ملخص: الإقناع هدف صعب يتطلب دراية لغوية وقدرة حجاجية هائلة. بعض الأشخاص يتقن فنّ الإقناع ويحصل بسهولة على ما يريده من الآخرين، لكنّ البعض الآخر يحتاج إلى بذل جهد أكبر في ذلك. في هذا المقال يلخّص خبيران في علم النفس اللغوي أسرار الإقناع التسعة، التي تمكّن المتكلّم من استمالة المتلقي بسهولة وسلاسة.
محتويات المقال
ثمة أشخاص يحصلون دائماً على غاياتهم ويثيرون التساؤل حول سرّ نجاحهم في ذلك. هل يعود إلى قدرتهم الحجاجية وتمكّنهم من أساليب الدفاع عن وجهات نظرهم أكثر من الآخرين أم إلى الكاريزما الخارقة التي يتمتعون بها؟ لا داعي للقلق فتحسين القدرة التواصلية والإقناعية في متناول الجميع. يتعين عليك أحياناً إقناع الآخرين بوجهة نظرك أو تنفيذ رغباتك سواء في ميدان حياتك المهنية أو الشخصية لكنك تبدو في الغالب مرتبكاً وتحصد نتائج عكسية.
يكشف خبيرا علم النفس اللغوي كاثي وروس بتراس (Kathy et Ross Petras) وسائل الإقناع التي تساعدك على تحقيق بغيتك دون التلاعب بالآخر وفقاً لدراسة علمية. يقول الخبيران: "يعتمد الإقناع ببساطة على استخدام الكلمات المناسبة بالأسلوب المناسب في الوقت المناسب". فما أساليب الإقناع الفعّالة إذاً؟
استخدمْ ضمير المخاطب بدلاً من ضمير المتكلم
عندما تخاطب شخصاً باستخدام ضمير المتكلم "أنت" فإنك تجعل رسالتك شخصية. وتُظهر بوضوح أنك توجّه الكلام إليه وتكترث لاحتياجاته وأفكاره واهتماماته. توضّح خبيرة علم النفس اللغوي كاثي بتراس ذلك قائلة: "عندما تُظهر لمخاطَبك أنك مهتمّ به يصبح أكثر استعداداً للإصغاء إليك وتقبّل جهودك الإقناعية، هذه هي الاستراتيجية الأبسط والأكثر فعالية علمياً".
استخدم ضمير المفرد عند التحدث إلى الجماعة
نميل عادة في التواصل مع جماعة من الناس إلى أسلوب رسمي من خلال استخدام ضميرٍ بصيغة الجمع. نفعل ذلك على سبيل المثال في رسائل البريد الإلكتروني الموجّهة إلى قائمة جاهزة من المتلقين. لكن الأبحاث أظهرت أن مخاطبة الجماعة بضمير المفرد، أي أنت بدلاً من أنتم، تلطّف أجواء التواصل وتولّد ألفة بسرعة. وهذا ما يسهّل على المتكلّم كسب تأييد المخاطَب لوجهة نظره. يقول خبير علم النفس اللغوي روس بتراس: "ما ستقوله باستخدام ضمير المفرد سيبدو شخصياً ومؤثراً أكثر ومن ثمّ ستنجح في إقناع الآخرين".
استخدم مفردات مثل "نحن" و"لنا"
مفردات مثل "نحن ولنا" كلمات شاملة تضمّك فوراً إلى المجموعة وتشير إلى انتمائك الكامل لها. كما تُسهم في خلق شعور بالاتحاد والتعاون المتبادل. عندما تتعامل مع مخاطَبيك بوصفك شريكاً فإنهم يصبحون أكثر تقبّلاً لطلباتك لأنك توحي إليهم أنك تعمل معهم ولست رئيساً عليهم.
خاطبْ المتلقي بِاسمه
تقول كاثي بتراس: "يحبّ الناس مناداتهم بأسمائهم لأنهم يشعرون أن المُنادي ينتبه إلى وجودهم ويهتمّ بهم". لكنّها تحذّرك من المبالغة في استخدام الأسماء الشخصية لتجنّب فقدان صدقك ونزاهتك في نظر مخاطَبك.
أوضحْ طلباتك
بعد توجيه الطلب الرئيسي أو إثارة الموضوع الأساسي مع مخاطَبيك واصل حديثك بتوضيح الأسباب والحيثيات: "أريد منك أن تفعل ما يلي لأنه كذا وكذا" أو "شكل هذا المنتَج يناسبنا أكثر لأنه يتميّز بكذا وكذا". أكثرْ من الكلمات والعبارات السببيّة المكوّنة من سبب ونتيجة مثل: نتيجة لذلك أو لهذا السبب أو إذاً، إلى غيرها من الروابط والأدوات اللغوية.
سيساعدك هذا الأسلوب على بناء حجاج منطقي متين وأكثر إقناعاً وفعالية. يحلّل خبير علم النفس اللغوي روس بتراس هذا الجانب قائلاً: "تتفاعل الطبيعة البشرية مع التفسيرات المنطقية، لذا عندما يسمع المتلقي منك كلمةً مثل لأنّ، فإنه سيعتقد أنك شخص منطقي يقدّم مبررات مشروعة لطلباته، وهذا ما سيجعله أكثر انفتاحاً واستعداداً لقبولها".
احرص على استخدام المصطلحات المؤثرة
استخدم مصطلحات تحقق تأثيراً عاطفياً قوياً في مخاطَبك بطريقة غير مباشرة دون أن ينتبه إلى ذلك. تتنوّع هذه الكلمات بالطبع وفقاً للموضوع المُثار وطبيعة الطلب الذي تريد من الآخر تنفيذه، لكن إليك بعض الأمثلة عن الكلمات أثبتت جدواها وفقاً للخبراء: فعّال ومثبت وسهل ونهج جديد ولنجرّب هذا البديل.
لا تقتصر على الإحصائيات والمفاهيم المجرّدة
أظهرت الدراسة العلمية أن الأفراد أكثر استعداداً لاستيعاب المفاهيم التي يعتبرونها معقّدة ودقيقة، وقادرون على حفظها وتقبّلها أيضاً. لذا إذا حاولت إقناع شخص ما باقتراحك عليك أن توظف أمثلة شخصية. لا تقتصر على التصريح باقتراح خالص ومجرّد فقط، بل استخدم مثالاً عن شخص معين لعرض حججك وتعليل صلاحية فكرتك مقارنة بغيرها من الأفكار لأن قصص الأشخاص أكثر إقناعاً من الأحداث والأرقام المجرّدة.
اطرح أسئلة بلاغية
هذا النوع من الأسئلة لا يحتاج إلى إجابة بالضرورة، بل يحفّز الأشخاص على التفكير. يقول روس بتراس: "سيهتمّ هؤلاء الأشخاص أكثر بخطابك لأنك تنشّط خيالهم، علاوة على أن هذا الأسلوب الضّمني يدفعهم إلى تحقيق رغباتك دون حاجة إلى بذل جهد في الإقناع المباشر".
كرّر خطابك بأساليب مختلفة
تكرار النقاط الأساسية في حِجاجك وبعض العبارات المهمة في نظرك يسهّل على المتلقي حفظ خطابك. كما يخلق هذا التكرار نوعاً من التقارب بينك وبين المتلقي ويزيد إمكانية اقتناعه دون وعي. تخلُص خبيرة علم النفس اللغوي كاثي بتراس إلى ما يلي: "تجنب تكرار الكلام، واعمل على إيضاح مفاهيمك وأفكارك مرتين أو ثلاثاً بأساليب مختلفة".