7 خطوات فعّالة توصلك إلى الاستقلال العاطفي

6 دقيقة
الاستقلال العاطفي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: الاستقلال العاطفي هو القدرة على تنظيم عواطف الفرد، دون الاعتماد المفرط على الآخرين للحصول على السعادة أو الدعم. ويعزز تحقيق الاستقلال العاطفي النمو الشخصي والاستقلالية والعلاقات الصحية؛ إذ يتعلم الأفراد كيفية التعامل مع عواطفهم على نحو مستقل دون الضغط على الآخرين أو محاولة السيطرة عليهم، فما السبيل إلى التمتع بهذا النوع من الاستقلالية؟ الإجابة في المقال.

نودّ جميعاً كسب قلوب مَن نحب، ونسعى إلى نيل حبهم ودعمهم ورضاهم؛ لكن عندما يعتمد تقديرك لذاتك وقيمتك وشعورك بالسعادة على ما يشعر به الآخرون تجاهك أو على مقدار اهتمامهم بك، فالأمر هنا تجاوز الحدود الطبيعية، وغدا من الضروري تعلُم كيفية الاستقلال العاطفي. وحتى تصبح مستقلاً عاطفياً، عليك أن تتغير من الداخل. وإن كنت لا تعلم من أين تبدأ، فإليك النصائح اللازمة لتحقيق هذه الغاية.

ما الاستقلال العاطفي؟

الاستقلال العاطفي هو قدرة الفرد على الحفاظ على حالة عاطفية صحية دون الاعتماد المفرط على الآخرين أو موافقتهم أو تأييدهم أو دعمهم. وينطوي على التعرف إلى المشاعر الذاتية وفهمها وتنظيمها؛ ما يساعد على التحلي بالمرونة عند التعامل مع تحديات الحياة، دون التأثر المفرِط بالعوامل الخارجية.

والأفراد المستقلون عاطفياً يستطيعون الاعتماد على أنفسهم للشعور بالرضا والسلام الداخلي، ويكونون أقل اعتماداً على الآخرين من أجل تحقيق سلامتهم العاطفية وسعادتهم. ولا يعني هذا أنهم لا يتأثرون بالأمور التي تحدث في علاقاتهم أو حيواتهم؛ وإنما يدركون حقيقة أنفسهم ويمكنهم الاهتمام بأنفسهم وتلبية احتياجاتهم العاطفية على نحو صحي.

اقرأ أيضاً: ما علامات أزمة منتصف العمر؟ وكيف تتخطاها بسلام؟

لماذا من المهم أن تستقل عاطفياً؟

في البداية، ينبغي فهم أن الاستقلال العاطفي لا يعني رفض أشكال الدعم العاطفي كلها من الآخرين أو الاستغناء عنهم؛ فنحن كائنات اجتماعية؛ نحتاج إلى الآخرين للحصول على الدعم والتعاطف والراحة مثلما يحتاجون هم إلينا؛ أي يعتمد بعضنا على بعض إلى حد ما. لكن ينبغي ألا يصل هذا الدعم إلى نقطة الاعتماد العاطفي؛ أي أن يعتمد الشخص كلياً على الآخرين من أجل تلبية احتياجاته العاطفية جميعها؛ وهو ما قد يؤثر سلباً في الرفاهية النفسية والعلاقات العاطفية والاجتماعية أيضاً.

مما يميز الاعتماد العاطفي هو اعتقاد الشخص أنه لن يستطيع إيجاد السعادة أو الأمان بمفرده، والشعور بالخوف المستمر من الرفض، والحاجة الدائمة إلى الطَّمأنة من الآخرين، بالإضافة إلى الاعتقاد أن حياته تفتقر إلى المعنى دون الشخص الآخر، والشعور بالغيرة أو التملك أو الشك في صدق مشاعر الأحبة تجاهه. على سبيل المثال؛ قد يسأل الشخص المفتقر إلى الاستقلال العاطفي شريكه باستمرار أسئلة مثل؛ "هل تحبني؟"، "هل حقاً تريد قضاء بعض الوقت معي؟"، "أنت لا تريد الانفصال، أليس كذلك؟"، "هل أضايقك؟".

