أعراض نفسية قد تدل على أنك مصاب بفرط نشاط الغدة الدرقية

4 دقائق
فرط نشاط الغدة الدرقية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لفرط نشاط الغدة الدرقية تأثير ملحوظ في الصحة النفسية والعاطفية، وقد يشكّل مصدر قلقٍ للمريض إذا لم يُفهم على نحو جيّد بهدف طلب المساعدة اللازمة من المختص. سيتطرّق هذا المقال إلى أبرز الأعراض النفسية لمرض فرط نشاط الغدة الدرقية.

تفرز الغدة الدرقية هرموناتٍ متعدّدة الوظائف. ويكمن دورها الأساسي في تنظيم عملية التمثيل الغذائي في الجسم، وتحويل الطعام إلى طاقة. بالإضافة إلى التحكم في عملية الأيض، تؤثّر الغدة الدرقية في كيمياء الدماغ. فعندما تتعرّض إلى اضطرابات في مستويات هرموناتها، يمكن أن يكون لذلك تأثير ملحوظ في الصحة النفسية والعاطفية.

ويوضّح استشاري أمراض الغدد الصماء، أحمد خير، إن العامل الوراثي يؤدّي دوراً مهماً في الإصابة بمرض فرط نشاط الغدة الدرقية، إضافة إلى الأمراض المناعية، والخلل في إنزيمات الغدة الدرقية. ومن بين أعراض هذه الحالة، قد يعاني المريض فقدان الوزن، وتساقط الشعر، والعصبية، والتوتّر.

ما هو فرط نشاط الغدة الدرقية؟

تؤدّي الغدة الدرقية (Thyroid)، وهي غدّة صغيرة تقع في الرقبة، دوراً محورياً في تنظيم العديد من العمليات الجسدية؛ من بينها الهضم ودرجة حرارة الجسم، من خلال إنتاج الهرمونات. وعندما يحدث خلل في الغدة الدرقية، تظهر أعراض مختلفة بسبب تأثير الخلل في وظائف الجسم المتعدّدة.

يُعد فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) واحداً من أنواع الخِلال الذي قد يصيب الغدة الدرقية عندما تكون مفرطة النشاط وتنتج الكثير من هرمون الغدة الدرقية، الثيروكسين (T4)؛ وهو ما يؤثّر في تنظيم الطاقة في الجسم، ويتسبّب في تسريع العمليات الجسدية. ومن الجدير بالذكر إن عدةً من أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية يمكن أن تظهر على هيئة أعراض الاكتئاب والقلق، وكلاهما من حالات الصحة النفسية التي تتميز بمشاعر الحزن والتوتّر المستمرّة. وينشأ هذا التداخل بين الأعراض الجسدية والنفسية من حقيقة أن مشكلات الغدة الدرقية والتغيّرات في مستويات هرموناتها يمكن أن تؤدّي إلى تغيّرات في الحالة المزاجية.

اقرأ أيضاً: أعراض اضطراب الفصام عند الأطفال وخيارات علاجه

ما الأعراض النفسية لفرط نشاط الغدة الدرقية؟

تتسبّب اضطرابات الغدة الدرقية في تغيّرات مفاجئة وأحياناً سريعة في الحالة المزاجية. وقد تختلف الأعراض العامة لفرط نشاط الغدة الدرقية على نحو كبيرٍ من شخصٍ إلى آخر. ويمكن أن تشمل الآتي:

  • التهيّج.
  • اضطرابات النوم.
  • تغيّرات الوزن والشهية.
  • حركة الأمعاء المتكرّرة.
  • تضخّم الغدة الدرقية.
  • ضعف العضلات والارتجاف.
  • حدوث مشكلات في تنظيم درجة حرارة الجسم.
  • ضربات القلب السريعة أو غير المنتظمة.

أمّا بالنسبة إلى الأعراض النفسية، فيشير الخبراء إلى أن المرضى الذين يعانون القلق والاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى تكون لديهم غالباً مستويات غير طبيعية من هرمون الغدة الدرقية في الدم. وفي كثير من الأحيان، تكون المشكلات النفسية الشائعة موازية للاضطرابات الجسدية أيضاً؛ أي متزامنة في الظهور، وهو ما يُعرف بـ "الاعتلال المشترك" (Comorbidity). ويتمثّل بعض المشكلات النفسية المتزامنة مع اضطرابات الغدة الدرقية في فرط النشاط (Hyperactivity)، فعندما تنتج الغدة الدرقية الكثير من الهرمونات، يستخدم الجسم الطاقة على نحو أسرع مما ينبغي؛ ما يمكن أن يسبّب سلوكيات هوسية أو مفرطة النشاط.

