هل يسبب الضغط النفسي الشيب المبكر؟ وما الذي يمكنك فعله لمواجهته؟

4 دقيقة
الشيب المبكر
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يُظهر بعض الأبحاث أن استجابة الجسم التوتر المعروفة بـ "استجابة الكر أو الفر"، تؤدي دوراً أساسياً في الشيب المبكر، فكيف ذلك؟

يشتكي معظم الآباء من أن الضغط النفسي الناجم عن تربية الأطفال والعمل والحياة هو ما سبب ظهور الشيب المبكر، فهل هذا صحيح؟ حسناً، ينبغي أن تعلم أن الإجهاد العاطفي الناتج من مشاعر صعبة مثل الغضب والحزن والإحباط، والإجهاد البيئي الناتج من البيئة التي تعيش وتعمل فيها، وضغوط العلاقات الناتجة من كيفية تعاملك مع الأصدقاء والعائلة والزملاء، وضغوط العمل الناتجة من التحديات المتعلقة بعملك؛ جميعها عوامل تسبب التوتر المزمن، وقد تَبين أن للتوتر المزمن تأثير كبير في الصحة الجسدية مثلما له تأثير في الصحة النفسية. لكن هل يتورط في إحداث الشيب المبكر فعلاً؟ لنرَ ما رأي العلم.

اقرأ أيضاً: هذا ما يفعله القلق والتوتر بصحة عينيك

هل يسبب الضغط النفسي الشيب المبكر؟

وجدت دراسة منشورة في دورية نيتشر (Nature) عام 2020، نفّذها فريق من الباحثين في جامعة هارفارد بقيادة أستاذ الخلايا الجذعية والبيولوجيا التجديدية، ياتشيه هسو (Ya-Chieh Hsu)، أن استجابة الجسم المعروفة بـ "استجابة الكر أو الفر" تؤدي دوراً رئيساً في تحوّل لون الشعر (الفراء) إلى اللون الرمادي عند الفئران. كيف؟ حسناً، يُحدَّد لون الشعر عن طريق الخلايا المنتِجة للصباغ المُسماة بـ "الخلايا الصباغية" (Melanocytes) التي تصنِّعها الخلايا الجذعية الصباغية الموجودة في بصيلات الشعر.

ووفقاً للباحثين؛ في أثناء التوتر والمواقف المرهقِة، تنشط الأعصاب الموجودة في الجهاز العصبي الودي؛ وهو الجهاز المسؤول عن استجابة الكر أو الفر، في أنحاء الجسم جميعها؛ بما فيها بصيلات الشعر؛ ما يؤدي بدوره إلى إطلاق مادة النورإيبينفرين في البصيلات.

وقد وُجد أن هذا الناقل العصبي يؤثِّر في الخلايا الجذعية الصباغية الموجودة في البصيلات على نحو يسرِّع انقسامها وتحوُّلها إلى خلايا صبغية، ثم يخسر الشعر لونه ويتحول إلى اللون الرمادي أو الأبيض نتيجة استنفاد الخلايا الجذعية اللازمة لتصنيع خلايا صبغية جديدة.

لكن ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة قد أُجريت على الفئران، ومن الضروري تكرار النتائج في دراسة على البشر من أجل تعزيزها. بالإضافة إلى ذلك، يُذكر أن وقت ظهور الشيب يرتبط إلى حدٍّ كبير بالجينات الموروثة من الوالدين؛ لكن  هذا لا ينفي أن العوامل البيئية مثل الإجهاد قد تؤدي دوراً في ذلك. بالإضافة إلى بعض العوامل العضوية؛ مثل نقص البروتين أو فيتامين ب 12 أو النحاس أو الحديد أو التدخين، التي قد تسهم في ظهور الشيب المبكر مثلما يوضح استشاري الصحة النفسية، وليد هندي.

اقرأ أيضاً: كيف تميز بين التوتر والخوف والقلق والهلع؟

هل الشيب الناتج من التوتر والضغط النفسي حالة دائمة أم مؤقتة؟

وجد الباحثون في الدراسة السابق ذكرها أن الشيب الناتج من التوتر هو حالة دائمة؛ إذ بمجرد فقدان الخلايا الجذعية الصباغية، لن يتمكّن الجسم من تجديدها مرة أُخرى. وبناءً على ذلك، أوصى الباحثون بضرورة إجراء المزيد من الأبحاث ذات الصلة لفهم التفاعلات بين الجهاز العصبي والخلايا الجذعية في الأنسجة والأعضاء المختلفة؛ ما سيساعد على فهم تأثير التوتر في الجسم وتطوير علاجات فعالة.

ماذا عن تساقط الشعر، هل يمكن أن يتورط الضغط النفسي في ذلك؟

أجل، قد توجد صلة بين الضغط النفسي وتساقط الشعر؛ إذ قد تسبب الضغوط النفسية الشديدة 3 أنواع من تساقط الشعر؛ الأولى هي تساقط الشعر الكربي، وهي حالة يدفع فيها الضغط النفسي الشديد عدداً كبيراً من بصيلات الشعر للدخول في مرحلة سبات، ثم يتساقط الشعر المصاب فجأة بعد بضعة أشهر في أثناء تمشيطه أو غسله. كما قد يتسبب الضغط النفسي بتشكّل الثعلبة البقعية، وهي حالة يهاجم فيها الجهاز المناعي بصيلات الشعر مسبباً تساقطه.

