هل تسبب القهوة القلق والتوتر؟

3 دقيقة
الكافيين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لفترة طويلة، كنت أعتقد أن تناول فنجان من القهوة قبل مقابلة عمل أو اجتماع مهم هو طوق النجاة بعد ليلة مؤرقة، لما تحتوي عليه القهوة من مادة الكافيين التي تساعد على التركيز والبقاء متيقظاً، إلى أن وجدت تناول القهوة قبل هذه المناسبات ليس له ذلك التأثير الإيجابي المتصوَّر؛ بل إنه يزيد من التوتر والقلق والشعور بعدم الراحة خلال هذه الأوقات التي تكون مليئة بالتوتر بالأساس، وتحتاج الشعور بالهدوء والراحة للتفكير جيداً.
فما العلاقة بين القهوة والتوتر؟ وما الكمية المطلوبة لزيادة التركيز دون استهلاك القهوة بشكل يضر بالصحة النفسية والجسدية؟

العلاقة بين الكافيين والتوتر

تعد القهوة من المشروبات الغنية بمادة الكافيين، وعلى الرغم من أن الكميات الصغيرة إلى المعتدلة منها يمكن أن تحسن مزاجك وتبقيك يقظاً؛ يمكن أن تؤدي الكميات الكبيرة من الكافيين إلى آثار صحية سلبية مثل ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول؛ الذي إذا استمر لفترات طويلة يؤدي إلى الشعور بالإجهاد المزمن وفقاً لمختصة إدارة الإجهاد والإرشاد الأسري، إليزابيث سكوت (Elizabeth Scott).

كما قد تنتج عن تناول مستويات عالية من الكافيين تقلبات حادة في المزاج ما بين ارتفاع وهبوط؛ ما يجعلك تريد المزيد من الكافيين في حالة انخفاض مستوياته وبالتالي سوء حالتك المزاجية ليرتفع مرة أخرى في جسمك وتنعم بمزاج جيد بمجرد تناوله؛ ما يؤدي إلى تغيرات في النوم، والشعور بمزيد من التوتر.

لماذا يسبب الكافيين القلق؟

تشير مراجعة للدراسات حول تأثير الكافيين في الجسم والتي أجراها باحثون من جامعة روما (University of Rome) إلى أن إحدى آليات العمل الرئيسية لمادة الكافيين تتمثّل في منع مستقبلات الأدينوزين (adenosine)؛ ما يتسبب في ارتفاع مستويات هرمونيّ الدوبامين (dopamine) والنورأدرينالين (noradrenalin) في نظام القلب والأوعية الدموية؛ ما تنتج عنه زيادة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.

وفي حين تؤدي الجرعات المنخفضة من الكافيين إلى تحسين النشاط الحركي واليقظة، يمكن أن تؤدي الجرعات العالية إلى ظهور أعراض القلق؛ حيث أوضحت مراجعة للدراسات من جامعة فرايبورغ (University of Freiburg) الألمانية أن مستقبلات الأدينوزين تؤدي دوراً في تطور القلق؛ ما يعني أن الكافيين قد يزيد من تطور القلق لدى الأفراد المعرضين لاحتمالية للإصابة باضطرابات القلق.

كما يمكن أن تتداخل أعراض الإفراط في تناول الكافيين وأعراض القلق، وفقاً لموقع “ميديكال بلس” (MedicalPlus) تشمل أعراض الإفراط في تناول الكافيين ما يلي:

  • الشعور بالدوخة.
  • الجفاف.
  • الصداع.
  • الأرق.
  • ضربات القلب السريعة.
  • القلق والرجفة.

ما الكمية الصحية لتناول الكافيين؟

بحسب موقع “مايو كلينيك” (Mayo Clinic)؛ يمكن أن يكون تناول ما يصل إلى 400 ملليغرام من الكافيين يومياً -ما يعادل 4 فناجين قهوة- آمناً لمعظم البالغين الأصحاء.

على الرغم من أن استخدام الكافيين قد يكون آمناً للبالغين؛ إلا أنه ليس جيداً تماماً للأطفال كما يجب على النساء الحوامل أو اللائي يحاولن الحمل أو المرضعات، التحدث إلى أطبائهن حول النسبة الآمنة لاستخدام الكافيين يومياً.

وتشمل الفئات التي يجب استشارة الطبيب حول الكمية المناسبة لتناول الكافيين ما يلي:

  • الأفراد الذين يعانون من الأرق.
  • المصابون بالصداع النصفي أو الصداع المزمن أو القلق.
  • الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في المعدة مثل القرحة.
  • الأشخاص الذي يعانون من ضربات قلب غير منتظمة.
  • المصابون بضغط الدم المرتفع.
  • الأشخاص الذين يتناولون بعض الأدوية؛ بما في ذلك المنبهات وبعض المضادات الحيوية وأدوية الربو وأدوية القلب.

كيف يمكن تناول الكافيين دون الإصابة بالقلق؟

بالإضافة إلى تناول الكافيين بكمية مناسبة؛ تحدد سكوت بعض النقاط المهمة التي تمكّننا من تناول القهوة والمشروبات والأطعمة التي تحتوي على الكافيين مع تجنب الإصابة بالقلق والتوتر وهي:

  1. تجنب تناول الكافيين قبل النوم بثماني ساعات على الأقل: نظراً لأن النوم مهم للصحة البدنية والنفسية، ويمكن للكافيين أن يبقى في الجسم لمدة ثماني ساعات أو أكثر من تناوله، فيجب الحد من تناوله في الجزء الأول من اليوم أو قبل النوم بوقتٍ كافٍ لضمان عدم اضطراب النوم.
  2. استمتع بالكافيين مع النشاط البدني: يحسن الكافيين من النشاط البدني، لذلك من الأفضل تناوله قبل التمرين، وبهذه الطريقة يتم تحسين أدائك والاستفادة من التمارين مع تقليل الشعور بالتوتر على مدار اليوم.

وأخيراً من المهم الالتفات لكمية ووقت تناول مشروباتنا المفضلة الغنية بالكافيين كي نحصل على فوائده للصحة البدنية والنفسية ونتجنب الأضرار التي قد تنشأ من الكمية والوقت غير المناسبَين لتناوله. وفي حالة مقابلات العمل والاجتماعات المهمة؛ قد يكون فنجان القهوة منقذاً، وقد يكون سبباً لزيادة التوتر؛ لكنه في كل الأحوال ليس السبب الرئيسي في نجاحك أو فشلك فيها.

المحتوى محمي !!