اضطرابات جسدية تسبب أعراضاً نفسية، هل تعرف أحدها؟

5 دقائق
الحالات الجسدية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يمكن أن تتداخل أعراض الاكتئاب مع الحالات الجسدية أخرى؛ مثل نقص بعض العناصر الغذائية أو الأمراض والاضطرابات الجسدية.

لا يمكن فصل الحالة النفسية عن الجسدية؛ لذلك فإن بعض الاضطرابات النفسية قد يسبب أعراضاً جسدية وعاطفية. وبالمثل؛ قد تسبب اضطرابات الصحة الجسدية والأدوية أعراضاً عاطفية ونفسية شبيهة بأعراض الاكتئاب.

فمن علامات الاكتئاب الشعورُ المستمر بالحزن والفراغ الذي قد يستمر لأسابيع أو أشهر عديدة، والشعور بانعدام القيمة، والإحباط، واليأس، وفقدان الاهتمام بالأنشطة المحبَّبة سابقاً، وقلة الطاقة، وصعوبة أداء المهمات المعرفية مثل الانتباه وتذكُّر الأشياء واتخاذ القرارات، بالإضافة إلى تغيرات الشهية والوزن وعادات النوم، والأوجاع غير المبرَّرة مثل الصداع ومشكلات الجهاز الهضمي والتشنجات.

لكن أحياناً، قد لا يكون الشخص مصاباً بالاكتئاب على الرغم من وجود العديد من الأعراض التي تدل عليه. لذلك؛ إليك الحالات الجسدية التي قد تسبب أعراضاً نفسية والأدوية التي قد تسهم في ذلك أيضاً.

اقرأ أيضاً: ما العادات التي قد تساعدك على الوقاية من الاكتئاب؟

الحالات الجسدية التي تسبب أعراضاً شبيهة بالاكتئاب

1. نقص فيتامين د

فيتامين د هو فيتامين قابل للذوبان في الدهون يؤدي أدواراً مهمة في العديد من جوانب الصحة؛ مثل صحة العظام والجهاز العصبي والعضلي والمناعي. يُصنع الجسم فيتامين د على نحو طبيعي عند تعرض البشرة لأشعة الشمس التي تعمل على تحويل طلائع الكولسترول إلى شكل نَشِط من الفيتامين، بالإضافة إلى إمكانية الحصول عليه من بعض الأطعمة؛ مثل الأسماك الدهنية وبعض منتجات الألبان المدعّمة به.

ومع ذلك، وبسبب عدم توفره في الكثير من الأطعمة الطبيعية، وبسبب أن الكثيرين يستخدمون الواقي الشمسيّ عندما الخروج في الشمس، أو يقضون معظم الوقت في الداخل؛ فليس من المستغرَب أن يكون نقص فيتامين د أحد أكثر أوجه نقص التغذية شيوعاً في أنحاء العالم جميعها.

في الواقع، توصلت دراسة منشورة في دورية بي إم سي للصحة العامة (BMC Public Health)، نفذتها مجموعة من الباحثين من جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية بقيادة كريم فرحات (Karim Farhat)، إلى أن نقص فيتامين د منتشر على نحو كبير في المملكة العربية السعودية، وبلغت نسبة الأشخاص المصابين به نحو 76.1% من الأشخاص المشاركين في التجربة.

وبالإضافة إلى كثرة الإصابة بالمرض والعدوى وضعف التئام الجروح وهشاشة العظام وتساقط الشعر وزياده الوزن، فإن نقص فيتامين د يسبب أيضاً أعراضاً شبيهة بأعراض الاكتئاب وفقاً لاختصاصية علم النفس الإكلينيكي ومؤلفة كتاب "فهم ثنائي القطب"، إيمي داراموس (Aimee Daramus)؛ مثل:

  • المزاج السيئ.
  • التعب والإرهاق.
  • اليأس.
  • فقدان الشهية.
  • تغيرات الوزن.
  • صعوبة النوم.
  • آلام العظام.
  • تقلصات العضلات أو أوجاعها.
  • الوهن والضعف.

اقرأ أيضاً: ما هي أعراض القلق النفسوجسدية؟

2. قصور الغدة الدرقية 

قصور الغدة الدرقية، أو ما يُعرف أيضاً بـ "خمول الغدة الدرقية"، هو حالة صحية تحدث عندما لا تُنتج الغدة الدرقية ما يكفي من هرموناتها. تقول داراموس إن قصور الغدة الدرقية يمكن أن يؤثر تأثراً كبيراً في المشاعر والإدراك على نحو يشبه الاكتئاب، وقد يسبب أعراضاً تشمل، بالإضافة إلى أعراض الاكتئاب، ما يلي:

  • التعب.
  • زياده الوزن.
  • النسيان.
  • نقص الوضوح الذهني أو ما يُسمَّى "ضباب الدماغ".
  • الخدر أو الوخز في اليدين.
  • الإمساك.
  • تباطؤ معدل ضربات القلب.
  • وجع العضلات أو ضعفها.
  • عدم القدرة على تحمل درجات الحرارة الباردة.
  • جفاف الشعر والجلد وخشونتهما.
  • مشكلات الدورة الشهرية وعدم انتظامها أو غزارتها.

