متلازمة النوم القصير: ما الذي يجعل البعض يكتفي بعدد ساعات نوم أقل؟

متلازمة النوم القصير
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: متلازمة النوم القصير هي حالة تسمح لـ 1% من الناس بالاكتفاء بما يقل عن 6 ساعات من النوم، دون المعاناة من أي صعوبات ترتبط بقلة النوم في أثناء النهار، وغالباً ما ترتبط هذه المتلازمة بعوامل وراثية.

ينصح الخبراء بأن ينام الإنسان البالغ السليم ما بين 7 و9 ساعات يومياً، وألا يقل عدد ساعات النوم عن 7 ساعات كل ليلة، لأنه ودون هذا القدر الكافي من النوم؛ من الطبيعي أن يكون الإنسان مترنحاً وتعِباً وأكثر عرضة للإصابة بقلة التركيز وضعف الأداء الذهني وصعوبة معالجة المعلومات في الدماغ وتخزينها خلال اليوم، بالإضافة إلى خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة في حال حدثت قلة النوم على نحو متكرر.

ومع ذلك، ثمة أشخاص ينامون ساعات أقل من العدد الموصى به، ويستيقظون وهم يشعرون بالانتعاش والحيوية؛ مثل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ورجل الأعمال إيلون ماسك، ورئيسة وزراء بريطانيا سابقاً مارغريت تاتشر.

تُدعى هذه الحالة التي يكتفي فيها بعض الناس بعدد قليل من ساعات النوم بصفة طبيعية، دون المعاناة من مضاعفات صحية ناتجة من قلة النوم، باسم “متلازمة النوم القصير” (Short Sleeper Syndrome)، فما هي هذه المتلازمة بالضبط؟ وما أسبابها؟ وما مخاطرها على صحة الإنسان؟

اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن دَين النوم وكيفية سداده

ما هي متلازمة النوم القصير؟

متلازمة النوم القصير هي حالة تمكّن صاحبها من النوم لفترات قصيرة في أثناء الليل دون المعاناة من أي آثار سلبية مثل النعاس المفرط أو ضعف الإدراك أو تدني الحالة المزاجية في أثناء النهار، ويكون هذا القدر القليل من النوم كافياً لوظائف الأعضاء الخاصة بالمصابين بهذه المتلازمة.

بكلمات أخرى، يكون الشخص مصاباً بمتلازمة النوم القصير إذا كان يحتاج عادة إلى قسط أقل من النوم مقارنة بالأشخاص الآخرين في مثل سنّه، وذلك دون أن يشعر بالنعاس أو الضعف في أثناء النهار؛ فعادة ما يحتاج إلى نوم أقل بنسبة 25% تقريباً مقارنة بأقرانه، وبالنسبة إلى البالغين، يكون هذا عادة بين 4 و6 ساعات من النوم ليلاً، وذلك حتى عندما يمتلكون وقتاً للنوم أكثر.

وهم يختلفون عن أولئك الأشخاص الذين ينامون أقل من 6 ساعات في اليوم بسبب حالة ما؛ مثل الأرق أو ضيق الوقت في جداولهم اليومية. وبصفة عامة، ثمة بعض العلامات التي تميز متلازمة النوم القصير؛ مثل:

  • النوم بصفة روتينية ما بين 4 و6 ساعات كل ليلة.
  • النوم أقل من 6 ساعات حتى عندما يمتلك الشخص فرصة للنوم أكثر.
  • النوم أقل من 6 ساعات دون ضبط المنبه أو تقييد وقت النوم بأي طريقة كانت.
  • الشعور بالانتعاش والحيوية عند الاستيقاظ على الرغم من قصر مدة النوم.
  • الشعور باليقظة في أثناء النهار دون النعاس المفرط.
  • عدم مواجهة صعوبة في الاستغراق في النوم وعدم المعاناة من الاستيقاظ المتكرر في أثناء الليل.
  • استمرار نمط النوم هذا معظم الحياة سواءً في مراحل الطفولة أو الشباب.

اقرأ أيضاً: ما هو اضطراب النوم القهري؟

ما أسباب متلازمة النوم القصير؟

لا يُعرف الكثير عن أسباب متلازمة النوم القصير؛ لكن وجد العديد من الأبحاث أدلة على ارتباط هذه الحالة بعوامل وراثية؛ حيث حُددت الاختلافات الجينية التي ترتبط بالنوم القليل في بعض العائلات، وعلى ما يبدو فإن وجود هذه الاختلافات الجينية يحمي الأشخاص المصابين بمتلازمة النوم القصير من التأثيرات النموذجية لقلة النوم.

نُشرت أولى النتائج الرئيسة حول جينات الأشخاص الذين يحتاجون طبيعياً إلى نوم أقل في عام 2009؛ حيث حددت مجموعة من الباحثين بقيادة أستاذة علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، يانغ هوي فو (Ying-Hui Fu)، في دراسة منشورة في دورية “ساينس” (Science)، طفرة على الجين المسمَّى “دي إي سي 2” (DEC2) تسبب ظهور أعراض متلازمة النوم القصير.