فضلاً عن أن المشاعر السلبية؛ مثل الضغط النفسي أو التوتر أو الشعور بالوحدة أو الملل او الإحباط، قد تسبب نشوء رغبة ملحة لا يمكن مقاومتها في نتف الشعر من فروة الرأس أو الحاجبين أو مناطق أُخرى من الجسم، وهو ما يُسمى بهوس نتف الشعر. لكن، من حسن الحظ أن العلاقة بين الضغط النفسي وتساقط الشعر قد لا تكون مشكلة دائمة، فإذا ما تمكّن الشخص من السيطرة على الضغوط النفسية التي يتعرض إليها، فقد ينمو الشعر مرة أخرى.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يسبّب الإجهاد والتوتر سرطان الثدي؟

كيف يؤثر الضغط النفسي في صحتنا الجسدية؟

بالإضافة إلى احتمالية تورّط الضغط النفسي في حدوث الشيب المبكر أو تساقط الشعر، فقد يتكون للهرمونات التي يُنتجها الجسم استجابةً للمواقف العصيبة تأثيرات جسدية عديدة أُخرى؛ تشمل:

  • زيادة معدل ضربات القلب.
  • صعوبة التنفس.
  • الرؤية الضبابية أو التهاب العيون.
  • مشكلات النوم.
  • الشعور بالتعب.
  • آلام العضلات.
  • الصُداع.
  • آلام الصدر وارتفاع ضغط الدم.
  • الاضطرابات الهضمية.
  • قرحة المعدة.
  • الإمساك أو الإسهال.
  • الشعور بالغثيان أو الدوار أو الإغماء.
  • زيادة الوزن المفاجئة أو فقدان الوزن.
  • ظهور طفح جلدي أو حكة في الجلد أو إكزيما.
  • التعرق.
  • التغييرات في الدورة الشهرية.
  • حب الشباب.
  • داء السكري.
  • فرط نشاط الغدة الدرقية.
  • متلازمة القولون المتهيَج.

بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب التوتر المزمن الشيخوخة المبكرة وفقاً لاستشارية الطب النفسي للأطفال واليافعين، منى الشكيلية.

9 إرشادات عملية لتجنب شيب الشعر الناتج من الضغوط النفسية

إليك بعض النصائح الفعالة التي من شأنها أن تقلل التوتر المزمن وتساعدك على التعامل مع الضغوط اليومية:

اقرأ أيضاً: كيف تخفّف من القلق والتوتر؟ 7 إرشادات عملية تساعدك

  • مارس التمارين الرياضية: لأنها تنظم ضربات القلب ومعدل التنفس وتعزز إطلاق الإندورفين؛ الذي يحسِّن المزاج العام ويعزز الطاقة والثقة.
  • اتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً: إذ يسهم في الحفاظ على مستويات السكر ثابتة في الدم؛ ما يسمح للجسم بالبقاء مستقراً.
  • مارس اليقظة الذهنية: ثبُت أن اليقظة الذهنية تقلل التوتر والقلق وتحسِّن الانتباه والذاكرة وتعزز تنظيم المشاعر والتعاطف، بالإضافة إلى أنها تساعد على الخروج من دوامة المشاعر السلبية التي يسببها الكثير من الإجهاد اليومي والمزاج السيئ وعادة اجترار الأفكار السلبية، وتساعد أيضاً على وضع الأحداث المُجهدة في منظورها الصحيح وبناء المرونة اللازمة للمستقبل.

اقرأ أيضاً: كيف توظف اليقظة الذهنية في علاج القلق والتوتر؟

  • مارس تقنيات إدارة التوتر: يساعد كل من التأمل واليوغا وتدوين اليوميات وممارسة التنفس العميق والامتنان والحديث الإيجابي عن الذات، في الحفاظ على ثبات الشخص وتخفيف الضغوط اليومية.
  • احصل على قسط كافٍ من النوم: قد يؤثّر النوم الجيد ليلاً على نحو إيجابي في مستوى التوتر والضغط النفسي. لذلك؛ حاوِل أن تنام وتستيقظ في الوقت نفسه من كل يوم، وأن تحدّ من استخدام الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية قبل النوم، وأن تتأكد من أن غرفة النوم هادئة ومظلمة وذات درجة حرارة تميل إلى البرودة. بالإضافة إلى ذلك، تجنب كلاً من شرب الكافيين والكحول وتناول الوجبات الكبيرة الدسمة قبل النوم.
  • اطلب الدعم الاجتماعي: ابنِ شبكة قوية للدعم الاجتماعي خلال الأوقات الصعبة، وتواصل مع أفراد العائلة والأصدقاء والأشخاص الذين تثق بهم واقضِ وقتاً كافياً معهم.
  • مارس الأنشطة الترفيهية: اعثر على متنفس أو هواية؛ مثل صناعة الفخار أو الرسم أو ركوب الدراجات أو المشي لمسافات طويلة.
  • ابتعد عن مسببات التوتر: في بعض الأحيان، قد يكون من الأفضل أن تتخلص من الأمور التي تزيد توترك؛ سواءٌ كانت مشاهدة الأخبار أو التدخين أو الكحول أو الكافيين، أو حتى الابتعاد عن الأشخاص السلبيين.
  • اطلب المساعدة المهنية: في حال شعرت أنك غير قادر على التعامل مع الضغوط اليومية وأنها تستنفد طاقتك وصحتك النفسية، فلا تتردد في استشارة المختص النفسي للحصول على المساعدة.

المحتوى محمي