتضمن الخطوة الأولية تليين القشور وإزالتها لتسهيل امتصاص الدواء، و ذلك من خلال تطبيق الأدوية التي تحتوي حمض الساليسيليك (Salicylic acid) أو حمض اللاكتيك (Lactic acid) لتنعيم القشور. وللتخفيف من الحكة، تشمل التوصيات استخدام البلسم بعد غسل الشعر بالشامبو الطبي المضاد لصدفية فروة الرأس، والحد من استخدام أدوات التصفيف الساخنة، واستخدام الكمادات الباردة أو المناشف على المناطق المصابة بالحكة.

كيف تخفف أعراض صدفية فروة الرأس الناتجة عن التوتر والإجهاد؟

تحتاج نوبات الصدفية من الأشخاص المصابين بها تعلم مهارات إدارة التوتر لتخفيف حدة أعراضهم. ومن ضمن أبرز الاستراتيجيات لتحقيق ذلك ما يلي:

  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والتقنيات المساعدة على الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل.
  • تجنب آليات التكيف غير الصحية مثل الإفراط التدخين وتعاطي المخدرات، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التوتر و أعراض الصدفية.
  • الحصول على الدعم العاطفي من أفراد الأسرة المقربين أو أحد الأصدقاء، أو طلب الاستشارة النفسية.

اقرأ أيضاً: أعراض نفسية قد تدل على أنك مصاب بفرط نشاط الغدة الدرقية

المحتوى محمي