هذا بالإضافة إلى الاكتئاب الذي وجدت عدة دراسات أنه شائعٌ جدّاً بين مرضى فرط نشاط الغدة الدرقية؛ ومن بينها مراجعة بحثية نُشرت في 2022، أشرف عليها باحثون من جامعة كولونيا (University of Cologne) بألمانيا، وتوصّلت نتائجها إلى أن الأشخاص الذين يعانون فرط نشاط الغدة الدرقية هم أكثر عرضة إلى الإصابة بالاكتئاب بمعدّل 67 مرّة.

ما الذي يسبّب الأعراض النفسية لفرط نشاط الغدة الدرقية؟

تعدّ الإدارة الفعّالة لمستويات هرمونات الغدة الدرقية أمراً بالغ الأهمية، ولا سيّما في حالة فرط نشاطها، للحفاظ على استقرار الحالة المزاجية التي تتأثّر مباشرة بالمستويات غير الطبيعية من هرمونات الغدة الدرقية.

وما تزال العلاقة بين أحداث الحياة الضاغطة وأمراض الغدة الدرقية غير مؤكّدة؛ لكن يمكن أن يؤدّي التوتّر إلى تفاقم الأعراض المرتبطة بها ومن ثَمّ يتسبّب في إطالة فترة علاجها. وقد تظهر الأعراض النفسية أحياناً كأثرٍ جانبيٍّ للعلاج. على سبيل المثال؛ قد يؤدي بعض الأدوية مثل الستيرويدات (Steroids) إلى تفاقم الاكتئاب؛ في حين أن حاصرات بيتا (Beta Blockers) التي توصف لخفض معدل ضربات القلب وتخفيف القلق لدى الأفراد الذين يعانون فرط نشاط الغدة الدرقية، يمكن أن تؤدي إلى التعب والاكتئاب وانخفاض اليقظة الذهنية لدى البعض.

من المهمّ كذلك معرفة أن التغيّرات الجسدية الناتجة من اضطرابات الغدة الدرقية؛ مثل مرض العين الدرقية، أو التقلّبات في الوزن، أو تساقط الشعر، هي أعراض قد تسهم في الشعور بتدنّي احترام الذات واضطرابات المزاج. ويعدّ إهمال الالتزام بنظام الأدوية اليومية الموصوفة عاملاً مشاركاً لدى بعض المرضى الذين يواجهون صعوبة في التحفيز عندما يتعلّق الأمر بالأدوية أو زيارات الطبيب، فتناول الأدوية على نحو غير منتظم يمكن أن يعطّل توازن الهرمونات ويؤدّي إلى تفاقم الأعراض النفسية. لذلك؛ من الضروري أخذ العوامل المحتملة التي قد تؤثّر في الصحة النفسية لمرضى فرط نشاط الغدة الدرقية بعين الاعتبار؛ لأنها تتشابك غالباً مع أسباب كامنة أخرى.

ماذا عن اختيارات العلاج؟

يعتمد علاج فرط نشاط الغدة الدرقية على شدّة الأعراض والظروف الخاصة بكلّ مريض؛ مثل أن يعاني تضخم الغدّة مثلاً. لذلك؛ نجد العديد من خيارات العلاج التي يمكن للطبيب المختص اقتراحها وهي كالتالي:

  • الأدوية المضادة للغدة الدرقية (Antithyroid medication): وهي تقلّل إنتاج هرمونات الغدة الدرقية أو تمنع آثارها.
  • العلاج باليود المشع (Radioiodine Therapy): وهو إجراء يقوم فيه الطبيب بإعطاء المريض جرعة اليود المشع عن طريق الفم؛ حيث تتراكم هذه المادة المشعة، الشبيهة باليود الموجود في نظامنا الغذائي، في الغدة الدرقية وتؤدّي إلى انكماشها من خلال الإشعاع.
  • جراحة الغدة الدرقية: قد يوصي الطبيب بإجراء عملية جراحية إما لتقليل حجم الغدة الدرقية وإما لإزالتها بالكامل كأسلوب علاجي.

اقرأ أيضاً: اضطرابات جسدية تسبب أعراضاً نفسية، هل تعرف أحدها؟

في النهاية، يمكن أن يؤدّي فرط نشاط الغدة الدرقية إلى تقلّب الحالة المزاجية وعدم الاستقرار العاطفي وأعراض نفسية وجسدية أخرى. لذلك؛ يوفّر الفهم العميق لأعراض هذه الحالة فرصة للمريض لمناقشة أعراضه مع الطبيب المختص والحصول على المساعدة.

المحتوى محمي