اقرأ أيضاً: تعرَّف إلى أعراض الذهان الزوري وعلاجه

3. قصور الغدة الكظرية

بالإضافة إلى قصور الغدة الدرقية، فإن لم تنتج الغدة الكظرية أيضاً ما يكفي من هرمون الكورتيزول الذي تنتجه عادة؛ والذي يؤدي دوراً أساسياً في تنظيم سكر الدم وضغط الدم والتمثيل الغذائي، فقد تظهر أعراض من قبيل:

  • الاكتئاب.
  • الانفعال والتهيّج.
  • صعوبة التفكير والتخطيط.
  • التعب المزمن.
  • فقدان الشهية.
  • زيادة الوزن.
  • الغثيان أو التقيؤ.
  • ضغط الدم المنخفض.
  • آلام المفاصل.

اقرأ أيضاً: متلازمة أليس في بلاد العجائب: الأعراض والأسباب

4. انسحاب المنبّهات

المنبّهات هي مواد تعزز الشعور بالطاقة واليقظة. ومع ذلك، قد تزيد المنبهات القوية خطر الإصابة بأعراض الاكتئاب عند التوقف عن تناولها فيما يُعرف بـ "الانسحاب"؛ وهو مزيج من الآثار الجسدية والنفسية التي يتعرض لها شخص ما بعد التوقف فجأة عن استخدام مادة مسببة للإدمان أو تقليل استخدامها على نحو كبير. تشمل المنبهات الكوكايين والميثامفيتامين والكافيين بالإضافة إلى بعض الأدوية أيضاً. وفي الواقع، يُعد التشخيص الخاطئ بالاكتئاب واضطراب ثنائي القطب أمراً شائعاً لدى الأشخاص الذي يتعاطون الكوكايين، ومع ذلك، قد يسبب أي من المنبهات المسببة للإدمان فترات قصيرة من الاكتئاب في أثناء الانسحاب، وأعراضاً تشمل:

  • الاكتئاب.
  • التهيّج والانفعال.
  • الارتباك والتملمُل.
  • التعب.
  • الانزعاج العام وعدم الارتياح.
  • زيادة الشهية.
  • الكوابيس.
  • الرغبة الشديدة والشهوة لتناول المادة المنبّهة.
  • الأفكار الانتحارية.

اقرأ أيضاً: مراحل علاج الإدمان على المخدرات أربعة: تعرّف إليها

5. حبوب منع الحمل 

يحتوي بعض حبوب منع الحمل على هرمونات تساعد على منع حدوث الحمل، وقد تسبب في بعض الأحيان ظهور بعض الآثار الجانبية السلبية وخصوصاً خلال الأشهر القليلة الأولى من بداية تناولها؛ ومن هذه الأعراض:

  • الدورة الشهرية الشديدة أو غير المنتظمة.
  •  الغثيان أو الدوخة.
  • الجلطات الدموية، وخصوصاً عند النساء المدخنات أو اللواتي تزيد أعمارهنّ على 35 عاماً.
  • الاكتئاب أو تغيرات المزاج.

6. أدوية ضغط الدم

في الواقع، تتعارض الأبحاث فيما إذا كانت أدوية ضغط الدم تسببه الاكتئاب أو لا، فقد أظهر بعض الأبحاث أنها لا تسبب الاكتئاب، في حين أشارت دراسات وتقارير أخرى إلى أن المرضى الذين يتناولون بعض الأدوية مثل الستاتين وحاصرات بيتا وحاصرات قنوات الكالسيوم يعانون من الاكتئاب.

وتقول داراموس إنه ثمة بعض التفسيرات المحتملة لهذه البيانات المتضاربة، فقد لا يكون الاكتئاب ناتجاً من الدواء مباشرةً؛ وإنما ردَّ فعل عاطفياً نتيجة ظهور مشكلات القلب والحاجة إلى العلاج؛ أي قد يتزامن الاكتئاب مع بداية العلاج فيبدو وكأن الدواء قد تسبب فيه مباشرةً.