ولعدم الاستقلالية العاطفية آثار سلبية عديدة؛ فمشاعر عدم الأمان والشك الذاتي والحاجة إلى الآخرين للشعور بالرضا قد تسبب شعوراً بالتوتر الدائم؛ وهو ما قد يؤدي إلى تغيرات مفاجِئة في المزاج، وانخفاض الحالة المزاجية أو الشعور بالاكتئاب، أو نوبات الغضب أو الحزن بما فيها البكاء والصراخ، أو أعراض جسدية مثل الصداع أو آلام المعدة.

فضلاً عن أن الأفراد غير المستقلين عاطفياً غالباً ما يعانون مشكلات في العلاقات؛ فالبحث المستمر عن الدعم والطمأنينة وتأكيد الحب قد يؤدي إلى الشعور بالخوف من الهجر؛ ما قد يدفعهم إلى محاولة السيطرة على سلوك شركائهم من أجل التمسك بهم؛ لكن محاولات السيطرة على الناس عادة ما تأتي بنتائج عكسية وتسبب فشل العلاقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سوء الرعاية الذاتية هو نتيجة سلبية أخرى لعدم الاستقلال العاطفي؛ لأن الاعتماد المفرط على الشريك للحصول على الدعم يمكن أن يحدّ قدرة الشخص على ممارسة الأنشطة الممتعة وقضاء الوقت مع أحبابه الآخرين.

اقرأ أيضاً: 10 خطوات عملية تساعدك على الانضباط الذاتي لتنجح في حياتك

7 خطوات لتصبح مستقلاً عاطفياً

الآن، اسأل نفسك: هل تعتمد اعتماداً مفرطاً على الأحبة أو الآخرين من أجل الشعور بالطمأنينة والسعادة؟ كن صادقاً مع نفسك، وإذا أجبت بنعم، انظر إلى النصائح التالية التي ستساعدك على تحقيق الاستقلال العاطفي.

1. الوعي الذاتي

يؤكد المعالج النفسي أحمد هارون إن الشخص البالغ لا يستطيع أن يستقل عاطفياً ما لم يعلم ما هي متطلباته العاطفية واحتياجاته ويسمِّها؛ فالخطوة الأولى نحو الاستقلال العاطفي هي الاعتراف بمشاعرك وقبولها. والمشاعر السلبية لا تقل أهمية عن المشاعر الإيجابية؛ فالاستقلال العاطفي لا يعني قمع المشاعر السلبية أو مشاعر الضعف؛ وإنما قبول الضعف واحتضانه.

أي بدلاً من تجاهل هذه المشاعر غير المُحبذة أو الاعتماد على شخص آخر للتخلص منها، عليك فهم نفسك وعواطفك على نحو أعمق وتقبّلها. لذلك؛ الجأ إلى التأمل وقضاء الوقت في الطبيعة وقضاء الوقت بمفردك، دون مشتتات، من أجل بناء تواصل عميق مع الذات وتعزيز الوعي العاطفي. وقد يكون من المفيد أيضاً الانتباه إلى ردود أفعالك التلقائية تجاه المواقف؛ إذ إن فهمها يتيح لك اتخاذ خيارات أكثر صحية في التعامل معها مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تثق بنفسك؟ وكيف تتجاوز عقبة الشك الذاتي؟

2. تحمُّل المسؤولية

بمجرد تحقيق الوعي الذاتي، عليك أن تلبّي احتياجاتك العاطفية بنفسك. فبدلاً من السعي إلى الحصول على تطمينات فورية من الشريك، ينبغي النظر في وجهات نظر بديلة. على سبيل المثال؛ في حال الشعور بالإهمال أو الغيرة أو الوحدة، وبدلاً من الإسراع إلى الشريك للشعور بالطمأنينة والدعم وتأكيد مشاعره، حاوِل أن تفكر في موقف الشريك الفعلي؛ إن كان يحتاج إلى وقت خاص لمواجهة التحديات الشخصية، أو مساحة للعمل، أو لقضاء بعض الوقت بمفرده.

