كيف تتغلب على صعوبة مفارقة سريرك شتاءً؟

4 دقيقة
الشتاء
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: مَن منا لم يعانِ صعوبة الاستيقاظ باكراً في أيام الشتاء؟ إذ تبدو جاذبية السرير في تلك الأيام المظلمة القارسة البرودة أقوى من جاذبية الثقب الأسود! وكلما ازدادت برودة الشتاء وقصُر نهاره، زادت صعوبة الاستيقاظ. فما الأسباب؟ أهوَ برد الطقس أم الكسل أم ماذا؟ إليك في هذا المقال ما يصعِّب الاستيقاظ شتاءً وكيف تتغلب على ذلك.

يبدو الاستيقاظ باكراً في الشتاء كفاحاً حقيقياً ضد السرير الدافئ والمريح، ولا بُد أن الظلام في الخارج ودرجات الحرارة المنخفضة ليسا في صفك على الإطلاق. في الواقع، إن الأسباب العلمية وراء صعوبة الاستيقاظ شتاءً متجذرة في استجابة الجسم الطبيعية إلى تغير الفصول. ومع ذلك، يوجد بعض الاستراتيجيات العملية للتغلب على هذا الوضع. دعونا نستكشف التعقيدات التي تجعل الاستيقاظ في الشتاء تحدياً لا يستهان به، وكيف يمكن التغلب عليها.

اقرأ أيضاً: ما الأفضل عند السهر: النوم متأخراً أم وصل الليل بالنهار؟

ما الأسباب التي تصعِّب الاستيقاظ في الشتاء؟

صعوبة الاستيقاظ في الشتاء لا تتعلق بسريرك بقدر ما تتعلق بما يحصل خارجاً في الطبيعة؛ فندرة ضوء الشمس الطبيعي تؤثر في الساعة البيولوجية للجسم؛ تلك التي تنظم دورات النوم والاستيقاظ، هذا بالاضافة إلى انخفاض الميلاتونين والسيروتونين وبعض الفيتامينات. وإليك المقصد من هذا الكلام بالتفصيل.

اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية

إيقاع الساعة البيولوجي عملية داخلية طبيعية تنظِّم دورة النوم والاستيقاظ وتتكرر كل 24 ساعة تقريباً. تعمل النواة فوق التصالبية؛ وهي منطقة صغيرة في منطقة ما تحت المهاد في الدماغ، وكأنها الساعة الرئيسة في الجسم؛ إذ تنسِق العديد من العمليات الفيزيولوجية اليومية والسلوكية بناءً على الإشارات البيئية، ويكون الضوء هو الإشارة الأكثر فعالية.

لكن ما يحدث خلال الشتاء هو أن قلّة التعرض إلى الضوء الطبيعي تسبب، إلى حدٍّ ما، تعطيل التزامن الدقيق بين ساعة الجسم الداخلية ودورة الليل والنهار الخارجية. يؤثر هذا الاختلال في إفراز الهرمونات المختلفة، خصوصاً هرمون النوم المعروف بالميلاتونين؛ فالضوء الطبيعي يقمع إفراز الميلاتونين الذي تنتجه الغدة الصنوبرية، ويزيد إفراز الكورتيزول المسؤول عن التنبيه. ونتيجة التعرض الأطول إلى الظلام، تبدأ مستويات الميلاتونين في الارتفاع في وقت مبكر في المساء وتظل مرتفعة لفترة أطول في الصباح؛ ما يسهم في الشعور بالترنح أو يصعِّب الاستيقاظ بنشاط.

اقرأ أيضاً: روتين بسيط وفعال للقضاء على حالة الأرق والنوم بسرعة

مستويات السيروتونين

يحفز التعرض إلى أشعة الشمس إنتاج السيروتونين؛ وهو ناقل عصبي تنتجه الأمعاء والدماغ ومرتبط باليقظة وتنظيم المزاج؛ ومن ثَمّ قد تسبب قلة ضوء الشمس في فصل الشتاء انخفاض مستويات السيروتونين التي ينتجها الجسم؛ ما قد يسبب أحياناً الشعور بالخمول ونقص الطاقة والنوم الزائد وصعوبة الاستيقاظ بالهمّة نفسها التي تحدث في الفصول المشمسة. يُذكر إن المستويات المنخفضة من هرمون السيروتونين الناتجة من أيام الشتاء المظلمة قد ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب الموسمي.

تأثير درجة الحرارة

تنخفض درجة حرارة الجسم الأساسية استعداداً لبدء النوم وتظل منخفضة في أثناء الليل، وهي عملية تخضع إلى تنظيم الساعة البيولوجية. هذا ما يفسِّر أن النوم في غرفة باردة قد يسهم في تحسين نوعية النوم. في المقابل، يعد الاستيقاظ في بيئة باردة أمراً مزعجاً وقد يسبب الشعور بالنعاس.

اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن دَين النوم وكيفية سداده

نقص فيتامين د

من المعلوم أن ضوء الشمس ضروري لتركيب فيتامين د في الجلد، وقد يؤدي عدم التعرض الكافي إلى أشعة الشمس خلال أشهر الشتاء إلى انخفاض مستويات هذا الفيتامين؛ ما قد يؤثر سلباً في مستويات الطاقة الإجمالية ويسهم في الشعور بالتعب عند الاستيقاظ.

اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟

6 نصائح تسهّل عليك الاستيقاظ باكراً في الشتاء

قد يخلق مزيجٌ من العوامل الآنفة الذكر حالة نفسية تصعِّب النهوض من السرير صباحاً؛ لكن ثمة بعض النصائح التي قد تساعد في التغلب على هذه الحالة؛ وإليك أهمها:

  • التعرض الكافي إلى الضوء صباحاً وفي أثناء النهار: يساعد التعرض إلى أشعة الشمس الطبيعية في أقرب وقت ممكن بعد الاستيقاظ على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية، وتنبيه الجسم إلى أن وقت اليقظة قد حان. ولكن التعرض الكافي إلى أشعة الشمس صباحاً قد لا يكون خياراً ممكناً خلال الشتاء؛ لذلك فإن استخدام بعض المصابيح التي تحاكي ضوء الشمس الطبيعي والتي يمكن ضبطها للعمل صباحاً يساعد على الاستيقاظ وتحسين الحالة المزاجية ومستويات الطاقة؛ إذ يحفِّز الدماغ على إنتاج السيروتونين ويقلل الميلاتونين الزائد.
  • الحفاظ على جدول نوم ثابت: يساعد الذهاب إلى النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه يومياً على تنظيم مستويات الميلاتونين ويعزز عملية الاستيقاظ الطبيعية.
  • ضبط درجة حرارة الغرفة: قد تصعِّب درجات الحرارة الباردة مغادرة السرير صباحاً. لتسهيل عملية الاستيقاظ، تأكد من أن غرفة نومك باردة على نحو معقول وليست شديدة البرودة. يمكنك أيضاً، إن كان ذلك متاحاً، ضبط أنظمة التدفئة والتبريد لتعمل تلقائياً على تدفئة الغرفة صباحاً.
  • الترطيب والتغذية: يؤثر كل من الترطيب والتغذية المناسبة في مستويات طاقتك طوال اليوم. وقد تكون أقل ميلاً إلى شرب الماء في فصل الشتاء بسبب درجات الحرارة الباردة. ومع ذلك، فإن البقاء رطباً ضروري للحفاظ على اليقظة. بالإضافة إلى ذلك، اتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، واحرص على تناول وجبة الفطور من أجل توفير الطاقة اللازمة لبدء يومك. وتجدر الإشارة إلى ضرورة تناول الأطعمة التي تزيد إنتاج السيروتونين في الجسم؛ مثل الأطعمة الغنية بالتربتوفان؛ وهو الحمض الأميني الذي يُصنَّع منه السيروتونين؛ مثل البيض والجبنة والأناناس والمكسرات والشوفان والأسماك. واحرص على التعرض إلى أشعة الشمس المباشرة (ليس من خلف الزجاج) مدة 10-15 دقيقة يومياً لتعزيز مستويات السيروتونين وفيتامين د، أما في حال كنت لا تتعرض لما يكفي من أشعة الشمس، فاسأل الطبيب عن إمكانية تناول المكملات أو استخدام العلاج بالضوء.

اقرأ أيضاً: متلازمة النوم القصير: ما الذي يجعل البعض يكتفي بعدد ساعات نوم أقل؟

  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: يمكن أن يؤثر الانخراط في نشاط بدني منتظم إيجابياً في روتين استيقاظك. تساعد التمارين الرياضية على تنظيم أنماط النوم، وتحسين الحالة المزاجية، وزيادة مستويات الطاقة عموماً. لذلك؛ ادمج تمرين الصباح أو روتين التمدد القصير في صباح الشتاء لتعزيز الدورة الدموية وإيقاظ جسمك.
  • الالتزام بروتين صباحي: إنشاء روتين صباحي ثابت يمكن أن يرسل إشارة لجسمك بأن وقت الاستيقاظ قد حان. قد يشمل ذلك أنشطة مثل ترتيب سريرك أو الاستمتاع بمشروب دافئ أو الاستماع إلى الموسيقا المبهجة. يوفر الروتين المنظم إحساساً بإمكانية التنبؤ؛ ما يجعل عملية الاستيقاظ أكثر قابلية للإدارة.

ختاماً، ينصحك المختص النفسي سلطان العصيمي إذا ظهرت عليك علامات الحزن الموسمي مع قدوم فصل الشتاء بأن تظل بصحبة المقربين منك، وألا تتردد في طلب استشارة المعالج النفسي عند الحاجة إلى ذلك.

المحتوى محمي