تخلَّص من الحساسية المفرطة في 3 خطوات

الحساسية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تقول اختصاصية علم النفس السريري ومؤلفة كتاب “التغلب على نوبات القلق والهلع” (Vaincre l’anxiété et les crises d’angoisse)، أميليا لوبي (Amélia Lobbé): “نعاني جميعاً الحساسية المفرطة حينما نسيء تفسير ما يحدث لنا في بعض الأحيان”. ولأن العقل البشري يحاول دائماً ترجمة الواقع من حوله، فإن أي حدث يقع له، حتى لو كان حدثاً خارجياً لا يمتُّ لنا بصلة، يأخذ حيزاً من تفكيرنا، ومن هنا تنشأ “التشوهات المعرفية”.

بعض الأشخاص يأخذون كل شيء وأي شيء على محمل شخصي، ويشعرون بأنهم مستهدَفون في الأحوال كلها، ومن ثم فإنهم يشكُّون في أنفسهم دائماً. ولكن لماذا يعتبرون أنفسهم محور العالم بهذا الشكل؟ يحدث ذلك من أجل تلبية 3 احتياجات أساسية لدى هذه النوعية من الناس!

تقول صفية البالغة من العمر 37 عاماً والتي تعمل كاتبة سيناريو: “أشعر بأنني مستهدَفة دائماً، فكلّما قال أحدهم نكتة عن أهل مدينتي ظننتُ أنني المقصودة بها، وكلّما علّق أحدهم على عملي أخذتُ الأمر على محمل شخصي! باختصار، أياً كان ما تخبرني به فإنه سيبعث الشك والريبة في نفسي لا محالة!”. تقول اختصاصية علم النفس السريري ومؤلفة كتاب “التغلب على نوبات القلق والهلع” (Vaincre l’anxiété et les crises d’angoisse)، أميليا لوبي (Amélia Lobbé): “نعاني جميعاً الحساسية المفرطة حينما نسيء تفسير ما يحدث لنا في بعض الأحيان”. ولأن العقل البشري يحاول دائماً ترجمة الواقع من حوله، فإن أي حدث يقع له، حتى لو كان حدثاً خارجياً لا يمتُّ لنا بصلة، يأخذ حيزاً من تفكيرنا، ومن هنا تنشأ “التشوهات المعرفية”.

محاولة طمأنة أنفسهم وحمايتها

حينما يشعر المرء بأنه مستهدَف، فإن هذا يسمح له بأخذ الاحتياطات اللازمة لحماية نفسه. ويرى المحلل النفسي ومؤلف كتاب “علاقات التماهي والاندماج” (Relations fusionelles)، سافيريو تومازيلا (Saverio Tomasella) أن الكثيرين “يخلطون بين الذات والآخر”، ويضيف موضحاً: “إن ارتباط المرء بشريكه حد التماهي والاندماج يمنعه من تمييز نفسه بمعزل عن الآخر؛ ما يسبَّب شعوره بالتوجُّس والقلق من أفعال شريكه وإيماءاته أياً كانت حقيقتها، وهكذا فإنه يعاني هذه المخاوف على الرغم من عدم وجودها في الحقيقة!”. وتستطرد المعالجة النفسية ومؤلفة كتاب “تحليل العلاقات بين الأشخاص” (Grand Livre de l’analyse transactionnelle)، فرانس بريكار (France Brécard): “عند تحليل كيفية تعامل الأشخاص مع بعضهم بعضاً فإننا نتحدث في حقيقة الأمر عن الاندماج النفسي، لأن شعور المرء بأنه ليس وحيداً في العالم يبعث الطمأنية في نفسه!”. ولكنه أيضاً يلاحظ أن: “انسحاب المرء واختلاءه بنفسه يجعله يشعر بمزيد من الأمان”.

الرغبة في إثبات وجودهم

حينما نستعيد المواقف الإيجابية كالنجاح الجماعي، أو السلبية التي تنطوي على الفشل الجماعي، فإن هذا يتيح إمكانية استعادة تقدير الذات المتدني بشكل أكثر أو حتى أقل من اللازم. وترى أميليا لوبي أن: “الشخص النرجسي أكثر تأثراً من غيره لأن استعادة هذه المواقف تبدو كأنها انتقاد لشخصه” أو تشكيك في كيانه كما أن أولئك الذين يفتقرون إلى التقدير يحتكمون إلى المنطق نفسه. تقول فرانس بريكار: “إنهم يشعرون بالراحة حينما يكونون محور اهتمام الجميع” ويقبلون بأي شيء إلا اللامبالاة بوجودهم! وحينما تشعر بأهميتك في نظر الآخرين وتحتل مكاناً راسخاً في أفكارهم، حتى لو كان ذلك وهماً غير حقيقي وغير مجزٍ للغاية، فإن هذا سيكون كفيلاً بإثبات وجودك.