وهذه أمور طبيعية وليست دليلاً على أن الشريك لا يهتم أو يود الانفصال. حاوِل أن تلجأ إلى بعض الطرائق الاستباقية لتلبية الاحتياجات العاطفية على نحو مستقل؛ مثل قضاء الوقت مع الأصدقاء، ومتابعة الاهتمامات، وممارسة الرعاية الذاتية، وتخصيص وقت للاسترخاء؛ مثل التنفس العميق أو كتابة اليوميات أو ممارسة الهوايات.

ومن المهم بالنسبة إلى تحقيق الاستقلال العاطفي أن تتخلى عن محاولة التحكم في مشاعر الآخرين تجاهك؛ ما سيسمح لك بقبول نفسك على نحو مستقل. اعترِف بأحقية الآخرين في مشاعرهم تجاهك؛ لكن تذكَّر أن تلك المشاعر لا تمس هويتك الأساسية.

اقرأ أيضاً: 7 علامات تؤكد أن شخصاً ما يحبك بشدة حتى لو لم يبح بذلك

3. التعرّف إلى المحفِّزات الخاصة بك

قد تلاحظ أن ثمة مواقفَ معينة تؤدي بك إلى السلوكيات الاعتمادية. على سبيل المثال؛ قد تجد نفسك تبحث عن الطمأنينة على نحو كبير عندما تتعامل مع مصادر التوتر الخارجية؛ مثل مشكلة في العمل أو مع الأصدقاء. أو ربما قد تشعر بتضاؤل احترامك لذاتك عندما ترتكب خطأ ما مع الشريك، فتشعر أنك بحاجة إلى تأكيد إيجابي منه بغية رفع احترامك لذاتك مرة أخرى، أو قد تخشى الرفض أو فقدان حبه عندما يقضي الكثير من الوقت مع شخص آخر.

يسمح لك تحديد هذه المحفزات بتطوير آليات تكيّف صحية دون الضغط على الشريك أو الأحبة أو إلقاء اللوم عليهم. لذلك؛ اكتب الأفكار والمعتقدات التي تُحفزك لتكون معتمداً عاطفياً، وعندما تصادفك الأفكار أو المواقف، حاول استبدال سلوك محايد ومتكيف بها، سواء كان مناقشة المشاعر مع صديق، أو ممارسة الحديث الذاتي الإيجابي لتذكير نفسك بنقاط قوتك ونجاحاتك.

4. ممارسة اليقظة الذهنية

اليقظة الذهنية هي تركيز الانتباه على اللحظة الحالية؛ أي الانتباه إلى ما يحدث في داخلك من أفكار ومشاعر وأحاسيس وما يحدث في العالم الخارجي من مواقف وعوامل خارجية أخرى، وذلك دون الحكم عليها بأنها جيدة أو سيئة.

تساعد ممارسة اليقظة الذهنية على بناء الاستقلال العاطفي؛ لأنها تساعد على زيادة الوعي حول ردود أفعالك واستجابتك عندما لا تحدث الأمور مثلما خُطط لها، وتزيد الوعي بأنماط السلوكيات والأفكار التي تسهم في الاعتماد العاطفي. وكلما زاد الوعي بهذه الأفكار والسلوكيات، كان الشخص أكثر قدرة على تفاديها واعتماد سلوكيات أكثر صحية.

اقرأ أيضاً: 8 عادات بسيطة تبث الفرحة في حياتك على الرغم من قسوة أيامك

5. تعلُّم حب النفس

أحبِب نفسك قبل أن تطلب الحب من الآخرين، وغيِّر الطريقة التي تعامِل فيها نفسك قبل أن تطلب تغيير طريقة الآخرين في معاملتك. وحبّ النفس هو حالة تقدير للذات تنشأ من الأفعال التي تدعم النمو الجسدي والنفسي؛ أي أن تولي احتراماً كبير لرفاهيتك وسعادتك، وألا تضحي برفاهيتك من أجل إرضاء الآخرين. حب الذات يعني أن تقبل نفسك كما أنت، وأن تعاملها باللطف والاحترام، وأن تركز على نموك ورفاهيتك.