ثم وبعد عشر سنوات، استطاعت فو وزملاؤها اكتشاف طفرة جينية أخرى ترتبط بمتلازمة النوم القصير، ونُشرت هذه الدراسة في مجلة نيورون (Neuron) عام 2019؛ حيث وجدوا أن الطفرة التي تصيب الجين المسمَّى “أيه دي آر بي 1” (ADRB1) تؤدي إلى ظهور سمة النوم القصير الطبيعي عند البشر على الرغم من أنه طفرة نادرة.

بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة أُخرى منشورة في دورية النوم (Sleep Journal) عام 2014، نفذتها مجموعة من الباحثين بقيادة ريناتا بيليغرينو (Renata Pellegrino)، أن طفرات معينة تصيب الجين المسمَّى “بي أتش إل أتش إي 42” (BHLHE42)؛ وهو الجين المرتبط بالنوم القصير ومقاومة الحرمان من النوم، من شأنها أن تقلل النوم الكلي وتحافظ على نوم حركة العين غير السريعة وتوفر الحماية من تأثيرات قلة النوم.

اقرأ أيضاً: ما الذي تخبرك به أحلامك؟ وما دورها في حياتك؟

الآثار الصحية لمتلازمة النوم القصير

إن متلازمة النوم القصير ليست مرضاً ولا اضطراباً في النوم، ولم يُعثر حتى الآن على أي مشكلات صحية معروفة تتعلق بقصر مدة النوم الطبيعية. ومع ذلك، ثمة حاجة إلى المزيد من الأبحاث لتطوير فهم أفضل لكيفية تأثر الأفراد المختلفين بفترات النوم القصيرة.

في المقابل، وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون الأرق أو الذين يقصرون مدة نومهم عمداً عن أقل من 6 ساعات في الليل على الرغم من حاجتهم إلى أكثر من ذلك، يتفاقم لديهم خطر الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية؛ مثل النوبات القلبية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري من النوع الثاني.

اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟

تشخيص متلازمة النوم القصير

التشخيص الرسمي ليس ضرورياً؛ لأن الحاجة الطبيعية إلى النوم القليل ليست مرضاً بمعايير تشخيصية، وبالطبع، فهي لا تحتاج إلى علاج؛ لأن الشخص المصاب بها لا يعاني النعاس في أثناء النهار ولا أي شكاوى أو مشكلات صحية أخرى متعلقة بقلة النوم.

وجدير بالذكر هنا إن إحدى الدراسات التي أجرتها مجموعة من الباحثين بقيادة أستاذ كلية الطب، أحمد أنور (Anwar Ahmad) من جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية في المملكة العربية السعودية، ونُشرت في “المجلة الطبية السعودية” (Saudi Medical Journal)، قد توصلت إلى أن 33.8% من البالغين السعوديين ينامون أقل من 7 ساعات يومياً، فهل هذا يعني أنهم مصابون بمتلازمة النوم القصير؟

في الواقع ليس تماماً؛ إذ عليك أن تعلم هذه المتلازمة نادرة واحتمالات الإصابة بها ضئيلة وفقاً للاختصاصية النفسية والمديرة التنفيذية لمؤسسة “صحة النوم” (Sleep Healthcare) في أستراليا، مويرا جونغ (Moira Junge)؛ التي ذكرت أيضاً أن عدد الأشخاص الذين يمتلكون هذه المتلازمة قليل جداً، وهم أقل بكثير من 1% من عدد السكان.

اقرأ أيضاً: 10 دقائق بتأثير 6 ساعات: ماذا تعرف عن قيلولة الجنود؟

إذاً وبما أن متلازمة النوم القصير نادرة، فكيف يمكن للمرء أن يعرف إذا ما كان مصاباً بها؟

حسناً، وفقاً لعالم الأعصاب السلوكي المتخصص في مجال إيقاع الساعة البيولوجية ومدير مختبر علم الأحياء الزمني وأبحاث النوم في جامعة ماينوث في أيرلندا، أندرو كوغان (Andrew Coogan)؛ فإنه لا يوجد اختبار محدد لكن القاعدة الأساسية هي أنه إذا لم تطل مدة نوم الشخص في عطلة نهاية الأسبوع على الرغم من امتلاكه الفرصة لذلك، فقد يكون نومه القصير حقيقياً.

ومع ذلك، ونظراً لأن الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة قليلون ومتباعدون؛ فغالباً ما يكون الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يمتلكون هذه المتلازمة مخطئين؛ إذ حتى ولو استطاع هؤلاء الأشخاص تقصير مدة نومهم خلال مراحل معينة من حياتهم، فغالباً لن يستطيعوا فعل ذلك طوال حياتهم كما يفعل المصابون بالمتلازمة بصفة طبيعية.

وجدير بالذكر إن الأشخاص الذين ينامون أقل من 6 ساعات كل ليلة، أو الذين ينامون على نحو متقطع، أو يشعرون بالنعاس في أثناء النهار، ينبغي لهم التحدث إلى الطبيب أو اختصاصي النوم لمعرفة ما إذا كانوا يحتاجون إلى العلاج من أجل تحسين نوعية نومهم أو كميته.

المحتوى محمي !!