الرغبة في فرض سيطرتهم على ما يحدث من حولهم وتفسيره

حينما يعلن المرء مسؤوليته عن شيء معين، فإنه في الحقيقة يحاول تلبية الحاجة إلى مبرر منطقي. وبهذه الطريقة، فإننا “نعطي المعنى الذي يناسبنا للأحداث التي تراوغنا وتزعزع استقرارنا” على حد وصف سافيريو تومازيلا. ومن المُسلَّم به أن هذا التصرف غير عادل لكن شعورنا بالذنب تجاه موقف ما يجعلنا نبحث عن تفسيرات تلائمنا. وإذا كنا في موضع تساؤل، فيمكننا إصلاح الخطأ أو شرح الموقف بدلاً من المعاناة أو الانتظار أو الشك، حتى نحافظ على شكل من أشكال السيطرة على المواقف الحساسة، وهنا نعود أدراجنا إلى السلوك ذاته مجدداً.

ماذا تفعل حيال هذا الموقف؟

1. خذ خطوة إلى الوراء

عندما تشعر بالانزعاج نتيجة حدث خارجي، فخذ ما يكفيك من الوقت للتفكير بروية. وتنصحك اختصاصية علم النفس السريري أميليا لوبي بأن: “تحاول معرفة السبب الحقيقي للموقف”. من أين جاءت هذه الأفكار؟ هل هذا الشخص مهم وذو مصداقية في نظرك؟ وهل الملاحظة التي يبديها مبرَّرة؟ تريَّث دائماً حتى تستطيع مواجهة أعاصير العواطف التي تجتاح عقلك، وعندها ستتمكن من التعبير عن نفسك بشكل أفضل.

2. أرهِف السمع إلى مشاعرك

يصعب تمييز حقيقة الأمور عندما تخلط بين أفكارك وأفكار الآخر، لذلك ينصحك سافيريو تومازيلا بأن تُرهف السمع إلى مشاعرك الشخصية. “كيف تشعر قبل الانزعاج وفي أثنائه وبعده؟ ما الذي يجيش في صدرك؟ تُعتبر تلك وسيلة للتمييز بين الأحداث الخارجية (الحقائق) والمشاعر الداخلية (التأثير)، وستتمكن حينئذٍ من التخلُّص من أي ارتباك عقلي قد تجد نفسك متورطاً فيه”.

3. تصرّف كالراشدين

يرتبط الأمر في المقام الأول باتباع سلوكيات رشيدة والتخلُّص من فكرة التماهي مع الآخر. بعبارة أخرى: “إذا أردت التمييز بين الحقيقة المجردة ومشاعرك الشخصية، فعليك أن تتصرف كالراشدين” على حد قول المعالج النفسي فرانس بريكار (France Brécard). لاحظ اختلافاتك وتقبلها، فأنت لست مسؤولاً عن الآخر كما أن الآخر ليس مسؤولاً عن مشاعرك وأفعالك. وقد حان الوقت لتصبح شخصاً راشداً وتضع الرسائل التي تلقيتها في مرحلة الطفولة من قبيل: “كن مثالياً” و”ابذل جهداً”، في حجمها الحقيقي لكي تكون على حقيقتك.

الحل الذي توصّل إليه سامي طالب كلية الحقوق

“لطالما أخذتُ كل شيء على محمل شخصي، حتى إنني لم أكن أقبل النقد ولا الملاحظات من الآخرين؛ حتى أنني كنت أرفض أيضاً مجاملاتهم ومساعداتهم بل ومعاملتهم اللطيفة، دون مبرر حقيقي. وأخذتُ أعمل على علاج هذه النقطة حتى يلين جانبي لهم وأتخلص من الحساسية المفرطة تلك، وتوصلتُ إلى ضرورة تقبُّل الآخرين وتقدير مجاملاتهم بدلاً من أن أرى الشر في كل مكان وفي كل شيء، وأهمية التعبير عن سعادتي تلك بكلمة أو ابتسامة أو عبارة شكر أو إبداء الامتنان، وقد ساعدني هذا على الانفتاح على الجميع من حولي”.

المحتوى محمي !!