في الأحوال جميعها، يمكن أن يتسبب الاكتئاب الذي ظهر بالتزامن مع أمراض القلب بأعراض تشمل:

  • تغيُّر المزاج والمواقف.
  • الخوف وعدم اليقين بشأن المستقبل.
  • عدم ثقة الفرد في قدراته.
  • الشعور بالذنب تجاه العادات غير الصحية التي أسهمت في الإصابة بأمراض القلب.
  • نقص الطاقة.
  • صعوبة النوم.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى إجابات أهم 5 أسئلة عن مضادات الاكتئاب

7. فقر الدم

ينتج فقر الدم من نقص الحديد؛ وهذا يعني أن الجسم لا يحتوي على ما يكفيه من الحديد الضروري لنقل الأوكسجين إلى أجزائه جميعها.و من أعراض فقر الدم التعب والضعف والدوخة والصداع وضيق النفَس، وقد يؤدي فقر الدم غير المعالَج إلى الإصابة بالاكتئاب.

8. اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

لا يُعدّ هذا الاضطراب مجرد اضطراب شائع عند الأطفال؛ بل إن البالغين يعيشون هذه الحالة أيضاً. قد يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من صعوبة في التركيز، والأرق، وعدم وجود الحافز، وعدم الاهتمام بالأنشطة. وغالباً ما يُخلط بين هذه الأعراض وأعراض الاكتئاب، وبخاصة في مرحلة البلوغ؛ إذ يشعر العديد من البالغين أن الأعراض تتفاقم إلى حد كبير، ويمكن بسهولة تشخيص هذا على أنه أحد أعراض الاكتئاب.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك التعايش مع اضطراب نقص الانتباه مع أو دون فرط النشاط؟

9. متلازمة التعب المزمن

متلازمة الإرهاق أو التعب المزمن هي اضطراب معقد قد يسبب أعراضاً تحاكي أعراض الاكتئاب؛ مثل التعب المفرط، ومشكلات الذاكرة والتركيز، واضطراب النوم، والإرهاق الشديد الذي قد يستمر 6 أشهر على الأقل وتتفاقم أعراضه عند بذل أي جهد جسدي أو ذهني. أما أسباب هذه المتلازمة فهي غير واضحة؛ ولكن قد تُعزى إلى عوامل وراثية، أو حالات من العدوى، أو صدمة جسدية أو عاطفية، أو مشكلات تتعلق بتحويل الدهون والسكريات إلى طاقة في الجسم. ومع ذلك، قد يعاني بعض المصابين بمتلازمة التعب المزمن من أعراض أخرى قد لا ترتبط بالاكتئاب؛ مثل آلام المفاصل أو العضلات أو العقد اللمفاوية.

اقرأ أيضاً: تعبت من الشعور بالتعب؟ الأعراض والأسباب وخيارات العلاج لمتلازمة التعب المزمن

10. داء السكري

داء السكري هو حالة صحية مزمنة لا يستطيع الجسم فيها إنتاج كمية كافية من الإنسولين، أو لا يستطيع استخدامه على نحو صحيح لتنظيم نسبة السكر في الدم على نحو فعال. من أعراض داء السكري الشعور بالتعب وسرعة الانفعال والشكوى من فقدان الوزن، وكلها أعراض قد تحاكي أعراض الاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب انخفاض نسبة السكر في الدم انخفاضاً في الطاقة والشعور بالتهيج المفرط.

في حال عانيت من هذه الأعراض مع الأعراض الكلاسيكية الأخرى مثل العطش الشديد والجوع والتبول المتكرر، فينبغي لك التحدث إلى اختصاصي الرعاية الصحية مباشرة.

11. نقص السكر في الدم

حالة مرضية تحدث عندما لا يحتوي الدم على ما يكفي من سكر الغلوكوز، ولها العديد من الأسباب؛ مثل الصيام الطويل، أو بعض الأدوية، أو بعض أمراض الكبد، أو اضطرابات الكلى، أو مشكلات الغدد الصم، وغيرها. تسبب المستويات المنخفضة جداً من السكر في الدم أعراضاً مشابهة للاكتئاب؛ مثل التهيج والانفعال والغضب والتقلبات الشديدة في العاطفة والمزاج.

في الختام، يمكن القول إن الفصل بين الصحة الجسدية والنفسية أمر معقد وليس سهلاً، وهو ما قد يؤدي أحياناً إلى صعوبة تحديد سبب الأعراض التي نعاني منها. لذلك؛ من المهم تحديد الحالة أولاً على نحو دقيق حتى تُعالَج على نحو صحيح، وإلا فإن العلاج لن يكون فعالاً وسوف تستمر الأعراض بالحدوث.

المحتوى محمي