مارِس الرعاية الذاتية وأظهِر الحب لنفسك بأن تهتم باحتياجاتك الأساسية، وأن تتخذ العادات الصحية نهجاً؛ مثل الاهتمام بنوعية طعامك ونشاطك البدني وكيفية قضاء وقتك. افعل هذه الأشياء ليس لإنجازها أو لأنك مضطر إلى ذلك؛ بل لأنك تهتم لأمرك. وضع النصائح التالية في اعتبارك كي تنمي حبك لذاتك:

  • كُن عطوفاً مع نفسك.
  • سامِح نفسك على الأخطاء السابقة.
  • مارِس الامتنان.
  • ركّز على نقاط قوتك.
  • امدح نفسك.
  • لبّ احتياجاتك الخاصة.
  • كن حازماً.
  • لا تسمح للآخرين باستغلالك أو الإساءة إليك.
  • أعطِ الأولوية لصحتك وعافيتك.
  • اقضِ الوقت مع الأشخاص الذين يدعمونك ويساعدونك وتجنب الذين لا يفعلون ذلك.
  • اطلب المساعدة عندما تحتاجها.
  • تخلَّ عن الأحقاد أو الغضب الذي يعوق نموك.
  • قدِّر مشاعرك.
  • عِش وفقاً لقيمك.
  • اسعَ وراء اهتماماتك وأهدافك.
  • تحدَّ نفسك.
  • حاسِب نفسك.
  • ضع توقعات واقعية.
  • لاحِظ تقدمك وجهدك.

وحتى لا تعتقد أن الأمر وصل إلى النرجسية؛ فالنرجسية هي اعتقاد الشخص بأنه أفضل من الآخرين، وعدم اعترافه بأخطائه أو عدم تحمل مسؤوليتها وافتقاره إلى التعاطف مع الآخرين. من ناحية أخرى، حب النفس لا يعني التباهي بروعتك ولا الاعتقاد أنك مميز عن الآخرين؛ فالذين يحبون أنفسهم بطريقة صحية يعلمون أنهم يرتكبون الأخطاء؛ لكنهم يتقبلون أنفسهم ويهتمون بها على الرغم من عيوبهم.

وثمة نقطة أُخرى هنا؛ إذ وعلى الرغم من أن التركيز على حب النفس أمر مهم في سبيل الاستقلال العاطفي، ينبغي عدم استخدام هذه الحجّة على نحو يجعلك بخيلاً بالحب مع الآخرين. عبِّر عن الحب والمودة واللطف؛ لكن ليس على حساب حبك لنفسك.

اقرأ أيضاً: 3 أسباب تقف وراء بخلك: إليك الحل لتصبح شخصاً كريماً

6. خفض سقف التوقعات من الآخرين

توقُّع القليل من الآخرين قد يحميك من خيبات الأمل المحتملة، ويخلق مساحة للتقدير الحقيقي عندما يتجاوز شخص ما توقعاتك المتواضعة. يتعلق الأمر بإيجاد توازن بين الرعاية الذاتية والحفاظ على علاقات صحية مع تقليل الاعتماد على الآخرين من أجل الإشباع العاطفي.

7. استشارة المختص النفسي

غالباً ما يرتبط الاعتماد العاطفي بمرحلة الطفولة؛ إذ يمكن أن يؤدي الافتقار إلى الارتباط الآمن بالوالدين إلى نشوء مشكلات تعلق لاحقاً مع البالغين. لذلك؛ في حال شعرت أن التغلب على سلوكيات الاعتماد العاطفي أمر صعب بمفردك، فعليك طلب الاستشارة النفسية.

يمكن للمختصين النفسيين استكشاف المشكلات من الماضي، والمساعدة على تبني استراتيجيات صحية من أجل تلبية احتياجاتك العاطفية. ويمكن للعلاج النفسي أن يساعد على حلّ المشكلات الأخرى التي غالباً ما ترتبط بالاعتماد العاطفي؛ مثل تطوير القدرة على التعاطف مع الذات، وزيادة الثقة بالنفس واحترامها، وتعلُّم كيفية التعرف إلى العلاقات غير الصحية، وتنمية مهارة تحدي الأفكار السلبية وإعادة صياغتها.

اقرأ أيضاً: 5 علامات تدل على عدم التعافي من صدمات الطفولة

المحتوى محمي